القاهرة ـ «القدس العربي»: بات سد النكبة الإثيوبي كاشفاً في مدى صدق علاقتنا بالآخرين، ومن المثير للأسى أن الصين، تلك الدولة الأكثر تعداداً للسكان، التي كان المصريون أول من اعترف بها عقب استقلالها في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لم تعد مكترثة بمصالحنا التاريخية، بل إن بعض المراقبين يرونها تحذو حذو إثيوبيا، وهو الأمر الذي أصاب الكثيرين بالصدمة.
ومن أبرز تقارير الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 5 يوليو/تموز شهد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان، إنتاج لقاح كورونا في مصنع الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات (فاكسيرا). وقال رئيس مجلس الوزراء، إن هناك توجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي بالصناعة المحلية للقاح كورونا في مصر. وكشف في مؤتمر صحافي عن أنه تم إنتاج مليون جرعة وطاقة المصنع 300 ألف جرعة بالوردية الواحدة، مشيرا إلى أنه سيتم العمل على مضاعفة كمية المواد الخام لتطعيم 40 مليون مواطن من اللقاحات، التي سيتم إنتاجها في مصر، بالإضافة إلى التعاقدات مع الشركات العالمية. كما قام مدبولي، بجولة تفقدية للمتحف المصري الكبير لمتابعة الأعمال المنفذة في المشروع.
ومن تقارير الصحف: نجحت الأجهزة الأمنية في مديرية أمن الفيوم في عقد جلسة صلح بين أطراف عائلتين في دائرة قسم شرطة ثان الفيوم، بحضور عدد من رجال الدين والقيادات الشعبية والتنفيذية. وتم التوفيق والصلح بين أطراف العائلتين، وأقروا جميعاً بالصلح النهائي، وتعهد كل منهم بعدم التعرض للآخر. ولاقى ذلك استحساناً وقبولا وتركت مردوداً إيجابياً وأثراً طيباً في نفوس المواطنين، مثمنين الجهود والمبادرات التي تقوم بها الوزارة من أجل حفظ الأمن والاستقرار.. ومن تقارير الاثنين: تقدمت السفيرة نبيلة مكرم عبد الشهيد وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج، بخالص التعازي لأسر المواطنين المتوفين في حرائق الغابات في إحدى القرى القبرصية، وإعلان الجهات القبرصية المعنية بوفاة 4 مواطنين مصريين، كانوا يعملون في قبرص، نتيجة تلك الحرائق.
جنرالات المقاهي
قال الدكتور محمود خليل في “الوطن”، إن قلق الناس على النيل مشروع.. متسائلاً: علامَ يقلق الإنسان إذا لم يقلق على مصدر حياته؟ منسوب القلق لدى المصريين كان يرتفع بمتوالية عددية، مع اقتراب الموعد الذي حددته إثيوبيا لبدء الملء الثاني (أول يوليو/تموز الجاري)، ومع حلول الموعد أصبح منسوب القلق يرتفع بمتوالية هندسية.. وبات السؤال الرئيسي على ألسنة الناس: ماذا سنفعل؟ المواطن يسمع كثيراً، وكل ما يسمعه يعمّق إحساسه بالقلق. يسمع من بعض الخبراء أن الملء الثاني معناه تحصين السد ضد أي ضربة عسكرية، ويضع مصر أمام خيار وحيد هو خيار مواصلة التفاوض، ويتوقع أن أي تفاوضات مستقبلية لن تختلف كثيراً عن المفاوضات الحلزونية التي دخلنا فيها على مدار 10 سنوات، بل إن إثيوبيا ستكون أشد عناداً وتعنتاً في أي مفاوضات مقبلة، لأنها تشعر بامتلاك الموقف، كما أن هناك تصريحات عديدة خرجت على ألسنة المسؤولين هناك تقول إن أديس أبابا ستجعل من موضوع «حصص المياه» موضوعاً أساسياً على أجندة أي مفاوضات مقبلة. يسمع المواطن كل هذا الكلام فيخلص إلى أن طريق المفاوضات بات مسدوداً، ومع حيوية موقع النيل في تاريخ وجغرافية مصر، وحساسية موضوع المياه بالنسبة للمصريين، يصبح الخيار العسكري هو البديل الأكثر موضوعية في التعامل مع تحدي السد الإثيوبي الذي يهدد بتغيير وجه الحياة في مصر. ما أن يستقر المواطن على هذه النتيجة حتى يبادره آخرون بأحاديث تذكّره بمخاطر الحرب وتأثيراتها الداهمة، ويدعونه إلى التفكير في النتائج، التي يمكن أن تترتب على الخيار العسكري على المستويين القاري والدولي.
حرب وشيكة
كشف الدكتور محمود خليل، عن دهشة الكثيرين بسبب تقمص المواطن دور «جنرالات المقاهي» ويبدأ في التنظير للكيفية التي يمكن ضرب السد بها، في مشاهد تتشابه مع ما حدث قبل العدوان الثلاثي عام 1956، ونكسة يونيو/حزيران عام 1967، وظني أن هذا التحليل يُسقط العديد من الفروق الأساسية بين الأمس واليوم، ففي عام 56 كنا ندفع عدواناً عن أنفسنا بعد قرار التأميم، وفي 67 كان هناك اندفاع وتسرع من القيادة السياسية، لكن لم يكن ذلك السبب الوحيد في ما جرى، بل تضافرت أسباب أخرى عديدة أدت إلى ذلك. التأني في القرار مطلوب، بشرط ألا يتحول إلى تباطؤ. وعلينا أن نأخذ في الاعتبار أن الكل متفق على أن كل يوم يمر يُصعّب من خطوة التعامل مع السد، بسبب ما يتراكم وراءه من مياه، كما أن مرور إثيوبيا بهذا السد سيدفعها إلى بناء المزيد من السدود، وقد أكد سامح شكري وزير الخارجية، أمام البرلمان، أن لدى إثيوبيا خططاً لبناء سدود أخرى غير سد النهضة، بل أعلن أبي أحمد رئيس وزرائها، أنه يخطط لبناء 100 سد صغير آخر. في ظل هذه الوضعية لا يجد البعض سبيلاً للتعامل مع السد سوى توجيه ضربة له، وأنا على ثقة من أن المصريين جميعاً على استعداد لتحمل كلفتها، لأنهم ببساطة يقارنون بين خيارين أحدهما مُر، وهو خيار التحرك العسكري، وخيار أشد مرارة وهو خيار عدم الحصول على حصتنا كاملة من ماء النيل، فيميلون إلى الخيار الأول. كلفة التحرك العسكري أقل بكثير إذا قيست بكلفة سرقة مياه المصريين.
قدرنا لا مفر منه
لا يمكن وصف تعويل مصر على تحرك مجلس الأمن الدولي ضد التعنت الإثيوبي في أزمة سد النهضة، إلا أنه محاولة جديدة لـ«حرث البحر» حسب وصف محمد سعد عبد الحفيظ في “الشروق”، إذ اعتدنا حرثه على مدى عقد كامل من الزمن، جرتنا فيه أديس أبابا إلى دوامة من المفاوضات العبثية، في ما هي ماضية في استكمال مخططها لإتمام بناء السد بإرادة منفردة، بدون أي اتفاقات ملزمة مع دول المصب. نوايا مجلس الأمن الذي من المفترض أن يعقد جلسة الخميس المقبل حول أزمة السد الإثيوبي، بناء على طلب القاهرة والخرطوم، وضحت في بيان منسوب للمجلس تداولته وسائل الإعلام قبل يومين جاء فيه: «لن يكون بمقدورنا حل مشكلة سد النهضة، لكن سندعو الدول الثلاث إلى الحضور وسنشجعها على التفاوض». تصريحات نيكولا دو ريفيير مندوب فرنسا الدائم الرئيس الحالى للمجلس، صبت في الاتجاه نفسه، إذ أكد أن المجلس ليس لديه الكثير الذي يمكنه القيام به، بخلاف جمع الأطراف معا للتعبير عن مخاوفهم، ثم تشجيعهم للعودة إلى المفاوضات للوصول إلى حل، “لا أعتقد أن بوسع المجلس أن يفعل أكثر من ذلك”. إذن جلسة مجلس الأمن المنتظرة ستمنح الطرف الإثيوبي مزيدا من الوقت حتى يبدأ الملء الثاني للسد بالشكل والطريقة التي يقدرها، وسواء حجزت أديس أبابا 13.5 مليار متر مكعب من المياه، كما أعلنت من قبل أو اكتفت بـ4 مليارات متر، كما يروج البعض، فإنها ستكون حققت هدفها بعدم الالتزام بأي اتفاق قانوني على قواعد الملء والتشغيل مع دولتي المصب، وهو ما سيمكنها من تنفيذ باقي مراحل الملء، واحتجاز أي كمية مياه، بغض النظر عن الأضرار التي ستقع على مصر والسودان.
بكين صارت عدواً
الواقع والكلام ما زال لمحمد سعد عبد الحفيظ، أن خيارات مصر الدبلوماسية نفدت، بما فيها خيار اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي، الذي لم يضبط متلبسا بموقف عادل في قضايانا التاريخية، فضلا عن أن عددا من أعضائه الدائمين، يرتبطون بمصالح مباشرة، ويملكون استثمارات كبرى في إثيوبيا تضعهم في خانة شريك الأحباش.على سبيل المثال، الصين التي تدين أديس أبابا لها بنحو نصف ديونها الخارجية، تشارك شركاتها بمشروعات ضخمة في إثيوبيا منها، مشروع شبكة كهرباء السد، وهو ما يجعل من الصينيين طرفا غير محايد في تلك الأزمة. من ناحية أخرى، فالصين باعتبارها من دول منابع الأنهار سيطرت، ولا تزال تسعى للسيطرة على الأنهار التي تنبع من أراضيها، بدون الاعتبار للأضرار التي تقع على جيرانها من دول المصب، أقامت بكين العديد من السدود على الأنهار العابرة لحدودها، كي تنفذ خططها العملاقة للتنمية، آخر تلك المشروعات بناء سد ضخم على نهر براهمابوترا، الذي سيصيب الهند وبنغلاديش بأضرار كارثية، بكين، لن تسمح بترسيخ قاعدة تدخل مجلس الأمن في نزاعات المياه. أما الأمريكيون، فرغم تصريحاتهم الوردية عن رفضهم تعطيش 100 مليون مصري، وتفهمهم لحقوق مصر المائية، إلا أنه لا يمكن التعويل عليهم نظرا لمصالحهم المتقاطعة والتاريخية في منطقة القرن الإفريقي، بينما موسكو التي ترتبط بعلاقات ومصالح مع أديس أبابا فموقفها لن يبارح مساحة دعوة أطراف الأزمة للعودة إلى التفاوض. لن يُظهر مجلس الأمن موقفا محددا يُعزز من فرص التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، كما تمنى وزير الخارجية سامح شكري في تصريحات متلفزة قبل أيام، وإعلانه «الاستمرار في الاتصالات الدولية، أو التواصل مع الاتحاد الافريقي» ما هو إلا هدر جديد لعنصر الوقت الذي صار حاسما قبل أن يتحول السد إلى محبس يتحكم من خلاله الأحباش في شريان حياة المصريين. الأمن المصري القومي ومستقبل الدولة المصرية وحياة المصريين وكرامتهم معرضة للخطر، لذا فالجميع في انتظار «غضبة الرياح التي تتحول إلى أعاصير لا تبقي ولا تذر».
على حساب مصالحنا
نبقى مع الشاكين من غياب الدعم للموقف المصري بصحبة عبد القادر شهيب في “فيتو”: على هامش افتتاح قاعدة 3 يوليو البحرية، أعلن الرئيس السيسي أن مصر مع تنمية غيرها من الدول، لكن يتعين ألا يكون ذلك على حساب مصالحنا، وأنه لا يصح أن يستمر التفاوض في أزمة سد النهضة الإثيوبي إلى ما لا نهاية، وأكد أن التوصل إلى حل سياسي لتلك الأزمة بإبرام اتفاق قانونا ملزم لملء وتشغيل السد، يحتاج إلى دعم الأصدقاء والأشقاء.. وبما أننا نتفاوض منذ سنوات للتوصل لهذا الاتفاق، فهذا يعني أن دعم الأصدقاء والأشقاء غير موجود أو غير كاف.. وهذا ما يشعر به قطاع واسع من المصريين، ويعبر بعضهم عنه على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تتمتع بمساحة من البوح أكبر مما هو متاح في الإعلام والصحافة، بل إن ثمة عتابا واضحا يمكن رصده على هذه المواقع، خاصة للأشقاء، لأن المتوقع منهم أكبر وأبعد من تأييد لفظي لمواقفنا نحن والسودان في هذه الأزمة، لأنهم يملكون اتخاذ مواقف مؤثرة وفاعلة لدعمنا في هذه الأزمة، نظرا لما يربطهم من علاقات مع إثيوبيا، ولوجود شبكة مصالح لهم معها، لو لوحوا فقط بها في وجه الإثيوبيين لاختلفت مواقفهم وتخلوا عن تعنتهم، وقبلوا بتسوية سياسية لهذه الأزمة. والشيء ذاته موجود مصريا تجاه الأصدقاء أيضا الذين لم يتفهموا حتى الآن بقدر مناسب لخطورة تلك الأزمة على منطقة القرن الافريقي، بل على الأمن والسلم الدوليين، خاصة أن هؤلاء الأصدقاء يستفيدون كثيرا من علاقاتهم الطيبة مع مصر، ولم يكن المصريون ينتظرون منهم إعلان عجزهم عن الإسهام في إيجاد حل سياسي لتلك الأزمة. ولعل الرئيس السيسي قد عبر بدبلوماسية في ما قاله عن دعم الأصدقاء والأشقاء لحل أزمة السد الإثيوبي عن هواجس القطاع الأكبر من المصريين.
طفح الكيل
التعويل على حل من مجلس الأمن في جلسته الطارئة نهاية هذا الأسبوع يعتبره حمدي رزق في “المصري اليوم” ضرب من خيال، رسالة سفير فرنسا نيكولا دو ريفيير، رئيس المجلس لشهر يوليو/تموز، لافتة: «المجلس ليس لديه الكثير، بخلاف جمع الأطراف معا للتعبير عن مخاوفهم، ثم تشجيعهم للعودة إلى المفاوضات للوصول إلى حل، لا أعتقد أن بوسع المجلس أن يفعل أكثر من ذلك”. فعلا إذا لم تستح سياسيا فقل ما شئت، الرد المصري جاء سريعا ومقتضبا من الرئيس السيسي: «لا يجوز استمرار التفاوض حول السد إلى ما لانهاية، وترجمته على لسان وزير الخارجية سامح شكري: «كل الوسائل متاحة في التعامل مع أزمة سد النهضة». ستكون جلسة عاصفة، وستلجأ إثيوبيا إلى الضعف والمسكنة، وحديث الفقر والحاجة إلى التنمية، وأنها دولة مهددة من جيرانها، وتماسيح النيل في المصب فاغرة فاهها. نسخة مزيدة ومنقحة من الدعايات الإسرائيلية في الستينيات، دولة صغيرة في محيط عدائي، يهددون بإلقائها في البحر، وفد التفاوض الإثيوبي راضع سم من شركائه الصهاينة. حكومة أبي أحمد تنتهج سياسة دغدغة مشاعر المجتمع الدولي في قضية الفقراء الإثيوبيين، وعدا بالمن ينزل عليهم في محلتهم مثل سقوط الثلج، أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، ويكون السلوى طعاما، ما كشفته الأسابيع الأخيرة، مليونا إثيوبي على حافة مجاعة، يتهددهم الموت بسبب الحصار الذي تفرضه حكومة الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، حربا لا إنسانية ترقى إلى مستوى جرائم حرب على عرقية تغراي العريقة.
لن نحارب
اعرب حمدي رزق في “المصري اليوم” عن سعادته لأن الدبلوماسية المصرية لم تنجر إلى حرب التصريحات المفخخة، فخ إثيوبي منصوب لاصطياد تصريح مصري عسكري (تهديدا ووعيدا) تسوقه حول العالم، السيسي الذي رسم الخط الأحمر في مياه النيل قبلا، كان حصيفا، قطع الطريق عليهم، قطع قول كل خطيب بالحرب.. قائلا: «مصر لم تهدد أحدا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر على مرّ التاريخ»، على الرغم مما تملكه من قوة عسكرية ظهر منها جزء بسيط في المناورة العسكرية، التي جرت على هامش افتتاح قاعدة (3 يوليو) البحرية. الدبلوماسية المصرية تضع مجلس الأمن أمام مسؤولياته الدولية، رغم معرفتها المآلات في مثل هذه الحالات، تشهد العالم بأسره من هذه المنصة العالمية، أنها لم تقصر في جهودها نحو حل سلمي توافقي يراعي مقتضيات السلم والأمن العالميين. مصر في رسالتها إلى مجلس الأمن تقول: «لقد طفح الكيل»، «وبلغ السيل الزُّبَى» حتى «لم يبقَ في قوس الصبر منزع»، وتقول الرسالة المصرية أن استنفاد الحلول الدبلوماسية، وحرق الوساطات، وترجمته فرض الإرادة الإثيوبية من فوق الهضبة يستحيل قبوله، ويستوجب لجمه، وكبح هذا المخطط الذي يمس المصالح المصرية الحياتية بشكل مباشر، ما ينتج عنه «احتكاك»، العالم في غنى عنه في منطقة هشة واقعيا، السد الإثيوبي عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ! رسالة بعلم الوصول، وفي الأخير لا يضيع حق وراءه قوة تسنده.
نوبل ظالمة
كان حصول أبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا على جائزة نوبل مفاجأة عالمية لأن الرجل، كما يرى فاروق جويدة في “الأهرام” شخص مجهول بلا تاريخ، ولا يمثل رمزا من الرموز العالمية التي تستحق الجائزة.. ولكن الأحداث حملت شواهد كثيرة، أن وراء الرجل مؤامرة في سد النهضة ضد مصر والسودان، وقد تكشفت أطراف هذه المؤامرة في حصول أبي أحمد على نوبل.. إن الجائزة الأكبر في العالم، لا بد أن تعبر من خلال إسرائيل وكلنا يعلم أطماع إسرائيل في مياه النيل، وسد النهضة أحد أهدافها.. كما أن المفاوضات التي أخذت عشر سنوات، بدون أن تصل إلى نتيجة، كانت حالة شاذة وغريبة.. ولم يكن أحد يتصور أن تنسحب إثيوبيا من اتفاق واشنطن تحت رعاية أمريكية، بدون أن يكون هناك رد فعل من الدولة العظمى أمام إحدى دول افريقيا.. وبعد ذلك كله فإن الموقف الأمريكي من سد النهضة كان ضعيفا ومتراخيا، ولا يتناسب مع عمق وتاريخ العلاقات بين مصر وأمريكا.. ثم بعد ذلك كان موقف مجلس الأمن، بما في ذلك أصدقاء مصر فيه الصين وروسيا وفرنسا، وكلها دول لم ترفض سد النهضة وهى تعرف حجم أضراره لمصر والسودان.. ويبدو أن جائزة نوبل التي حصل عليها شخص مجهول كانت تخفي مؤامرة أكبر، حتى وصل بنا الحال إلى طريق مسدود.. حتى أن الاتحاد الأوروبي لم يكن داعما لمصر والسودان في قضية السد، بما في ذلك فرنسا وإيطاليا وألمانيا. إن الصورة فيها كثير من الغموض في مواقف أمريكا وأوروبا وحتى روسيا والصين، رغم أن القضية تمثل عدوانا صارخا على حق 150 مليون مصري وسوداني في الحياة.. إن بداية المؤامرة بدأت بجائزة نوبل، لشخص مجهول بلا تاريخ وانتهت بهذه المواقف الغريبة من دول تدعي الصداقة.. لا بد أن نعترف بأن هناك أخطاء لنا في حسن النوايا والوقت الضائع.
على الطريق
توقع أكرم القصاص في “اليوم السابع” أن تكون اللقاحات ضرورية لفترات مقبلة، وربما تمتد لعدة سنوات، وتكون موسمية مثل مصل الأنفلونزا، وسوف تكون كل دولة مطالبة بتوفير اللقاحات لمواطنيها، ومن هنا فإن الإعلان عن اتجاه مصر لإنتاج اللقاحات، هو خطوة مهمة واستجابة علمية سريعة للتعامل العالمي مع الفيروس، لأن توطين إنتاج اللقاحات في مصر يوفرها بشكل مستمر على مدى سنوات، كما أنه يضاعف من خبراتنا في إنتاج اللقاحات والأمصال. كانت مصر من بين الدول القليلة في المنطقة التي تمتلك معامل لإنتاج الأمصال واللقاحات، لكنها توقفت عن التطوير، ما تسبب في تراجع هذه المنتجات الحيوية. اليوم، هناك عملية إحياء لإنتاج الأمصال واللقاحات، بشكل يعيد مصر مركزا إقليميا لإنتاج هذه المنتجات الحيوية، خاصة مع وجود نقص في اللقاحات عالميا، لأن الهند تمتلك أكبر مصانع العالم للقاحات، واضطرت الحكومة الهندية لتحويل اللقاحات لتطعيم مواطنيها، ما أدى لتأخير وصول اللقاحات إلى دول مختلفة، ولهذا تتجه مصر إلى الإنتاج محليا، وحسب ما أعلنته وزيرة الصحة، فقد تلقت مصر 10 ملايين جرعة، وهناك اتجاه لأخذ الجرعة الأولى من أسترازينيكا والجرعة الثانية من سينوفارم، حسب توصيات للجان علمية، ضمن اتجاهات في الغرب والدول المتقدمة، توصي بخلط اللقاحات للحصول على مناعة قوية في مواجهة فيروس قوي، يحمل قدرا من الغموض، وبالتالي، كما أشار القصاص، فإن إنتاج اللقاحات محليا يضاعف من إمكانية تلقيح المواطنين، وبدءا من أغسطس/آب سيكون الإنتاج محليا من 10 إلى 15 مليون جرعة شهريا، وتشير الأخبار إلى أن المصنع الأول سينتج خلال الستة أشهر المقبلة 80 مليون جرعة، والمصنع الثاني يصل إنتاجه إلى 3 ملايين جرعة.
أيقونة للمستقبل
لم يكن ذلك اليوم القريب يوما عاديا، بالنسبة لعبد المحسن سلامة، كما قال في “الأهرام”، لكنه سيظل يوما خالدا محفورا في الذاكرة المصرية. اليوم هو 3 يوليو/تموز وهو يوم الذكرى الثامنة لانتهاء حكم الإخوان في مصر. وعلى طريقته الخاصة، احتفل الرئيس عبد الفتاح السيسي بتلك الذكرى بأسلوب عملي، يرسخ مفهوم القوة الشاملة للدولة المصرية في عصر «الجمهورية الثانية». كانت الساعة الخامسة وخمس وأربعون دقيقة، هي الموعد المحدد للتجمع في مطار شرق القاهرة العسكري، حيث تحركت الطائرة في تمام السادسة والنصف صباحا إلى مطار سيدي براني العسكري، في محيط قاعدة سيدي براني العسكرية، في الاتجاه الغربي. وصلنا إلى هناك في حدود الساعة الثامنة، ومن الطائرة انتقلنا إلى الأوتوبيسات، التي كانت مستعدة للانطلاق إلى موقع قاعدة 3 يوليو البحرية الجديدة، الواقعة في منطقة جرجوب، التي تعد الامتداد الاستراتيجي للمسرح البحري في الاتجاه الغربي. وأشاد الكاتب بما تقوم به الدولة من إنشاءات، وازدواج للطريق في تلك المنطقة، حيث يتم العمل بشكل متواصل، وتم الانتهاء من بعض المناطق، ولا يزال العمل يجري في بقية المناطق الأخرى. وصلنا إلى القاعدة البحرية الجديدة في حدود التاسعة والنصف. داخل القاعدة المشهد مختلف، حيث يفاجأ الزائر للوهلة الأولى بوجود قاعدة عسكرية متكاملة على أحدث المستويات، تضاهي أفضل القواعد العسكرية في العالم. النظام والدقة والإتقان، مظاهر لافتة في كل شبر من القاعدة البحرية الجديدة، التي أصبحت «أيقونة» رائعة لاحتفالات الدولة المصرية بما حدث في 3 يوليو/تموز 2013.
ثروات لأشباح
قال سيد علي في “البوابة”، إن الثروة في مصر ترف، بل طرف في كل شيء: الحروب والمقاومة، الصناعة والزراعة، التحالف والصراع، الفرد والعائلة. إن الظاهرة المقلقة هي تعاظم الثروات الفردية، من دون أن يضطلع كثير من أصحابها بمسؤولية اجتماعية. إن الأغنياء الحقيقيين في مصر أشباح بلا أسماء، وبعض الأغنياء البارزين واجهات لآخرين، أو أن أرقام ثرواتهم مكذوبة. كما أن معظم الأغنياء المصريين، حققوا أموالهم في أسواق غير منتجة، أو بأسلوب اقتناص الريع، وتداول الأصول المعروضة بدلاً من الإنتاج. ولذلك كلما ذُكر مسمى «رجل أعمال» أيقن كثيرون أنه «نصَّاب»، بعد أن قدمته الدراما في هذه الصورة، إلا في ما ندر، فهو صاحب رأس المال الذي صعد سُلَّم الثروة خطوة خطوة، أو قفز بطرق غير شرعية إلى قمة النفوذ.. مجتمع مادة ثرية لكُتَّاب الدراما، بحكايات مكتظة بالأزمات والصراعات، وزاد تناوله دراميا في الأعوام القليلة الفائتة، فتجدهم هاربين بأموال البنوك للخارج، متاجرين بأقوات المواطنين، محترفي غسيل الأموال وعلي الجانب الآخر فإن بعض رجال الأعمال يشعرون الآن بأن الدولة قد استغنت عن خدماتهم وأنشطتهم، وهم في الوقت نفسه، يطلبون الدعم من مؤسسات الدولة مثل، البنوك وأجهزة الاستيراد والتصدير والضرائب والجمارك، وكل هذه المؤسسات المساعدة التي تحمي أنشطتهم وأموالهم، وتشعرهم بأن الدولة حريصة مثل الابن الذي غنجه والده في بداية حياته حتى أفسده، ومطلوب منه الآن أن يلتزم وأن يعمل، وهذه هي الأزمة الحقيقية بين رجال الأعمال والدولة المصرية الآن، إنهم يريدون المكاسب نفسها، التي حصلوا عليها في يوم من الأيام والدولة لم يعد لديها ما تقدمه الآن، بل إنها تطالبهم بسداد حق الشعب في أموالهم بأثر رجعي، وهناك ملفات كثيرة تم إغلاقها في برنامج الخصخصة وبيع أصول الدولة، أو مسلسل توزيع الأراضي، أو قضايا القروض مع البنوك وقبل هذا كله، أن الدولة تفتح الآن ملفات كثيرة للفساد وهي قد تطال أسماء ورموزا كثيرة.
لولا القراءة
أثنى مصطفى عبيد في “الوفد” على شعار معرض القاهرة الدولي الأحدث للكتاب «القراءة حياة» لأنها على حد رأيه كذلك بالفعل: الكتب مضخات مياه عذبة لأرض تشققت جفافا، كشافات إنارة ضخمة لقهر ظلام حالك، جسور راسخة وعابرة إلى الذوق والحضارة والجمال. وفي المعرض الأخير حرص الكاتب على تحديد مسارات بعينها للقراءة، في الأدب والتاريخ والسياسة والاقتصاد، واختار أسماء اختبرها من قبل ليقتنى جديد إصداراتها، لكنه كما قال: وجدت نفسي منحصراً في دائرة سابقة لا أتجاوزها، وظالماً لمبدعين جدد ينضمون كل يوم لساحة الكتابة، فتوسعت قليلاً، لكن سحبتني الفكرة حتى بت أؤمن بأنني سأظل مديوناً إلى آخر عمرى بسبب الكتب. ورغم ذلك، فأنا سعيد لأنني ما زلت قادراً على القراءة رغم ضيق الوقت، ومستمتعا بذلك الفعل الذي صار بعض من حولى يستغربونه. وبمناسبة معرض الكتاب يقول الكاتب، طلب مني أحد الأصدقاء ترشيح كُتب جديدة للقراءة، وأتصور أن مجال الأدب هو الأرحب والأكثر اهتماماً لدى جمهور الثقافة، خاصة مجال الرواية. ولا يُمكن أن أتحدث عن روايات جديدة بدون التفات للمبدع الجميل، أطال الله عمره، إبراهيم عبدالمجيد، الذي يسحرنا بطلاته، وله في المعرض ثلاثية جديدة بعنوان «الهروب من الذاكرة» تُمثل محاولة تجريب جديدة تشع بالغرائبية.
ويصحبنا المبدع ناصر عراق بروايته المثيرة «أيام هيستيرية» في حكاية اجتماعية واقعية، تعبر عن تهافت مفهوم الحب والزواج في ظل جائحة كورونا، ومع تمدد شبكات العالم الافتراضي في المجتمع. أما الروائي المختلف طارق إمام، يُصر على إمتاعنا دوماً بكتابات شعرية رقيقة تتجاوز السرد التقليدي، وله رواية تستحق كل اهتمام ومتابعة وقراءة نقدية مستفيضة هي «ماكيت القاهرة». أما الروايات التي صدرت قبل المعرض بقليل، وكانت لافتة ومدهشة بحكاياتها، فعلى رأسها «رابطة كارهي سليم العشي» للروائي سامح الجباس، ورواية «حانة الست» للكاتب محمد بركة، التي فاجأتني فكرتها ولغتها، ولمت نفسي كثيرا أنني لم أقرأ من قبل للكاتب رغم عمقه وجمال أسلوبه. وبالطبع فإن الملحمة الموسوعية ذات العمق التاريخي التي تحمل عنوان «من أوراق شمعون المصري» للروائي أسامة الشاذلي تستحق كل تقدير.
كأنه فرح بلدي
بمناسبة معرض القاهرة للكتاب المقام حالياً تساءل محمد أمين في “المصري اليوم”: كم كتابا تقرأ في العام؟ وكم كتابا يقرؤه الناس في الخارج؟ هل نحن نؤمن بجدوى القراءة، باعتبارها تؤثر في المستقبل؟ وما مدى امتثالنا للنداء الإلهى «اقرأ»؟ وما الموضوعات والعناوين التي تشغل بال المصريين؟ هل تعلم أن أكثر العناوين قراءة هي موضوعات الجن والعفاريت والدجل والشعوذة؟ تابع الكاتب: حول معدلات القراءة في العالم، دخلت مصر والسعودية مؤشر القراءة والترتيب العالمي، وجاءت مصر قبل السعودية، من أكثر الشعوب شغفا بالقراءة، وتأتي الهند في المرتبة الأولى، والولايات المتحدة تأتي في مرتبة متأخرة للأسف.. وكنا زمان نهتم، كحكومة، بمشروع القراءة والترجمة، ونقدم سلسلة «الألف كتاب»، وفي فترة تالية قدمنا «القراءة للجميع»، حتى وصلنا إلى عصر كورونا، فلم يعد هناك لقاء بالمثقفين ولا لقاءات بجمهور القراء. وبمناسبة المعرض هذا العام، هناك إحصائيات مبشرة تتعلق بزيارة الجمهور للمعرض، وتتحدث عن الزحام.. والأرقام تشير إلى زيارة 161 ألف زائر في أول يومين.. منهم قرابة 70 ألفا في اليوم الأول و90 ألفا في اليوم الثاني.. وأرى أن كورونا كانت سببا لتنشيط القراءة في مجالات مختلفة.. حتى أن البعض انضم إلى دراسات معينة في عام كورونا.. وكانت القراءة هي النشاط الأكثر انتشارا، في وقت كان الخروج فيه محظورا بأمر الحكومة، فاتجه الناس إلى تقضية وقت الفراغ في القراءة. ولا يمنع هذا من كثرة الكُتاب وكثرة الكتب، وكلها كتب على طريقة كتابة فيسبوك.. وهي كتب معظمها تافهة في مضمونها، وكثيرة الأخطاء اللغوية والإنشائية، ومرتبكة في الفكرة.. وكل هؤلاء يقيمون جلسات التوقيع للشهرة لا أكثر ولا أقل، ويدعون الأصدقاء والعائلة كأنه فرح بلد! وأكد الكاتب على أنه ليس ضد ظهور جيل جديد من الكُتاب، ولكنه ضد الاستسهال في إصدار الكتب تحت أي عنوان والسلام.
«الجملي أملي»
حالة من الجدل اهتم برصد تفاصيلها حسين البدوي في “الوطن”، بشأن خبر إغلاق وتشميع محل أشهر بائع سمين “فوارغ” في منطقة المطرية حيث تفاعل كثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بعد ساعات من تداول فيديوهات لجزار يبيع أرخص ساندويتش سمين بسعر خمسة جنيهات، ويتزاحم عليه الزبائن، الذين يعرفونه بجملته الشهيرة: «الجملي هو أملي». وقال الطوخي إن الأسعار تبدأ من خمسة جنيهات، والرغيف يحتوي على «كلاوي وقلب وكبدة وحلويات وسمين وكفتة». «حد عاوز كلونيا؟»، «لو راجل كل هيخلي وشك زي الفل»، «الجملي هو أملي»، «أنا تمساح الغلابة»، «كل سمين واضرب الطخين»، جميعها تعليقات اشتهر بها إبراهيم الطوخي، يرددها مع زبائنه طوال اليوم، ويحكي الطوخي، أن له زبائن من المشاهير منهم الزعيم عادل إمام، وأضاف الطوخي خلال البث المباشر على صفحة «الوطن»: «ببيع ساندوتش شعبي على أد الغلابة، وماشية ببركة ربنا، وليا 8 سنين بشتغل شغلانتي بعد ما تركت الجزارة، ومشاهير كتير بيحبوني وياكلوا عندي، أشهرهم حبيبي وأخويا الكبير عادل إمام». وعن سبب البيع بسعر 5 جنيهات للساندوتش قال الطوخي: «مفيش حاجة بـ 5 جنيه بس البركة من عند ربنا، واللي بيجيلي بـ 2 جنيه بعطيله، في ناس غلابة مفيش معاها فلوس، أنا بكرمهم وربنا أكرم مني، وكل اللي بشتريه بفواتير، مفيش قطط، ولا الكلام اللي الناس بتقوله». وقال بيان لوزارة الداخلية إنه بعد تداول مقطع فيديو على أحد المواقع الإخبارية بعنوان (الجملي هو أملي حكاية الطوخى أشهر بائع سمين في المطرية ووجود تعليقات من المواطنين على الفيديو المشار إليه تتضمن عدم نظافة المحل، وعدم حصول العاملين فيه على شهادات صحية، قامت الأجهزة الأمنية بمداهمة المحل، المشار إليه وتبين عدم وجود التراخيص اللازمة حيث تم غلقه.