كورونا وشعار “هدوء.. إنهم يطهّرون”: هكذا يجرب الإسرائيليون حياة الفلسطينيين… تحت رعاية “الأمن”

حجم الخط
2

في الساعة الواحدة والنصف فجراً، من خلال مكالمات هاتفية خاطفة وسريعة، صادقت الحكومة الانتقالية على اللوائح الأكثر صرامة في تاريخ دولة إسرائيل من أجل متابعة المواطنين الإسرائيليين الذين يحترمون القانون، بوسائل كانت محفوظة حتى الآن بالأساس لمتابعة السكان في الطرف الثاني للخط الأخضر.

حكومة نتنياهو التي فقدت رسمياً التفويض السياسي، لكنها تركز صلاحيات كبيرة في ظل الوباء، قررت التخلص بشكل نهائي من أنظمة الرقابة البرلمانية التي بقيت الآن على شكل لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، والمصادقة على جمع المعلومات الشخصية عن المصابين بكورونا بنظام يتجاوز الكنيست والمخصص لزمن الطوارئ. وذلك بعد أن تجرأ رئيس اللجنة، غابي أشكنازي، بوقاحته، على التنازل عن هذه المهمة الثمينة كخاتم مطاطي وطلب أن يتم إجراء نقاش منظم قبل المصادقة على الأقل. تجاهلت الحكومة ملاحظات المستشارين القانونيين في اللجنة، الذين بلوروا رغم ضغط الوقت موقفاً مبرراً حول الصيغة المقترحة التي تشمل تحذيرات كثيرة عن تناقضات وصعوبات، من أجل أن يروها وهي توضع في سلة القمامة.

هكذا، تمت المصادقة تحت جنح الظلام على جمع بالجملة لبيانات عن مكان وجود الهواتف المحمولة و”معلومات تكنولوجية” حساسة أخرى للمواطنين، دون الرقابة البرلمانية التي وعدت وزارة العدل الجمهور بشكل صريح بتنفيذها. ومن أجل إطفاء هذا الحريق تم إرسال بدلة الحماية الليبرالية، نائبة المستشار القانوني دينا زلبر، كي تشرح للإعلام بأن هذه اللوائح ستعود إلى مراقبة اللجنة. ومن دون شك، هذه خطوة ناجعة بعد أن سبق وصودق عليها أصلاً.

خلال هذه العملية الخاطفة، باستثناء عدة جمل غامضة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن “وسائل رقمية خاصة”، لم يقدم أي أحد للجمهور صورة مفصلة عن الخطط والمعاني. وعندما عثر على اللوائح نفسها في السجلات، التي أخفت السلطات المصادقة بذريعة أنها سرية، تبين حجم اللدغة: نوعان من اللوائح صودق عليهما فعلياً بصورة منفردة.. الشرطة والشاباك. فقد حصلت الشرطة على إذن غير مسبوق لجمع معلومات عن المكان دون أمر من القاضي، وثمة شك بأن كل من هناك مصاب بكورونا. أما الشاباك الذي ليست له صلاحية على الإطلاق من أجل التدخل في أزمة صحية، فقد حصل على صلاحية نادرة، وهي جمع أي “معلومات تكنولوجية” عنا، شريطة أن لا تكون مضمون المحادثة بالفعل؛ أي بيانات عن تحديد المكان ورجال الاتصال أو الأشخاص الذين يتراسلون معهم، في أي وقت وفي جميع وسائل التواصل. هاتان اللائحتان المنفصلتان يمكن تمديدهما ما اقتضت الحاجة والرغبة.

مثلما في كتب التاريخ، معظم الجمهور الذي يسيطر عليه الرعب، والمتعب والمتوتر عاطفياً، غير قلق من هذا الإضرار بالقيم الديمقراطية الأساسية. الأساس هو استئصال العدو الشفاف كما أسماه نتنياهو. ولكن التاريخ أثبت أيضاً بأن إعطاء أدوات غير محدودة تقريباً لسلطة غير محدودة تقريباً في ظل الذعر فإنه يؤدي إلى مزيد من هذه الخطوات التي ستتم أيضاً في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بصورة التفافية وتحت جنح الظلام.

كثيرون يعتقدون بأنه اذا لم يكن لديهم ما يخفونه، فالخصوصية غير مهمة. وهذا مثل القول إذا لم يكن لديك ما تقوله فلا توجد حاجة للدفاع عن حرية التعبير. من المعروف أن الوباء مرعب وخطير ويجب حماية الجمهور منه، حتى بطرق استثنائية. ولكن هناك مجالاً كبيراً من الاحتمالات، بين 1 – 100 كم/ساعة. ولا يوجد أي أحد في هذه الأثناء يمكنه الضغط على الكوابح والقيام بالتوازن.

إن نهاية هذا المنحدر الزلق قد ترى من خلال النظر إلى المستقبل: برعاية النشيد الوطني “هدوء، إنهم يقومون بالتطهير”، الذي استبدل بشعار “هدوء، إنهم يطلقون النار”، الذي يعيدنا إلى الماضي، سيكون لدينا مزيد من سيطرة جهات أمنية على حقوق الفرد والمواطنة الخاصة بنا. مثلاً، الشرطة تقيم في هذه الأثناء قيادة خاصة بمشاركة جنود حرس الحدود، وستعمل على تطبيق التوجيهات بأمر من وزارة الصحة. ومن السيناريوهات التي تدرب عليها جنود حرس الحدود هذا الأسبوع ورجال الشرطة العاديون هو معالجة خرق الحجر أو خرق الإغلاق. هل يوجد مواطنون في إسرائيل لا يعرفون هدف جنود حرس الحدود في الوضع العادي وكيف سيبدو الأمر بعد أكثر من خمسين سنة من مهمات الاحتلال، وفجأة يقوم هؤلاء بتطبيق إغلاق الشوارع في تل أبيب.

         ثمة أخطار كبيرة لإعطاء صلاحية واسعة للجيش في إدارة المواطنين. للمرة الأولى، يجد مواطنو إسرائيل أنفسهم يتعرضون لما يعرفه الفلسطينيون منذ سنوات. الكل بالطبع باسم الهدف وسلامة الأمة. مثل كل العمليات التي تعقدت.

بقلم: نوعا لنداو

هآرتس 18/3/2020

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابراهيم سليم محمد أبو الرب:

    اسمهم ليس (اسرايليين ) …هذا اسم مزيف وكاذب اسمهم الحقيقي هو (الصهاينه ) …لا تكتبوا في مقالاتكم (اسراييل ) بل الاصح هو (الكيان المحتل ) وفقط …

  2. يقول عبداﻹله العلمي:

    نصائحنا للفلسطينيين؛
    الحذر و اليقظة من مكر اليهود قد يوظفون فيروس كورونا لمحاربتكم و ذلك عن طريق التضحية بمرضاهم و إرسالهم في أشكال مقنعة لنشر الوباء بين مكونات شعب الدولة الفلسطينية.

إشترك في قائمتنا البريدية