سعد الياس بيروت – ‘القدس العربي’ قدّم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استقالته خطياً الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي وافق عليها وطلب من ميقاتي الاستمرار في تصريف الاعمال الى حين إجراء استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس حكومة جديد، وهذه الاستشارات مرتقبة بعد عيد الفصح وتحديداً يوم الثلاثاء في 2 نيسان.وعلمت ‘القدس العربي’ أن أحد أبرز المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة هو رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عدنان القصار المرشح لتولي حكومة تكنوقراط تشرف على الانتخابات ولا تضم في صفوفها مرشحين. لكن احتمال عودة الرئيس ميقاتي ليس مستبعداً وخصوصاً أن رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط عاد ورشّحه الى هذا المنصب اضافة الى أن استقالة ميقاتي فتحت الباب امام أقطاب 14 آذار لاعادة التواصل معه بعد ازالة خيم الاعتصام من امام السراي في بيروت ومن امام منزله في طرابلس، فقد إتصل بميقاتي رئيس تيار المستقبل سعد الحريري وهنأه على جرأته بالاستقالة، كما زاره الرئيس فؤاد السنيورة وهنأه على شجاعته وإن إعتبر أن هذه الاستقالة كان يجب أن تتم قبل فترة. كذلك أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن قرار ميقاتي شجاع، وقال إنه ‘لا يأسف ولو لحظة واحدة على رحيل الحكومة’، لافتاً الى ‘أن قوى 8 آذار ستصبح في موقع أضعف وقوى 14 آذار في موقع أقوى’.من جهته، أكد الرئيس ميقاتي أن لديه شروطاً للعودة الى رئاسة الحكومة ويجب أن نعرف ما هي الحكومة المقبلة وطبيعتها وممن ستتألف. وحرص على تبسيط قرار الاستقالة كرد على ما أثير حوله من أبعاد وارتباطات بارادات خارجية، موضحاً انه ‘شعر فعلاً في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء ان لا حلول في الافق بل مزيد من التأزم مع اقتراب البلاد من استحقاق المواعيد القانونية والدستورية، إن في شأن احالة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي على التقاعد، او في شأن موعد الانتخابات النيابية’. واضاف: ‘كان لا بد بالنسبة اليّ من إحداث صدمة تخرق جدار الازمة علها تعيد خلط الاوراق وتدفع الى مقاربة جديدة للوضع’.وأشار الى أن ‘قوى 14 آذار كانت قالت ان لا حوار ولا مشاركة في جلسات المجلس النيابي قبل أن تستقيل الحكومة، وأنا قلت لنفسي فليكن، فلنجد حلاً لهذه المسألة ولتكن الاستقالة باباً للعودة الى الحوار وإلى البحث في الحلول للتأزم الذي تعيشه البلاد لعلنا نعالج الأمور’.تزامناً، بدا حزب الله منزعجاً من خطوة ميقاتي ، وعلم أن ميقاتي بعث برسالة الى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يبلغه فيها قراره بالاستقالة في حال لم يتم التمديد للواء أشرف ريفي في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي وفي حال لم يتم تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات، فجاءه الجواب من معاون نصرالله الحاج حسين الخليل ‘اعمل ما يريحك’.أما رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي زاره ميقاتي قبل اعلان استقالته فسعى الى تأخير الاستقالة.وردّد بري امام زواره ان رئيس الحكومة المستقيل تعرض لضغوط عدة و’حمل اثقالاً كبيرة’ أدت في النهاية الى خيار الاستقالة، وهو كلام اتسم بأهمية نظراً الى مخالفته انتقادات افرقاء ونواب آخرين في 8 آذار لهذا الموقف.غير أن بري توجّه بدعوة الى قوى 14 آذار التي كما قال ‘على حد علمي انهم كانوا يطالبون باقالة حكومة ميقاتي ويقدمون شروطاً من نوع التشديد على الاستقالة للمشاركة في الحوار’. واضاف: ‘اقول لهم ان الطريق مفتوحة يا اخوان الى الحوار برعاية الرئيس سليمان’. وعلى خط حزب الله، رأى رئيس ‘كتلة الوفاء للمقاومة’ النائب محمد رعد ‘أن استقالة رئيس الحكومة لم تكن مفاجئة لأحد منا على الإطلاق، فنحن قد قلنا، ومنذ تشكلت، أنها تستمر حتى بداية عهد الإستحقاق الإنتخابي’، مؤكداً أن ‘المسألة ليست مسألة رفض للتمديد لموظف في مؤسسة، بل هي تكمن في أن رئيس الحكومة قد استنفذ ما لديه من أجل أن يقدمه لحفظ الإستقرار في لبنان، أو ربما استشعر وجود أعاصير قادمة، فأراد أن ينأى بنفسه عنها وهو صاحب نظرية النأي بالنفس’.واعتبر رعد أن رئيس الحكومة ‘الذي أراد أن لا يحدث فراغاً في مؤسسة أمنية أصاب باستقالته فراغاً سياسياً وأمنياً لكل البلد، في حين أننا نتصرف وفق ما يحفظ استقرارنا وثوابتنا وقناعاتنا التي لن يغير أي شيء فيها على الإطلاق’.واضاف رعد: ‘اننا منفتحون في هذا الوقت بالذات – وإن أردتم تشكيل حكومة – على حكومة توفر الاستقرار وفق الثوابت التي نتفق عليها والتي في طليعتها معادلة الجيش والشعب والمقاومة، ومن يشعر بأن لبنان تتهدده الاهتزازات في المنطقة لا يتخلى عن المقاومة او يدير ظهره لها، بل عليه واجب وطني يتجسد في مد يده لدعمها وحمايتها لأن من لا يفعل ذلك يوقع نفسه في الموقع المريب’.وعلى خط التيار الوطني الحر الذي يرأسه العماد ميشال عون والذي يبدو الخاسر الأكبر من استقالة الحكومة التي له فيها 10 وزراء، فقال وزير الطاقة جبران باسيل ‘لم نتفاجأ باستقالة الحكومة ولا يمكن أن نقول أننا حزننا أو فرحنا، فأنا كوزير أحزن وكسياسي أفرح’.ورأى ‘أن ‘الحكومة مرت بأصعب الظروف ولم تستقل، لكنها استقالت بسبب ‘الإشراف وأشرف’ أي قضية الإنتخابات والتعيينات’.واضاف في مؤتمر صحافي تناول فيه استقالة الحكومة ‘من الاول قلنا ان هذه الحكومة وكأنها حكومة وحدة وطنية لان فيها كل مكونات 14 آذار عبر ميقاتي وسليمان وجنبلاط’.بدوره، رأى رئيس ‘الحزب الديمقراطي اللبناني’ طلال إرسلان أن ‘هناك قطبة مخفية في إستقالة حكومة نجيب ميقاتي’، مشيراً إلى أنه ‘لن يتحدث اليوم عن الشأن الناتج عن إستقالة الحكومة المقرف، حيث باتت تختلط المصالح الشخصية والأنانية بلعبة الأمم، التي تؤكد مدى التهوّر وقصر النظر عند من يفترض بهم أن يكونوا على قدر المسؤولية في البلاد’.في المقابل، دعا رئيس حزب ‘الكتائب اللبنانية’ أمين الجميل إلى ‘ضمان الإستقرار الأمني والسياسي في لبنان’، لافتاً إلى ‘دقة المرحلة وضرورة إهمال المقاربة السلبية لاستقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وإعتماد القراءة الإيجابية وما يمكن أن تحققه لدى الفرقاء السياسيين والتقاء القيادات لإنقاذ البلاد’.وشدد قبيل مغادرته لبنان إلى واشنطن على أن ‘أي استفحال للأزمة لن يوفر أحداً والمسؤولية كبيرة لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال’ سليمان من خلال رعايته الاستشارات النيابية التي تشكل عبوراً إلى حكومة إنقاذية’، مشدداً على أن ‘أي حكومة أخرى وخاصة من نوع تكنوقراط لن تكون قادرة على مواجهة التداعيات الإقليمية والداخلية خاصة الإنتخابات والأوضاع الأمنية’.وكان الجميل قد تشاور قبل مغادرته بالأوضاع مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس كتلة ‘المستقبل’ النائب فؤاد السنيورة وحول الأوضاع الراهنة في ضوء استقالة الحكومة والوضع الأمني.اما النائب وليد جنبلاط الذي عاد بيضة القبّان في تسمية رئيس الحكومة الجديد وفي تأليف الاكثرية لأي حكومة فيفضّل أن تكون الحكومة الجديدة حكومة تقنيين وخبراء ترشحهم الجهات السياسية، وأن لا تتضمن الحكومة وزراء سابقين أو نواباً، على أن تكون الحكومة بمثابة سفينة عبور من مرحلة إلى مرحلة جديدة، وأن تكون الحكومة الانقاذية بعد الانتخابات.qarqpt