لبنان: هل من خطة إنقاذية بمعزل عن صندوق النقد الدولي؟

سعد الياس
حجم الخط
0

حزب الله ضابط إيقاع داخل الحكومة

بيروت-“القدس العربي”: لا توحي الوقائع التي ترافق جلسات مجلس الوزراء بأن الأمور تسير على ما يُرام لا بين أفرقاء الحكومة بحد ذاتهم ولا بينهم وبين القوى السياسية المعارضة خارج الحكومة. وتظهر بعض المعطيات وكأن هناك تقاطعاً سياسياً في مكان ما بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الممثلَين في الحكومة، وبين كل من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وإلى حد ما مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

وقد جاءت التعيينات الأخيرة في مجلس الوزراء لتظهر حجم التباين داخل الفريق الواحد حيث اعترض وزراء بري وفرنجية على التعيينات التي تمّ التوافق عليها بين فريقي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسّان دياب وضمناً رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، فيما حزب الله وقف في الوسط وأرضى الطرفين من حيث الإيعاز إلى وزير الصحة حمد حسن بالتصويت إلى جانب التعيينات مع فريق عون ودياب وباسيل والإيعاز إلى وزير الصناعة عماد حب الله بالاعتراض على هذه التعيينات مع فريق بري وفرنجية.

ويرى خصوم عون وباسيل وحزب الله أنهم يسعون إلى الإمساك بالأوراق على الساحة الداخلية وتحصين مواقعهم في السلطة والإدارة مستغلين غياب خصومهم عن طاولة مجلس الوزراء لإقرار تعيينات إدارية ومالية ومصرفية لتعزيز فرص هيمنتهم في المرحلة المقبلة في حال تغيّير الظروف وعودة سعد الحريري إلى السراي الحكومي، وهو خيار بعيد المنال حسب البعض ولاسيما أن عون وباسيل ليسا في وارد القبول بتسمية الحريري رئيساً للحكومة طالما أن عون في قصر بعبدا.

وكان مجلس الوزراء عيّن كلاً من جاكلين بطرس رئيسة لإدارة الموظفين في مجلس الخدمة المدنية، وأحمد الحجار مفتشاً عاماً هندسياً، ومخايل فياض مفتشاً عاماً إدارياً في التفتيش المركزي. وقد جاء الاعتراض بسبب استباق آلية التعيينات وعدم عرض أسماء عديدة للاختيار من بينها.

في غضون ذلك، بدأت الحكومة الانكباب على وضع “خطة إنقاذ اقتصادية” بعد قرارها التوقف عن دفع سندات “اليوربوندز” التي استحقت في آذار/مارس الفائت ونيسان/إبريل الحالي والتي ستستحق في حزيران/يونيو المقبل. ولم تتجه الحكومة بعد في ضوء الانهيار الاقتصادي والمالي مضافاً إليه أزمة كورونا إلى طلب معونة صندوق النقد الدولي، وهو ما يستدعي انتقاد السياسة الحكومية من قبل عدد من القوى السياسية التي تعتبر أن أي خطة إصلاحية مالية لا تعتمد على صندوق النقد الدولي لإدارة الأزمة هو بمثابة “تلهّي بأفكار بهلوانية” مع شركة لازارد وغيرها، وستطيح بما تبقّى من لبنان.

ويعتقد هذا البعض “أن الامتناع عن طلب مساعدة صندوق النقد الدولي يأتي استجابة لإرادة حزب الله، من هنا تأتي الدعوة للحكومة للتحرّر من ضغوط الحزب وإلا ستكون مهدّدة بالرحيل بعد انتهاء أزمة كورونا”.

إلى ذلك، بدأت تتسرّب عناوين للخطة الاقتصادية التي تتضمّن تدابير موجعة للناس، ويرى معارضون للحكومة أنها تستفيد من الحجر وحظر التجوّل النسبي في زمن كورونا للسير بإجراءاتها القاسية في غياب أي تحركات احتجاجية كتلك التي انطلقت بعد 17 تشرين الأول/أكتوبر الفائت.

ومن الخطوات الموجعة التي تردّد أنها سترد في الخطة الإصلاحية توزيع لخسائر إجمالية بقيمة 83 مليار دولار سيتحمّلها مصرف لبنان والمصارف وضمناً المودعون الذين ذهبت أموالهم بعد إيداعها من قبل المصارف في المصرف المركزي مقابل فوائد عالية، فيما مصرف لبنان سدّد بها ديوناً مستحقة للدولة، وعدم تسليم المودعين دولارات بل إجراء التحويلات بالليرة اللبنانية. ومن الأفكار المتداولة للتعويض على المودعين إعطاؤهم أسهماً في المصارف في وقت يتساءل آخرون لماذا لا تتحمّل الدولة هذه الخسائر نتيجة عجزها وهدرها من خلال أصولها الكثيرة؟ ولماذا لا تسدّ الدولة مزاريب الهدر والفساد في قطاع الكهرباء الذي يكبّد الخزينة خسارة سنوية بقيمة ملياري دولار؟ ولماذا لا تتم استعادة الأموال المنهوبة واسترداد الأموال المحوّلة إلى الخارج؟ ومن الاقتراحات التي تردّد أنها سترد ضمن “خطة الانقاذ” عقلنة الرواتب والأجور وخفض التقديمات المدرسية وزيادة ضريبة الدخل على الرواتب المرتفعة وإعادة هيكلة نظام التقاعد وتثبيت سعر صفيحة البنزين على 25 ألف ليرة لبنانية أو ما يوازي 16 دولاراً حسب سعر الصرف الرسمي وزيادة ألف ليرة على صفيحة المازوت وزيادة الضريبة على القيمة المضافة من 11 إلى 15 في المئة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية