دَسَّتِ الوَرْدَةُ عِطرَها في جُيُوبِ الهَوَاء:
خُذْهُ بَعيداً عَنْ حَرْبِهِمْ ولا تَتَرَجَّلْ،
هُنا ما عادَ يَنْبُتُ القَمْحُ ولا الزَّيْزَفون،
وحْدَها المَآذِنُ
تَنْبُتُ مثلمَا يَنْبُتُ الفُطْرُ بلا سَببٍ،
الأَرضُ عَوْرَةُ امرأَةٍ هُنَا والسماءُ ذكَر.
لا تَثِقْ بالجهاتْ،
كلُّها تأخُذُكَ إلى جِهَةٍ وَاحِدَة
ولا بالكتبِ كلُّها تَطُوفُ
حَولَ كتابٍ واحدٍ،
الكاتِبُونَ سُكَارى في جَلابيبِ البَلاغَةِ
والقارئُونَ سُكَارى من خَشْخَشَةِ البديعِ
واللّسانُ الفَصيحُ يَلْعَقُ الكلماتِ في مَقْبَرَة،
فالمفْرَداتُ البَليغَاتُ ..وَشَّى الخَلِيلُ بنُ أحمد بِهَا قُفْطَانَهُ،
وأَوْقَفَها حين ماتَ تلاميذُهُ عندَ قَبْرِه.
شَجرُ الصَّنَوْبَرِ صارَ أسْوَدَ تَحْتَ قَنْطَرَةِ الغُروبِ،
قِيلَ تَوضَّأَ بالعَتْمَةِ
ورآه شَيخُنا يَسْجدُ آخرَ اللَّيلِ تَائِباً،
وفَاكِهةٌ دَانِيَةٌ في أفلامِ العُرَاةِ،
ونهرٌ من خَمْرٍ في سُقوفِ المَقابِرِ للمَوتَى الأُمَراء.
لا تُؤكَلُ الكَرْمَةُ إلَّا على مَذْهَبِ العِنَبِ، وتُلْعَنُ بِابْنَتها،
والتّينُ والزَّيْتونُ مَلائِكَةُ المَائِدَة،
لا تَثِقْ بالكلامِ المُثَقَّفِ
مثْلُ شِباكِ العَنَاكِبِ على قُمْقُمِ المَجْدِ والذَّاكِرَة،
والكِتابةُ والنَّقْدُ رَجْمٌ.
لا تثقْ بالجِهَاتِ هُنَا.. لا تثقْ
كلها تَأخُذُكَ إلى جِهَةٍ واحِدَة.
شاعر سوري