بيروت – “القدس العربي” ـ من سعد الياس: قبل يوم واحد على موعد الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الخميس في قصر بعبدا لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، تسارعت اللقاءات داخل كل من الفريقين المتخاصمين 8 و14 آذار للخروج بإسم رئيس الحكومة العتيد.
وفيما بدا أن فريق 8 آذار مرتبك بفعل التباينات في وجهات النظر بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون بسبب الخلاف على عقد جلسة تشريعية للتصويت على المشروع الاورثوذكسي، لوحظ أن وتيرة التفاهم بين قوى 14 آذار بعد الخلاف بين مكوّناتها على المشروع الاورثوذكسي الى ارتفاع، وتمثّل هذا التطور بإمتناع تيار المستقبل عن تقديم ترشيحاته الى المقاعد النيابية وفقاً لقانون الستين إلا بعد التشاور مع حلفائه المسيحيين وتحديداً حزبي الكتائب والقوات اللبنانية.
كما أن التنسيق بين 14 آذار ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الذي يُعتبر الصوت المرجّح في الاستشارات بدا متقدماً على عكس ما كان عليه الحال عندما إنقلب جنبلاط على الرئيس سعد الحريري وسمّى في كانون الثاني (يناير) 2011 الرئيس نجيب ميقاتي.
وقد أدى هذا المعطى الجنبلاطي المستجد الى توتير العلاقة غير المستوية أصلاً بينه وبين الجنرال ميشال عون الذي شن عليه أعنف هجوم بعد رفض النائب جنبلاط “تسليم ثروات لبنان في النفط والاتصالات الى تيار عبثي” ويقصد التيار العوني. وفي هجومه المركّز على جنبلاط، قال عون: “جنبلاط إنسان ليس طبيعياً ويتعاطى ربما قبل أن يتكلم، ولا يمكن أن نلومه واتهامنا بالعبثية من قبله ربما لأننا لا “ننطّ” من جهة إلى أخرى، ولو كنت مكانه لكنت الآن “أفلّت” لساني”. وقال “كل الدروز لبقون في الكلام إلا هو ولا أدري “لمين هوّي طالع”.
ولم يوفّر عون رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي معتبراً إياهما بأنهما كانا المعطلين الأساسيين في عمل الحكومة. كما لمّح عون إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، متوعداً بكشف الأمور التي تقف خلف عدم إحالة الأخير لاقتراح “القاء الأرثوذكسي” إلى الهيئة العامة لمجلس النواب.
في غضون ذلك، واستكمالاً للقاء الرابية الذي غاب عنه ممثل حركة أمل الوزير علي حسن خليل، إنعقد في عين التينة امس اجتماع لأقطاب 8 آذار شارك فيه عن حركة أمل الرئيس نبيه بري ومعاونه السياسي الوزير خليل، عن تيار المردة النائب سليمان فرنجية ومستشاره يوسف فنيانوس، عن حزب الله المعاون السياسي للسيد حسن نصرالله حسين الخليل، عن تكتل التغيير والاصلاح الوزير جبران باسيل وعن حزب الطاشناق أمينه العام هوفيك مخيتاريان والنائب أغوب بقرادونيان. وقد تداول المجتمعون في تسمية رئيس الحكومة الجديد وفي تذليل الاختلافات بين الرئيس بري والعماد عون حول التصويت على الاورثوذكسي.لكن اللافت هو عدم الخروج بإسم معلَن للرئيس المكلف وعدم وقوف الوزير باسيل الى جانب الحلفاء لدى إدلاء النائب فرنجيه بتصريحه الذي نفى فيه وجود خلاف بين الحلفاء.
وأكد فرنجية “أن قوى الأكثرية ستذهب إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة موحدة”، مشيراً إلى “أن كل الكلام الذي يقال عن خلاف بين مكونات الأكثرية غير موجود”، لافتا إلى أنه لا يوجد خلاف بين الحلفاء والاخوة، “وهذا ما اكده بالامس العماد ميشال عون واكده اليوم رئيس المجلس النيابي نبيه بري”.
وقال “أن الاسماء المطروحة لرئاسة الحكومة العتيدة ليست كثيرة،ونحن نتجه الى الاسماء التوافقية، ونحن في انتظار أن تكتمل الصورة أمامنا”. ورداً على سؤال قال “والاكيد اننا لن نكون مع اسم مطروح من فريق 14 اذار، والاولى لمرشحين من فريق 8 اذار وان لم نستطع سنعمل على اسم توافقي”.
في غضون ذلك، علمت “القدس العربي” ان الرئيس بري سيلتقي اليوم في عين التينة موفداً من رئيس الجمهورية هو الوزير ناظم الخوري للتشاور في آخر ما آلت اليه الاتصالات قبل الاستشارات، في وقت كان بري قد تسلّم رسالة خاصة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي ترأس اجتماعاً لمجلس المطارنة الموارنة أعقبه نداء أكد “أن الوطن ليس مجالاً لمشاريع خاصة، أو حقل تجارب، أو ورقة في يد أي كان أو أي دولة أو جهة”.
وأضاف “لا يستطيع لبنان أن يستمر إذا ما حاول أي طرف من الأطراف فرض إرادته على الآخرين، ضارباً عرض الحائط الحقيقة التي بني عليها لبنان”.
وتابع نداء المطارنة الموارنة: “لبنان وطن للجميع، وشؤونه من مسوؤلية الجميع متكافلين متضامين، لا احتكار فيه لفئة من دون أخرى”، لافتين إلى أن الميثاق الوطني مهدّد اليوم بتوجهات آحادية تنزع عنه صفته التوافقية”. وأضاف: “التوافق يكون على أساس مسلّمات الدستور، لا على أي معادلات أخرى تفرض من هنا او من هناك”.
وعن الأزمة الحكومية اعتبر المطارنة الموارنة أن “الفراغ في السلطة الإجرائية لا يخدم أحداً، بل يدخل البلاد في حال من الفوضى السياسية، لا أحد يعرف ما ستؤول إليه”، لافتين إلى أن “تجارب الحكومات الماضية كلّها تشير إلى أن أي حكومة لا يكون منطلقها وغايتها وأهدافها لبنانية صرفة، أي متشربة من الدستور والميثاق ومبنية على خير المواطنين، لهي أشبه ببيت بني على الرمل”. وأضافوا: “كل حكومة لا تتوافر فيها رؤية جامعة كان مصيرها الفشل. وكل حكومة بدأت متعثرة أنتهت مشلولة”.
وأكد النداء “أن قانوناً جديدا للإنتخاب ليس وجهة نظر، أو مسألة تفاوض، بل هو قضية ملزمة لا يمكن لأحد التهاون بها أو التلاعب بمصيرها. وهو قضية حق ومطلب عدالة يكفلهما الميثاق الوطني والدستور”، مشيراً إلى أن “التراخي في موضوع قانون الانتخاب الذي يكفل التمثيل الحقيقي للجميع، يضرب صلب الميثاق، ولا نخال أن أحدًّا يتحمل نتائج التلاعب بالميثاق، لأن الميثاق ليس قضية عدد بل هو متصلٌ بطبيعة الكيان اللبناني”.
وختم “لا يحقّ للنّواب بعد سبع سنوات من دراسة مشاريع قانون للإنتخاب أن يتخلّفوا عن إقرار القانون الأعدل والأنصف والأنسب لكلّ اللبنانيين، يكون بديلاً عن قانون الستّين، ويجنّب البلاد التمديد للمجلس النيابي”.
وسبق نداء المطارنة الموارنة ترؤس البطريرك الراعي اجتماعاً جديداً للقيادات المارونية في بكركي للتشاور في آخر المستجدات.
الى ذلك، قلّل عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب آلان عون من اهمية الخلاف بين الجنرال عون والرئيس بري وقال في حديث الى “القدس العربي” “إن كلمة خلاف بيننا وبين الرئيس نبيه بري كبيرة وهناك إختلاف في وجهات النظر حول ظروف انعقاد الهيئة العامة، والنقاش هو الذي سيزيل التباينات”.
وواصل عون الحملة على النائب جنبلاط منتقداً ما وصفه “الاسلوب الاستعلائي والرفضي والكيدي للنائب وليد جنبلاط الذي لا يبني وطناً”، مشيراً الى “أن همّ البعض أن يرى كيف يمكنه أن يهمّش المسيحيين وأن يسلب لهم دورهم ومواقعهم”، مضيفاً “هذا البعض لا يريد للمسيحيين إلا حضوراً هامشياً داخل السلطة، وهذا هو المنطق الذي نحاول مواجهته وتصويبه بهدف إعادة التوازن الى المعادلة اللبنانية”.
ولفت الى “أن كلام العماد ميشال عون عن عدم قبوله بإعادة تسمية الرئيس نجيب ميقاتي إلا مع حقيبتي الطاقة والاتصالات جاء رداً على النوايا المبيّتة التي خرجت الى العلن وحاولت استهداف تكتل التغيير والاصلاح”.