حملة منظمة ومسعورة غير مسبوقة في السعودية، تشرف عليها الأذرع «الثقافية» لولي العهد محمد بن سلمان، حملة تسير في خطين متوازيين، الأول للترويج للتطبيع مع دولة الاحتلال، والتعامل معها لتحسين وجهها، ومنافع الانفتاح عليها، لاسيما المنافع الاقتصادية، التي ستأتي بمردود مزعوم على الشعب السعودي. وهو بذلك إنما يريد اللحاق بعرابه محمد بن زايد، الذي قطع شوطا طويلا في هذا المضمار، لكن بأسلوب اكثر ذكاء.
والخط الثاني هو حملة التبرير لهذه الخطوة، بتزييف الحقائق والتاريخ وتشويه صورة الفلسطيني وشيطنته، وإلقاء الشكوك حول حقوقه وقضيته، وإظهاره بمظهر البائع لأرضه، الناكر للجميل، الذي يعض اليد التي تمد إليه، وتحميله مصائب العرب وتخلفهم على مدى القرون السبعة الماضية.
هذه الحملة بكل ضراوتها، يستشف منها، أنها تسبق قرارا وشيكا بالإعلان عن التطبيع السعودي، وهو قرار لن يكون تمريره سهلا، وإن اتُخذ فلا رجعة عنه، وعلى أصحابه تحمل عواقبه ومخاطره، حتى من داخل العائلة المالكة، لأنه يشكل خروجا عن السياسة التقليدية، والخط العام للنظام السعودي. قد تستطيع زبانية بن سلمان إسكات الأصوات المعارضة لسياساته، بالأساليب القمعية، التي عهدناها من نظامه، ولكن ليس إلى الأبد. لذلك فإن دعاة التطبيع لن يدخروا جهدا، ولا وسيلة لإقناع الناس بفوائده.
وهذا واضح من إطلاق بعض الكتّاب والمدونين حملات شتم وردح، ودعوات لذبح الفلسطينيين وإبادتهم وحرقهم، يقودها كتّاب صغار ومدونون مرتزقة منتفعون، تسير في خط مواز مع الحملة التلفزيونية التي تقودها قناة «أم بي سي» لصاحبها محمد بن سلمان، لتزوير التاريخ وتشويهه، والإساءة للفلسطيني، وتبني الدعاية التي تخلت عنها حتى الحركة الصهيونية، بعدما انكشف زيف إدعاءاتها، بالاعتراف بسلسلة المجازر، التي ارتكبتها عصاباتها لترويع الفلسطينيين، وحملهم على الرحيل، وزاد عددها عن الثلاثين مجزرة.
قد نسمع بين الحين والآخر بعض الأصوات الحاقدة والمشبوهة، وهذا أمر طبيعي عند أي شعب، لكن من غير الطبيعي أن يصمت عنهم سيدهم ولا يحاسبهم عليها، إلا إذا كانت تخدم أهدافه. ولا يمكن تبرير ذلك بالحديث عن حرية التعبير، نعم نحن مع حق حرية التعبير للجميع، لكن السعودية ليست واحة الديمقراطية، ويمكن القبول بهذا القول لو أن هذا الحق مكفول للجميع، ولا يقتل في أقبية سجون النظام من يخالفه الرأي.
أن يسكت عن شخص يدعو إلى حرق الفلسطينيين وتخليص العالم منهم ومن شرورهم، وفي السعودية على وجه الخصوص، فهذا أمر غير مسبوق. لكن أن «ان تتحفنا» قناة «أم بي سي»، بمسلسلين مرة واحدة، الأول باسم «مخرج 7» والثاني «أم هارون» يتحدث عن الوجود اليهودي في الخليج، والعودة إلى أرض إسرائيل، وليست أرض فلسطين، فهذا ليس محض صدفة. ففي مسلسل «مخرج 7» تتطرق حلقة منه إلى العلاقات مع إسرائيل، عبر ردود أفعال داخل أسرة سعودية، اكتشفت أن أحد أطفالها يلعب عبر الإنترنت مع طفل إسرائيلي. ويظهر الأب (القصبي) غاضبًا، وهو يقول «قلت لزياد.. إقطع علاقاتك معه (عزرا) فورًا». لترد زوجته: «أنت تبالغ، دع الأطفال يلعبون». وفي مشهد آخر يخاطب راشد الشمراني، القصبي بالقول «إسرائيل موجودة سواء أعجبكم ذلك أم لم يعجبكم». مضيفا، «ما ضيع العرب طوال هذه السنين إلا القضية الفلسطينية، والنتيجة كلام وجعجعة بلا نتيجة».
هذا الخطاب ليس جديدا، فكثير من كتائب المتأسرلين الجدد يركزون على هذه النقطة، رغم معرفتهم الجيدة أن الشعب الفلسطيني لم يكن يوما عائقا في طريق تطور وتقدم الشعوب العربية، والخليجية على وجه الخصوص، بل كان له الباع الأطول في إخراجهم من الظلمات إلى النور، وكان عاملا أساسيا في نهضة الخليج لنحو 7 عقود.
وفي مشاهد لاحقة من الحلقة، يزعم الشمراني أن الفلسطينيين يتحينون الفرص للهجوم على السعودية، رغم الدعم المالي الذي تقدمه لهم، داعيًا إلى تعزيز التعاون التجاري بين المملكة وإسرائيل. وهذا كلام مردود عليه وأهدافه المشبوهة واضحة، وتابع: «العدو هو من لا يقدّر وقوفك معه ويسبّك ليل نهار أكثر من الإسرائيليين». وهنا يدعو الشمراني بعد وصف الفلسطينيين بوضوح بالأعداء، إلى التطبيع مع إسرائيل.
والاخطر من «مخرج 7» هو «أم هارون»، الذي يبث فيه رسائل سياسية ومغالطات تاريخية، كالانتداب البريطاني على إسرائيل مش على فلسطين، وتسويقهم للتعايش مع اليهود»، كما قال معلق في تغريدة وأردف، «قناة أم بي سي تستخدم سياسة شل الذاكرة التاريخية في مسلسل أم هارون، واعتمدت مع هذه السياسة، الغرس الثقافي (التعايش مع اليهود، وأن اليهود مظلومين، وتناسوا الظلم على أهل فلسطين)». وشدد على أن «ما قامت به «أم بي سي»، بعيد عن الحقائق التاريخية، هو التأثير على الجمهور وتهيئتهم للتعايش مع اليهود».
حملة ضارية، يستشف منها، أنها تسبق قرارا وشيكا بالإعلان عن التطبيع السعودي، وهو قرار لن يكون تمريره سهلا
«أم بي سي» والفئة المتأسرلة التي تقف وراءها، إنما تطمح بمسلسليها، لدق أسافين بين الشعبين الفلسطيني والسعودي والشعوب الخليجية. ولكن يجب ألا نحقق لهذه الفئة الضالة أغراضها المشبوهة، يجب ألا ننجر وراء هذه الفئة وهي فئة معروفة، ووجوه كبارها مكشوفة، وأهدافها أصبحت غير مخفية على أحد، لن تدفعنا هذه الفئة الضالة في لحظة غضب للتهجم والتطاول على الشعب السعودي، المغلوب على أمره، الذي عانى بأغلبيته ولا يزال من الظلم والاضطهاد، والحرمان والتخلف، رغم ثرواته النفطية الهائلة، لن نتعدى على الشعب السعودي الشقيق، الذي لم يبخل يوما في عطائه لشقيقه الشعب الفلسطيني، وظل ولايزال وفيا له على مدى أكثر من قرن من الزمن، رغم هذه الفئة المأفونة الغريبة على الجسم السعودي، ولن ننكر جميله، ولن نسمح لهذه الفئة الضالة والمرتزقة، بأن تنفث سمومها وأحقادها وغيرتها، نعم غيرتها من هذا الشعب الذي لايزال واقفا على رجليه، صامدا منذ أكثر من قرن، مكافحا ومناضلا ومقاتلا. شعب لم تمنعه كل المصائب التي حلت به، من تهجير وقتل وذبح ومؤامرات عربية وغيرها، من أن يكون جزءا حيويا وفعالا بين الشعوب العربية، وكذلك شعوب العالم، فقدم لهم العالم (عالم الذرة الراحل علي نايفة) والمهندس والمخترع (البروفيسور الفلسطيني الأصل عمر فرحة، المحاضر في جامعة «نورث ويسترن» الأمريكية، الذي يقود فريقا من الباحثين لتصنيع مادة ستساعد في إحداث ثورة في عالم المحركات، التي تعمل بغاز الهيدروجين)، والرواد في الأدب منهم إدوارد سعيد وغيره، والطبيب (عدد من الاطباء الفلسطينيين كانوا ولايزالون في مقدمة الأطباء، الذين يواجهون وباء كورونا في العالم وقدموا الشهداء) والاقتصادي ورجل الأعمال والأديب والشاعر (محمود درويش وسميح القاسم وإبراهيم طوقان وغيرهم المئات) والسفير والسياسي (وبالمناسبة شغل سمير الشهابي وهو فلسطيني الأصل، وغيره منصب سفير للسعودية في عدد من الدول الغربية، في خمسينيات القرن الماضي ومثلوها في الأمم المتحدة)، والمدرس الذي ربى في الدول الخليجية، ومنها السعودية أجيالا عديدة على مدى عقود طويلة). وهذا ليس سوى غيض من فيض. فماذا فعلتم أنتم يا من روجتم يوما لبن لادن، وقدمتم للعالم مفجري البرجين في نيويورك.
وأخيرا نقول لهؤلاء ومن يقف وراءهم، إن الحركة الصهيونية والاستعمار البريطاني والمتآمرين العرب، فشلوا وعلى مدى أكثر من قرن في القضاء على الشعب الفلسطيني وتشويه صورته، اكثر من قرن وهم يحاولون فماذا كانت النتيجة تكاثر الفلسطينيون اضعاف اضعافا حتى بلغ تعدادهم في العالم 13 مليونا ونيف، نصفهم صامد على أرضه من نهرها إلى بحرها. نقول لهؤلاء ومن يقف وراءهم، إذا اردتم التطبيع فطبعوا كما شئتم، لكن من دون تزوير وتشويه للحقائق. التطبيع ليس بحاجة إلى برامج ومسلسلات تلفزيونية، تحاول الحط من الشعب الفلسطيني وقضيته المقدسة. فهذا ما لا يمكن السكوت عليه، ولن يقبله الشعب الفلسطيني المعروف بقدرته على تحمل طعنات «الأشقاء». واخيرا فانتم يا من تتجاوزون الخطوط الحمر، لستم بحمل الشعب الفلسطيني، الذي يناضل ويكافح ضد مؤامراتكم، ويزيد عمر قضيته عن أعمار كثير من الدول في إقليمنا، ولايزال واقفا على رجليه ليكون حقا الرقم الصعب. لن تنجح أم هارون ولا حتى شارون ولا ناصر القصبي وراشد الشمراني في التغيير من واقع قدسية القضية الفلسطينية. ولكن للصبر حدود وقد بدأ الصبر ينفد، وحذارِ من غضبه هذا الشعب.
بعد كل هذه العقود والسنون، يكتشف كتاب ومخرجون ومنتجون خليجيون صحة الإشاعات التي تخلت عنها حتى الدعاية الصهيونية، فالكتاب اليهود بدأوا يكشفون عن أكاذيب الصهيونية بهروب الفلسطينيين وبيعهم لأراضيهم، كما يقول القصبي في «مخرج 7».
كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»
ياليت الكاتبة ابتهال الخطيب تقرأ هذا المقال
أم صوتي إلى صوت الأخ المعلق علي. رجاء اخ علي الصالح ابعث مقالك المحترم هذا للكاتبة ابتهال الخطيب التي دافعت قبل عدة أيام في جريدة القدس العربي عن (أم هارون)
وشغل المرحوم احمد الشقيري، مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية،في المملكة العربية السعودية منصب وزير الدولة لشؤون الأمم المتحدة، ثم عين سفيراً دائماً للسعودية في الأمم المتحدة..
اختلاق المؤامرات وتسييس الدراما وسياسة النعامة امور لا تخدم الفلسطيني وقضيته كما أن الغوغائية والجهل صنوان لا يفترقان وكذلك الخلط الفاضح بين التطبيع ومعرفة الاخر سواء كان عدوا ام صديقا فضلا عن معرفة الذات أي النحن ونقدها لا جلدها. وعدم المساواة والتمييز بين اليهودي والصهيوني/الاسرائيلي لا يقود إلى رؤية صحيحة للواقع بل يقود الى غشى تاريخي وقصر نظر سياسي. والاقرار ببعض الحقائق المتصلة بتاريخ اليهود في البلاد العربية ليس تطبيعا.
ان المشكلة في الوقت والسياق الذي انتج وبث فيه المسلسل..أعتقد أن الامر لا يخلو من الوضوح
المشكله ليست في مسلسل أم هارون بل المشكله في الجهله الذين يشاهدون ويتابعون المسلسل
تحية للجميع
كلام بمجمله صحيح وممكن ان تؤثر الدراما على اراء البعض او اغلب العامة من الناس ولكن السؤال الاكثر الحاحا الذي يجب ان نجيب عنه هو ما تفعله السلطة وحماس قياسا بما ستفعله السعودية بمستقبل القضية الفلسطينية وحتى جميع دول الخليج مجتمعة فاعتقد ان على الفلسطينيين انفسهم ان يديروا قضيتهم باسلوب جديد وخاصة اذا استمر ترامب لفترة جديدة بالحكم فالتطبيع موجود منذ ان وقعت مصر وبعدها الاردن والسلطة اتفاقيات السلام وهل يمكن ان تاتي تلك المسلسلات بنتائج معاكسة اذا استمرت باظهار ان اليهود كانوا يعيشون في بلدانهم العربية بصورة طبيعية وممكن ان يعودوا اليها ان ارادوا واسترجاع ما سلب منهم اذا كان الامر قد حصل وبالتالي ينعكس الامر على اسرائيل ويكون عليها اعادة الفلسطينيين واستردادهم لما سلب منهم لذل علينا ان نرى الامور باكثر من منظار
نتمنى لهم التطبيع مع العمالة الوافدة من كل الاجناس و الاديان التي ساهمت في
–
بناء جل هذه البلدان فلو كانوا حقا يريدون التصالح مع ذواتهم و الاخرين لما اتهموا
–
هؤلاء الشرفاء بالتسبب في كورونا
و هلا بنوها بالمجان؟ ان حصلوا عرواتب و مميزات لم يحصلوا عليها في بلدانهم و فتحوا بيوتهم و علموا بناؤهم من خير هذه البلدان. وبعضهم حصل على ملايين الدنانير و الريالات و ركبوا السيارات و عاشوا افضل حياه مقارنه بقيرهم لكن عرب الشمال لا يجيدون الا النكران و الكره و الحسد و الحقد حتى على انفسهم….
وما هو المتوقع من شخص وظع اعمامة واخواله بالسجن لابتزازهم وسرقه اموالهم وتعبهم حتا يعطية لكوشنير اليهودي وجانيت جاكسون ويصرفه على اللوحات واليخوت بفرنسا
مقال لا بد ان يقال ، سلمت وعاش قلمك
كل التقدير والاحترام لشخصك الكريم وفكرك النير
اصبت ، الى الامام