القاهرة ــ «القدس العربي»: لم تتشكل مسيرة الفن المصري، سواء في السينما أو المسرح، والغناء والفن التشكيلي من فراغ، لذا كان لها من الثقل المؤثر في ثقافة الشعب المصري، وربما امتد إلى الدول المتحدثة بالعربية، فأصبحت من خلاله اللهجة والتعبيرات المصرية، من أشهر وأبسط اللهجات التي يعرفها ويفهمها الجميع. ومن خلال الأفلام والمسرحيات المصرية خاصة، اشتهرت شخصيات بعينها كانت الأكثر تأثيرا، ما بين فناني التراجيديا والكوميديا، بحيث أصبحت هي بذاتها نماذج لأنماط الشخصية المصرية، مُعبّرة عن زمانها ومحيطها الاجتماعي، بحيث يمكن دراستها من وجهة اجتماعية عن طبيعة الشخصية المصرية وموضوعات ذلك العصر أو ذاك. نذكر منها مثالا.. نجيب الريحاني، علي الكسار، إسماعيل ياسين، فؤاد المهندس، عادل إمام، يوسف وهبي، رشدي أباظة، عبد المنعم إبراهيم، زينات صدقي، أم كلثوم وعبد الوهاب، والكثير من الفنانين. عن حياة بعض هؤلاء صدر مؤخرا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في القاهرة، للصحافي عاطف النمر كتاب «نجوم السعادة» ـ 398 صفحة ـ يستعرض من خلاله حيوات بعضهم من المشاهير أو نجوم الصف الأول، وحتى نجوم الصف الثاني. وسنحاول الاقتراب أكثر من الفئة الثانية، وجوه مألوفة مؤثرة، ورغم ذلك لم ترتق لمستوى الشهرة المعهود، إلا في ما ندر.
شرفنطح
هو الاسم الشائع للفنان محمد كمال المصري (1897 ــ 1960) كان ضمن فرقة الريحاني وشارك في معظم أفلامه السينمائية، يُشير الكتاب إلى أن اسم (شرفنطح) وهو اسم الرجل في شخصية مسرحية، حاول من خلالها التشبه بشخصية (كشكش بك) للريحاني، هذه الشخصيية التي لم تستمر، إلا أن اسمها طغى على اسم صاحبها الحقيقي، كان ذلك عندما أسس فرقته المسرحية في منتصف عشرينيات القرن الماضي. لم يقدم شرفنطح أفلاما من بطولته، لكنه دوما كان حاضرا ومؤثرا كأحد ممثلي الدور الثاني، رغم ما يتميز به من أداء كوميدي رفيع، مثل دوه في فيلم «عفريتة إسماعيل يس» ودوره الأشهر في فيلم الريحاني «سي عمر» حيث جسد دور ضابط بوليس متقاعد، يتميز بالدهاء، ويقوم بسرقة تركة ابن أخيه.
وكذلك دور مدرس الحساب في فيلم «سلامة في خير» والجار المشاكس مُفتعل الأزمات مع البطل. كان التكوين الجسدي للرجل من نحافة ورأس صغير، أشبه برسومات الكاريكاتير، وقد زاد هو من مواصفات ملاصقة لشخصيته حتى تترسخ في ذهن الجمهور، من طربوش، وبدلة موظف بسيط، تركيبة من الطيبة وقِلة الحيلة، وبعض الدهاء حتى يستطيع مواصلة الحياة، تلك الحياة التي كان يحياها حقيقة في شبه عزلة، فلا أحد يعرف مكان بيته، كما لم يكن يحب الظهور في الاحتفالات، أو المشاركة بحوار للصحافة وما شابه من طرق السعي إلى الشهرة، واكتفى فقط بالمشاركة في حوالي 100 عمل مسرحي، وأكثر من40 فيلما سينمائيا، تحت اسم مستعار من حلم لم يتحقق بالبطولة.
لم تُصنع تماثيل لرواد الفن المصري كعبد الوهاب وأم كلثوم ويوسف وهبي، ونجيب الريحاني وإسماعيل ياسين كما حدث مع تماثيل فنان الكوميديا محمود شكوكو (1912 ــ 1985) الذي أصبح مُعبّرا عن نموذج الفنان الشعبي.
«سُكر هانم»
هو عنوان أحد الأفلام الشهيرة، الذي على الرغم من بساطته، إلا أنه ارتبط باسم الفنان عبد المنعم إبراهيم (1924 ـ 1987) والذي انحصرت شهرته كممثل كوميدي كدور ثان في الأغلب، إلا أن الرجل كان يحمل موهبة استثنائية كممثل يُجيد كافة أشكال الأداء التمثيلي، ولا ننسى شخصية (ياسين) في «ثلاثية» محفوظ، أو الأستاذ (حِكَم) في فيلم «السفيرة عزيزة» وكذلك فيلم «إشاعة حب».
من ناحية أخرى برع إبراهيم في أدواره المسرحية والإذاعية، ولعل شخصيته في المسلسل الإذاعي «الولد الشقي» لمحمود السعدني، كانت من أهم الأدوار التي أداها، وهي شخصية شخص انتهازي يتاجر في كل شيء، حتى الأعراض، في فترة الحرب العالمية الثانية. لم يتمكن إبراهيم من الحصول على البطولة المُطلقة، إلا في فيلمه الشهير «سر طاقية الإخفاء». يُشير الكاتب إلى أن حصر عبد المنعم إبراهيم في أداء الدور الثاني، أو الشخصية المساعدة للبطل، كان سببه ترك عبد السلام النابلسي مصر، فخلت الساحة أمام إبراهيم لتأدية هذا الدور ـ قدّم حوالي 300 فيلم ـ لكن الرجل لم يعتمد على كوميديا الملامح الشخصية، لا توجد مبالغات في ملامحه كإسماعيل ياسين مثلا، كما لم يكن بدينا أو نحيفا، حتى يكون جسده من أدوات الإضحاك، بل تميز بشيء من وسامة عصره. إضافة إلى أنه لم يحصر نفسه في أدوار محددة، فهو الفقيه خريج الأزهر، والموظف العام، والفلاح، والمُعبّر في العموم عن الفئة المتوسطة التي كانت في مصر، واختفت الآن.
«شكوكو بقزازة»
لم تُصنع تماثيل لرواد الفن المصري كعبد الوهاب وأم كلثوم ويوسف وهبي، ونجيب الريحاني وإسماعيل ياسين ـ تماثيل شعبية لم يخلُ منها بيت من بيوت المصريين، بعيدا عن تماثيل المتاحف ـ كما حدث مع تماثيل فنان الكوميديا محمود شكوكو (1912 ــ 1985) الذي أصبح مُعبّرا عن نموذج الفنان الشعبي.
ربما تجاوز شكوكو ممثلي الدور الثاني، بخلاف فيلمه «عنتر ولبلب» الذي لعب بطولته، وذلك من خلال أداء المنولوجات، وقد لحن له كبار الملحنين، على رأسهم عبد الوهاب في منولوج (يا جارحة القلب بإزازة) إضافة إلى محمد فوزي، منير مراد، وزكريا أحمد. بجانب ذلك جاءت مسرحياته الاستعراضية، التي كانت توظف فكرة مسرح العرائس في مصر، قبل أن يوجد في شكله الحالي. ويذكر مؤلف الكتاب حكاية مهمة عن هذا التمثال، الذي أصبح أيقونة عصر بأكمله.. حيث كان يتم استبداله بالزجاجات الفارغة للمشروبات الغازية، فباعة الروبابيكيا كانوا يطوفون الشوارع والحارات، وعلى عرباتهم مُعلقة تماثيل شكوكو، المصنوعة من الجص الأبيض، وهو يرتدي الجلباب البلدي المخطط، وعلى رأسه الطرطور الشهير، ممسكا بيده العصا التي يرقص بها، وهم ينادون .. «شكوكو بقزازة». والغريب أن الباعة كانوا يصرون على استبدال التمثال بالزجاجات الفارغة فقط، دون النقود أو أي شيء آخر!
لم يكن شكوكو يفطن لما يحدث، بل فقط سعيد لشهرته، ووجود تمثاله في أغلب بيوت مصر، إلا أن السر كان مع شخص يُدعى (عبد العال). وهو رجل كان يعمل في مطبعة في شارع محمد علي، توصل إليه شكوكو بعد عناء، حيث يقوم بصنع تماثيل شكوكو، ويجمع الزجاجات الفارغة في مخزن كبير في حي الجمالية. قابل شكوكو الرجل، وقال إن التمثال تحية لفنان شعبي عشقه الصغار والكبار، إلا أن الأمر اكتشفه صاحب التمثال بعد انقلاب يوليو/تموز 1952، فقد كانت الزجاجات الفارغة عبارة عن قنابل مولوتوف يصنعها مناهضو الاحتلال الإنكليزي، لذا كان يتم تحريم بيع هذه الزجاجات، وفرض رقابة شديدة عليها، فقام عبد العال بصنع التمثال واستبداله بهذه الزجاجات، لتوفير قنابل المولوتوف للمقاومة المصرية، واكتشف شكوكو مؤخرا أن عبد العال نفسه كان أحد كبار رجال المقاومة الشعبية السرية في مصر. بعدها تم بيع التمثال بخمسة مليمات، ليصبح في كل بيت مصري، حتى أن شكوكو نفسه وجده على مكتب زكي طليمات، عندما ذهب لزيارته في منزله. ويعتبر شكوكو من قِلة الفناين الذين حصلوا على تكريم الدولة، إذ حاز جائزة الدولة التقديرية من الرئيس السادات.
هذه لمحة سريعة عن بعض الشخصيات التي تناولها الكتاب، وإن كان فيه بعض الحكايات المكررة، أو شخصيات شهيرة قتلت أخبارها الصحف والبرامج الفضائية، إلا أن هناك الكثير من الشخصيات المنسية، صاحبة الأثر، والتي لم يُسلط عليها الضوء جيدا، أو نالت ما تستحقه من المراجعة والنقد الفني.
مرة اخرى نضع الكلمة رغم قلة المعرفة عن هد ا الفن العظيم الفن الدي كان سببا في وصول وجوه الى بيت القرار الفن الجامع لكل صور الفن بدءا من الشعر انها السينما التي قلنا عنها وقالوا عنها وقلن عنها الشيء الكثير ولازالت الكلمة عنها لم تنتهي ولايمكن وغير مامرة قلنا ان السينما سمت نفسها بأكثر من اسم السينما المصرية رسمت لنفسها صورا عدة لايمكن ان تشيب بسبب لغة لاتقان وبالاخص الكوميديا التي عرفت وجوها متميزة في الحركة في النطق في التجسيد كدالك وهد ا لاخير صعب ولوج عالمه ان لم تكن المعرفة الجيدة لازالت لنا كلمة