كورال المشرق العربي ـ بيروت من 50 منشدة ومنشدا يتقنون المقامات الشرقية المايسترو ابراهيم البمباشي: نحن كورال إنشاد ديني ومسلمون وسطيون ننهل من تراث حلب العريق

زهرة مرعي
حجم الخط
0

بيروت: القدس العربي قرأت إعلاناً عن حفل يحيه كورال المشرق العربي المؤلف من خمسين منشدة ومنشداً بقيادة المايسترو ابراهيم البمباشي، فقصدت مسرح المدينة في محاولة لاكتشاف المولود الفني الجديد. الفتيات اللواتي وصل عددهن لقرابة الأربعين كنّ جميعهنّ محجبات. إنها ملاحظة في الشكل قبل الدخول إلى المضمون.

بدأ الحفل بالنشيد الوطني أدّته المنشدات والمنشدون بتميز. رحّب المايسترو ابراهيم  البمباشي بالحضور معلناً عن هوية الكورال، وأنه مختص بالأناشيد الدينية والوطنية، وانهم جميعاً ينتمون إلى المذهب السُنّي في لبنان. وأكد عدم التبعية لأية فئة سياسية أو حزبية أو دينية.
انطلق برنامج الحفل بالأناشيد النبوية، ومنذ البدايات كشف كورال المشرق العربي عن إعداد جيد، واستحق التصفيق. وصدرت تعليقات في الجوهر من موسيقيين كبار كانوا من بين الحضور منهم نقيب محترفي الموسيقى والغناء في لبنان فريد أبو سعيد، والموسيقي المخضرم عفيف شيا.
حوار مع المايسترو ابراهيم البمباشي يُلقي الضوء على كورال المشرق العربي ـ بيروت:
○ ما هي حوافزكم لتقديم ذاتكم في هذا الوقت الصعب؟
•راودني حلُم قديم بتأسيس كورال محترف، يتميز بأداء رفيع المستوى، ويقدم الإنشاد الديني والوطني والاجتماعي. شخصياً امتهن التدريب على الإنشاد والأغنيات، وكذلك تدريب الأصوات في الإذاعات. لا شك بأن اختيار الأصوات للمجموعة كان المهمة الأولى. بدأنا سنة 2005 وكنا خمسة بين كورال وسولو، وراح العدد يرتفع رويداً رويداً، وحالياً بات العدد يفوق 50 بين نساء ورجال. نعم انطلقنا في أصعب الظروف التي يمر بها لبنان اقتصادياً، ورغم هذا التحدي الكبير، وجائحة كورونا تمكنا من تنظيم كورال محترم، يلتزم النطق السليم للحروف العربية. إلى الأداء المحترف المتمثل باتقان المقامات الشرقية.
○ وكيف قدّمتم ذاتكم للجمهور؟
•بدأنا الحفلات في سنة 2017 وإلى الآن فاق عدد أمسياتنا الإنشادية الـ15. توزعت الحفلات على مسارح الجامعات منها آي يو إل، مسرح أبو خاطر في الجامعة اليسوعية،، إلى جامعة الألبا، والأسامبلي هول في الجامعة الأمريكية.
○ وهل هي امسيات ببطاقات مدفوعة البدل؟
•نعم، نحن كورال ليس له موارد مالية أو دعم من أية جهة كانت، لذلك نعتمد البطاقات وشباك التذاكر. ولدينا خدمة شراء البطاقات اونلاين وايصالها لطالبيها.
○ نعرف أن قدرات شبّاك التذاكر محدودة؟
•بالتأكيد، وبالكاد تغطي تكاليف المسرح الذي بات مرتفعاً نتيجة غلاء المحروقات.
○ ماذا عن وقع الحفلات التي ذكرتها على من حضرها؟
•جميل جداً. أهل بيروت وغيرهم الكثير من الذين حضروها أثنوا على جهودنا في إعداد هذا الكورال. لقد وجدوا في كورال المشرق العربي نباتاً صالحاً في ظروف غاية في الصعوبة. فقد تميزنا بإحياء التراث ممزوجاً بالحداثة برقي وجمال. وأذكر بشكل خاص طلاّب الجامعات حيث احيينا الحفلات، فقد كانوا مرحبين جداً بما قدمناه من أناشيد. وآخر حفلاتنا كانت في مسرح المدينة في شارع الحمرا. وتميزت تلك الحفلات بحضور العديد من العائلات البيروتية، إلى جانب عدد من المسؤولين في النقابات الفنية، وفنانين لهم شهرتهم في عالم الموسيقى.
○ وماذا عن الشرعية التي أضفتها عليكم ككورال الانتساب لنقابة الموسيقيين في لبنان؟
•تجمعني صداقة مع الاستاذ جو سبليني الذي كان رئيساً لجمعية المؤلفين والملحنين، اعطانا ثلاثة ألحان وزّعها الراحل الكبير احسان المنذر. وحتى الآن يواصل جو سبليني دعم الكورال بألحانه. جو سبليني والنقيب الحالي فريد ابو سعيد ساهما بانتسابنا إلى النقابة. وهو انتساب مهني وضروري.
○ نعرف أن الإنشاد الديني ينطلق من ألحان شرقية معروفة ومشهورة. كيف تجددونها لمدّها بنكهة خاصة بكم؟
•معروف عالمياً أن اللحن الذي يمر على تأليفه خمسون عاماً يصبح ملكاً عاماً، ومتاحاً لمن يرغب التعامل معه من جديد وفق رؤية موسيقية معاصرة. ونحن غالباً ما ننهل من تراث حلب وخاصة من ألحان الشيخ عمر البطش، وهو عَلَم من أعلام الموسيقى المشرقية. الراحل عمر البطش له إرث موسيقى لا يقل عن الإرث الذي تركه كل من سيد درويش وسيد مكاوي. نتعامل مع الألحان القديمة لإنعاشها وبصيغة متجددة مترافقة مع كلام ديني ملتزم لا يتبع أياً من الجهات الدينية. إذاً نحن نخاطب الجمهور من خلال الكورال بلغة دينية إسلامية مشتركة، وهذا ما يميزنا.
○ ولماذا قدمت الكورال خلال حفل مسرح المدينة بأنه ينتمي للطائفة السنية؟
•نحن فريق إنشاد ديني غالبية أعضائه سيدات وآنسات ملتزمات محجبات، ونقدم ما يتناسب مع هذا الحضور، ولن يكون برنامجنا حب وغرام. برنامجنا على الدوام يتمثّل بمزيج من الإنشاد الديني والوطن والأرض. شئنا أم لا نحن نتبع للطائفة السنية ولمدينة بيروت وأهلها.
○ الحب والغرام يجمع كافة البشر بمن فيهم المحجبة والملتزم وهو حاجة إنسانية؟
•صحيح ما قلته. نحن نختار الموشحات، محاذرين أن يكون فيها ما يمسّ المشاعر أو يحرّك الشهوات والحب والغرام المزموم. البيئة التي أعيش فيها لها اصولها وأنا ملتزم بها. ولهذا أقدم غناءً يُسمع من الجميع.
○ هل نقول أن المحاذير التي تحكم برنامج الكورال تُحتم فقط الابتعاد عن الكلام والموسيقى التي تثير الشهوات؟
•تماماً. صحيح أن فتيات الكورال جميعهن محجبات، لكننا في الوقت عينه نحن لبنانيون ومنفتحون ومتعصبون لوطننا لبنان ولعروبتنا. ولهذا نعمل ضمن هذه الأطر.
○ وهل ترضون بانضمام فتاة غير محجبة وتؤدي فروضها الدينية إلى الكورال؟
•في الوقت الحاضر نتيح الفرص لانضمام المحجبات تماشياً مع الصورة العامة للكورال.
○ وهل كان متيسراً جمع كافة تلك الأصوات النسائية بين كورال وسولو؟
•بدأت جمع الصبايا والشباب وإعدادهم منذ 2005. جمعتنا الثقة والمحبة واستمرينا معاً. الصغار منهم كبروا ومعهم أصواتهم، وأكثرهم يتحلّى بأداء مميز وجميل. وأبوح لك بأن جميع من حضر على المسرح لا يتقاضون  أجوراً على الإطلاق.
○ وماذا عن الموسيقى المسجلة سلفاً؟
•يأتي تسجيل الموسيقى من ضمن سياسة عصر المصاريف تماشياً مع حالنا ككورال يمول نفسه بنفسه. في التسجيل الموسيقي يعتمد العالم بمجمله على الكيبورد والأورغ، والهدف اختصار النفقات. كما أننا في تسجيلاتنا لا نهمل أيا من الآلات التي تخدم عملنا.
○ هل تقف أية جهة دينية ضد مشروعكم؟
•لم نسأل أحداً حين قررنا تأسيس الكورال. ونحن غير تابعين لأية جهة حزبية أو دينية. نتحدّث بلغة الناس. وبالتأكيد هناك من يحب وهناك من لا يحب ما نقوم به. لكننا مسلمون وسطيون، ونرفض كل تطرف وإرهاب.
○ وهل تتضمن كافة حفلاتكم ما يشبه الخطاب الذي قاله أحدهم معلناً سعيكم لتقديم صورة الإسلام الحقيقية البعيدة عن الإرهاب؟
•أبداً. بل رغب الأستاذ الجامعي الدكتور أحمد حلمي قول كلمته بهدف تقديم هويتنا للجمهور. نحن نمثل الإسلام المعتدل، وهذا ما يفترض أن يسود في المجتمعات، بعيداً عن عقد التعصب والتحريم والتحليل.
○ لكنك تعرف جيداً جهل المكونات اللبنانية بعضها لبعض؟
•صحيح. من جهتي لست بصدد تقديم خطاب ديني لكوني أهتم بشكل أساسي بالكلمة واللحن. وإن تحدثنا مع الجمهور فخطابنا وجداني. وملجؤنا هو الله في كل ما نمر به.
○ هل يصدقكم الناس بأنكم دون انتماء سياسي أو ديني؟
•الجواب «الإناء ينضح بما فيه». قدمنا بحدود 13 أمسية وفيها كنا مجردين سوى من التزامنا الفني والديني بتقديم تراثنا. سنبقى كذلك ضمن أجواء دينية معتدلة، وطنية مرتبطة بالأرض والإنسان. وهذا ما يليق بنا.
○ رعاية الراحل الموسيقار احسان المنذر لكم كفريق كم شكّل دعماً؟
•رحمه الله، لقد أمدنا بدفع قوي جداً. كان على قناعة فنية بنا وبمشروعنا. حمّسنا لنكون على المسرح ولأن نحيي الحفلات. لقد كان معجباً جداً بالمستوى والرقي الفني للكورال. «ما زالت الأنوار تسطع بالنبي» كان آخر الأعمال التي لحنها وزّعها للكورال إحسان المنذر، وجرى إنشاده في مسرح المدينة تحية له. كما أعطى للكورال 11 نشيداً بين تلحين وتوزيع.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية