لا قيمة للديمقراطية المصرية بدون استيعاب الجميع.. .. وعدلي منصور ورقة التين لتمرير القرارات الدستورية

حجم الخط
0

لندن ـ ‘القدس العربي’ انتهى الانقلاب العسكري في مصر يوم 3-7-2013 الى مسألة توصيف، فهل هو انقلاب، ثورة، تنحية، خلع او انتفاضة، تعددت الاوصاف والاسم واحد، فبالنسبة للرئيس الامريكي باراك اوباما كان ‘الانقلاب’ على ‘الشرعية’ تنحية لرئيس مصري منتخب، وعبر عن قلقه البالغ من تطور الاحداث. لكن اوباما لم يدع الى اعادة الرئيس ‘المخلوع’ ولم يشجب الجيش المصري لانه عطل العمل بالدستور.
وبالنسبة للجماهير الحاشدة في ميدان التحرير فما حدث كان ‘ثورة 30 يونيو’ ولهذا كانت مدعاة للفرح.
وظلت مسألة التعبير عن الفرح مثار احراج للتلفزيون المصري الرسمي، حيث كانت الفرحة بادية على وجوه المذيعين، بل واستخدمت احدى المذيعات عبارة الرئيس المخلوع وان ‘الاخوان’ قد انتهوا، ومع ذلك استعان التلفزيون كما هو الحال بالجيش بالازهر كي يبرر التعبير عن مشاعر الفرح دينيا، واكد الشيخ ‘غير الملتحي’ على ان الاخوان هم مكون من مكونات المجتمع المصري، هم معلمون وخادمون بالضرورة اكثر من كونهم سياسيين لان دخولهم السياسة يؤدي للكوارث.
مقارنة مع حالة الغموض التي شابت القنوات الفضائية العربية التي كانت تبحث عن توصيف لما حدث، وان كان ما حدث انتفاضة ام انقلابا بثوب ديني ومباركة دينية، لم يخف الامر على الصحافة الاجنبية التي اكدت كل عناوينها على ‘دور الجيش بالاطاحة بالرئيس المصري’ فالامر بالنسبة لها كان واضحا، حركة عسكرية ضد رئيس مدني ايا كان موقفها من سجل الرئيس المعزول ومن حركة الجماهير.

ازمة في مصر

فعلى الرغم من اخفاقاته، اي مرسي وهي كثيرة الا ان ما حدث يوم الاربعاء كان وبدون شك انقلابا عسكريا. هذا ما تراه ‘نيويورك تايمز’ التي قالت ان المصريين سمحوا بنهاية الثورة التي انهت حكم مبارك وتحويلها لرفض للديمقراطية.
وتقول ان المصريين وهم الان يفكرون بمستقبلهم عليهم تجنب امر مهم وهو العنف الذي قد يجر البلاد الى حرب اهلية بشكل يجعل سنة مرسي المليئة بالمشاكل والانقلاب عليه حدثا صغيرا. ولتجنب هذا يجب ان يعطى السيد مرسي والاخوان المسلمون والاسلاميون بشكل عام مكانا في نظام سياسي سيظهر، وأي شيء غير هذا فكل حديث عن الديمقراطية لا قيمة له.
وذكرت الصحيفة بالعراق ان الذي ادى الى استبعاد مصالح جماعات كبيرة ادى لاستمرار النزاع.
ولاحظت الصحيفة نوعا من التناقض بين تحالف المعارضة التي تدعي الديمقراطية مع الجيش الذي مارس سلطته على البلاد منذ عام 1952 حيث كان القوة وراء مبارك ليتحول لحامي الشعب، ثم ليصبح مصدر غضبه بعد الثورة عندما كشف عن عدم كفاءته على الحكم حتى جاء مرسي واخرجه تدريجيا من السلطة.
وبعد الانقلاب فلا احد يعرف الكيفية التي سيمارس فيها الجيش لعبة السلطة لكن استمرار حكمه لن يكون جيدا لمستقبل مصر. وتقول ان الامتحان الاكبر للجيش هو ان كان جنرالاته سيسمحون للقادة المدنيين والدينيين لاعداد خطة تقود الى الانتخابات، وكلما تحقق الامر سريعا كان احسن، مضيفة انه يجب ان يتم اتخاذ القرارات بشفافية. ولا تستبعد الصحيفة وقوع العنف. واشارت الصحيفة الى احداث يوم الاربعاء التي وصلت الذروة بوضع مرسي في الاقامة الجبرية ومنع من الاتصال بالعالم الخارجي.

انقلاب على الصندوق

وترى صحيفة ‘الغارديان’ في افتتاحيتها ان مصر عادت الى المربع الذي كانت فيه قبل عامين حيث سيعود فلول النظام السابق الى الامكنة التي كانوا يحتلونها.
وقالت الجيش المصري لم يكن ماهرا في اخراج عملية الاطاحة بالرئيس مرسي. فالفريق عبدالفتاح السيسي لم يذكر مرسي بالاسم عندما جرده من سلطاته، واعلن تعيين رئيس المحكمة الدستورية، عدلي منصور الذي لم يسمع به احد وبالتأكيد سيكون ‘الوجه او ورقة التين التي ستصدر من خلالها كل القوانين الدستورية’.
ولم يفت على الصحيفة حضور ممثل حزب النور السلفي الذي كان سببا في الدستور الذي اطاح بمرسي، مشيرة الى ان مشاكل حزب النور ستصبح مشاكل النظام الجديد، ولا ترى في النظام الجديد ليبراليا، فكيف يوصف واول قراراته اغلاقه قناة الاخوان المسلمين ومهاجمة ‘الجزيرة مصر’.
وعلقت على كلام محمد البرادعي الذي قال ان ثورة التحرير عام 2011 قد اعلنت مرة ثانية، قائلة ان الفرحة قد تكون قصيرة لان ما حدث هو ان مصر عادت عامين للوراء، فقد خرج مرسي ودخل فلول النظام الى اماكنهم التي اخلوها، واصبح الامر مسألة وقت قبل عودة احمد شفيق الذي خسر الانتخابات.
وتعترف الصحيفة ان مرسي فشل في ان يكون رئيسا للمصريين حيث مضى واقر دستورا لم يحظ باجماع على امل تعديله في المستقبل. وهي وان وافقت مرسي على موقفه من انه دعا المعارضة اكثر من مرة للمشاركة ولكنها رفضت، لكن مرسي كان يجب ان لا يمضي بدونهم. وفي النهاية تقول ان ما حدث يوم امس كان اكثر خطرا من الاسباب التي ادت اليه لانها ترى ان ما حدث هو رمي صندوق الاقتراع في سلة الزبالة.

عرت الجميع

وقالت الصحيفة ان من اهم منافع الانقلاب العسكري انها عرت كل جانب واين يقف، فالليبراليون والوطنيون والسلفيون ورئيس الكنيسة القبطية كلهم انضموا الى الدولة العميقة العصية على الاصلاح. اما الاخوان المسلمون فقد اصبح لديهم قضية اقوى من البعد الاسلامي، فهم الان يقاتلون من اجل الديمقراطية الدستورية، ولن يتهمهم احد منذ الان انهم يحاولون ستر عورة الجيش او الشرطة لان الاخوان هم من ضحايا هؤلاء.
وتقول ان مرسي معتقل من الشرطة والبلطجية، تحت الاقامة الجبرية، فهل نتوقع انتخابات نزيهة، وتظل الانتخابات التي يشارك فيها كل الاطراف ويحشد كل قواه بدون خوف من الاعتقال هي المخرج للمشاكل، يوم الاربعاء كان هذا الوضع بعيدا.

الجيش والسلام الهش

وتعتقد صحيفة ‘ديلي تلغراف’ ان حركة الجيش كانت رسالة سيئة للاسلاميين خاصة، الذين سيتساءلون عن جدية الديموقراطية وقد تم الاطاحة بنجاحاتهم في صندوق الاقتراعات بالقوة.
وتقول الصحيفة انها كانت اول من حذر الذين يرقصون فرحا لسقوط حسني مبارك عام 2011 كان يعني عودة الاسلاميين وبقوة.
ولم يكن نجاح الاخوان في الانتخابات مفاجأة، لانه بعد تفكيك دولة مبارك لم يبق في مصر سوى قوتين الجيش والاخوان الذين كانوا الطرف الاكثر استفادة من تحول مصر للديمقراطية، لكن مرسي فشل بفهم ان نجاحه في الانتخابات كان يدعوه لمد يده للاطراف التي لا تؤيد الاخوان المسلمين.
وتقول ان من حق مرسي التمسك بالشرعية الدستورية ولكن لنقطة معينة. فكواحد من المستفيدين من الثورة كان عليه تشكيل ادارة تفهم الحدس العلماني للمصريين.
وبدلا من ذلك تقول ان مرسي قاد البلاد في طريق لبناء نظام اسلامي، قيد من حرية المرأة، وطبقت الشريعة على السياح الذين يعتمد عليهم اقتصاد البلاد.

عودة العسكر

الان وقد عاد العسكر للحكم فالمهمة الكبرى هي كيفية تنحيتهم، وترى صحيفة ‘التايمز’ في افتتاحيتها ان الديمقراطية يجب ان تكون نتاجا لدخول الجيش للحلبة في مصر واي شيء اقل من هذا هو ‘خيانة للربيع العربي’، واشارت الى الضغوط التي تعرض اليها مرسي من الشارع ورفضه للخروج من السلطة مما دعا بالجيش للتدخل. فكتب التاريخ قد ترى انه خيار من لا خيار له، وهي مثل بقية الصحف تقول ان مرسي فشل، ولكن الدراما التي رافقت الاطاحة بمرسي والاحتفالات تظل محفوفة بالمخاطر، مشيرة الى ان تاريخ الانقلابات في العالم العربي دائما ما تكون دموية ومن هنا فالانقلاب في القاهرة لا يبشر بخير.
وقالت الصحيفة ان نهاية حكم مرسي كانت واضحة منذ يوم الثلاثاء حيث بدأت قاعدة مرسي بالتهاوي مع استقالة الوزراء وتخلي الحلفاء عنه. وتقول ان خريطة الطريق التي تقدم بها الجيش قد ينظر اليها الليبراليون والمراقبون الغربيون لا غبار عليها، لكن بالنسبة للاخوان المسلمين ومؤيدي مرسي فسينظر اليها على انها رفض ديكتاتوري لخيار الشعب، وتدعو الصحيفة باراك اوباما لاستخدام تأثيره على الجيش المصري والتأكد من تطبيق خارطة الطريق بدلا من ان تتحول الى تأكيد للامر الواقع.

ازمة في مصر

وتقول ان اوباما قد يحجز الدعم عن مصر في حالة عدم اعادة العملية الديمقراطية في وقت سريع، مع ان صحيفة ‘لوس انجليس تايمز’ نقلت عن نواب جمهوريين في الكونغرس قولهم انهم لن يدفعوا بوقف الدعم عن الجيش الذين قالوا انه المؤسسة الوحيدة التي تحظى باحترام كل الاطراف في مصر اليوم.
واكد جوناثان ستيل في ‘الغارديان’ انه مهما كان توصيف فعل الجيش في القاهرة الا انه يعتبر ‘تدخلا مدمرا في السياسة في بلد شم ريح الديمقراطية منذ عقود’، فقد عاد الجيش للسلطة بعد ان خرج منها اولا بتوجيه انذار للرئيس وثانيا بتنفيذ تهديده ووضع خارطة طريق اطاحت بالرئيس.
ويقول ستيل ان رفض الانتخابات التي اعتبرت نزيهة وتجاوز الدستور هو خطوة ما كان يجب على الجيش اتخاذها. وفكرة ترحيب مجموعة من الثوريين الذين تحدوا بشجاعة مبارك هو تعبيرعن ضيق نظر وسذاجة، وهذا لا يعني اعفاء مرسي من اللوم فالقائمة طويلة ضده.

طبيعة الجيش

ويعتقد فيسك ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة سيىء السمعة هو الذي يدير البلاد مرة اخرى، ايا كان توصيفك لما حدث في القاهرة، عاد بالتهديد اولا ثم بارسال الدبابات للشوارع، اسلاك شائكة حول القصر الجمهوري وجنود حول الاذاعة والتلفزيون. وهو ما اسماه محمد مرسي انقلابا، وقال ان مرسي كان مستعدا للتضحية ونفس الامر صدر عن الجيش.
وتحدث انه حالة شعب يصفق للعسكر كان مدعاة للرثاء، مع ان المعارضين يتهمون مرسي بخيانة حريتهم، لكنهم يشجعون العسكر على الجلوس في مقعد الساسة.
ومع ان الطرفين- المعارضة والموالين حملوا العلم المصري الا ان لون الخاكي لا بديل عنه، وكذا لن يختفي الاخوان المسلمون ايا كان مصير مرسي.
فهو وان كان مدعاة للضحك في حكمه ومثارا للاسف في خطبه الا ان حركة الاخوان المسلمين تعرف كيف تنجو ضد اعدائها فهي من اكثر الجماعات تنظيما. ويضيف ان الاخوان المسملين هم من اكثر المؤسسات التي يساء فهمها او بعبارة اخرى التي يساء فهمها عن قصد في تاريخ مصر الحديث. فهي ليست حركة اسلامية ولكنها قريبة في سياستها من اليمين، مشيرا الى ان حسن البنا، مؤسسها كان مستعدا لقبول الملك فاروق وملاك الاراضي ماداموا قبلوا النظام الاسلامي.

فرصة ضائعة

ويرى فريد زكريا في مقال له في ‘واشنطن بوست’ ان امريكا واجهت جوابا حاضرا من مبارك كلما دعته لاحداث تغييرات والتوقف عن حبس معارضيه ‘هل تريدون رئيسا من الاخوان’ كان الجواب.
ويوم الاربعاء كان السؤال والجواب حاضرين، فمصر لا تزال تعاني من الازمة اما العسكر او الاخوان، ومن اجل التخلص من كليهما فعلى المصريين القرار. ويرى ان الصراع في مصر لم يكن ابدا بين العلمانيين والاسلاميين بقدر ما كان على السلطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية