لبنان إلى أين بعد التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله؟

سعد الياس
حجم الخط
0

سأل نواب في المعارضة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي حول موقفها من تصريحات أمين عام حزب الله التي تضمنت تهديداً لقبرص والتي تضرّ بمصالح لبنان وتؤجج التوترات الإقليمية.

بيروت ـ «القدس العربي»: لا صوت يعلو في لبنان حالياً على صوت التهديدات بحرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله، وقد جاء خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الأربعاء الفائت ليضيء على دقة الوضع وجهوزية الحزب العسكرية وبنك أهدافه، مطلقاً في هذا السياق تحذيراً إلى قبرص من فتح مطارتها أمام الطائرات الحربية الإسرائيلية لضرب لبنان لأن حزب الله سيتعاطى معها على أنها جزء من الحرب.
وتأتي هذه التهديدات بعد جولة الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين إلى بيروت وتل أبيب حيث لفت إلى خطورة الوضع وضرورة وقف التصعيد على طرفي الحدود، تزامناً مع رسالة أبلغها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى أحد وزراء الخارجية العرب حول استعداد إسرائيل للهجوم على لبنان.
ولكن على الرغم من المخاوف التي تسيطر على لبنان الرسمي من تداعيات أي حرب وعلى الرغم من الهواجس لدى العديد من اللبنانيين والمغتربين من بينهم الذين كانوا يخططون للمجيء في الصيف إلى لبنان، إلا أن نصرالله بدا حازماً ومقتنعاً بأن البيئة الحاضنة للمقاومة على أتم الاستعداد للمواجهة وعلى أن ما جرى في المستوطنات الشمالية سينسحب على كل الكيان الإسرائيلي ولن تبقى مدينة أو موقع في إسرائيل بمنأى عن صواريخ الحزب ومسيّراته الانقضاضية وأن الحزب يمتلك من الصور الجوية ساعات وساعات على غرار ما عادت به مسيّرة «الهدهد» من أجواء حيفا.
ولا تتوانى قيادات حزب الله عن التعبير عن قوة المقاومة وما تخبئه من مفاجآت، معتبرة أن ما عرضته مسيّرة الهُدهد كان رداً قاسياً وشديداً على كل التهويلات والتهديدات، ورداً كافياً لردع الإسرائيلي كما ردعته المقاومة في الميدان. وإذ تؤكد هذه القيادات عدم التوقف عن إسناد غزة تشير إلى رفضها التراجع إلى ما وراء نهر الليطاني وعدم قبولها منح تل أبيب بالسياسة أو بالدبلوماسية ما عجزت عن أخذه في الميدان. وتضيف أن خوض إسرائيل حرباً شاملة سيكون مختلفاً عن أي معركة سبق أن خاضتها، وأن خطاب السيد نصرالله لم يكن موجهاً فقط إلى العدو الإسرائيلي بل إلى داعميه وأنهم لن يكونوا بمنأى عن ضربات المقاومة، وأن ما يشهده المتورطون من مواجهة في البحر الأحمر سيشهدون ما هو مختلف عنها في البحر الأبيض المتوسط.
في المقابل، يرى المعارضون لحزب الله أن مبالغة أمين عام الحزب بالحديث عن الاستعدادات والقدرات هو لتهدئة روع بيئته الحاضنة التي ينتابها شعور الخوف من مواصلة حرب الاستنزاف والتدمير وتهجير القرى الحدودية إضافة إلى مواصلة إسرائيل اغتيالها لكوادر الحزب الميدانيين على الرغم من الاحتياطات المتخذة وتخليهم عن استخدام الهواتف الخلوية لتفادي استهدفاهم خلال تجولهم أو استهدافهم لدى عودتهم إلى منازلهم خشية تدميرها.
وفي رأي المعارضة أن نصرالله أراد الضغط على الرأي العام الإسرائيلي من خلال قوله إن كل إسرائيل تحت مرمى صواريخه، كما تقصّد تهديد قبرص لاستدراج تدخل الاتحاد الأوروبي والضغط على إسرائيل لفرملة اندفاعتها نحو الحرب تفادياً لتحولها إلى حرب إقليمية، بعد إعلان تل أبيب مصادقتها على خطط عملياتية للهجوم على لبنان ما لم يتم انسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني ليتمكن المستوطنون من العودة إلى الشمال، مع العلم أن إيجاد منطقة عازلة على الحدود من الجانب اللبناني وإخلاء الحزب مواقعه إلى شمال الليطاني يفقده الورقة التي يرفعها وهي المقاومة، ويصبح شبيهاً بأذرع إيران في العراق واليمن ومقاوماً فقط بالصواريخ والمسيّرات من دون القتال البري. وقد بيّن الرد الإيراني على إسرائيل ضعف تأثير الصواريخ والمسيّرات البعيدة المدى.
وتخلص المعارضة للقول إن نصرالله لم يكن يتوقع أن تطول حرب إسناد غزة وأنها ستعود عليه وعلى حزبه والقرى الجنوبية بهذه الخسارة الكبيرة، وبالتالي بعدما تدحرجت الأوضاع وباتت الجبهة الجنوبية مهددة بالتفلت والخروج عن السيطرة اعتمد الهجوم ورفع السقف كأفضل وسيلة للدفاع وتفادي التورط بحرب ستكون مكلفة جداً على لبنان، وأراد إسماع صوته لهوكشتاين متمنياً ضمناً حسم المعركة في غزة من أجل وقف الأعمال العسكرية على الجبهة الجنوبية. وإزاء هذا المأزق وجّه نواب في المعارضة سؤالاً إلى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي حول موقفها من تصريحات أمين عام حزب الله التي تضمنت تهديداً لدولة صديقة هي قبرص وما هي خطواتها لضمان عدم تكرار مثل هذه التصريحات التي تضرّ بمصالح لبنان وتؤجج التوترات الإقليمية؟ وهل تم التواصل مع حزب الله لتوضيح موقف الحكومة من تصريحاته؟
أخيراً، بين عدم إعلان إسرائيل انتصارها على غزة رغم السيطرة العسكرية وبين عدم قدرة حزب الله على وقف جبهة الإسناد تستمر الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات ويستمر التهديد بتوريط لبنان في حرب لا يريدها معظم اللبنانيين.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية