كلينتون لـ”الغارديان”: شركات التكنولوجيا العملاقة قوية جدا وبحاجة لقص أجنحتها

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن ــ “القدس العربي”:

حذرت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون من حملات التضليل التي انتعشت على الإنترنت ودعت لقص اجنحة شركات التكنولوجيا العملاقة.

وفي مقابلة مع صحيفة “الغارديان” أجراها ديفيد سميث في واشنطن قال فيها إن حملتها للرئاسة غمرت بموجات من الأخبار المزيفة ونظريات المؤامرة الكاذبة. ولهذا فهي تدعو اليوم إلى “محاسبة عالمية” والحد من قوة شركات التكنولوجيا. وحذرت السيدة الأولى السابقة من أن انكسار الحقيقة المشتركة وما يتبعها من فرقة، يشكل تهديدا على الديمقراطية في الوقت الذي تحاول فيه الصين بيع خديعة أن الإستبداد ناجح.

وتحدثت الصحيفة مع كلينتون عبر زوم من بيتها في تشاباكوا بنيويورك احتفالا بمرور مئتي عام على صدور “الغارديان” “أعتقد ان الغارديان كانت مثالا للحرية الصحافية وعلى مدى 200 عام”.

ولدى كلينتون، 73 عاما وزوجة الرئيس السابق بيل كلينتون أكثر من سبب لأن تكون تلميذة لتوجهات الإعلام من الصحافة التاريخية إلى منصات التواصل الاجتماعي الأخيرة. وفي عام 2016 كانت أول امرأة يختارها حزب سياسي كبير كمرشحة، وقد انتقد الإعلام الرئيسي لاحقا بأنه أقام مساواة غير صحيحة بين عثرات في مسيرتها ومنافسها دونالد ترامب الذي كانت له علاقات مشبوهة مع روسيا وواجه عددا من الاتهامات باعتداءات جنسية.

 وساعدت موسكو على تغذية حملة تضليل إعلامي استهدفت الناخبين الديمقراطيين وتم التعبير عنها من خلال نظرية المؤامرة “فضيحة البيتزا” والتي نشرت مزاعم سخيفة عن إدارة كلينتون لشبكة تجارة للجنس مع الأطفال من محل بيتزا في واشنطن.

 ومضت خمسة أعوام وجاء ترامب وذهب وأصبح لأمريكا نائبة للرئيس وهي كامالا هاريس، لكن حملات التضليل لم تتوقف، من حركة نظرية المؤامرة “كيوأنون” إلى عملية العصيان في الكونغرس بداية العام الحالي.

 وأصبح اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري معاد وبشكل مفتوح للديمقراطية ووافق على أكاذيب ترامب ومحاولاته منع الناخبين الملونين. وأصبحت الحقيقة التقليدية في الوسط، وهو نهج لا ينفع كلينتون “لقد تخلصوا من الطرفين” و ” فأن تكون ناقدا للبعض على الجانب الآخر (في الكونغرس) لا يشبه إثارة هجوم على الكونغرس والتصويت ضد المصادقة على الانتخابات. وهي أعمال لا يمكن مقارنتها وكلها تعود إلى الإعلام وتعامله بجدية مع خطورة الفلسفة السياسية لليمين”. لكن الإعلام لا يستطيع استعادة الأساس المشترك للحقيقة وحده و”منصات التكنولوجيا أقوى من أي عضو فيما يطلق عليه التيار الرئيس في الإعلام وأعتقد أنه يجب ألا يكون هناك حساب أمريكي فقط بل وعالمي مع التضليل واحتكار السلطة والتحكم، في ظل غياب المحاسبة التي تتمتع بها حاليا هذه المنصات”.

وأشارت “بشكل محدد لفيسبوك التي لديها أسوأ سجل في المساعدة على الزيف والتضليل والتطرف والمؤامرة، وحتى الإبادة في ميانمار ضد الروهينجا. وعلى الحكومات أن تقرر أن هذه المنصات بحاجة للالتزام بنوع من المعايير وهذا صعب”.

ففي تقرير طلبته فيسبوك وجد في عام 2018 أن الشركة فشلت بوقف استخدام المنصة “لإثارة الانقسام والتحريض على العنف” في ميانمار.  وفي تحقيق للغارديان وجد أن الشركة كانت بطيئة في الرد على تحذيرات حول استخدام قادة سياسيين لها من أجل التحرش وملاحقة المعارضين. ولدى فيسبوك 2.8 مليار مستخدم شهريا ووصلت عائداتها في الربع الأخير من العام الماضي إلى 28 مليار دولارا. وهناك إشارات عن مواقف متشددة من جوزيف بايدن والكونغرس وهيئة التجارة الفدرالية ضد شركات التكنولوجيا إلا أن كلينتون تعترف بالقول “الأمر ليس سهلا، فهي قوية بشكل لا يصدق. ولكنني لا أرى أي بديل عن محاولة معالجة المخاطر الحقيقية للتضليل والانقسام الذي تفرخها وما تشكله من تهديد على ديمقراطيتنا”.

 وفي الوقت الذي هاجم فيه ترامب شركات الإنترنت إلا أنه وجه معظم نيرانه على سي أن أن ونيويورك تايمز وغيرها من الإعلام الرئيسي. وحاول شيطنته عندما وصفه بأنه “عدو الشعب”. وعلقت كلينتون التي سافرت حول العالم داعية للحرية على تصريحات ترامب بأنها شعرت بالرعب “عندما قال الرئيس الأمريكي بأن الإعلام هو عدو الشعب فإنه منح الرخصة لكل المستبدين لأن يقولوا نفس الشيء”. وقالت إن معظم الرؤساء الأمريكيين اشتكوا من معاملة الإعلام لهم أو طلب منهم الأمور المستحيلة “لكن لم يكن لدينا رئيس اصطف مع تفكير الديكتاتوريين مثلما حصل لنا مع رئيسنا السابق”. و “أدى لضرر في داخل بلدنا، لأنها غذت الرهاب ونظريات المؤامرة والحزبية في نظامنا السياسي مما قاد البعض لزعم أن الإعلام هو عدو الشعب أو على الأقل عدو ما يعتقدونه”.

 ووجد ترامب متواطئا مستعدا في الإعلام وبخاصة شبكة روبرت ميردوخ، فوكس نيوز. ولاحظت كلينتون “حقيقة تحول إعلام بعينه لبوق إعلامي ينشر أراء ترامب عن الواقع وغذى الأفكار السلبية عما سيقوله الإعلام الرسمي”. و “في الوقت نفسه واجه الإعلام السائد مهمة صعبة للتعامل مع الكذب والخطر الذي مثله ترامب ومساعدوه وأنصاره”. و”كان الأمر صعبا وأتفهم التحدي الذي واجهوه. وأعتقد انهم لم يفهموا سريعا أن المسألة ليست خلافا عاديا وليست خلافا مع زعيم عادي. بل كان هذا تخل كامل عن فهمنا للحدود المناسبة التي يتحرك من خلالها قادتنا”.

 ومن هنا فالتهديد على الديمقراطية من هذه البدائل للواقع هي محل للتدقيق في وقت تحاول فيه الصين، القوة الصاعدة الترويج لنظام عالمي بديل. وأشار بايدن أكثر من مرة ان الأجيال المقبلة ستحلل عصرنا وتتساءل عن النموذج الأفضل: الديمقراطية أم الاستبداد. وتتفق كلينتون مع الرئيس وأنه حدد الموضوع الأهم لوقتنا، فعلى الديمقراطيات إظهار أنها قادرة على تقديم نتائج لمواطنيها وتظل متحدة. وتعلق “لا شك أن الصينيين يحاولون تقديم رؤية مضادة وهي أن الديمقراطية فوضوية والأمور تحتاج لوقت ويأتي رئيس ويخرج ولا تواصل ولا تستطيع التقدم للأمام بطريقة اجتماعية منسجمة، ولهذا عليك اختيارنا”. وعارضت كلينتون البريكسيت التي تم الاستفتاء عليه قبل الانتخابات بخمسة أشهر ولا تزال تخشى من عواقبها و”أشعر بالقلق من عملية صناعة القرار نيابة عن الغرب. فمع أن هذه العلاقات قد تكون معقدة ومتعبة من الناحية البيروقراطية، فمن المهم عند الحديث عن الديمقراطية ضد الاستبداد تعمل الديمقراطيات معا. وعليه فآمل ألا يؤدي انفصال بريطانيا عن أوروبا إلى إضعاف التزامنا بالديمقراطية ويقوي موقفنا ضد التهديدات الداخلية والخارجية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية