أتمنى أن ينتهج الاخوان المسلمون والجماعة الاسلامية وغيرهم من مناهضي الانقلاب السلمية في رفضهم، والبعد تماما عن أي استخدام للعنف، لأن عاقبة لجوء أي منهم الى العنف ستكون كارثية على الجميع وعلى من يلجأ اليه في المقام الأول.. وأعتقد أنهم يدركون ذلك جيدا . ولكن حديث الانقلابيين الزائف عن المصالحة هو ما يقلقني، فالشواهد المتعددة تؤكد على عدم رغبتهم في حدوث تلك المصالحة المزعومة أو في انتهاج حل سياسي للأزمة التي وضعونا هم فيها وتؤكد أيضاً على عزمهم الأكيد على التعامل الأمني مع رافضي الانقلاب. أخص بالذكر من هذه الشواهد ما جاء بالخطاب الأخير للفريق أول عبد الفتاح السيسي حيث قال حرفياً: ‘ان هذه الجماعة استخدمت الديمقراطية سُلماً للوصول الى الحكم’ (!!) ما يعني رغبته الأكيدة وعزمه القاطع على اقصاء فصيل الاخوان المسلمين تحديداً وأشباههم عموماً عن الحياة السياسية. فالسماح لهم بممارسة السياسة مرة أخرى قد يؤدي بهم للوصول الى سلطة ما من سلطات الحكم وهو ما يتناقض مع استهجان السيسي استخدام تلك الجماعة للديمقراطية وصولاً الى الحكم على حد قوله! وكأن هناك عبارة أخرى لم يقلها السيسي تُضاف الى عبارتِه السابقة.. تقديرها: ‘وهو ما لن أسمح بتكرارِه’ ( ! ) تُرى كيف تستقبل جماعة الاخوان المسلمين هذه التصريحات التي تؤكد لها أنه لا سبيل لعودتها لممارسة السياسة (في جو ديمقراطي) لأن الديمقراطية سُلمها للوصول الى الحكم.. وهو ما لا يقبله ولا يريده السيسي؟! وما أثر ذلك على تفكير الجماعة ومنتسبيها وعلى منهجهم السلمي المنشود؟ لا شك (عندي) أننا نشاهد صراع ارادات متعارضة سنعاني نحن من تبعاته، ففي سبيل حرمان الاخوان المسلمين من ممارسة حقوقهم السياسية سنعاني نحن من تقييد للحريات ومن ممارسات ديكتاتورية بحجة عدم تمكين تلك الجماعة من الوصول للحكم نزولاً عند رغبة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وفريقه، عن طريق اللجوء الى وسائل عديدة من بينها تزوير الانتخابات وتفصيل مواد مخصوصة بالدستور والقوانين تساعدهم على الوصول الى غايتهم المنشودة، وقد بدت بوادر هذه الممارسات في اعلان اللجنة المعينة من الانقلابيين لوضع توصيات حول تعديل الدستور اختيارها للنظام الفردي في انتخابات البرلمان بنسبة مائة في المائة من عدد المقاعد رغم العيوب العديدة لهذا النظام، وطرحها جانباً نظام القائمة النسبية المغلقة التي كانت تعتبر من أهم مكاسب الثورة. مما يعني تمكين فئة معينة من الحكم تحظى برضا قادة الانقلاب، من رجال الحزب الوطني المنحل تحت مسميات أخرى وغيرهم من علمانيين ويساريين وليبراليين (مرضي عنهم) . وسيعمل الانقلاب على هدم الديمقراطية التي أوصلت تيار المرجعية الفكرية الاسلامية (الاسلاميين) الى الحكم.. مهما تعددت الوسائل أمنية (ابادة واعتقال) دستورية قانونية اعلامية.. الخ، والسيطرة على الحكم بطرق وديكورات ديمقراطية. والحجة تنفيذ ارادة الشعب! أخيرا أود أن أقرر أنه لا شك (عندي) أيضاً في أن مجرد وجود ارادة ما لدى طرف ما.. لا يعني بالضرورة نفاذ هذه الارداة.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. لا للارتداد عن الديمقراطية.. يسقط الانقلاب. محمود حندول