بيروت- “القدس العربي”: في وقت لم يلملم نصف بيروت جراحه بعد الزلزال الذي ضرب مرفأ العاصمة، وفي وقت تغيب حكومة فاعلة لم يتم الاتفاق على تشكيلها، وفي وقت تغرق البلاد في أسوأ أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية، وجد نواب في بعض الكتل أن الأولوية هي لمناقشة قانون انتخابي جديد على أساس وطني لا طائفي وإقرار تعديلات دستورية وإنشاء مجلس للشيوخ من 46 عضواً وتحديد مهلة 30 يوماً لرئيس الحكومة المكلّف لتشكيل حكومته قابلة للتمديد مرة واحدة وإلا يُعتبر معتذراً حكماً.
غير أن جلسة اللجان النيابية المشتركة التي انعقدت لهذه الغاية في مبنى البرلمان المتضرّر سادتها وجهات نظر متباينة من الاقتراح الذي حمل توقيع عضوي “كتلة التنمية والتحرير” النائبين أنور الخليل وإبراهيم عازار التي يترأسها الرئيس نبيه بري. فالكتل المسيحية وتحديداً “تكتل الجمهورية القوية” و”تكتل لبنان القوي” اللذين يضمّان أكثر من 40 نائباً يرفضان إعداد قانون انتخاب جديد ويتمسّكان بالقانون الحالي القائم على النسبية مع صوت تفضيلي، ويعتبران أنه جاء بعد سنوات من النقاش وهو يؤمّن صحة التمثيل للمكوّنات اللبنانية كافة. ويستغرب الطرفان توقيت طرح الاقتراح في هذه الظروف حيث أولويات الناس في مكان آخر.
وأكد النائب جورج عدوان باسم كتلة “الجمهورية القوية” أننا “كلنا نعرف الظروف الصعبة التي يمرّ فيها لبنان في هذه المرحلة خصوصاً على الصعد الاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية، يضاف إليها الأزمة المتأتية عن كورونا وعجز الحكومة المستقيلة بأن تواجه أياً من هذه الوقائع، حتى اتخذ قرار بإقفال مئة بلدة”. وقال: “لم نرَ أبداً أن الأولوية اليوم هي لنبحث بمجلس شيوخ أو بقانون انتخاب، إنما الأولوية القصوى هي معالجة المشاكل التي تهمّ الناس اليوم قبل الغد. لا نستطيع أن نؤخر تشكيل حكومة، حكومة ذات مهمة محددة، ونحن كحزب قوات لبنانية حكينا مطولاً كيف ستكون مواصفاتها وما زلنا مصرّين أن تكون حكومة ذات مهمة محددة من وزراء مستقلين وفيها مداورة”. وأضاف: “نحن اليوم لسنا بحاجة في المجلس النيابي إلى موضوع خلافي ولنزيد أزمة فوق الأزمات الموجودة، في موضوع خلافي مثل طرح قانون انتخاب جديد. إن استقرار التشريع في كل القوانين يتطلّب، عندما ننجز قانوناً نطبّقه على مراحل لكي نعرف بعدها ما إذا كان هناك من اختلالات أو تفاصيل نستطيع أن نطوّرها، هذا في المطلق، فكيف بقانون مثل قانون الانتخابات. جلسنا عشرات السنوات، وبعد جهد طويل استطعنا أن نصل إليه. ولكن الأهم أننا استطعنا أن نصحّح التمثيل الذي كنا نعاني منه لسنوات طويلة”. وتابع: “فوجئنا بطرح جديد حول إنشاء مجلس شيوخ، والأهم أننا نحكي كيف سيتم إنشاؤه وكيف سننتخبه دون أن نتحدث عن صلاحياته. وإن دلّ هذا الأمر على شيء، وكأننا نأتي وفي وضع متأزم وطنياً وفي ظل كل الأمور الخلافية لنطرح تغييرات جوهرية تطال النظام”.
وسأل النائب آلان عون: “هل التوقيت مناسب فعلاً لطرح قانون الانتخاب؟”، وأكد أن “المهم هو عدم جواز العودة عن أهم مكسب في قانون الانتخاب الحالي: صحة تمثيل كل المكوّنات اللبنانية، إن كان على المستوى السياسي أو على المستوى الطائفي. إذا، أي تطوير لقانون الانتخابات يجب أن يذهب في اتجاه تشجيع مزيد من التنوع مهما كان شكله. ولا تجوز العودة إلى الوراء أو العودة إلى نظام محادل أو غيره”. ورأى أن “طرح مجلس شيوخ وإلغاء القيد الطائفي على صعيد مجلس النواب، هذا ليس أمراً عابراً. إنه تغيير جذري على صعيد نظامنا وهذا يتطلب الارتقاء إلى تغيير نظام وحتى إلى حوار وطني لنرى أي جدية أو واقعية أو قابلية موجودة لدى البعض والكل للذهاب إلى الدولة المدنية”.
أما عضو “كتلة المستقبل” النائب سامي فتفت فبدا مؤيّداً لتغيير قانون الانتخاب الذي طرحه الثنائي الشيعي وقال: “أعلم أن هناك كتلاً في مجلس النواب لديها هواجس طائفية وأن القانون الحالي جرى العمل عليه كثيراً حتى استطاع تأمين كل هذا التمثيل الطائفي المناسب في لبنان، لكن للأسف القانون الحالي الذي أتى بالنواب الحاليين هو قانون غير جامع ويجبرنا على الخطاب المناطقي وليس الخطاب اللبناني الجامع”، معتبراً أنه “كلما توسّعنا في دوائرنا كلما سمحنا لأنفسنا أن نتحدث بخطاب سياسي أكبر”.
ولوحظ أن عضو “كتلة المستقبل” النائب الماروني هادي حبيش لديه وجهة نظر أقرب إلى الكتل المسيحية منها إلى كتلته. كذلك، استغرب النائب الشيعي جميل السيّد طرح قانون الانتخاب في هذا التوقيت، معتبراً أنه “يتنافى مع أوضاع البلاد المأساوية على الصعد الاقتصادية والمعيشية، وأيضاً فيروس كورونا”. وقال: “البلد في حالة احتضار ويجري تفصيل ثوب العرس للعروس”، وأضاف: “علينا أولاً مواكبة ما يجري في البلاد على المستوى الميداني من ارتفاع من سعر الدولار وأسعار المواد الغذائية وتلويح مصرف لبنان برفع الدعم”.
عدد ألنواب ألإستراليين مئة وخمسون, وعددألسكان خمسة وعشرون مليون نسمة. أما في لبنان فعدد ألنواب مئة وثمانية وعشرون, وعدد ألسكان خمسة ملايين نسمة. وأترك ألحساب للقارئ,
*كان الله في عون الشعب اللبناني المنكوب..
حسبنا الله ونعم الوكيل.