بيروت- “القدس العربي”: 40 دقيقة أمضاها الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين في قصر بعبدا، مع السفيرة الأمريكية دوروثي شيا، حيث استمع إلى رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يفاوض باسم لبنان على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، وفي وقت غادر هوكشتاين من دون الإدلاء بتصريح، فقد ذكرت المعلومات أن الرئيس عون أبلغ الوسيط الأمريكي موقفاً رسمياً موحداً يتمثّل بتمسك لبنان بالخط 23 مع كامل حقل قانا، وبرغبته في استئناف مفاوضات الترسيم توصلاً إلى حل، وذلك خلافاً للخط المتعرّج الذي سبق لهوكشتاين أن رسمه في شباط/فبراير الفائت، والذي ينطلق من الخط 23 ويقتطع جزءاً من حقل قانا، ثم ينحرف نحو خط هوف، ولم يتمسك عون بالخط 29، الذي يقضم حقل كاريش، خصوصاً أنه كان في الأساس خطاً تفاوضياً، وذلك خلافاً لمطالبة البعض في الداخل اللبناني بالخط 29 ولاسيما من قبل النواب التغييريين ورئيس الوفد التقني المفاوض سابقاً العميد بسام ياسين.
وشارك في اللقاء في القصر الجمهوري كل من نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، المكلف من قبل عون، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ومستشار الرئيس عون سليم جريصاتي، وكبار الموظفين في بعبدا. وبحسب المعلومات الرسمية، أبلغ الجانب اللبناني الوسيط الأميركي الملاحظات على الطرح المقدم من قبله في شباط/فبراير الماضي، شارحًا أن الطرح لم يعطِ حقل قانا كاملاً إلى لبنان. وطالب بأن يكون هذا الحقل كاملاً تحت السيطرة اللبنانية، وأن يبقى الخط 23 كما هو عليه، مشدداً على المزيد من الحقوق والمساحات وفقاً للقانون الدولي وقانون البحار، ولم يتم إبلاغ هوكشتاين بطريقة كتابية إلى حين أن ترسو الأمور على اتفاق أو تفاهم في الترسيم. وأكد الرئيس عون “على الحقوق السيادية للبنان بالمياه والثروات الطبيعية، وقدم الرد اللبناني على المقترح الأمريكي شفهيا وشكر هوكستين الرئيس على الرد”، ولفت إلى أنه سينقله للجانب الآخر، وطلب عون جواباً سريعاً فوعده برد سريع. وعلى ضوء الجواب الإسرائيلي على المقترح اللبناني الذي قدمه عون شفهياً، تُقرّر مسألة المفاوضات غير المباشرة.
بعدها، انتقل هوكشتاين إلى السراي الحكومي حيث التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بحضور نائب رئيس مجلس النواب والمدير العام للأمن العام والمدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير، وسفيرة الولايات المتحدة ومستشار رئيس الحكومة زياد ميقاتي.
وفي خلال الاجتماع تبلّغ الموفد الأمريكي الموقف اللبناني الموّحد من مسألة ترسيم الحدود والحرص على استمرار الوساطة الأمريكية. كما تمّ التأكيد أن مصلحة لبنان العليا تقتضي البدء عملية التنقيب عن النفط من دون التخلي عن حق لبنان بثرواته كافة.
وانتقل هوكشتاين إلى قصر بسترس حيث التقى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب، الذي وصف أجواء اللقاء بـ “الإيجابية”، مؤكداً “أهمية الوصول إلى اتفاق في موضوع الترسيم، وهذا ما لمسه لدى الأمريكيين”.
ومن عين التينة، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد استقباله هوكشتاين، أن “ما تبلّغه الوسيط الأمريكي من رئيس الجمهورية في موضوع الحدود البحرية وحقوق لبنان باستثمار ثرواته النفطية هو متفق عليه من جميع اللبنانيين، واتفاق الإطار يبقى الأساس والآلية الاصلح في التفاوض غير المباشر استناداً إلى النصوص الواردة التي تدعو إلى استمرارية اللقاءات”، لافتاً إلى أن “ما يجري الآن هو مخالف للاتفاق من جهة ويحرم لبنان من حقوقه في وقت يسمح للكيان الإسرائيلي بالاستخراج والاعتداء الأمر الذي يعرّض السلام في المنطقة ويفاقم من خطورة الأوضاع”، وأكد أنه “بموازاة حرص لبنان على استخراج ثرواته هو أيضاً يحرص على الحفاظ على الاستقرار”. أما هوكشتاين فاكتفى بالقول للصحافيين “أتمنى النجاح في مهمتي”.
ولم تقتصر لقاءات هوكشتاين على الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية، بل شملت السفيرة الفرنسية آن غريو لمناقشة الجهود الأمريكية والفرنسية لدعم لبنان. وقالت غريو “من المهم بالنسبة إلى مستقبل لبنان واستقرار المنطقة أن يتم التوصل إلى حل دبلوماسي للنزاع عبر التفاوض، وفرنسا لن تألو جهداً في هذا السبيل”. كما شملت اللقاءات قائد الجيش العماد جوزف عون الذي جدّد موقف المؤسسة العسكرية الداعم لأي قرار تتخذه السلطة السياسية في موضوع ترسيم الحدود البحرية، ومع أي خط تعتمده لما في ذلك من مصلحة للبنان.
وكان هوكشتاين، الذي وصل الإثنين إلى بيروت، باشر لقاءاته مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ثم وزير الطاقة والمياه وليد فياض، الذي أكد له “أن الموقف الوطني الموحّد هو ما يتوافق عليه الرؤساء الثلاثة، وأن لبنان يسعى للحفاظ على حقوقه”، مضيفاً: “أننا خلف رئيس الجمهورية والدولة كلها لديها موقف واضح بشأن ترسيم الحدود، وهذا يقوّي لبنان بشكل كبير”.
وختام اللقاءات كانت مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي لفت إلى “أن الموقف اللبناني حيال ملف الترسيم موحّد، وسيبلغه رئيس الجمهورية إلى الوسيط الأمريكي”.
ونقلت أجواء المجتمعين عن هوكشتاين قوله إن بلاده “ترغب في تسريع التفاوض، وأن لبنان في حال طلب زيادة على الخط 23 فعليه أن يطلب ذلك رسمياً وسأتواصل مع الإسرائيليين للحصول على جواب منهم”. وأفاد أنه “تبلّغ من إسرائيل أن السفينة اليونانية لم ترس في المنطقة المتنازع عليها”، معرباً عن قلقه من التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله، ومشيراً إلى أن “أي شركة عالمية لن توافق على العمل في المياه الإقليمية اللبنانية قبل التوصل إلى حل”.
وكانت طائرات هيليكوبتر إسرائيلية حلّقت في مهمة أمنية فوق حقل “كاريش” كجزء من عملية النظام الدفاعي لتشغيل الحفارة التي وصلت إلى نقطة استخراج الغاز، كما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.
لاحقاً، قال الوسيط الأمريكي إن الاقتراح الذي تلقاه من مسؤولين لبنانيين خلال زيارة لبيروت “سيُمَكن من المضي قدما في المفاوضات”.
وأضاف مبعوث الطاقة الأمريكي آموس هوكشتاين، في مقابلة مع قناة “الحرة”، أن المسؤولين اللبنانيين اتخذوا “خطوة قوية للغاية إلى الأمام اليوم من خلال تقديم نهج موحد على نحو أكبر”.