كبار المسؤولين السابقين ووهم السلام

حجم الخط
0

زعم رئيس الموساد السابق مئير دغان أنه يمكن التخلي عن غور الاردن الذي ليس له في رأيه أهمية أمنية. وبيّن في الوقت نفسه ايضا أنه لا يمكن الاعتماد على الفلسطينيين لأنهم لم يعتادوا احترام الاتفاقات وهذا تناقض داخلي واضح. ووعظنا مسؤولون كبار سابقون آخرون مدة سنين بأنه يمكن التخلي عن هضبة الجولان وأنه يمكن معايشة ايران النووية وأنه ليس للقدس الكاملة الموحدة أهمية قومية.
إن دغان الرجل الذي نجح بيديه حقا تحت قيادة اريك شارون في القضاء على الارهاب في قطاع غزة مدة سنين قد تعب. وهو ينتمي الى مجموعة صغيرة من جنرالات الجيش الاسرائيلي ورؤساء الموساد ورؤساء ‘الشباك’ وكلهم سابقون، استقر رأيهم على أن يبيعوا للجمهور وهم السلام وبدأوا معركة تخويف تهدد بتحول اسرائيل الى دولة ذات شعبين. وهم يتجاهلون فقط مليوني فلسطيني آخرين سيسكنون الدولة الجديدة التي يتمنون انشاءها.
تروي الحكايات عن ثعلب دعا حمامة بيضاء الى النزول عن الشجرة كي يستطيع أن يُسايرها لأن المسيح المُخلص قد جاء ومعه السلام المأمول. وسُمع نباح فجأة فهرب الثعلب وبعد دقائق عاد فعرض على الحمامة مرة اخرى أن تنزل إليه، وسألته الحمامة لماذا هرب من النباح، فكان جواب الثعلب أن الكلاب النابحة لم تسمع بأن المسيح المخلص قد جاء وبأنه يوجد سلام في العالم. فماذا نفعل وجيراننا لم يسمعوا بأن السلام على الأبواب وما زالوا يُحرضون على اسرائيل مواطنيها.
يمكن أن نتفهم جون كيري الذي يشيع جوا متفائلا باتفاق قريب. فهو ضيف على الشرق الاوسط وسيتعلم بالطريقة الصعبة المؤلمة سبل السلوك في منطقتنا. ولست أنجح فهم مسؤولين اسرائيليين كبار وقفوا في مقدمة جبهة محاربة الارهاب وجيوش عربية من اولئك الذين يفترض أن يعرفوا قراءة خريطة جغرا سياسية، والذين يُبينون لنا بلا كلل أننا اذا تخلينا وتكمشنا فقط فسيتحول الأعداء الى مُحبين وسيجلس في اسرائيل كل انسان تحت كرمته وتحت تينته.
إن الصهيونية الحديثة هي الحركة الأكثر إدهاشا وانجازا وعدلا في القرن العشرين. فهي مجموعة صغيرة من حالمين ومتنبئين قادت شعبا الى الخلاص في وطنه بعد جلاء قاسٍ طويل. وكان طريق الخلاص صعبا ومؤلما واحتاج الى تضحية عظيمة بالجسم والنفس. ولم يستطع كثيرون من أبناء الهجرات الاولى حمل العبء فتعبوا وعادوا الى البلاد التي جاءوا منها لكن القليلين الذين بقوا استمروا في حفر طبقة بعد اخرى الى أن بلغوا الى الماء المستنبط وهو ماء حياة يروي جذر وعينا اليهودي. فالذي حلم تحقق حلمه والذي تعب بقي مع انكساره.
أثبت الشعب اليهودي مدة سني وجوده كلها قدرة على الصمود غير عادية. فقد آمن بولص، واوغستين، ومحمد، ومارتن لوثر وكثيرون آخرون بأنه يمكن تحويل دين اليهود واعتقادهم، وفشلوا. وبعد الفشل أصبحوا كبار معادي السامية. وكانت أمهات وآباء واولاد يهود مستعدين ببطولة عظيمة أن يدفعوا كل ثمن للاستمرار في العيش يهودا. وحينما عدنا الى الوطن خاصة أصبح يوجد بيننا من نفد صبرهم وفقدوا الثقة بالنفس.
إن عظمة الزعامة وقدرتها على النضال عما هو صحيح وحق مشروطة بقدرة الجمهور على الثبات. وتستطيع حكومة اسرائيل عن معرفتي باسرائيليين كثيرين أن تُصر في تصميم على الحقوق القومية وعلى أمن المواطنين. ولا يستطيع مسؤولون كبار سابقون أن يرعبوا شعبا حكيما وذكيا وقويا.

اسرائيل اليوم 6/1/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية