بيروت-“القدس العربي”: بعد استغناء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن توجيه رسالته إلى مجلس النواب خوفاً من نشوب خلاف ولجوء تيار المستقبل إلى المقاطعة، وإطلاقه حركة مشاورات في قصر بعبدا مع عدد من القيادات والقوى السياسية المعنية بتأليف الحكومة، بدا الرئيس المكلف سعد الحريري متفائلاً مرة جديدة ولو بحذر بإمكان تأليف الحكومة قبل نهاية السنة الجارية، معتبراً ان عملية التأليف صارت في المئة متر الأخيرة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يبدي فيها الحريري تفاؤلاً ثم يصطدم بالتعقيدات، وهو أعلن في حوار في مركز “شاتام هاوس” في لندن أمل الرئيس المكلّف “أن معظم العقد التي كانت تؤخر التشكيل قد ذلّلت باستثناء عقدة واحدة نعمل على حلّها” ولكن هل تتوافق أجواء الرئيس الحريري مع الأجواء التي ترشح في بيروت حول مبادرة رئيس الجمهورية الذي قدّم مشروع حلّ يبدأ باستقبال الرئيس الحريري نواب “اللقاء التشاوري” الستة في مقابل أن يقبل هؤلاء بأن يتمثّلوا بوزير من خارجهم يختاره الرئيس عون من بين لائحة إسمية يتم طرحها؟
وفي موقف داعم لمبادرة رئيس الجمهورية، أطلق النائب جميل السيّد تغريدة موجّهة ضمناً إلى سنّة 8 آذار للقبول بالعرض الرئاسي وعدم التمسك بوزير منهم وعدم إحراج حزب الله أكثر فقال “ثمّة مبادرة يقودها الرئيس عون لتشكيل الحكومة، المبادرة متوازنة، الحريري خطوة للوراء ولا خسارة والنواب السُنة خطوة للوراء ولا إلغاء! على الطرفين التجاوب مع الرئيس!”. وأضاف: “حزب الله واضح: مع تسريع الحكومة ومع ما يرتضيه النواب السنّة حتى ولو “بوسة لحية”! ولهؤلاء، إذا حبيبك عسل ما تلحسو كلّو”.
لكن النواب السنّة بعد لقائهم رئيس الجمهورية لم يلتقطوا إشارة السيّد بل إن لهجتهم لم تؤشر إلى إبدائهم المرونة المطلوبة والقبول بوزير من خارجهم لا بل هم هاجموا الرئيس المكلف وإتهموه باحتكار تمثيل الطائفة السنية، حتى أن النائب الوليد سكرية رأى “أن العقدة تكمن في رفض المملكة العربية السعودية لوجود سني حليف للمقاومة وسوريا وإيران في الحكومة وأن رفض الحريري ليس ذاتياً”.
وقد لاحظ الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري أن مواقف النواب الستة بعد زيارتهم بعبدا تؤشر إلى سلبية ونوايا واضحة بالاستمرار في واجهة التعطيل الحكومي، مشيراً إلى “التعاطي الإيجابي من قبل الرئيس الحريري مع مبادرة رئيس الجمهورية”.
ومن ضمن الاقتراحات التي كانت طُرحت كمخارج فكرة، حكومة من 32 وزيراً، إلا أن الرئيس الحريري مصرّ على رفضها وعلى عدم القبول بأي تمثيل لسنّة 8 آذار، وأبلغ رئيس الجمهورية أنه يقبل بصيغة من 24 وزيراً. وفيما تحدث البعض عن حكومة من 18 وزيراً إلا أن امكانية الموافقة عليها تبدو مستبعدة، ونقل عن الرئيس بري قوله إنه سمع بالتواتر بصيغة الـ18 وزيراً لكن لم يتم التحدث معه رسمياً عنها، فيما المعاون السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل قال “لم تطرح علينا حكومة 18 وزيراً ولا نريد العودة إلى الوراء طالما ان العقدة باتت محددة بتمثيل نواب اللقاء التشاوري”.
ومع سقوط هذه الاقتراحات عاد التداول بحكومة الثلاثين، في وقت يتهم البعض رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل بأنه يريد حصة من 11 وزيراً في الحكومة كي يضمن الثلث المعطل وبالتالي يعتقد هذا البعض أن العقدة هي عند رئيس التيار.