كل سلع «المائدة» أمن قومي… وتصديرها يهدد السلم العام… واختفاء البصل ينذر بحراك غير مأمون العواقب

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: بات مشهد كثير من المواطنين وهم يفتشون عن “بصلة” في الأسواق يدمي القلوب، بعد أن لامس سعر الكيلو 30 جنيها، ما أجبر الكثير من العائلات عن الاستغناء عنه، مع مواصلة صب اللعنات على الحكومة، التي ما زالت تصطاف في “العلمين” بينما الأغلبية تشرف على الهلاك في عموم البلاد.. الاقتراح الذي حظي بمتابعة واسعة خلال الساعات الماضية ورد على لسان الدكتور زاهي حواس عالم المصريات، الذي دعا نجم نادي ليفربول اللاعب محمد صلاح، إلى تبني حملة جمع توقيعات لاسترداد حجر رشيد. وأضاف خلال لقاء لبرنامج «على مسؤوليتي» نقلته عدة صحف منها “الشروق” و”المصري اليوم”: “لو محمد صلاح تبنى موضوع الـ100 ألف توقيع في لندن، ممكن من بكرة نرجّع حجر رشيد”. وخاطب حواس، صلاح قائلا: “عليك واجب لبلدك لندن فيها أكثر من 300 ألف مصري، وممكن نصل إلى 100 ألف لتغيير القانون البريطاني”. وذكر أن المتاحف الغربية ما زالت تمارس الاستعمار، من خلال احتفاظها وعرضها للآثار المصرية المنهوبة، التي خرجت بصورة غير شرعية، قائلا إن الأمر يشجع لصوص الآثار. وتابع: “المتحف المصري الكبير لا يمكن افتتاحه إلا بوجود أيقونات الآثار المصرية، وأهمها: رأس نفرتيتي، وحجر رشيد، والقبة السماوية”. وذكر أنه بدأ حملة استرداد أيقونات الآثار المصرية برأس نفرتيتي، وحصل بالفعل على موافقة رئيس الوزراء، وأرسل خطابا رسميا عام 2010 لاستردادها، وأرفقه بمستندات تؤكد خروجها من مصر بصورة غير قانونية. وكشف أنه تلقى ردا من مسؤولي المتحف في عام 2011 بأن الخطاب يجب توقيعه من الوزير المختص، معقبا: “عندما توليت وزارة الآثار لم أرغب في إدخال الحكومة في تلك الحملة الوطنية”، حسب تعبيره. وروى أنه انتظر بعدما أصبحت الدولة تتحمل المسؤولية في هذا الشأن، ثم أطلق حملته لاسترداد حجر رشيد، مضيفا أن الوثيقة وقع عليها 250 ألف شخص فقط حتى الآن. وأضاف: “نريد الوصول إلى مليون توقيع، لا بد من أن نجعل الشعب المصري يوقع على الوثيقة لأن أغلب الموقعين أجانب، حجر رشيد أيقونة الآثار المصرية، مكان الحجر المتحف المصري الكبير”.
ومن أخبار صاحبة الجلالة: أكد طارق الخولي عضو لجنة العفو الرئاسي، أن تجربة الحبس من أصعب وأمر التجارب التي يمر بها الإنسان، وكشف عن أن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية قدمت الدعم لعدد كبير من الصحافيين والإعلاميين بعد العفو عنهم، فلا يوجد صحافي خرج من الحبس ولم يجد فرصة عمل، بفضل ودعم من الشركة. وتابع: «لا يوجد إحصاء دقيق أو نسبة معينة من المفرج عنهم الذين انضموا للجنة الدمج، بل هناك خطوط تواصل مع هؤلاء الأشخاص وهناك 3 حالات تم حل مشاكلها وحالات أخرى نعمل عليها حاليا». ومن أخبار مؤسسة الرئاسة، استقبل الرئيس السيسي وفدا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس الأمريكي، بحضور سامح شكري وزير الخارجية. وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمي بأن اللقاء شهد تأكيد قوة ومتانة الشراكة الاستراتيجية الممتدة منذ عقود بين البلدين، والأهمية التي توليها الدولتان لتعزيز علاقاتهما على جميع المستويات، في ظل الواقع الإقليمي والدولي المضطرب، وتطرق الحوار إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية واستثمارات الشركات الأمريكية في مصر. كما تناول النقاش جهود مصر في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وتعزيز حقوق الإنسان. كما تم التباحث حول ما تمر به المنطقة من أزمات، والمفاوضات الجارية حاليا، حيث أكد الرئيس موقف مصر بشأن الالتزام بالتوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، يراعي مصالح وشواغل الدول الثلاث. وتناول اللقاء كذلك تطورات القضية الفلسطينية، وأكد الرئيس ضرورة دفع الجهود الدولية للتوصل إلى حل عادل وشامل، يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة. ومن أخبار البعثات الدبلوماسية: نظمت السفارة التركية في القاهرة احتفالية بمناسبة الذكرى الـ101 للانتصار على قوات الحلفاء والقوات اليونانية الغازية في 30 أغسطس/آب عام 1922، حيث يُعتبر هذا النصر الكبير بمثابة ميلاد جديد لتركيا.
حملة مشبوهة

زادت الهجمة على المناطق القديمة في القاهرة لهدم المقابر، وهي مسألة على حد رأي رفعت رشاد في “الوطن” لا يعرف أحد مغزاها. إذا كان الأمر يرتبط ببناء الكباري فرئيس الجمهورية شكَّل لجنة برئاسة رئيس الحكومة لبحث تفاصيل هذه المقابر، وكيفية التعامل معها، بل أمر بإنشاء مدافن للخالدين على غرار ما يحدث في دول العالم المتحضرة، ومنها مصر القديمة، حيث جبانات الملوك والنبلاء، فلماذا الهدم العشوائى لمقابر شخصيات بارزة في تاريخنا؟ المقاولون يتعاملون مع المقابر الأثرية باعتبارها «رتش» يتم تحميله على عربات لتلقي به في مناطق نائية في الجبل، ولا يدرك المقاول قيمة ما يرميه وأن بناء المقابر كان وما زال فنا معماريا حرصت عليه شخصيات مصر الحديثة والوسطى والقديمة، ما شكَّل في مجموعه تاريخ مصر وحضارتها. في باريس يمكنك أن تجد عمارة عمرها يزيد قليلا على المئة عام، ومع ذلك تحتفظ برونقها ومتانتها، لأنهم حريصون على الحفاظ على فنونهم المعمارية، التي شهدت تاريخهم وعاش فيها أدباء وفنانون وسياسيون وأشخاص عاديون أيضا. في موسكو قصة مشهورة تروى، كانوا يوسعون شارعا محوريا ووجدوا أن عمارة تاريخية كبيرة تعترض الشارع، ورأوا أن هدمها يهدر أثرا مهما.عرضوا الأمر على الزعيم السوفييتي ستالين فأمر بنقل العمارة! في البداية كانت الدهشة سيدة الموقف، لكن بعد قليل انخرط المهندسون يدرسون كيفية نقل العمارة وتوصلوا إلى طريقة لنقل العمارة بحالها وحالتها دون أن تتأثر. طلبوا من السكان الخروج من المبنى تاركين أمتعتهم وكل ما يخصهم ولينتظروا حتى يتم نقل العمارة. وبالفعل نقلت العمارة وأزيحت من موقعها إلى الخلف دون أن يتحطم كوب زجاجي أو تسقط ملعقة في مطبخ أحدهم. رأيت تلك العمارة بنفسي خلال زيارة لموسكو. يقدر الكاتب صحوة أعضاء في البرلمان بشأن هدم المقابر وطالب رشاد بتحرك سريع لوقف هذا الهدم العشوائي غير المبرر والحفاظ على تاريخ لم يسجل على ورق، لكنه سيعيش لكي يكون جزءا من حضارتنا المعاصرة تعرفه أجيال لم تولد بعد.

ذرائع واهية

فى كل حرب تخوضها إسرائيل ضد الفلسطينيين، لا بد وفق ما ترى جيهان فوزي في “الوطن”، أن تكون لديها الذريعة والمبررات وصندوق من الأهداف لتحقيق غايتها، خاصة لو كانت الحكومة تعاني من فشل وأزمة داخلية تحتاج لرفع سقف تأييدها، وإلهاء الرأي العام الإسرائيلي بمسألة تهمه في المقام الأول وهي «الأمن». في الأيام الماضية تزايدت التهديدات الإسرائيلية باغتيال الشيخ صالح العارورى نائب رئيس حركة حماس، لاتهامه بقيادة العمليات في الضفة وتوسعها، التي أوقعت عددا من القتلى في صفوف الجنود والمستوطنين. من هنا كان لافتا ظهور العاروري في صور وهو جالس في مكتبه مرتديا الزي العسكرى وأمامه قطعة سلاح، ولاقت هذه الصور تفاعلا واسعا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك الإعلام الإسرائيلي، وأعطت ردا فوريا ورسائل صامتة لكنها موجزة ومدوية، ومليئة بالدلالات، بعد ساعات قليلة من توجيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تهديدا واضحا ومباشرا للعاروري، بأنه «سيدفع الثمن كاملا»، ردا على تمويله وتوجيهه العمليات في الضفة الغربية. لم يكتفِ العاروري بإرسال رسالته من خلال الصور، لكنه لمح في تصريحات صحافية مباشرة «أن الذي يفكر في الاغتيالات يعلم أن هذا قد يؤدي إلى حرب إقليمية، ملمحا إلى أن حكومة الاحتلال بصدد اتخاذ مجموعة خطوات ستُفضي إلى حرب شاملة في المنطقة». فقد دأبت إسرائيل وتمهيدا لأي عملية عسكرية تشنها ضد الفلسطينيين، قيامها باغتيال قيادات عسكرية وسياسية لتشن من خلال هذه الاغتيالات الحرب وتحقيق الأهداف، لكن يبدو أن هذه المرة ستكون حربا إقليمية على غرار حرب عام 2006، ذلك لأن العاروري يقيم في لبنان، ومن هنا سارع الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله محذرا الاحتلال الإسرائيلي من عواقب تنفيذ أي عمليات اغتيال على الأراضى اللبنانية (مكان إقامة العاروري) وهدد بأن ذلك «سيكون له رد فعل قوي».

نصر صوري

في مراحل حكمه كشف نتنياهو مرارا عن رغبته في اغتيال العاروري وقيادات فلسطينية أخرى، لكن تهديده هذه المرة، كما أوضحت جيهان فوزي له حسابات كثيرة أهمها أنه لن يكون قادرا على دفع فاتورة أي عملية تصعيد عسكري محتمل، وإقدام إسرائيل على اغتيال العاروري ربما يشعل حربا إقليمية غير مسبوقة، في ضوء التصريحات الأخيرة لمحور المقاومة ومنها حزب الله، التي تؤكد أن الموقف والقرار موحد، لأن محور المقاومة مستهدف من إسرائيل، ولا بد أن يكون مستعدا لهذه المواجهة ومتماسكا وفى خندق واحد، وأهداف واحدة، وإلا فإن إسرائيل والولايات المتحدة ستنقض عليهم وتستهدفهم بسهولة، خاصة في ظل وجود وزير الأمن القومي العنصري إيتمار بن غفير، ووزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، اللذين دأبا على تحريض نتنياهو ودفعه نحو عمل عسكري جنوني منذ توليهما منصبيهما، وهما مصدر قوة تهدد ضعفه أمامهما، لأن وجوده قائم على وجودهما في الحكومة، فضلا عن أن علاقة نتنياهو متوترة مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي تغطي العجز والقصور الإسرائيلي في أي تصعيد وعدوان، ما يزيد من تعقيد الموقف. والأهم أن صالح العاروري لم يعد شخصا منفردا، وإنما يتحدث باسم محور المقاومة وليس فقط قائد بحماس، وقيمة اغتياله ستكون كبيرة جدا، لذلك شاهدنا تحديه بنشر صوره الأخيرة التي ظهر فيها بالزي العسكري، وكذلك لغة الخطاب لديه والتحدي والثقة التي ظهر فيها، ويجب وضعها في الحسبان، لأن لهم رصيدا معنويا كبيرا.لا ترى الكاتبة أن إسرائيل ستكون قادرة على فتح عدة جبهات أو الدخول في مغامرة غير محسوبة، ومن الممكن أن تركز على إحراز نصر صوري من خلال تشديد حصار المدن وقطع الطرق، والاقتحامات وزيادة وتيرة الاعتقالات والاغتيالات، وهو ما يحدث بالفعل منذ عدة أشهر، خصوصا أن نتنياهو يعيش أوضاعا صعبة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، في ظل العمليات الأخيرة في الضفة الغربية، التي شكلت إحراجا كبيرا له ولحكومته اليمينية، الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل.

صدمة مذهلة

عبَّر الناس عن غضبهم من ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأخرى، لكن صدمتهم من زيادة أسعار البصل، كما أوضح عبدالله عبدالسلام في “المصري اليوم” كانت مذهلة، إذ أرادوا التعبير عما يعانونه من مصاعب حياتية اختزلوا الأمر في غلاء البصل. المصريون لا يصدقون أن ثمنه قارب 30 جنيها للكيلو. أسعاره تجاوزت اللحوم في الفلبين. أصبح سلعة فوق قدرة البشر في الهند وباكستان ودول عديدة في آسيا وافريقيا. عمليات التهريب تجري بشكل متواصل. مصادرة الشحنات على حدود الدول تتواصل، حكومات تتهم شركات كبرى بممارسة الاحتكار فيه، مطالبات رسمية بتقنين استهلاكه.. السوشيال ميديا تضج بالسخرية من طريقة تعامل العالم مع «أزمة البصل الكبرى». عريس فلبينى أهدى عروسه حزمة من البصل، بدلا من باقة ورد. ماذا يحدث بالضبط؟ قد تتفق أو تختلف في ما إذا كان التغير المناخى حقيقة أو وهما، لكن الواقع يقول إن الطقس شديد السوء الذي يضرب مناطق عديدة منذ سنوات، أثر سلباً في إنتاج المحاصيل. فيضانات باكستان، إحدى الدول المنتجة الرئيسية للبصل، العام الماضي، والصقيع الذي ضرب دول آسيا الوسطى، والجفاف ثم غزارة الأمطار في الهند، وضعف الحصاد في دول شمال افريقيا وجنوب أوروبا، كل ذلك أدى لانخفاض إنتاج البصل البالغ 100 مليون طن عالميا. الحرب الروسية – الأوكرانية، وارتفاع تكلفة البذور والأسمدة وسوء التخزين، عوامل بشرية ساهمت في الأزمة.

من اكتفى نجا

لم تجد حكومات عديدة مفرا من وقف تصدير البصل تلبية للطلب المحلي وسعيا لخفض الأسعار. كان لهذه القرارات كما يرى عبدالله عبدالسلام تأثير «الدومينو»، إذ قلّدت الدول بعضها بعضا، فتراجع حجم التصدير وارتفعت الأسعار حتى في الدول الكبرى المنتجة، مثل الهند ومصر التي تحتل المركز الرابع في الإنتاج. الأزمة الحالية تفرض علينا إعادة التفكير في توجهات وسياسات كانت تتناسب مع سنوات العولمة والتبادل الحر للسلع وتقليل الرسوم الجمركية لأدنى مستوى. كان القمح مثلا سلعة استراتيجية وأمن قومي. الآن كل سلع المائدة أمن قومى، إذا حدث نقص في إحداها أضحى من الصعب تعويضه، نظرا لأن الدول عادت للسياسة الحمائية مجددا، ولا تتورع عن اتخاذ قرارات مخالفة لمبادئ منظمة التجارة العالمية لمواجهة الغضب الشعبي. لم نسمع لمنظمة التجارة صوتا عندما فرضت الهند رسومها الباهظة، وعندما أوقفت دول أخرى التصدير. ومن هنا فإن المطالبات الشعبية بوقف تصدير البصل المصري مؤقتا حتى تنتهى الأزمة، من الضروري دراستها وتلبيتها في أسرع وقت، حتى «تبرد» نيران الأسعار قليلا. الأمر الآخر أن مقولة: الدول المستوردة لديها أوراق قوة تفوق أحيانا الدول المنتجة، لم تعد صحيحة. في الماضي، كان المعروض السلعي هائلا، وكانت أمريكا ترمي الذرة مثلا في البحر كي لا تنخفض أسعاره، والدول المصدرة تقدم إغراءات شديدة لبيع منتجاتها. الآن، الندرة سمة أساسية نتيجة التغيرات المناخية والحروب والأزمات. ومع وصول عدد سكان العالم 10 مليارات بحلول 2050، هناك حاجة لزيادة إنتاج الغذاء بنسبة 70%. مقولة «من زرع حصد ومن اكتفى نجا»، ستصبح شعار السنوات المقبلة.
أحلام مدبولي

بينما يحصي الفرحون من مواطني المحروسة، على حد رأي أمينة النقاش في “الأهالي”، فوائد قبول عضوية مصر في منظومة بريكس، وينعق حاسدوها وراغبو خرابها بنغمات نشاز قبيحة وموحدة تبشر المواطنين “بالفنكوش” السلعة الوهمية التي روج لوجودها زعيم الفن المصري عادل إمام في فيلمه الشهير “واحدة بواحدة”، خرج علينا رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، بتصريح مفاجئ يقول لنا فيه إن دخول مصر كعضو أساسي في بريكس سيحقق لها العديد من المزايا، أهمها الحصول على تمويلات وقروض ميسرة.. تاني!؟ نعم، تاني تاني تاني رايحين للحزن تاني كما يقول عبد الحليم. ومصر مثقلة بالديون التي تبلغ حتى نهاية العام الحالي وفقا لبيانات البنك المركزي 162.9 مليار دولار وتصل فوائدها والأقساط الواجب سدادها عنها في النصف الثاني من هذا العام 11 مليار دولار، وترتفع في العام المقبل إلى أكثر من 28 مليار دولار، لم يجد المسؤول التنفيذى الأول في البلاد، ميزة لانضمامها لبريكس سوى الحصول على مزيد من القروض. ليس تصريح رئيس الوزراء نوعا من الغفلة، بل هو انعكاس للسياسات المالية القائمة، التي فاقمت أزمات البلاد الاقتصادية، وثبت فشلها، ومع ذلك يجري التمسك بها، لا أعرف مدى صحة الخبر المتداول بأن مصر قد عرض عليها الالتحاق بتجمع بريكس منذ تأسيسه، فلم تهتم بالعرض وتجاهلته، لكنه خبر يبدو منطقيا مع السياسات الاقتصادية التي كانت مطبقة خلال العقود الثلاثة الماضية. فكما روى لنا خالد محيي الدين، أنه أثناء زيارة له إلى ليبيا أن معمر القذافي قال له إنه سبق أن عرض على الرئيس مبارك مشروعا مشتركا يضم مصر بوفرة أيديها العاملة، وليبيا بالتمويل، والسودان بالأراضي الصالحة للزراعة والخصبة لزراعة القمح، بما يحقق الاكتفاء الذاتي لكل دول المنطقة ويفيض كذلك للتصدير للخارج، لكن الرئيس مبارك رفض وقال للقذافي: أنت عايز أمريكا تضربنا. ومعنى الكلام أن حساب المخاطر الخارجية المحتملة، يعلو في بلادنا على الفوائد الداخلية المؤكدة.

إنفاق في محله

الحقيقة التي يؤمن بها سليمان جودة في “المصري اليوم”، أن إنفاق السعودية في مجال شراء اللاعبين في مكانه تماما لمَن يتطلع إلى عوائده على المدى البعيد، لأنه إنفاق رياضي في شكله ومظهره، ولكنه سياسي في جوهره ومضمونه، وهو سياسي لأنه يطرح اسم بلد الحرمين بين جمهور الساحرة المستديرة، مع ما هو معروف من أنه أوسع جمهور على مستوى العالم. كانت البداية عندما جاء كريستيانو رونالدو ليلعب في صفوف نادي النصر، وبمجرد انتقاله إلى النادي تضاعف عدد الذين زاروا موقع النصر أكثر من عشر مرات.. والذين زاروا الموقع بالملايين كانوا يفعلون ذلك وهُم يعرفون أنهم يزورون نادي كذا «السعودي» على وجه التحديد.. ثم كانت الفكرة نفسها حاضرة في عقل صاحب القرار في الرياض، عندما دعا بنزيما إلى اللعب في صفوف نادي الاتحاد. وكانت الفكرة ذاتها أشد حضورا عندما تابع العالم انتقال نيمار إلى اللعب في صفوف نادي الهلال، الذي لا يزال النادى الأكثر شعبية في السعودية، والذي يشبه في شعبيته النادي الأهلي بين جمهور الكرة عندنا.. ومن بعد نيمار جاء ياسين بونو، حارس مرمى المنتخب المغربى في كأس العالم، ليلعب في الهلال أيضا.. ولولا أن ميسىيفضل اللعب في نادى إنتر ميامي الأمريكى، لكان قد انضم إلى طابور رونالدو وبنزيما ونيمار وبونو. وربما ننام ثم نستيقظ على الفرعون محمد صلاح، وقد ذهب إلى نادي اتحاد جدة، تاركا وراءه نادي ليفربول الإنكليزي بكل مجده وشهرته فيه. وعندما تحدث كارلو نهرا، الرئيس التنفيذي للعمليات في الدوري السعودي للمحترفين، إلى وكالة بلومبرغ للأخبار، قال إن بث الدوري السعودي وصل إلى 140 دولة، وإن وجود رونالدو رفع عائدات بث الدوري فوق الستة أضعاف. ورغم هذا العائد المادي المضروب في ستة، فإن العائد السياسي على المملكة أكبر، ولا شك في أن الفلوس المدفوعة في هؤلاء النجوم ستتحول إلى مؤشرات في بورصة السياسة بالنسبة للسعودية بين الدول. وإذا كانت الدول تقاتل في سبيل استضافة بطولة كأس العالم كل أربع سنوات، فالسبب أن هذه البطولة ظاهرها رياضة، ولكن باطنها لا يخلو طول الوقت من السياسة.

عملية معقدة

كما أن لكل منا صديقا كاتما للأسرار، لكل بيت غرفة شاهدة على قصص المنزل اسمها كما أخبرتنا تمارا الرفاعي في “الشروق”، في سوريا سقيفة وفى مصر سندرة وفى فلسطين سدة، في هذا المكان حياة موازية، أتخيل أحيانا أسرة تعيش في تلك المساحة، أو ربما شاهدت يوما فيلما عن عائلة تكتشف أن أشباح من سبقها من قاطني منزلهم ما زالوا يعيشون في السقيفة فجمعت القصتين معا. عادة ما تأخذ هذه المساحة المخفية حياة خاصة بها وتكتسب سمعة فتكون مثلا فوضوية، أو منسقة، وتصبح مادة للحديث بين أصحاب البيت وأصحاب بيوت أخرى. تستقبل السقيفة كل ما لم يعد ينفع في الحياة اليومية، لكننا نظن أننا قد نعود إليه يوما فلا نرميه. تشهد السقيفة على علاقتنا المعقدة بالأشياء، كأن نخبئ فيها مثلا كتب اللغة العربية للصف الثانى الابتدائى، التى لم تعد أصلا تدرّس، إذ تغيرت المناهج وتغير وزير التربية وبتنا نسمع عن «التعليم الرقمي»، بينما هناك في الكتاب على صفحة نشيد «أمي أمي» قلب صغير، رسمه أحدنا بقلم الرصاص وغطاه بكفه أثناء الدرس لتجنب توبيخ المدرسة حينها. مئات الأواني المنزلية والعلب الزجاجية التي قد تنفع في موسم المربى، آلات كهربائية منزلية لم تعد تعمل وتحتاج تغيير قطع أساسية لم تعد موجودة عند الوكيل لكنها تجلس بهدوء تنتظر حتفها الذي لا يريد أصحاب البيت أن يستعجلوه. يتطلب الوصول إلى السقيفة عملية معقدة يتم فيها استدعاء السلم وعند آخر درجة يجب على من يقف عليها أن يلوي جسده ويشد إحدى اليدين (بينما تمسك اليد الأخرى بباب السقيفة) ليصل إلى ما يريد. قد تسمح بعض الحركات البهلوانية بالدخول إلى المساحة الضيقة على شرط أن نخفض رأسنا فنصبح كالعملاق في قصص الأطفال حين يكتشف بيتا على غير حجمه فيحشر جسده وينزلق فيه. هناك، داخل المساحة الصغيرة، تظهر سنوات الدراسة في زاوية مع دفاتر الواجبات وملاحظات الأساتذة، أمامها لعبة بعينيها الزرقاوين وقد فقدت إحدى يديها لكن ذلك لم ينتقص من جمالها، فتم حفظها هناك. في صندوق محكم الغلق تنتظر صحون الجدة من يعيدها إلى الحياة، يعيد الجدة والصحون..

ترميم القصة

يتحدث الكثيرون عن عملية التخلص من الكراكيب، وأثرها الإيجابي على الراحة النفسية، إذ يبدو كما تشير تمارا الرفاعي إلى أن مع كل فراق تتحرر النفس من قيد ربطها أحيانا، دون سبب منطقي بشيء. وبسبب القيد هذا لم يتم أبدا التخلص من راديو لم يعد يعمل، أو طاولة لم يعد لها مكان أو مجموعة أقلام كانت قيمة في يوم ما، إنما لم يعد يهتم بها سوى القلائل ممن يهوون الأشياء القديمة. تحكى السقيفة حكاية أهل البيت كما لن يحكيها أحد. سرير الصغير في سنته الأولى، هو اليوم طبيب يعيش بعيدا وإن رأى السرير فلن يعنى له الكثير، سلسلة مجلات كان الأب مهووسا بجمعها ها هي تحتل رفا كاملا على غلاف إحداها تحذير من مخاطر تلوث الجو. لو يعرف كاتب المقال أننا على وشك أن نفقد الجو بأكمله بسبب التلوث واستهتار الشركات والناس. عنوان آخر عن أهوال الحرب في لبنان في ثمانينيات القرن الماضى، اليوم ها هو لبنان يشهد مرحلة شديدة الصعوبة بعد نهضة ما بعد الحرب دامت أكثر من عقدين. السقيفة إذن شاهدة على دورة أو أكثر من حياة بلد فتذكر مجلة على الرف في سقيفة في موقع بيروت الثقافي والفني دورها المركزي في إنتاج فكر وأدب وموسيقى… على الأقل حسب مجلة عمرها ربما نصف قرن. هناك، فوق غرفة المعيشة أو ربما فوق المطبخ، يوجد مكان يكون الدخول إليه كالدخول إلى قاعة سينما تعرض فيلما قديما على آلة فتهتز فيه الشاشة قبل أن تظهر مشاهد صامتة. لا صوت في السقيفة إنما أحداث كثيرة تعود إلى الحياة حين نلمسها. مع كل قطعة مخبأة هنا يظهر وجه طفل أو جد، نسمع ضحكة أو همسة قلق. السقيفة شاهدة على ما حدث داخل كل بيت، ومحتواها كقصاصات من كتاب الأسرة، بإمكاننا إعادة تشكيله لكنه قطعا لن يعود تماما كما كان، فمن يدخل إلى السقيفة له القدرة على ترميم القصة كما يريد.

أهون الضررين

لا يكف حسين حلمي في “الوفد”عن السعي دوما نحو تفكيك ثنائية الحقد والبراءة.. الطهر والمعصية مقتنصا عبر مشواره في الحياة شواهد عديدة من جدول أعمال “الحاقدين”: يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه «اجعل نفسك ميزانا في ما بينك وبين غيرك، فأحب لغيرك ما تُحب لنفسك، واكره ما تكرهه لها، ولا تظلم كما لا تُحب أن تُظلم، وأحسن كما تُحب أن يُحسن إليك، ولا تقُل ما لا تُحب أن يُقال لك»، هذا القول منهج إذا حرصت عليه، فإنك بالتأكيد الشخص الوحيد الذي تعاني وليس الشخص الذي تغار منه أو تكرهه. فكثير من هؤلاء الذين تكرههم لا يعلمون ذلك والبعض الآخر لا يهمهم. واعلم أيها الشخص الغيور أن غيرتك ما هي إلا اعتراف بأن الشخص الذي تغار منه أفضل منك. إن غيرتك هذه سببها عدم الثقة في نفسك، وإن الذي لديك هو إحساس بالنقص؛ لذلك تشحذ كل أسلحتك لمحاربة من هم أفضل منك، وتعمل على إزاحتهم من أمامك، ولك في ذلك طريقان لا ثالث لهما، الأول هو، الافتراء على ما ليس فيه. والثاني التشكيك في قدرته على العطاء. نحن الآن لدينا العديد من هؤلاء الذين يغارون منك ويحاولون إبعادك عن طريقهم، على الرغم من أنهم لم يبلغوا المجد طالما أنت على قيد الحياة، ودائما تجدهم في مقارنة بينك وبينهم، حتى لو حصل هؤلاء على كل شيء، فهم غير مقتنعين أنهم الأحسن. زمن عجيب تقول للشخص أنت فعلا شرير «يضحك» وتقول له احترم نفسك «يغضب»!

لمن يراها

من بين المتفائلين محمد بركات في “الأخبار”: أحسبُ أننا لا نتعدى الواقع في شيء إذا ما قلنا بأنه لا مجال للمقارنة بين ما هو قائم الآن على الأرض المصرية، في طول وعرض الخريطة الجيوغرافية للبلاد من أسوان جنوبا إلى الإسكندرية شمالا، ومن سيناء شرقا إلى السلوم غربا، وبين ما كان قائما على هذه الأرض منذ تسع سنوات. هذه المقارنة غير واردة، بل هي في حكم الواقع، مقارنة ظالمة وغير عادلة، في ظل المعطيات والحقائق الثابتة على كل مكان من أرض الكنانة الآن، في ضوء ما تموج به البلاد حاليا من جهود مكثفة وحركة متسارعة للبناء والتنمية على جميع المحاور، وعلى كل المستويات في مجالات الإعمار والبناء والتطوير. في الحقيقة فإن ما نراه على أرض الواقع يؤكد ذلك ويرسخه، في ظل الحجم الكبير من الإنجاز المستمر للمشروعات القومية العملاقة، التي جرت وتجري في طول وعرض البلاد خلال التسع سنوات وحتى اليوم. وكل من يتابع ما جرى ويجري على أرض الواقع يشاهد ويرى، أن هذه المشروعات الضخمة أصبحت منتشرة في الصعيد، الذي كان منسيا ومُهمشا طوال سنوات وسنوات، ولم يعد كذلك حاليا، بل أصبح في قلب وجوهر خطط التنمية الشاملة للدولة المصرية، والتي تشمل نشر التنمية والتحديث والتطور في كل مكان على أرض مصر، بامتداد الدلتا والصعيد وسيناء والبحر الأحمر والصحراء الغربية والساحل الشمالي. وبالتأكيد تصعب المقارنة بين ما كان قائما قبل تسع سنوات من عجز في الطاقة الكهربائية خلال أعوام 2011 و 2012 و 2013 وحتى 2014، وما أصبح متوافرا الآن من فائض في الطاقة الكهربائية يكفي الاستهلاك المصري ويزيد للتصدير إلى الدول المجاورة. وما نقوله عن الكهرباء نقوله أيضا عن الغاز والبترول والمحروقات بصفة عامة، وعن القضاء على العشوائيات وبناء مئات الآلاف من المساكن وإقامة عشرات المدن الجديدة، وشبكات المياه والصرف الصحي… وغيرها وغيرها، بحيث يتأكد القول بصدق إنه لا مجال للمقارنة.

سوف ندفنكم

اهتم أحمد عبد التواب في “الأهرام” باحتفاء وكالات الأنباء العالمية بتصريحات ديمتري مدفيديف في عزّ تأجج الحرب الروسية الأوكرانية، بوصفه نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ولم تهتم الوكالات بتعريف القراء المحتاجين للتذكر، أو الأجيال الناشئة التي تتابع الأخبار للمرة الأولى، بأنه الرئيس السابق لروسيا، عندما كان بوتين يتبعه، رسميا، كرئيس للحكومة، وذلك في الفترة، التي اتفقت فيها كل الأطراف على أنها كانت انتقالية وفق خطة رسمها بوتين، تحايلا على الدستور، الذي لم يكن يتيح له أن يرشح نفسه رئيسا لمرة ثالثة، فاختار بوتين أقرب شخص إليه، ليتولى الرئاسة في الفترة الانتقالية المفروضة، على أن يُجرِى في ولايته تعديلا للدستور يمد فترة الرئاسة لمدة 6 سنوات بدلا من 4 فقط، ويصبح من حق بوتين أن يترشح، بعد انتهاء رئاسة مدفيديف، مرتين أخريين بطول 12 عاما. وكان من خلاصة التعليقات آنذاك أن هذا يؤكد أن مدفيديف هو الأقرب لبوتين، وأنه محل ثقته أكثر من الآخرين. أضف إلى هذا أن بوتين أعلن في مؤتمر صحافي قبل عدة أسابيع، عندما سئل عن تفسيره لبعض تصريحات مدفيديف المتشددة، بأنه شخصيا لا يمكنه أن يراجع ميدفيدف في ما يقول لأنه يتذكر أنه كان يخاطبه بسيادة الرئيس عندما كان، رسميا، معاونا له كرئيس للحكومة! هذه الخلفية مهمة، في وضع تصريحات مدفيديف النارية هذه الأيام في سياقها الذي يضعه بوتين، واعتبارها على الأقل رسائل يريد بوتين أن يبعثها للعالم، ولو في إطار الحرب النفسية، خاصة الأطراف الأخرى في الحرب الدائرة، وذلك وضعا في الاعتبار طريقة بوتين في إدارة الدولة، إلى حد لا يجوز فيه تصور أن يكون لأحد من معاونيه المقربين حق الخروج بتصورات خاصة تختلف عما يراه بوتين. وفي هذا المعنى، يمكن قراءة التصريحات المتشددة التي لا يتوقف مدفيديف عن طرحها، وكان آخرها ما أعلنه قبل أيام، ردا على ما قاله مسؤولون أوكرانيون، بأن الغرب وافق على ضربهم شبه جزيرة القرم، وكان تعليقه بأن هذا مؤشر على اقتراب نهاية العالم، وأن هذا يمنح موسكو حق الرد ضد الجميع، وضد كل دولة على حدة في الناتو. وزاد على هذا باقتباس شهير من الزعيم السوفييتي خروشوف عندما قال: شئتم أم أبيتم، فالتاريخ في صالحنا، وسوف ندفنكم!

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية