كورونا تعلن موت اللغة، وتترك الباب مفتوحا لما يشبه الخَرس، إذ تفقد قوتها في الاتصال والترميز، لتبدو في المدونات وكأنها نوع من«الربش” كما يسميه الصحافيون، إذ هي لا تنقد ولا تحتج، ولا تشفع في التفكير، ولا في تمثيل الرقى والتعاويذ والتعازيم، لتطهير الجسد من مكاره هذا الفيروس، كما أنها لم تعد آمنةً في منح المثقف الحالم- الأكثر استعمالا لأدواتها- مساحةً أخرى لإطلاق الأكاذيب والأوهام، ولا حتى ممارسة الفروسية البلاغية أو الدونكيشوتية.
أكثر ما في جائحة«كورونا” هي العزلة والطرد، وسحب الكائن من شغف الحلم، أو من زاوية المكان/ المقهى، ليجد نفسه وحيدا عند عتمة المنزل أو الفراغ، لا همّ له سوى ممارسة طقوس الخوف، واجترار السرديات الباردة، سردية الأنثى، والقصيدة والطاولة والدخان..
قد لا أجد علاقة ما بين اللغة وكورونا، لكن قسوة ما يعانيه الإنسان المطرود هو عجزه في البحث عن المعنى، وعن توصيف ما يجري، وتبرير وجود علاقة ما، مع كلٍ«جينالوجيا” الفيروسات والحروب والخيانات، ومع كلّ ما من شأنه أن يُقارب إصابة المثقف- المستعمل الفروسي للغة- بالعطب والعطالة، وطبعا هذه العطالة الاضطرارية لا تشبه العطالة اللذيذة لبرودسكي، إنها عطالة الجندي المهزوم، وعطالة الجنرال الذي« لم يكاتبه أحد” مثلما هي عطالة الرئيس المحجور في قصره، وعطالة الشاعر الذي هرب جمهوره بعيدا، خشية أن تأخذهم القصيدة إلى الحمّى والعطاس.
لقد كشف فيروس كورونا عن رثاثة الانسان المعاصر، فأصابت حداثته في الصميم، وجعلت من شعارات عولمته وما بعد حداثته، وكأنها فصول في السخرية، إذ بات ذلك الإنسان مضطربا، باحثا عن صيانة لغوية وأخلاقية، وعن ترياق سحري، وربما عن تعاويذ تُطهّره من شياطين الكوفيد.. هل يُعقل أن يسقط إنسان الحداثة هكذا؟ وهل يُعقل أن يدعو رئيس تاجر وملحد مثل دونالد ترامب، الشعب الأمريكي للعودة إلى الصلوات لكي يتطهروا من الأخطاء؟ وهل سيعترف بذنوبه كمسيحي نمطي قبل أن يؤدي صلاة التطهير؟ جونسون البريطاني يدعو الإنكليز للاستعداد النفسي لتقبّل فقدان أعزّاء لهم، فالمكان الاستعماري القديم لم يعد آمنا من الهجوم الفيروسي، إذ لم تنفع معه بطولة الخروج العلني من الاتحاد الأوروبي، ولا من زخم ما تملكه اللغة الإنكليزية من أقنعة وتوريات، واستعارات، وذاكرة ترك الملك ريتشارد قلب الأسد بعضا من غبارها المقدّس..
الحرب ليست هنا.. ليست هناك أيضا
ما قالته انغيلا ميركل المستشارة الألمانية حول أرقام ضحايا كورونا يُثير أسئلة شتى، فهي تشبه أسئلة الغاطس في المتاهة، والباحث عن سماء قريبة، وعن ملائكة يملكون سحر إنقاذ أرض مرسيدس من أشباح الكوفيد، وكذلك ما طرحه إيمانويل ماكرون وهو يرثي الحداثة، داعيا الاستعداد لما هو أصعب وأخطر، لاسيما بعد أن صار الجنوب الأوروبي الإيطالي المجاور بؤرة متشظية للعدوى، وأضحى الشمال النرويجي البارد مفتوحا على المجهول، حيث تحولت الحرب مع كورونا إلى حرب خارج السيطرة، لا تنفع معها اللغة، ولا الفلسفة، ولا الجنس، إنها محضُ لعبةٍ في الرعب، حيث تقوم على فعل الطرد، وتفكيك المركزيات التي تعوّد العقل الأوروبي على إنتاجها وفرضها، بوصفها مراكز دائمة القوة للسيطرة على العالم، وأخيرا ما ذهب إليه رئيس الوزراء الإسباني بيدورو سانشيز الذي أعاد صورة مواطنه سرفانتس وهو يطالب دون كيشوت بمحاربة الطواحين مرة أخرى، حيث دعا الجيش الإسباني لمواجهة هذا العدو الفيروسي القاتل والغازي..
الحرب ليست هنا، لأن العدو ليس هنا، وليست هناك، لأن الشرق – الـ”هناك” يشاطر الغرب لعنة أشباح هذا العدو الغائب، والبارد، والذي يشبه لصوص السرديات البوليسية، التي صنع بعضها الغرب الاستعماري ومخترعو الخيال الفرنكشتايني..
الحرب الساخنة هي الرد العلاجي على فيروس كورونا، كما تقول إحدى الوصفات الطبية، لكن هذا العدو العنيد، والمشاكس وجد في البرد الأوروبي، وفي الثقافة الأوروبية التي لم تعد ساخنة، مساحات واسعة للمواصلة لعبته في التمرد، وفي إنشاء مستعمراته الجديدة، واختيار ضحاياه الجدد، الضحايا البيض، المتحضرين، الحداثويين، العقلانيين، العلمانيين.
الصين البؤرة الأنطولوجية للفيروس، أعلنت الحرب العسكرية على كورونا، وأشركت الجيش الصيني في حربها الوقائية، حيث نزل العسكر للشوارع، وجاء الرئيس الصيني إلى مدينة أوهان مع فريقه العسكري والأيديولوجي، فهل سيُفكّر الرئيس ترامب بدعوة الجيش الأمريكي لإعلان الحرب في شوارع المدن، عبر تحريرها من العابرين، وعبر تعقيم وتعفير تفاصيل المقاهي والأرصفة والمتاجر، لكي تجعل الحياة آمنة؟ وهل سيُفكر الزعماء الأوروبيون بمراجعة منطق الحرب والسلام، وحجم ما يصنعونه للاخرين من حرائق تحرق أرضهم وثرواتهم وأحلامهم واطمئنانهم؟
واقعة الحرب بمواصفاتها الجديدة صارت حاضرة، ولو بأشكالٍ وأدوات أخرى، ترفع الجيوش خراطيم المطهرات بدل الصواريخ، وترشّ المواد الكيميائية لقتل عدوها الغامض، غير المؤدلج، وغير الميسّس، الذي ترك كثيرا من الأسئلة الغامضة، حول أسرار ما خفي من هذه الحرب، ومن الذي تحرّش بفيروس هشٍ وحيد الخلية مثل كوفيد، لكي يتحوّل إلى تنينٍ موحش يجتاح الأرض ويهددها بالفناء..
أسئلة الإنسان الوحيد والمعزول، ستبقى هي الأسئلة القلقة والمُعلّقة، الحيرى، والباحثة عن إجابات واضحة، ولعل أقسى ما في هذه الأسئلة، يكمن في علاقتها الشائهة مع المثقف الذي يخصنا، إذ وجد نفسه إزاءها مخذولا، لا تشفع له أوهامه، ولا ترنستاليته، يخشى فقدان الحرية قبل الجسد.
واقعة الحرب بمواصفاتها الجديدة صارت حاضرة، ولو بأشكالٍ وأدوات أخرى، ترفع الجيوش خراطيم المطهرات بدل الصواريخ
أسئلة كورونا وضعتنا أمام توصيف مرتبك في توصيف المثقف، المثقف الذي يمكنه أن تُنتج الحاجات، ويمارس وظيفة الرسول في إنقاذ العالم مع الإثم، ووظيفة البطل في مواجهة الضعف، التي بات بطلها اليوم مثقف المخابر، فهو الأكثر قدرة على معرفة العدو، وعلى قراءة طلاسمه، وعلى شغفه في أنْ يُقدم لنا تفسيرا للعالم، وشغفا بتغييره ايضا، لكن ليس على طريقة ماركس، بل على طريقة من يدرك أنّ العالم لم يعد محكوما بالنظام الطبقي، ولا بأموال الرأسمال العتيد، ولا حتى بفنتازيا السيد ترامب، ولا بأوهام اليسارين الباحثين عن أرض خالية من المحاربين..
المثقف المُنقِذ والثوري والرسولي والنقدي هو من يواجه موت اللغة، العجز، والبحث عن المصل الذهبي، ومعرفة أسرار الكوفيد 19 الذي تقول المعلومات أنّه مُطوّر، وعدواني، وقادر على تجديد خليته الوحيدة، بما فيها السر الذي يتعلّق بمن أطلق سراحه من القمقم المثيولوجي…
كاتب عراقي
من وجهة نظري عبقرية (علي حسن الفواز) يلخصها عنوان (كورونا وموت اللغة) والأهم هو لماذا هذه عبقرية من وجهة نظري على الأقل؟!
في البداية من حق المؤلف، فهم هذا العنوان، بالطريقة أو التأويل التي عبّر عنها بلغته، تحت العنوان.
ومن حقي تأويل العنوان، من أن أي لغة تمثل الدولة الوطنية، وفق محدّدات سايكس وبيكو، على أنقاض الدولة العثمانية التي فيها كانت الأسرة والمهنة، فلذلك ليس فيها (البدون) بل فيها (المنسي)، أسس التدوين في النظام المالي، لتمويل ميزانية الدولة،
بينما في دولة الحداثة والتي فيها أصبح الإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمُنتجات الإنسانية كالآلة، بلا حقوق،
https://youtu.be/vlLTonoc1h8
رابط، لمثال عملي من على أرض الواقع، لمشكلة لغة التدوين، في النظام البيروقراطي في الأمم المتحدة، لماذا؟!
إشكالية إصدار القوانين/القرارات/التعليمات، تعتمد على عدم اعتراض أصحاب حق النقض/الفيتو في مجلس الأمن،
أو مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران،
أو النواب والشيوخ والمحكمة الدستورية في روسيا (لتغيير الدستور، في السماح إلى الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين، ليستمر في الحكم بعد 2020، كما حصل في سوريا مع بشار الأسد عام 2000)،
وهذه الكثير لم يعلم عن كيفية العيش أو التعامل اليومي،
طالما لم يحمل صفة بدون (لاجئ) مثلي (وثيقة سفر فلسطينية صادرة من العراق بعد إحتلال الكويت يوم 2/8/1990) ومستثمر في إقامة مصنع لصناعة الأجهزة الإليكترونية منذ عام 1989 في تايوان، مثل صهيب صالح عبدالله.
وجاءت مشكلة كورونا في يوهان (جمهورية الصين الشعبية)، عام 2020، صحيح أخطأ المسؤول الأمني، بحجة المحافظة على سمعة الدولة، أو بحجة التشكيك بمصداقية الطبيب، الذي قام بالتبليغ في البداية، والذي خسر حياته، في الصين،
بسبب سوء ظن موظف النظام البيروقراطي في أي دولة،
كما حصل معي، من أول ورشة عمل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية،
فالوزير السابق، م محمد شياع السوداني، سمح لي بعمل ورشة عمل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بدل وزارة الصناعة، كما سمح لي وزير التربية، إن كان في العراق أو الأردن أو سلطنة عُمان،
ومن منع تنفيذ أي شيء في العراق، حتى الآن،
كان الموظف المهني المسؤول، لأن هو جبان، ولا يُريد أن يتحمل مسؤولية، ولا حول ولا قوة إلا بالله منذ عام 2011، وليس فقط عام 2017،
أعيد عليكم، ما ذكرته في ورشة العمل،
بدون منع الغش والفساد في تعدّد الرواتب، لأي موظف من موظفي النظام البيروقراطي،
لن يمكن حذف أكبر هدر في ميزانية الدولة (الرواتب)،
بدون رفع التعارض في النصوص القانونية،
لن يمكن منع المحامي والقاضي والمحاسب القانوني، من مشاركة الدولة في الرسوم والجمارك والضرائب.
ويجب إعادة كتابة كل المناهج، لتكوين جيل يستطيع منافسة الروبوت (الآلة) في الأداء والكفاءة وجودة الإنتاج بلا غش (حلال).
السؤال بالنسبة لي هو أعضاء فريق المتميزون العراقي أو التايواني أو غيرهم حول العالم، متى يصبح أحدهم بذكاء (رجب طيب أردوغان) في 2020، حتى ننجح في تسويق مشروع صالح التايواني على جميع أعضاء الأمم المتحدة، ومن ضمنهم فلسطين وتايوان وكشمير بشقيها الهندي والباكستان وحتى البنغالي، وكوريا الشمالية والجنوبية؟!
صهيب صالح عبدالله، صاحب تقنية مشروع صالح التايواني.
السؤال الآن، كيف نستفيد مما حصل لمنتج من منتجات قناة الجزيرة في قطر المحاصرة بعد 5/6/2017، لمنع (غوغل) أن يكون صهيوني أكثر من الصهاينة في كل ما له علاقة بتدوين أي شيء عن فلسطين أو الأرض المقدسة أو الإسلام والجهاد وضرورة العمل على تحرير الأرض والإنسان والأسرة والشركة لأي منتج انساني، بعد السبي البابلي،
هو أول ما خطر على بالي بعد قراءة ما ورد تحت عنوان (موقع يوتيوب يتراجع عن حذف حلقة “ما خفي أعظم” حول تواطؤ جهات رسمية في الاستيلاء على أموال المستثمرين في دبي- (فيديو)) والأهم هو لماذا في جريدة القدس العربي بالذات؟!
لأن الإقتصاد، ومن له حق المصادرة/التأميم، بلا منطق أو موضوعية أو إنسانية، في بيروقراطية نظام الأمم المتحدة، داخل دولة الحداثة بعد بداية تسويق العولمة في عام 1945،
هي أساس مشكلة البدون (اللاجئ/المهاجر)، بداية من أهل فلسطين بعد 1947، أو أهل الكويت بعد 2/8/1990، أو أهل العراق وأفغانستان بعد 11/9/2001، أو أهل العراق وسوريا بعد 9/6/2014،
فلو تراجع للتدقيق، بملاحظة هل هناك فرق بين تصريحات (نوري المالكي) وأتباعه في العراق، قبل أو بعد 9/6/2014، عن عنوان خبر في جريدة القدس العربي (وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي: النواب العرب “إرهابيون يرتدون بذلات”) في سياق نتائج الانتخابات عام 2020؟!
ولذلك يا سهيل كيوان، من الواضح أن العراق وفلسطين، تاريخهم واحد، كتعليق على ما ورد تحت عنوان (رمزية النائبة المحجبة في الكنيست)،
من أيام السبي البابلي، بسبب ما فعل (صدام حسين) في 2/8/1990، تحت عنوان (قطع أعناق، ولا قطع أرزاق)، لأن الإقتصاد أولاً، هو سبب عدم قتل اليهود أيام بابل، عكس ما حدث في أوربا (إسبانيا/ألمانيا)، بسبب عقلية ثقافة الأنا أولاً ومن بعدي الطوفان في دولة الحداثة،
جورج بوش الأب، عرض مؤتمر مدريد، من أجل تعاون العرب والمسلمين في استرجاع احدى دول مجلس التعاون في الخليج العربي (الكويت)، في الذكرى الخمسمائة لطرد المسلم واليهودي من أوربا،
والظاهر سكوت الكيان الصهيوني، عن الرد على صواريخ العراق في حينها، كان ثمنه، ما ورد في تفاصيل تحت عنوان (رئيس لجنة حقوق الشعب الفلسطيني لـ “القدس العربي”: لا تفسير لانسحاب أوكرانيا من اللجنة) والأهم هو لماذا؟!
تم دعوة الملك حسين بدل ياسر عرفات، لحضور مؤتمر مدريد عام 1991، مع أن كلاهما لم يقف في جانب جورج بوش الأب في حينها،
ولذلك من وجهة نظري تعليقاً على أول محجبة كنائب في مجلس النواب للكيان الصهيوني،
أنّ إشكالية من يشارك في العملية السياسية لدولة الكيان الصهيوني، مثل إشكالية من شارك في العملية السياسية بعد إحتلال العراق بعد 9/4/2003،
ولذلك سبحان الله، لماذا يظهر اسم آل البيت، بشقيه المغربي والأردني، وما علاقته بآل البيت في إيران أو الكيان الصهيوني، ولماذا؟
عندما تبحث عمن كان السبب في مشاكل فلسطين، ومشاكل المغرب العربي، وقبل ذلك الدولة العثمانية، في نهاية القرن قبل الماضي،
إشكالية تناقضات (دولة الحداثة) التي يمثلها النظام المغربي، هو أنها لا تتعامل على أنها تختلف عن (دولة الحكمة) التي كانت في الأندلس، قبل أن يدمرها عقلية أو فلسفة من أخبث مِن مَن، بين الأمراء، ممثلي ثقافة الأنا أولاً ومن بعدي الطوفان،