كاميرون يتعهد الإستمرار بالدعوة إلى رد قوي على سورية بعد رفض البرلمان البريطاني الخيار العسكري’

حجم الخط
1

لندن ـ باريس ـ وكالات: تعهد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، الجمعة، الاستمرار في الدعوة إلى رد قوي ضد النظام السوري، بعد ساعات من رفض برلمان بلاده الخيار العسكري.
وقال كاميرون إنه ‘سيحترم ارادة البرلمان’، بعد فشله في مسعاه لإقناع النواب البريطانيين بدعم العمل العسكري في سورية، مبدياً أسفه لعدم تمكنه من حشد التأييد لموقف حكومته بشأن كيفية الرد على الهجوم المزعوم بالأسلحة الكيميائية في ريف دمشق الأسبوع الماضي.
وأصرّ على أن المملكة المتحدة ‘ما تزال منخرطة بقوة على المسرح العالمي، وتعتبر أن من المهم تكوين رد قوي على استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، وترى أن هناك سلسلة من الأشياء التي ستستمر في القيام بها’.
واضاف كاميرون ‘سنستمر في نقل القضية إلى الأمم المتحدة والعمل مع جميع المنظمات الدولية التي نحن أعضاء فيها، سواء أكان الاتحاد الأوروبي أو منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى أو مجموعة العشرين، لإدانة ما حدث في سورية’.
وشدد على أهمية ‘التمسك بالمحرمات الدولية على استخدام الأسلحة الكيميائية’، مجدداً التأكيد على أنه لن يجيز استخدام القوات البريطانية من دون دعم النواب.’
وكان 272 نائباً بريطانياً صوتوا لصالح الإقتراح الذي تقدمت به حكومة كاميرون لدعم العمل العسكري ضد سورية رداً على مزاعم استخدام نظامها الأسلحة الكيميائية الأسبوع الماضي، في حين صوّت 285 نائباً ضد هذا التوجه.
وقال كاميرون الجمعة إنه يأسف لرفض مجلس العموم البريطاني تأييد القيام بعمل عسكري في سورية لكنه يأمل أن يتفهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما الحاجة الى الاستماع لرغبات الشعب.
وأضاف من حيث المبدأ ‘أعتقد أن الجماهير الأمريكية والشعب الأمريكي والرئيس أوباما سيتفهمون.’
وقال كاميرون في مقابلة بثتها قنوات تلفزيونية بريطانية ‘لم اتحدث اليه (اوباما) منذ المناقشة (البرلمانية) والتصويت لكنني أتوقع أن أتحدث اليه غدا او نحو ذلك. لا أظن أنني مضطر للاعتذار’.
ورفض مجلس العموم البريطاني مساء الخميس السماح للحكومة بتوجيه ضربة عسكرية الى النظام السوري ردا على استخدامه اسلحة كيميائية، في تصويت طغى عليه هاجس الخوف من تكرار السيناريو العراقي وشكل صفعة كبرى لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون.
واثر التصويت تعهد كاميرون احترام ارادة النواب. وقال ‘اتضح لي ان البرلمان البريطاني، الذي يمثل آراء الشعب البريطاني، لا يريد تدخلا عسكريا بريطانيا. لقد اخذت علما بهذا الامر والحكومة ستتصرف بناء عليه’، مؤكدا التزامه ‘احترام ارادة مجلس العموم’ الذي التأم في جلسة استثنائية بدعوة منه لبحث هذا الموضوع.
وأضاف كاميرون على وقع صيحات نواب المعارضة ‘اؤمن بشدة بوجوب ان يكون هناك رد قوي على استخدام اسلحة كيميائية. ولكني اؤمن ايضا باحترام ارادة مجلس العموم’.
ولاحقا اكد متحدث باسم رئاسة الوزراء لوكالة فرانس برس ان ‘بريطانيا لن تشارك في اي عمل عسكري’ ضد سورية، معززا بذلك فرضية تحرك عسكري امريكي احادي.
واثر التصويت البريطاني اعلن البيت الابيض ان الرئيس باراك اوباما سيحدد قراره بشأن الملف السوري ‘وفقا للمصالح الاميركية’، وذلك بعيد اعلان الرئاسة الاميركية ان اوباما يحتفظ بحقه في ان يتحرك بشكل احادي ضد النظام السوري، من دون الحاجة الى انتظار الامم المتحدة او حلفائه مثل بريطانيا.
ورفض مجلس العموم المذكرة الحكومية باكثرية ضئيلة، اذ صوت ضدها 285 نائبا مقابل 272 ايدوها. واذا كان نواب حزب العمال المعارض قد صوتوا ضد المذكرة فان عددا لا يستهان به من نواب حزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء، بلغ 30 نائبا، انضموا الى هؤلاء وصوتوا ضد المذكرة الحكومية.
وسقطت المذكرة في عملية تصويت اختتمت سبع ساعات من النقاشات الحامية التي طغت عليها ذكريات التدخل العسكري في العراق في 2003 الذي استند يومها الى مزاعم بامتلاك نظام صدام حسين اسلحة دمار شامل سرعان ما ثبت عدم صحتها.
وكانت المعارضة العمالية اعلنت خلال النهار انها ستصوت ضد المذكرة، مطالبة بالمقابل بـ’ادلة دامغة’ على استخدام نظام الرئيس السوري بشار الاسد اسلحة كيميائية قبل الحديث عن اي تدخل عسكري ضده.
وتعليقا على نتيجة التصويت قال زعيم حزب العمل إد ميليباند ‘اعتقد ان مجلس العموم تحدث اليوم باسم الشعب البريطاني الذي قال انه لا يريد التسرع في الذهاب الى الحرب’.
واضاف ‘كنت مصصما على ان نتعلم دروس الماضي، بما فيها (دروس) العراق، وانا سعيد باننا اسمعنا رئيس الوزراء صوت العقل’.
من جانبه اقر وزير الدفاع فيليب هاموند بان رئيس الوزراء اصيب بـ’خيبة امل’، مؤكدا ان نتيجة التصويت ‘ستكون لها حتما تداعيات على العلاقة المميزة’ بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وقبل التصويت على المذكرة الحكومية صوت مجلس العموم على مذكرة مضادة تقدم بها حزب العمال تنص على وجوب ان يسبق اي قرار بشأن التدخل عسكريا في سورية تقديم ‘ادلة مقنعة’ على ان النظام السوري هو فعلا من استخدم السلاح الكيميائي في 21 آب/اغسطس في الغوطة بريف دمشق، الا ان هذه المذكرة سقطت بدورها.
وتنص المذكرة الحكومية التي سقطت على ادانة ‘استخدام اسلحة كيميائية في سورية في 21 اب/اغسطس 2013 من جانب نظام الاسد’ الامر الذي ‘يتطلب ردا انسانيا قويا من جانب المجتمع الدولي قد يستدعي عند الضرورة عملا عسكريا يكون قانونيا ومتكافئا ويهدف الى انقاذ حياة الناس ويمنع اي استخدام مقبل لاسلحة كيميائية في سورية’.
ونصت المذكرة ايضا على انه في حال تم اقرارها فان هذا لا يعني ضوءا اخضر للبدء الفعلي بالتدخل العسكري، اذ لا بد من العودة مجددا الى مجلس العموم للحصول على موافقته على التدخل العسكري الفعلي وذلك بعد اعلان نتائج التحقيق الذي تجريه الامم المتحدة حول الهجوم الكيميائي المفترض في سورية.
وخلال محاولاته الحثيثة لاقناع اعضاء مجلس العموم بالتصويت لصالح اقتراحه، اكد كاميرون امام النواب اقتناعه بان النظام السوري شن هجوما كيميائيا في 21 اب/اغسطس لكنه اقر بان مسؤولية هذا النظام عن الهجوم ‘غير مؤكدة بنسبة مئة في المئة’.
وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون اعلن الخميس ان المحققين سيواصلون تحقيقاتهم الجمعة قبل ان يغادروا سورية السبت. وقال انهم ‘سيرفعون لي تقريرهم ما ان يخرجوا’.
واظهر استطلاع لمعهد يوغوف نشرت نتائجه صحيفة تايمز ان تاييد تدخل عسكري بريطاني في سورية تراجع من 25 في المئة الثلاثاء الى 22 في المئة الاربعاء في حين ان تأييد المعارضة العمالية ارتفع من خمسين الى 51 في المئة.
وفي محاولة لاقناع النواب الذين لم ينس عدد كبير منهم بمن فيهم محافظون تجربة الحرب في العراق، نشرت رئاسة الوزراء البريطانية ظهر الخميس الادلة التي جمعتها اجهزة الاستخبارات البريطانية حول مسؤولية النظام السوري عن هذا الهجوم وكذلك القواعد القانونية للتدخل.
ووفق هذه الوثائق فان بريطانيا ‘سيسمح لها في اي حال’ بالقيام بتدخل عسكري رغم عدم وجود توافق في مجلس الامن الدولي وذلك ‘بموجب حق التدخل الانساني’.
وكانت لندن ارسلت ‘في تدبير وقائي’ ست مقاتلات الى قبرص، موضحة انه ‘لم يتم نشرها للمشاركة في عمل عسكري ضد سورية’.
ومن باريس قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولوند إن رفض مجلس العموم البريطاني القيام بعمل عسكري في سورية لن يؤثر على رغبة فرنسا في التحرك لمعاقبة حكومة الرئيس بشار الاسد بعد هجوم بالأسلحة الكيماوية أودى بحياة مئات المدنيين.
وأضاف هولوند في مقابلة مع صحيفة ‘لوموند’ أنه يؤيد القيام بتحرك عقابي ‘حازم’ بسبب الهجوم الذي قال أنه ألحق ضررا ‘لا يمكن علاجه’ بالشعب السوري. ومضى يقول إنه سيتعاون عن كثب مع حلفاء فرنسا.
وقالت مصادر دبلوماسية إنه في الوقت الذي يمثل فيه غياب بريطانيا عن اي تدخل انتكاسة قد تسهم في مضاعفة تحفظات الرأي العام الفرنسي بشأن ضرب سورية فربما يشعر هولوند الآن بان عليه واجبا اقوى لتنفيذ وعد بمعاقبة مرتكبي الهجوم بالغاز السام.
وقال هولوند للصحيفة ‘لا يمكن ويجب ألا تمر المجزرة الكيماوية في دمشق دون عقاب. والا واجهنا خطر تصعيد من شأنه التهوين من استخدام مثل هذه الاسلحة مع تعريض دول اخرى للخطر.’
وحين سئل هل يمكن أن تتحرك فرنسا دون بريطانيا أجاب اولوند ‘نعم.. كل دولة حرة في المشاركة او عدم المشاركة في عملية ما. وهذا ينطبق على بريطانيا مثلما ينطبق على فرنسا.’
وتطرح هزيمة حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون امام البرلمان علامات استفهام بشأن مكانة بريطانيا التقليدية بوصفها الحليف العسكري الموثوق به للولايات المتحدة وهو الدور الذي سعى كاميرون جاهدا لترسيخه وتسهم الهزيمة ايضا في تعقيد الجهود التي تتزعمها واشنطن لمعاقبة دمشق على الهجوم.
وهولوند ليس مضطرا لانتظار موافقة برلمانية على أي خطوة للتحرك في سورية وبوسعه أن يتصرف من تلقاء نفسه قبل إجراء مناقشة برلمانية حول هذه المسألة وهو أمر مقرر يوم الأربعاء القادم.
وقال هولوند – وهو الذي لم يتحدث الى كاميرون منذ الاقتراع الذي جرى امس الا انه سيتحدث هاتقيا الى الرئيس الامريكي باراك اوباما الجمعة – لصحيفة لوموند إنه لن يتخذ اي قرار الا اذا كانت الظروف تبرر مثل هذا القرار.
وأضاف هولوند ‘كل الخيارات مطروحة على الطاولة. تريد فرنسا عملا مناسبا وحازما مع النظام في دمشق.’
وتابع ‘هناك دول قليلة لديها القدرة على فرض عقوبة بوسائل ملائمة. فرنسا إحداها. نحن مستعدون وسنحدد موقفنا من خلال الاتصال الوثيق بحلفائنا.’
واصبحت فرنسا وبريطانيا حليفتين دبلوماسيتين وثيقتين في السنوات التي اعقبت اختلافهما بشأن الانضمام الى الحرب التي قادتها واشنطن على العراق عام 2003 وقامتا بالتنسيق الوثيق بينهما في العمليات الدفاعية.
وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية إن باريس كانت تتوقع رفض البرلمان البريطاني مشاركة لندن في عملية عسكرية بسورية ورغم خيبة امل باريس من موقف لندن الا ان ذلك قد يعزز من اصرار فرنسا على مشاركة الولايات المتحدة في أي عمل.
وقال مصدر دبلوماسي رفيع لرويترز ‘لم تكن مفاجأة ان يخسر كاميرون الاقتراع الا انها جعلت قرار اولوند اكثر تعقيدا… هناك عدة محددات يجب اخذها في الاعتبار. انه ليس قرارا سهلا لانه لا توجد أي اجابة صحيحة.’
وقال إن فرنسا لم تتخذ بعد مسارا للعمل لكنها ترى ان عدم التحرك يرسي سابقة خطيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Hassan:

    كل يريد مكانه في العالم. بريطانيا في طريقها إلى الإفلاس كما الإتحاد الأوروبي
    وعلى رأسه فرنسا. روسيا لها مقدرات بحيث تود أمريكا وأوروبا أن يضعا أيدهما على تلك المقدرات. الصين هي اليوم السند المالي لأوروبا ولأمريكا. روسيا تريد التحالف مع العرب رغم الرفض الظاهر بسبب التضامن مع النظام السوري. ماذا يجب إذا لإستعادة ما ضاع ممن يعتبرون أنفسهم أنهم قوة عالمية بعد أن خسروا كل شيء لأنهم وضعوا ثقلهم في حروب لا طائل منها؟ لا بد من إيجاد سيناريو ولو بزهق الأرواح البشرية ثم التسبب والتلويح بالتدخل حيث عجزوا. هذا هو جوهر ما يحدث الآن من “تجاذبات” تجذب الحفاظ على “ماء وجه” قوة اندثرت وتلاشت.

إشترك في قائمتنا البريدية