كندا.. الميزانية العسكرية تخذل “الناتو” من جديد

حجم الخط
0

ديسك- الأناضول- جدل طفا إلى السطح من جديد على خلفية انتقاد حلف شمال الأطلسي (الناتو) مؤخرا، لتدني الميزانية الكندية المخصصة للشؤون العسكرية لعام 2016، فيما تعتبر سلطات البلد الأخير أنّ المساهة في الحلف يمكن أن يأخذ أشكالا أخرى، بينها مشاركتها في البعثات بكل من لاتفيا وأوكرانيا والعراق.

** ميزانية بعيدة عن الهدف

ينس شتولتنبرغ، الأمين العام للحلف، أعرب قبل يومين، عن أمله في أن تحترم الدول الأعضاء تعهّداتها التي قطعتها في 2014، والقاضية بتخصيص 2% من ناتجها المحلي الإجمالي للإنفاق العسكري.

هدف لفت شتولتنبرغ، خلال تقديمه، يوم 13 مارس/ آذار الجاري، للتقرير السنوي للمنظمة، بالعاصمة البلجيكية بروكسل، إلى أن الالتزام المذكور يظلّ “واقعيا” للغاية، بمعنى قابليته للتفعيل.

“الناتو” خلص في تقريره إلى وجود ارتفاع طفيف للميزانية العسكرية الكندية في 2016، غير أنه أشار، في الآن نفسه، إلى أن البلد يظل في ذيل القائمة بهذا الشأن مقارنة ببقية الدول الأعضاء.

تأخّر يفسّره عجز هذا البلد عن تحقيق أهداف “الناتو”، وذلك رغم الإرتفاع الطفيف الذي شهدته نفقاته العسكرية يجد تفسيره، العام الماضي، ببلوغه 1.02% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع، مقابل 0.98% في 2015.

ومكّن هذا الارتفاع الطفيف كندا من المرور من المرتبة 23 إلى 20، لتتساوى مع كل من المجر وسلوفينيا، والتقدم على كل من بلجيكا، جمهورية التشيك، لوكسمبورغ وإسبانيا.

شتولتنبرغ شدد، في ذات الصدد، على “ضرورة دعم الجهود اعتمادا على موارد كافية وعلى تقسيم عادل للأعباء”، ما يعني، على حد قوله، أن “الـ2% يعتبر هدفا ممكن التجسيد بالنسبة لجميع الحلفاء الذين حدّدوه”.

** ضغوط ترامب

ملاحظات ودعوات تأتي على خلفية الانتقاد الصريح للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب لحلفاء “الناتو”، ممن قال إنهم لا يساهمون “بما فيه الكفاية” في التحالف العسكري.

من جهته، بدا رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، خلال زيارته في فبراير/ شباط الماضي إلى ألمانيا، وكأنه يقلل من أهمية السقف المستهدف (2 %)، بحجة أن المساهمة في الناتو يمكن أن تقيّم بطرق مختلفة، على حد قوله.

ولفت ترودو إلى أن بلاده، ولئن لم ترفع نفقاتها العسكرية بشكل كبير، إلا أنها تشارك بقواتها في البعثات العسكرية في كلّ من لاتفيا وأوكرانيا والعراق.

حجة لم تمنع الأمين العام لـ “الناتو” من تذكير الدول الأعضاء بضرورة الإلتزام بالتعهّدات، مشيدا في الآن نفسه بمساهمة إسبانيا في البعثة التي تقودها إسبانيا في لاتفيا”.

غير أنه انتقد أيضا “الاستثمار الضعيف لمدريد في مجال الدفاع”، مضيفاً أن هذا الضعف هو ما دفع المنظّمة “في 2014 إلى وضع حدّ للتراجع والزيادة تدريجيا (في ميزانيات الدفاع)، عبر استهداف 2 % من الناتج الإجمالي المحلي، وآمل أن تحقق إسبانيا هذا الهدف”.

انتقادات لم تمنع رئيس الوزراء النرويجي السابق من الاعتراف بأنه من الصعب على القادة السياسيين إقرار خيارات تتعلق بالميزانية عندما تكون المالية العامة مثقلة بالنفقات.

كما قال إنه يدرك جيدا أن هؤلاء السياسيين يفضّلون الإستثمار في التعليم أو الصحة أو البنية التحتية، وبأن نهاية الحرب الباردة كبحت الإهتمام بمجال الدفاع.

إلا أن التثاقل المسجّل في هذا الاتجاه لا ينبغي أن يستمر في وضع يتطلّب تعبئة وتعاملا سريعا، وفق شتولتنبرغ، والذي قال: “في حال قلّصنا من ميزانية الدفاع عندما تهدأ وتيرة الضغوط، فينبغي أن نكون قادرين على رفعها حين تعاود هذه التوتّرات الظهور، وهذا ما يحصل الآن”.

وتخصص كندا حاليا نحو 20 مليار دولار لميزانية دفاعها، غير أنه وفي حال أرادت بلوغ الهدف المحدد من قبل “الناتو”، فإنه يتعيّن عليها مضاعفة هذا المبلغ للإنضمام إلى لائحة الدول الخمس التي تخصّص ما لا يقل عن 2 % من ميزانيتها للدفاع، وهي الولايات المتحدة (3.6 %) واليونان والمملكة المتحدة وأستونيا وبولندا (2 %).

وفي المقابل، تعهد عدد آخر من الدول الأعضاء ببلوغ الهدف المحدد في غضون السنوات المقبلة.

** نفقات خارج الحساب

مايكل بايرز، الباحث في السياسات الشاملة والقانون الدولي بجامعة كولومبيا البريطانية، قال إن تأخر كندا في ترتيب دول الحلف من حيث الإنفاق العسكري يعود إلى استبعادها حسابيا للعديد من النفقات التي تحتسبها بلدان أخرى.

وأضاف، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، بعد أيام فقط من نشره رسالة مفتوحة بهذا الخصوص في صحيفة “غلوب أند ميل” الكندية: “ينبغي على الحكومة أن تقاوم فرضية شراء المزيد من المعدات باهظة الثمن”.

الخبراء الكنديون قدموا العديد من البراهين والحجج التي قالوا إن بإمكان بلادهم أخذها بعين الاعتبار لتفادي فرضية مضاعفة نفقاتها العسكرية، في وقت تعتبر فيه التهديدات المخيمة على البلاد ضعيفة، بحسب جان كريستوف بوشيه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة “ماك إيوان” بـ”إدمونتون”.

وفي 2016، بلغت الميزانية التي خصصتها كندا للدفاع 20.3 مليار دولار، أي ما نسبته 0.99 من ناتجها المحلي الإجمالي، وما يعتبر أيضا نصف الهدف المحدد من قبل “الناتو”، وهو 41 مليار (2 % من الناتج المحلي الإجمالي).

ووفق الخبراء، فإنه بإمكان كندا احتساب بعض النفقات في ميزانيتها، لتحقيق تقارب بين الموجود والمنشود، من ذلك:

– 3.6 مليارات دولار: يعتبر الخبير مايكل بايرز أنه بإمكان كندا، تماما كما تقوم بذلك العديد من البلدان، إدراج 3.6 مليارات دولار بميزانيتها، وهو المبلغ المدفوع سنويا كمعاشات للعجّز ومنح وفاة لقدامى المحاربين في الجيش.

وبإضافة مبلغ بقيمة 300 مليون دولار سنويا، وهو جزء صغير من ميزانيات الشرطة الملكية الكندية ووكالة خدمات الحدود، المستخدمة في شكل دوريات على طول الحدود، فإن النفقات العسكرية ستبلغ عتبة الـ 1.2 % من الناتج الإجمالي المحلي، ما سيدفعها آليا من المرتبة 23 إلى 15 دون إنفاق إضافي فعلي.

– 2.5 مليار دولار: ميزانية حرس السواحل غير مضمّنة ضمن نفقات الدفاع الكندي، وذلك خلافا للولايات المتحدة على سبيل المثال، مع أن هذا المبلغ كفيل برفع ميزانية الدفاع الكندية إلى 1.3 % من الناتج الإجمالي المحلي.

وبإضافة المبالغ المخصصة لتغطية طلبيات القوات المسلحة الكندية للعديد من المعدات، مثل السفن الحربية وطائرات الإنقاذ والمروحيات وغيرها، فإن ميزانية الدفاع الكندية سترتفع إلى 1.46% بحلول 2027، ما يمنحها المرتبة 12.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية