عمان – «القدس العربي» : هل بدأت فعلاً عملية البحث عن رئيس وزراء جديد في الأردن؟
خلال الـ 48 الساعة الماضية انشغلت الصالونات السياسية الأردنية بالسؤال المشار إليه سابقاً وسط توافق جماعي على أن المرحلة تحتاج إلى طاقم جديد من أي نوع، وتوافق نظير له على أن تجربة الرئيس الدكتور عمر الرزاز بدأت تخرج عن السكة. طبعاً، لا يوجد مبرر سياسي وطني موضوعي للحديث عن تغيير وزاري في الأردن، لكن الهمس واللمز والغمز عاد بنشاط إلى بورصة الأسماء والتوقعات التي اشتعلت، كما لم يحصل من قبل، في غضون الساعات القليلة الماضية، خصوصاً مع شمول أسماء كبيرة في البرلمان الأردني والتجربة البرلمانية ضمن معطيات تدقيق وتحقيق لها علاقة مرة بالتهرب الضريبي ومرة أخرى بلجنة تتبع البنك المركزي، بدأت بوضع إشارة التحفظ على أموال بعض الشخصيات بصيفة تفيد بأن تحقيقاً مالياً في الطريق.
لا تريد «القدس العربي» الغرق في التفاصيل ولا التحدث عن الأسماء إلى أن تقر سلطات القضاء المختصة ذلك. لكن المهم سياسياً وإعلامياً هو التأشير على أن المواطن الحقيقي لفكرة البحث عن رئيس وزراء جديد في الحالة الأردنية هو الإجماع على أن التسريب، وأحياناً التشهير، غامض المصدر بخصوص أسماء برلمانية مهمة مقدمة بالتأكيد لعدم عقد أي دورة للبرلمان الحالي الذي تنتهي ولايته الدستورية في الثلث الأخير من أيلول/سبتمبر المقبل.
تحقيقات وتدقيقات في الضريبة والبنك المركزي تخلط الأوراق السياسية
ما الذي يعنيه ذلك بصورة أكثر تفصيلاً؟
يعني ببساطة، عند محاولة الإجابة عن هذا، أن الاتجاه الأغلب حتى مساء الأحد هو إنهاء تجربة البرلمان الحالي، بمعنى.. صدور قرار مرجعي بحل البرلمان ضمن مقتضيات المحددات الدستورية التي أشار إليها الملك عبد الله الثاني شخصياً وهو يربط بين الوضع الوبائي وإجراء الانتخابات البرلمانية في البلاد قبل نهاية العام الحالي على الأرجح.
يستنسخ السؤال نفسه: ما الذي يعنيه حل البرلمان؟ الإجابة أيضاً واضحة، حسب كل خبراء وفقهاء الدستور، فالحكومة التي تنسب بحل البرلمان ترحل معه، والقاعدة الملكية الشهيرة بخصوص العلاقة بين السلطتين لا تزال هي تلك التي تقول ببقائهما أو رحيلهما معاً. لذلك، وبصيغة صدفة وبدون ترتيب مسبق، أصبح من الواضح بأن مصير حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز تحدده تلك البوصلة التي تختص بمصير مجلس نواب يقوده صديقه سابقاً المهندس عاطف الطراونة، الذي يمتنع تماماً وللأسبوع الرابع على التوالي، عن التعليق على مجريات الأحداث.
بالتأكيد، لا يحصل ذلك دون خيط رابط وقواعد اشتباك عندما يتعلق الأمر ببوصلة الاتجاه المقبل في الحالة الأردنية، حيث ملفان يشكلان تحدياً كبيراً ويوافق على التشخيص بشأنهما رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، على هامش تفاعل نقاشيّ مع «القدس العربي»، وهما تداعيات الفيروس كورونا على الاقتصاد الوطني، ووقائع المشروع الإسرائيلي بالضم.
صعب الحديث عن قدرة الطاقم الوزاري المترنح عملياً عن خوض الاشتباك مع تحديات كبيرة من هذا النوع. لكن الصعب أكثر هو توقع عدم وجود ورقة بديلة على مستوى طاقم إدارة الدولة إذا ما انتهت فعلياً صورة مجلس النواب الحالي واستمرت التحقيقات التي تمس ببعض أركانه هنا أو هناك أو على نحو أو آخر. بمعنى، التغيير بحد ذاته يدخل في دائرة الاستحقاق ضمن معطيات المألوف السياسي الأردني، فالشارع اليوم مشوش، والأحزاب غائبة، والنقابات تم تهشيمها، ومزاج المناخ الانتخابي مبكر، وكورونا خلطت الأوراق، والوضع الاقتصادي بائس، والمالي معقد جداً.
تلك في الحد الأدنى أقرب وصفة محلية أردنية تحتاج إلى روح جديدة أو مختلفة في أروقة السلطات، ومن هنا يمكن تتبع وقراءة سيناريوهات التغيير.
والأهم يمكن فهم موجبات اشتعال بورصة الأسماء فجأة في إطار البحث عن خليفة محتمل يرث كرسي رئاسة وزراء حكومة الدوار الرابع الذي يجلس عليه عامين ونحو شهر الباحث المثقف الدكتور عمر الرزاز.
يحتاج الأمر اليوم إلى ما هو أكثر من مثقف عميق وإلى ما هو أعمق من حكومة مترنحة، حيث بناء معادلة تحتوي التداعيات وتمهد لانتخابات جديدة، يحتاج إلى «مطرقة» في موقع رئيس الوزراء، وإلى تبديلات يهمس بها الجميع في مواقع ومناصب عليا في الدولة. ولم يعد سراً أنها يمكن أو ينبغي أن تشمل الطاقم الذي يدير الشؤون في الديوان الملكي وحتى بعض الأجهزة.
تجديد التوليفة والتركيبة أصبح مطلباً ليس للشارع فقط، ولكن قد يكون مطلباً للدولة أيضاً، الأمر الذي يحسم الجدل حول بناء استنتاجات مبكرة قليلاً تبحث عن خليفة للرئيس الرزاز، وبالضرورة عن خليفة للطراونة في رئاسة البرلماني المستقبلي القريب، لأن الرجل يقر بأنه خرج من المعادلة، ولأنه ينقل عن الرزاز سلسلة اعتذارات لعوبة عن بعض المسائل والإجراءات.
قائمة الأسماء تختلط وتنمو في الأردن، وبدأت تضم شخصيات غير مألوفة وأخرى مألوفة، ويبدو أن أياماً قليلة سيحصل فيها أو خلالها الجميع على إجابة واضحة وقد تكون صاعقة على السؤال التالي: من هو خـليفة الرزاز؟