لأول مرة.. مجلس الأمن يستمع لشهادة ناشطة من الروهينجا حول جرائم الاغتصاب في ولاية راخين

حجم الخط
0

الناشطة الروهينجية والمدافعة عن حقوق الإنسان راضية سلطانة، تتحدث أمام مجلس الأمن

نيويورك (الأمم المتحدة) – “القدس العربي” – عبد الحميد صيام

بدأ مجلس الأمن الدولي، صباح الإثنين، بعقد جلسة مداولات موسعة ومفتوحة حول العنف الجنسي أثناء الصراعات، بمشاركة واسعة من أعضاء الأمم المتحدة وممثليها ومنظمات غير حكومية وخبراء بالإضافة إلى ممثلة الأمين العام لمسألة العنف الجنسي في الصراعات المسلحة، براميلا باتين.

واستمع أعضاء المجلس لأول مرة لسيدة من الروهينجا حول معاناة عائلتها وأبناء ولايتها في ولاية راخين في ميانمار. وتحدثت الناشطة الروهينجية، راضية سلطانة، الباحثة بمؤسسة “كالادان” عن محنة النساء والفتيات الروهينجا اللاتي “يستهدفن بشكل منهجي بسبب دينهن وعرقهن” حسب تعبير نائبة الأمين العام، أمينة محمد، التي شاركت في الجلسة.

وقالت راضية سلطانة في مداخلتها المؤثرة إن نساء وفتيات، لا تزيد أعمار بعضهن عن 6 أعوام، قد تعرضن للاغتصاب الجماعي. وقالت: “إن الأبحاث واللقاءات التي أجريتـُها توفر أدلة على قيام القوات الحكومية باغتصاب أكثر من 300 امرأة وفتاة في 17 قرية في ولاية راخين، مع مهاجمة أكثر من 350 قرية منذ أغسطس/آب 2017 الماضي. هذه الأرقام غالبا ما تمثل نسبة ضئيلة من العدد الإجمالي للنساء اللاتي تعرضن للاغتصاب. فتيات، تبلغ أعمار بعضهن 6 أعوام، تعرضن للاغتصاب الجماعي. تم اغتصاب نساء وفتيات فيما كن يهربن في محاولة لعبور الحدود إلى بنغلاديش. بعضهن تعرضن للتشويه المروع والحرق وهن على قيد الحياة. ارتكب العنف الجنسي مئات الجنود، في أنحاء ولاية راخين. مثل هذا النطاق الواسع يقدم أدلة قوية على أن الاغتصاب خُطط ونُفذ بشكل منهجي كسلاح ضد أهلي”.

وتحدثت سلطانة عن تشويه الأعضاء التناسلية للنساء بعد اغتصابهن، وقالت إن ذلك يهدف إلى بث الرعب بين الروهينجا وتدمير سبل تكاثرهم. وأعربت عن القلق بشأن زيادة حوادث الاتجار بالبشر التي يتعرض لها الروهينجا.

وحثت سلطانة مجلس الأمن الدولي على إحالة الوضع في ميانمار إلى المحكمة الجنائية الدولية بدون تأخير.

وقد دعيت للحديث أمام المجلس الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف الجنسي أثناء الصراعات براميلا باتين، والتي تحدثت للمرة الأولى منذ توليها منصبها في يونيو/حزيران الماضي في مداولات مجلس الأمن حول هذا الموضوع.

وقالت باتين إن موضوع الجلسة وهو “منع العنف الجنسي أثناء الصراع، عبر التمكين والمساواة بين الجنسين وكفالة الوصول إلى العدالة” يكتسب أهمية أكثر من أي وقت مضى. واستعرضت أمام المجلس استمرار ظاهرة العنف الجنسي كأحد أساليب الحرب والإرهاب قي النزاعات المسلحة.

واستعرضت باتين عددا من الحالات الواردة في التقرير والتي استخدم العنف الجنسي من أطراف الصراع لمهاجمة أو تغيير الهوية العرقية أو الدينية للجماعات المضطهدة، ولتغيير الطبيعة السكانية للمناطق المتنازع عليها. وقالت: “التهديد بالعنف الجنسي ما زال عاملا للنزوح القسري، ومنع عودة المجتمعات التي تم اقتلاعها من مناطقها الأصلية، وخاصة في ظل غياب المحاسبة على جرائم الماضي. الاتجار بالنساء والفتيات بغرض الاستغلال الجنسي، ما زال جزءا متكاملا من الاقتصاد السياسي للحرب والإرهاب، إذ يولد عوائد للمقاتلين والجماعات المسلحة”.

ويشير تقرير الأمين العام إلى اتجاه متصاعد يتمثل في اللجوء إلى آليات التكيف السلبية والضارة كرد على مخاطر التعرض للاغتصاب في بيئات عدم الاستقرار والحاجة، ومن ذلك الزواج المبكر مما أدى إلى مزيد من القمع باسم الحماية.

واستعرضت باتين أيضا محنة الأطفال الذين يولدون نتيجة الاغتصاب في زمن الحروب، إذ يترك أولئك الأطفال بدون وطن وعرضة للتجنيد والتشدد والاتجار والاستغلال. وتعد كولومبيا هي الدولة الوحيدة التي تعترف قانونيا بأن أولئك الأطفال ضحايا.

وقالت الممثلة الخاصة: “تاريخ الاغتصاب في زمن الحروب هو تاريخ من الإنكار. خلال زياراتي للدول المعنية، ما زلت أقابل محاولات للإنكار أو التقليل من هذه القضية. ولكن مثل هذا النهج لا يخدم أحدا، لا الحكومات ولا مصداقية وفعالية المؤسسات الوطنية، ولا الناس الذين يحاولون بناء مستقبل أفضل. لا يمكن أن تحل أي قضية عبر الصمت. لن نتمكن من منع ما لا نستطيع فهمه أو ما لسنا مستعدين لفهمه”.

وقدمت باتين ثلاث توصيات: أولا، دعوة المجتمع الدولي إلى النظر بشكل جدي في إنشاء صندوق للتعويضات لضحايا العنف الجنسي المرتبط بالصراع، من أجل مساعدتهم على إعادة بناء حياتهم وسبل كسب العيش. وثانيا: الحاجة لوضع استجابة عملية للتصدي لوصم الضحايا بالعار، مؤكدة أهمية دعم جهود الإدماج الاقتصادي والاجتماعي لضحايا العنف الجنسي وأبنائهم. وثالثا: أهمية توفر الإرادة السياسية والموارد، بما يضاهي حجم التحدي. وقالت إن الاستجابة للعنف القائم على نوع الجنس، في إطار الجهود الإنسانية، تواجه نقصا حادا في التمويل.

وكان مجلس الأمن الدولي قد اعتمد، قبل عشر سنوات القرار 1280 الذي وضع قضية العنف الجنسي أثناء الصراع على أجندته، باعتبار تلك القضية تهديدا للسلم وعائقا أمام السلام. ويدعو القرار إلى الوقف الكامل والفوري لأعمال العنف الجنسي أثناء الصراعات المرتكبة ضد المدنيين من أطراف النزاعات المسلحة.

وكانت “القدس العربي” قد أثارت مرارا مع رؤساء مجلس الأمن الدولي في مؤتمراتهم الصحافية، في بداية الشهر، الأسباب التي لا تدعى السيدة براميلا لمخاطبة مجلس الأمن مثل غيرها من ممثلي الأمين العام. كما أثارت مسألة دعوة ناديا مراد من الأقلية الأيزيدية في العراق لمخاطبة المجلس واختيارها سفيرة مساعي حميدة بينما لا تعطى نفس الفرصة لفتيات الروهينجا علما أن حجم التدمير والتطهير العرقي في ولاية راخين أكبر بكثير.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية