وضّح تقرير استقصائي نشرته «القدس العربي» كيف تدير مجموعة من قرابة 300 شخصية ذات نفوذ ومؤيدة للصهيونية، بالتنسيق فيما بينها حرب المعلومات لصالح إسرائيل، وعمليات توجيه الرأي العام، والتحكم بتدفق المعلومات ومصادرها، وممارسة الضغوط والابتزاز والتهديد والطرد بشكل خفي ضد معارضي السياسة الإسرائيلية والمتعاطفين مع الفلسطينيين.
تضم هذه المجموعة مستثمرين ورجال أعمال كبارا، ومسؤولين تنفيذيين لشركات في مجالات التكنولوجيا، وأفرادا مرتبطين باللوبي الإسرائيلي الشهير (آيباك)، ومسؤولين حكوميين إسرائيليين، واختارت هذه المجموعة لنفسها اسم «مجموعة كيبوتس العالمية للمشاريع الريادية».
يلعب «وادي السيليكون»، الذي تتركز فيه شركات التكنولوجيا ذات النفوذ الخطير عالميا، مثل «ميتا» (فيسبوك وواتساب)، و»إكس» (تويتر)، و»أبل» و»أمازون» و»مايكروسوفت» دورا أساسيا في صياغة الرأي العام الأمريكي والعالمي، والسيطرة والرقابة عليه، والواضح أن «كيبوتس العالمية»، تملك بعض مفاتيح هذه الشركات، وتعمل على استخدامها ضمن حربها لإرهاب من يجرؤ على إعلان حقائق التطهير العرقي والمجازر الجماعية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، بمن في ذلك نواب في الكونغرس، مثل رشيدة طليب، وأكاديميين في الجامعات، وكتاب وصحافيين وناشطين، ومنظمات حقوق الإنسان، مثل هيومن رايتس ووتش، ومنصات التلفزة مثل «نتفلكس».
تنبع هذه القوّة العالمية التي تتمركز حول إسرائيل، كما تشير دراسة في «ألتيرناتيف فورين بوليسي»، من الوجود غير المتناسب لليهود في مناصب قوية نافذة في وسائل الإعلام والسياسة وقطاعات التمويل، وأن هذه القوة الممنوع الحديث عنها في أمريكا والعالم، تعني: الإبادة الجماعية باعتبارها «الحل النهائي للمسألة الفلسطينية».
ينتمي الوزير العنصريّ الإسرائيلي ايتمار بن غفير إلى حزب «القوة اليهودية»، الذي يروّج بكل الطرق الممكنة لإبادة الفلسطينيين (أحدها كان تصريح زميله، وزير التراث، عميحاي إلياهو، عن إسقاط قنبلة نووية على غزة)، وقد اضطرّت (آيباك) نفسها، التي هي جزء من «الكيبوتس العالمي» المذكور، إلى اعتبار الحزب المذكور «عنصريا»!
يوضّح موقف (آيباك) المفارقة الكبيرة في موضوع «القوة اليهودية»، التي يجب إنكار وجودها ونفوذها في العالم، ومهاجمة الناقدين لها، كما حصل مع مغني الراب كاني ويست (الذي أعلن اعتذاره قبل أيام لـ»المجتمع اليهودي»)، وسبب المفارقة الرئيسي أن إسرائيل، والمدافعين عنها في الغرب، ما زالوا يعتقدون أن بإمكانهم تغطية جرائم إسرائيل عبر إظهارها كضحية.
يجتهد أمثال بن غفير وسموتريتش وأضرابهما في الإعلان، بكل شكل ممكن، عن الجبروت والغطرسة والقوة داخل إسرائيل وخارجها، كما تظهر علائم هذه القوة في أمريكا، في استقبالات أعضاء الكونغرس الحارة لزعماء إسرائيل، وخصوصا بنيامين نتنياهو (الذي حظي بوقوف وتصفيق حارّ 28 مرّة خلال خطاب مدته 47 دقيقة عام 2015)، وفي التأييد المطلق للسلطات التنفيذية والتشريعية الأمريكية والغربية لإسرائيل، بشكل سمح بما نراه حاليا من إبادة جماعية معلنة للفلسطينيين.
يختصر تعبير «كيبوتس العالمية» التحالف بين القوة الوحشية لإسرائيل، وأصحاب الأموال، ووسائل الإعلام، وشركات التكنولوجيا الغربية، وتتجاوز مهمّة هذا التحالف، إبادة الفلسطينيين، إلى إرهاب كل صوت حقّ يعلو ضد هذا الإجرام، فلا تعود الأكفان البيضاء تغطّي الفلسطينيين فحسب، بل العالم بأجمعه.