كي لا تكون السنة الجديدة كسابقاتها

أما وأن السنة الحالية ستنتهي بعد بضعة أيام دعنا نذكر بأن السنة المقبلة في بلاد العرب ستلحق بالسنوات العربية العجاف التي سبقتها، إن لم تطرح للنقاش، واتخاذ القرارات القومية الصائبة بشأنها، النقاط التالية:
أولاً: مساعدة القطر العربي السوري على فك الحصار الاقتصادي الأمريكي اللاإنساني العبثي الجائر، وعلى إيقاف التلاعبات الأمنية التآمرية الأمريكية وحلفائها في الشمال السوري، وعلى دحر التدخلات الاستعمارية التركية في الشؤون الداخلية السورية، باستعمال أوراق الموضوع الكردي التركي والسوري كمبرر لتلك التدخلات، وعلى اتخاذ موقف قومي تضامني من الضربات الجوية الإجرامية الصهيونية على الأهداف العسكرية السورية، تحت ذرائع مشاكلها وخلافاتها مع إيران وغيرها، وعلى عودة سوريا إلى مكانها الطبيعي في كل المؤسسسات العربية القومية المشتركة، وعلى الأخص الجامعة العربية، ومنظومة قمة الرؤساء العرب.
وفي المنطق الالتزامي القومي نفسه، المساهمة الفاعلة المستمرة في إخراج فلسطين وليبيا واليمن ولبنان والسودان والعراق من الأوضاع المتشابكة المأساوية التي يتلاعب بها ويزج أنفه فيها الاستعمارين الخارجي والصهيوني.
فقد ملت الشعوب العربية من التفرج العاجز اللامبالي من قبل المؤسسات المشتركة العربية، بشأن الجحيم والدمار والانتهاك الذي تعيشه بعض أقطار الوطن العربي، ومن ترك حلول مشاكل الوطن العربي كله في يد الأغراب والأعداء التاريخيين وكل من هب ودب من القريبين والبعيدين.
ثانياً: استعادة الإرادة العربية القومية المشتركة المستقلة القادرة، رغماً عن الضغوط والابتزاز الأمريكي، على الرجوع إلى تفعيل ثوابت التنسيق والتضامن، وصولاً إلى التوحيد العربي التدريجي التراكمي، في حقول السياسة والاقتصاد والمال والأمن والصناعة الحربية والثقافة والتكنولوجيا والتواصل الاجتماعي. ما عاد مقبولاً أن يتوقف أو يتباطأ زخم وحيوية المشروع التوحيدي لطاقات الأمة، ولإمكانيات الوطن العربي المادية والبشرية، الذي كان ملء العين والبصر طيلة القرن الماضي، والذي عمل ويعمل أعداء الأمة على إخراجه من ذاكرة ووعي وضمير شابات وشباب الأمة.
ثالثاً: اتخاذ موقف واحد من محاولات زج هذه الأمة في المماحكات والصراعات الدولية، وإدخالها في متاهات التنافسات التجارية والحروب الانتهازية العبثية في ما بين الدول الكبرى التي ستستنزف طاقاتها وثروات وطنها العربي.

ما عاد مقبولاً أن يتوقف أو يتباطأ زخم وحيوية المشروع التوحيدي لطاقات الأمة، الذي عمل ويعمل أعداء الأمة على إخراجه من ذاكرة ووعي وضمير شباب الأمة

رابعاً: مناقشة واتخاذ موقف صارم موحد من كل جوانب الصراع مع الكيان الصهيوني خصوصاً، أنه يحكمه الآن يمين مجنون ممعن بصلف وتبجح في سياسات القتل، وإدخال الألوف في السجون، من دون محاكمات عادلة، وسرقة الأراضي والمياه، وحصار الأبرياء، وانتهاك حرمة المساجد والكنائس، وهدم البيوت، ورفض عودة اللاجئين. كل ذلك يتم بينما كل من يقوم بتلك الموبقات الاستعمارية ويرتكب يومياً الجرائم ضد الشعب الفلسطيني يستقبل بترحاب في العديد من بلدان العرب.
ليست تلك تمنيات، وإنما هي مطالب من قبل الغالبية الساحقة من ملايين الشعب العربي، في ما لو كان غير مبعد عن المشاركة الفاعلة الحرة في اتخاذ القرارات المصيرية الكبرى من أجل إيقاف الاستباحات الممنهجة لسيادة وثروات الوطن العربي. ولأنها مطالب ترتبط أشد الارتباط بتحرر واستقلال هذه الأمة وكرامتها، وخروجها من حالة التخلف التاريخي الذي تعيشه، فإنها مطالب تستدعي نضالاً شعبياً واسعاً متصاعداً، خصوصاً من قبل الشابات والشباب، ضد كل من يعارض هذه المطالب، أو يتلاعب بجدية تحققها في الواقع، أو يحاول تأجيلها بشتى الأعذار والمبررات.
ترى هل ستمحو السنة المقبلة تجمع خزي وعار وهوان المشهد الحضاري المظلم الذي نعيشه، ونئن تحت وطأته، بالأخص منذ عدة عقود من السنين؟ هذا ما يحتاج إلى إرادة وتنظيم وتلاحم شعبي ورسمي تعاضدي يتحدى ويفعل ولا يتراجع.
كاتب بحريني

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية