بيروت – «القدس العربي» فيما التخبط سمة التعاطي مع ملف العسكريين المحتجزين، لعب تنظيم «داعش» مجدداً ورقة الضغط على أهالي العسكريين عبر التهديد بقتل ابنائهم خلال 48 ساعة، بعدما نشر معلومات عن وقف الدولة المفاوضات واعتبارها العسكريين شهداء حرب، فسارع الأهالي إلى حرق الاإطارات أمام السراي الكبير، في وقت التقى وفد منهم وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي نفى ان تكون الحكومة اتخذت قراراً مماثلاً. وقال «خلية الأزمة لم تقرر وقف التفاوض، والأمر ليس مطروحاً في أي مكان، لكن للأسف المفاوضات عادت لنقطة الصفر». كما اجتمع الأهالي برئيس حزب «الكتائب» الرئيس أمين الجميل في الصيفي، وأكدوا بعد اللقاء ان «الجميل مع مبدأ المفاوضات التي تؤدي إلى المقايضة، وسيعطي توجيهاته لكل المعنيين لحل هذا الملف بأي شكل من الأشكال».
وغداة إعلان «جبهة النصرة» تفويضها الشيخ وسام المصري واعتماده وسيطاً بينها وبين الحكومة اللبنانية، أشارت المعلومات إلى ان الأخير ينتظر الإذن الرسمي والخطي من الدولة اللبنانية، لاعتبار نفسه مكلفاً في ملف العسكريين المخطوفين.
وجاء تفويض النصرة للمصري بعدما فشلت المحاولات السابقة كلها في فتح قنوات للتفاوض بحسب بيان للنصرة التي شددت على تمسكها بشروطها المتعلقة بالملف وهي «إطلاق المعتقلات لدى الدولة اللبنانية وحماية المدنيين داخل عرسال وحولها».
ولاحقاً تداول عدد من القريبين من «جبهة النصرة» بياناً أعلنت فيه الجبهة انها «حقناً للدماء وإكراماً للشيخ المصري، تعطي العهد على وقف إعدام أي عسكري، على أن تقوم الدولة اللبنانية بوقف إطلاق النار في عرسال وجرودها، ووقف اعتقال أي امرأة وإطلاق اللواتي اعتقلن مؤخراً، وخصوصاً سجى الدليمي وعلا العقيلي، وذلك تسهيلاً لعملية التفاوض»، واعتبرت الجبهة ان «القيام بأي من هذه الافعال يعتبر نقضاً للعهد، وبالتالي فإنها تعتبر نفسها بحلّ منه».
وكانت «هيئة علماء المسلمين» بدأت تحركاً تفاوضياً بناء على طلب الأهالي ومن أجل حقن الدماء، لكنها لم تحصل على تفويض رسمي من الحكومة، وربما لن تحصل عليه لأن «حزب الله» المشارك فيها يؤيد مبدأ المقايضة، لكنه يرفض التفويض الرسمي للهيئة التي يعتبرها وسيطاً غير نزيه وغير محايد. وعن الشيخ حسام الغالي الذي قبض عليه الجيش وبرفقته أربعة سوريين أحدهم مزنر بحزام ناسف، إلى كمية من السلاح. وروى مصدر في هيئة العلماء «ان الشيخ الغالي كان متوجهاً للقاء مسؤولين في «جبهة النصرة» في جرود عرسال لطلب تعهد لعدم قتل العسكريين، وان مسؤولي «النصرة» ضربوا له موعداً وحددوا له مرافقين لاصطحابه إلى الجرود، ولم يكن يعرفهم ولا يملك صلاحية تفتيشهم، مما استدعى إطلاقه لاحقاً.
وقد تُرك الغالي رهن التحقيق بعد الاستماع إلى إفادته، وعاد أدراجه من دون أن يكمل طريقه إلى الجرود خصوصاً أن السوريين الذين كان يستعين بهم كدليل للطريق إلى الخاطفين ما زالوا موقوفين.
إلى ذلك، قرأت «هيئة علماء المسلمين» في توقيف أحد أعضائها الشيخ حسام الغالي على حاجز للجيش في عرسال، كما قرأ ـ في اعلان «النصرة» تفويضها الشيخ وسام المصري الاتصالات مع الحكومة اللبنانية من جهة أخرى، رسالة سلبية يدعو فيها جانبا الأزمة، «الهيئة» إلى الانكفاء ووقف المبادرة التي كانت تزمع إطلاقها.
وقال عضو «الهيئة» الشيخ عدنان أمامة ان «النصرة» أعلنت في بيان على حسابها على «تويتر» انها فوضت الشيخ المصري. ثم اعلنت في بيان ثان موافقتها على وقف القتل مقابل طلبات معينة من الدولة اللبنانية. ويبدو ان هذا التعهد جدي لأن هذا الموقع معتمد رسمياً من «النصرة» ولم يصدر أي نفي منها لهذه المعلومات».
وأشار إلى ان «تفويض الشيخ المصري، مؤشر غير إيجابي تجاه «الهيئة»، فهو ينتمي إلى «اللقاء السلفي» الذي وقع على ورقة تفاهم مع «حزب الله»، وسياسته وتوجهاته لا تلتقي أبداً مع توجهات «الهيئة». كما اننا منزعجون من غياب التنسيق والتكامل بين أجهزة الدولة اللبنانية. فالشيخ الغالي حصل على تفويض جلي وبيّن من «الأمن العام» ومن «الداخلية»، وواكبته عناصر «الأمن العام» حتى آخر حاجز في عرسال، وهنا أوقفه الحاجز، على غير عادة.
وعن تجدد التهديد بقتل العسكريين، قال إن «التهديد صدر عن «داعش» وليس «النصرة»، وأساساً كان هناك تخوف من غياب المرجعية الواحدة لدى الخاطفين. فعندما نضمن طرفاً، الثاني يخرب.
وكان العسكري المخطوف خالد مقبل اتصل بزوجته وأبلغها ان الخاطفين تلقوا اتصالاً من جهة رسمية قالت لهم «اذا اردتم ان تقتلوا العسكريين اقتلوهم، ففي أكثر الأحيان سنعلق صوراً للشهداء».
ونقل مقبل لزوجته طلب الجهة الخاطفة قطع الطرقات والضغط على الحكومة لتبيان موقفها من الاتصال الذي تلقوه، والشروع بالتفاوض الجدي». فأقدم الأهالي على التصعيد وأشعلوا الدواليب عند مدخل السراي الحكومي.
من سعد الياس: