تحت وطأة مظاهرات جماهيرية عفوية كاسحة وغير مسبوقة، عمّت كل المناطق والطوائف والعقائد، يظللها علم لبنان الواحد، ونتيجةَ معاناة أزمةٍ مزمنةٍ خانقة اقتصادية واجتماعية ومعيشية، وحالٍ متمادية من اللادولة، تهاوى النظام الطائفي الفاسد بكل أهله وأجهزته وجلاوزته.
عجّلت في ذلك ثلاثة عوامل: أولها، انقسام الشبكة السياسية المتحكّمة على نفسها، وخروج بعض أركانها على احكام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني (الطائف) ومثابرة بعضهم الآخر على الإذعان لتدخلات سافرة من قوى خارجية معادية.
ثانيها، تشتت القوى الوطنية والتقدمية المفترض بها أن تشكل معارضةً فاعلة وبديلاً للنظام الطائفي الفاسد.
ثالثها، احتدام الصراع في الإقليم بعد انهيار النظام العربي الإقليمي، واعتزام الولايات المتحدة و»إسرائيل» تصفية قضية فلسطين، من خلال ما يُسمّى «صفقة القرن» والفتن المذهبية والحروب الأهلية.
في غمرة هذه التظاهرات والتحديات، صدر عن أهل القرار موقفان حاسمان: الأول لرئيس الحكومة سعد الحريري، والثاني لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله. الحريري أمهل نفسه وشركاءه في السلطة 72 ساعة للتوافق على خطة متكاملة للإصلاح والإنقاذ، مقرونة بتهديد ضمني بالاستقالة إذا ما تعذّر تبنّيها. نصرالله أيّد مطالب المتظاهرين المحقة، لكنه عارض إسقاط العهد والحكومة، داعياً أهل السلطة والقرار إلى تحمّل مسؤولياتهم والمبادرة إلى مواجهة خطر الانهيار المالي والاقتصادي، ومهدداً بنزول حزب الله وجمهوره إلى الشارع في كل مناطق البلاد، إذا ما أحجم أهل القرار عن تحمل المسؤولية وبذل الجهود الكفيلة بتفادي الانهيار.
إلى أين يتجه المشهد اللبناني؟
لن يبتئس اللبنانيون إذا ما تمكّن الحريري وشركاؤه في السلطة من النجاح في تحقيق خطته الإنقاذية. لكن تعاظم الانتفاضة الشعبية ضد النظام الطائفي من جهة، وانقسام اهل السلطة في ما بينهم وضيق هامش المناورة أمامهم من جهة أخرى يجعلان فرص الحريري بالنجاح محدودة. هذا الاحتمال الراجح يعزز قدرات وحظوظ خصوم النظام الطائفي الفاسد المطالبين بإسقاطه وبإصلاح جذري نهضوي شامل.
لتحقيق الإصلاح النهضوي المنشود، تستطيع قوى التغيير سلوك مسار سياسي إصلاحي قوامه الأسس والإجراءات الآتية:
*أولاً، عدم التورط مع الشبكة السياسية المتحكمة في أيّ صيغةٍ تسووية لتوافق وطني مصطنع، يُراد منه إعادة إنتاج النظام، أو تجديد مؤسساته وآلياته، بل دعوة القوى الوطنية والتقدمية الحيّة إلى إعمال الفكر وتفعيل الحوار، بغية إنتاج برنامج أولويات سياسية واقتصادية واجتماعية متكاملة لمعالجة حال لبنان المستعصية والانتقال به، من خلال جبهة وطنية عريضة، إلى حال الحرية والوحدة والنهضة وحكم القانون والعدالة والتنمية والإبداع.
*ثانياً، الضغط على أهل القرار في جميع المستويات والمؤسسات للتسليم بأن البلاد تمرّ في ظروفٍ صعبة واستثنائية، وأن الظروف الاستثنائية تستوجبُ بالضرورة تدابير استثنائية للخروج منها، وأن ذلك يستوجب بدوره اتخاذ التدابير الآتية:
(أ) تنحية الشبكة المتحكّمة وتأليف حكومة وطنية جامعة، قوامها قياديون اختصاصيون من خارج أهل النظام لمعالجة القضايا والمشكلات الأكثر إلحاحاً وأهمية، واتخاذ القرارات والتدابير الاستثنائية اللازمة بشأنها.
(ب) قيام الحكومة الوطنية الجامعة بالدعوة إلى عقد مؤتمر وطني تأسيسي مؤلّف من مئة شخصية وطنية مقتدرة.
(ج) يتكوّن المؤتمر من: اربعين عضواً من الكتل البرلمانية التي يضمّ كلٌ منها أربعة اعضاء على الاقل، يمثلون واقعياً وافتراضياً نسبة الـ49% من اللبنانيين الذين شاركوا في الانتخابات الأخيرة بحسب بيان وزارة الداخلية، وستين عضواً من الاحزاب والنقابات وتشكيلات المجتمع المدني، يمثلون نسبة الـ51% من اللبنانيين الذين قاطعوا الانتخابات النيابية الأخيرة.
(د) تسمّي قيادات الكتل البرلمانية والأحزاب والهيئات المشار إليها في الفقرة (جـ) ممثليها في المؤتمر. وإذا تعذّر عليها التوافق ترفعُ اقتراحاتٍ بأسماء شخصياتٍ مقتدرة في صفوفها إلى الحكومة الوطنية الجامعة كي تقوم باختيار أعضاء يمثلونها من بينهم.
(هـ) تتمّ عملية تكوين عضوية الهيئة العامة للمؤتمر الوطني التأسيسي، في مهلة أقصاها شهر واحد من تاريخ انطلاقها، على أن تدعو الحكومة الوطنية الجامعة فور انتهاء المهلة إلى عقد المؤتمر بالأعضاء الذين تمّت تسميتهم شرط ألاّ يقلّ نصابه عن خمسين من مجموع أعضائه المئة.
(و) يعقد المؤتمر الوطني التأسيسي جلسات متواصلة لإنجاز مهامه في مهلة أقصاها شهر واحد.
*ثالثاً، يهدف المجلس الوطني التأسيسي في عمله إلى تحقيق المبادئ والإصلاحات التغييرية النهضوية الآتية:
(أ) الخروج من النظام الطائفي الفاسد بإرساء قوعد الدولة المدنية الديمقراطية.
(ب) اعتبار قوانين الانتخاب المتعاقبة منذ الاستقلال غير دستورية، وان اعتماد قانون انتخاب يؤمّن صحة التمثيل الشعبي وعدالته شرطٌ ومدخلٌ لبناء الدولة المدنية الديمقراطية، ومنطلقٌ لإقرار سائر القوانين والإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية النهضوية.
(جـ) إقرار قانون جديد للانتخاب وفق أحكام الدستور، ولاسيما المادتين22 و27 منه.
(د) اعتماد النسبية في دائرة انتخابية وطنية واحدة.
(هـ) يكون مجلس النواب مؤلفاً من 130 نائباً، مئة (100) منهم يُنتخبون بموجب لوائح مرشحين مناصفةً بين المسيحيين والمسلمين، من دون التوزيع المذهبي للمقاعد، ويُنتخب الثلاثون (30) الباقون وفق التوزيع المذهبي على أن يكون لكل ناخبٍ صوت واحد.
(و) يجتمع النواب المنتخبون جميعاً في هيئة مشترعة واحدة ويقومون بتشريع قانونين:
الأول يقضي باعتبار النواب المئة المنتخبين على أساس المناصفة من دون التوزيع المذهبي للمقاعد قوامَ مجلس النواب المنصوص عليه في المادة 22 من الدستور، واعتبار الثلاثين نائباً المنتخبين على أساس التوزيع المذهبي قوامَ مجلس الشيوخ وفق المادة عينها. الثاني يقضي بتحديد صلاحيات مجلس الشيوخ باعتماد معظم المواضيع المعتبرة أساسية في الفقرة 5 من المادة 65 ـ دستور.
*رابعاً، يُطرح مشروع قانون الانتخاب الديمقراطي الجديد مع مشروع قانون تعديل احكام الدستور، استكمالاً لمضمون المادتين 22 و27 منه على استفتاء شعبي عام، ويكون هذان القانونان شرعيين ومستوجبي التنفيذ، ويُعتبر مجلس النواب القائم منحلاً بموجبهما، بمجرد نيل الاستفتاء موافقة لا أقل من خمسين في المئة من أصوات المشاركين.
*خامساً، تقوم الحكومة الوطنية الجامعة بإجراء انتخابات تشريعية وفق أحكام قانون الانتخاب الجديد وإنتاج مفاعيله الدستورية والقانونية.
ماذا لو تعذّر، لسبب أو لآخر، سلوك هذا المسار التغييري النهضوي الديمقراطي؟ إن القوى الحيّة عموماً والقوى الوطنية والتقدمية خصوصا، المؤتلفة في جبهة وطنية عريضة مدعوة إلى اعتماد خيار العصيان المدني ومباشرة تنفيذ متطلباته ضد مؤسسات النظام الطائفي الفاسد والقائمين بإدارته، وتصعيد الضغط الشعبي لغاية تسليم المسؤولين ذوي الصفة بتنفيذ برنامج التغيير الديمقراطي النهضوي بمبادئه وأسسه وإجراءاته جميعاً. إن البقاء في حال الطائفية والفساد والحروب الأهلية موتٌ بطيء ومحتّم، فيما الانطلاق إلى التغيّر والتغيير الديمقراطي النهضوي ارتقاء إلى حياة حضارية جديدة وإبداعية، وقد آن الأوان.
*كاتب لبناني
حيثما وصل الإصبع الإيراني حل الخراب من كل النواحي
مختصر مفيد
لبنان لايحتاج الى مؤتمر تأسيسي لبناء الديموقراطية لبنان يحتاج الى شباب وسياسيين شرفاء وشجعان يتصدون لحزب الولي الفقيه اللذي منذ ان تأسس ولبنان يهرول الى الحضيض بعد ان اصبحت ايران ووليها الفقيه وبدعم من الوصي العلوي الطائفي في سورية هي من تتحكم بساسة لبنان وتسرق اقتصاده العلة في النظام الطائفي اللذي يحرسه ويستنزف الولي الفقيه بأزلامه في الضاحية الجنوبية ولن يتعافى لبنان حتى يتم اجتثاث هذه الجرثومة من كل الوطن العربي
إن لم ينتج ملوك الطوائف عن موقعهم فهو الدليل على أنهم جزء من الوصاية التي فرضتها فرنسا على لبنان.
من وجهة نظري هذا العنوان التوجيهي (لا بد من مؤتمر وطني تأسيسي لبناء دولة مدنية ديمقراطية) هو أساس إشكالية الإشكاليات في أجواء العولمة والإقتصاد الرقمي/الإليكتروني،
لمفهوم الخبث ضد الخبث المُضاد، لتسويق فكر اليسار (عقلية الكيبوتسات للكيان الصهيوني) كنموذج العدالة الإنسانية، لماذا؟!
لأن تبين لي على أرض الواقع، مناهج تعليم عقلية الموظف في النظام البيروقراطي لدولة الحداثة (لمهن القطاع الخاص أو العام)، هي التي تحتاج إلى تطوير لتناسب عصر الجيل الرابع أو الأتمتة/الحوكمة الإليكترونية،
فالآلة الآن ليست بدل للعضلات، بل كذلك بدل العقل في عملية اتخاذ القرار، وهنا هي إشكالية الإشكاليات للإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمُنتجات الإنسانية في إثبات ولاءه/ايمانه يتبع من في الصين (التي هي دولة بنظامين رأسمالي (هونغ كونغ) وشيوعي (تركستان الشرقية)؟!
ومن هنا أهمية مشروع وقف بسطة (صالح) لإنتاج المُنتج الحلال (أي بلا غش تجاري) حتى يستطيع المنافسة في أجواء العولمة والإقتصاد الرقمي/الإليكتروني، بغض النظر في فلسفة السوق الأمريكي (أمازون) أو حكمة السوق الصيني (علي بابا) في توفير أفضل جودة للخدمات في أي دولة.??
??????