لبنان وإسرائيل: من المقاومة إلى التطبيع؟

حجم الخط
21

أثار إعلان «اتفاق إطار» بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية بداية الشهر الحالي عددا من المفارقات، كما فتح الباب للسجال حول إمكانية اندراج هذه الخطوة ضمن الخطّ البياني الصاعد باتجاه تطبيع بلدان عربية مع إسرائيل.
أولى هذه المفارقات كانت أن من أعلن عن هذا الاتفاق هو نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني، وأحد طرفي ما يسمى «الثنائي الشيعي» الذي يضم حركة «أمل» التي يرأسها، و«حزب الله» الذي يعتبر الجهة السياسية الأعلى صوتا ضد إسرائيل، والأكثر اشتباكا مع الدولة العبرية منذ رحيل المقاومة الفلسطينية عن لبنان عام 1982.
لكن تأثير هذه المفارقة سيضعف حين تستعيد الذاكرة واقعة أن حركة «أمل» نفسها هي التي قامت لاحقا بتصفية جيوب المقاومة الفلسطينية في لبنان عبر حصارها الذي بدأ عام 1985 للمخيمات الفلسطينية لمدة سنتين ونصف مارست فيهما القصف والتجويع للفلسطينيين، فيما تكفّل «حزب الله» والنظام السوري بإنهاء الرديف اللبناني للمقاومة الفلسطينية والمسمى «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية» التي كانت محاولة اغتيال العميل أنطوان لحد واحدة من 1113 عملية نفذها، فتعرّضت الجبهة لعمليات خطف واغتيال ومطاردات انتهت بأن استلم «حزب الله» ورقة محاربة إسرائيل، ونقلها من نضال وطنيّ وتقدمي لبناني إلى احتكار طائفيّ متلازم مع ارتهان لقيادتي سوريا وإيران أدى لترهيب باقي المكوّنات اللبنانية وساهم في حوادث كان أشهرها اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.
يحصل الاتفاق في لحظة تقترب فيها الطبقة السياسية اللبنانية من الانهيار تحت وطأة الأزمات الكبرى بحيث يبدو أن تدخّل الدول الكبرى، كأمريكا، التي رعت الاتفاق، وفرنسا، التي قدّمت مبادرة لتحريك العملية السياسية، صار «اللاصق» الذي يحافظ على وحدة الكيان اللبناني.
ففي الوقت الذي ينهار الاقتصاد تحت وطأة حجم الديون الهائلة، وتتدهور البنوك، ويستفحل الفقر والجوع، وينفجر مرفأ بيروت مع كل الفضائح الخفية التي يخفيها، وتندلع الحرائق، ويدخل الشعب اللبناني حالة يأس بعد حراك جماهيري كبير، ويتناظر هذا مع إشارات ترحيب بالتطبيع من قبل النظام السوري نفسه، وإشارات إنهاك وتراجع للنظام الإيراني، لا يعود حاجة لمستهلكي دعاية النظامين حول المقاومة للاستمرار في هذه اللعبة التي كانت ناجحة حين كانت مؤسسات الدولة اللبنانية استثمارا مجزيا، وحين كان اللعب على الحبال بين القوى العظمى والإقليمية مفيدا.
يكشف ما يحصل في لبنان والعالم العربي حاليا أمثولتين سياسيتين مهمتين، الأولى هي أن العداء للفلسطينيين ومحاولة استئصال معناهم السياسي، حتى لو كان ذلك تحت شعار محاربة إسرائيل، يؤدي في النهاية إلى اللقاء بمعنى إسرائيل الحقيقي، الذي هو تغليب الاستبداد على الحرية والطغيان على البشر، والثانية هي أن التقرب من إسرائيل، على طريقة الإمارات والبحرين، لا يمكن أن يكون إلا للإضرار بالفلسطينيين، ولا داعي، بالتالي، للدعاية السخيفة حول جهاد الإمارات لمنع إسرائيل من ضم الأراضي الفلسطينية، في الوقت الذي تتحوّل فيه الإمارات والبحرين إلى ملعب سياسي وأمني واقتصادي لإسرائيل.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح //الأردن:

    *كان الله في عون الشعب اللبناني المنكوب.
    (لبنان) عليه ضغط شديد من قبل الضباع الكبار.
    حسبنا الله ونعم الوكيل.

  2. يقول بلحرمة محمد المغرب:

    لن يوهموننا ابدا ولن يتمكنوا من خداعنا مهما اجتهدوا في ديباجة التبريرات للتقرب من كيان الاجرام والارهاب الصهيوني والادعان المطلق لامريكا صاحبة الامر والنهي في جغرافيتنا العربية المنكوبة فالعرب قد دخلوا النفق الاخير من الانحطاط والانحدار ولم يعد لهم وزن في العالم وباتوا الاعيب فالانظمة العربية لا تهمها فلسطين كما كنا نقول دائما ولا البلاد ولا العباد فما يسعون اليه هي مصالحهم بشكل عام ولتدهب الاوطان والشعوب الى الجحيم.

  3. يقول م. محمد جبرؤوتي:

    التوجيه السياسي والديني إن وجد يصبح الشعب المصري والشعب الأردني امتدادا لغزة وعندها لا يستطيع أحد التهريج أو اللعب على الحبال.

  4. يقول سلام الغيث:

    التطبيع الجديد جاء بسبب نوايا ايران ومحور المقاومة في احتلال الدول الخليجية والعربية عامة… وشكرا

  5. يقول صبحي:

    لقد تمكن العدو منا عندما استطاع ان يقنعنا ان الشيعة هم اعداؤنا الاولون، واقنعونا ان التحالف مع الصهيونية هو الحل! وما تطبيع الامارات والبحرين الا دليل على كلامي

    1. يقول Passerby:

      لم يقنعنا أي عدو ولكن الذي أقنعنا بأن إيران هي عدو فعلا هو إيران نفسها والذي زاد من قناعتنا هو التحالف الإيراني الصهيوني-الغربي ضد المة الإسلامية السنية. ألم ترى بأم العين كيف هجرت إيران-أمريكا سنة العراق وسوريا ولبنان أمل يبتدعوا طرق في التعذيب والتخويف للسنة كي يجبروهم على ترك أوطانهم. إيران فعلاً أصبحت عدو بأفعالها ولكن هذا لا يبرر التطبيع أبداً مع الكيان الصهيوني ولا أعتقد أن سبب التطبيع المباشر هو الخوف من إيران ولكنه هوى بعض حكام الخليج في التذلف والتبعية ومخالفة كل الثوابت القومية والوطنية والدينية ليس إلا ولكنهم سندمون عندا يتعرفون على الكيان الصهيوني عن قرب!

    2. يقول صبحي:

      كيف تريدني ان اصدق هذا الكلام يا عزيزي Passerby… تحالف ايراني-صهيوني-غربي ضد المسلمين السنة؟!!! في اي عالم تعيش يا صديقي؟ هل فعلا تعتقد ان كل هذا الحصار ضد ايران وضد حزب الله وقتل الحوثيين من قبل حلفاء امريكا وقتل منتسبي الحشد من قبل امريكا نفسه، كل هذا تمثيل في تمثيل؟!! هل فعلا تصدق هذا؟ ولماذا يمثلون؟ هل امريكا تخاف ممن تصفهم بالمسلمين السنة؟ امريكا امرت الامارات والبحرين، وغدا السعودية والسودان، للتصالح مع اسرائيل ففعلوا… فممن تخاف امريكا لتخفي هذا التحالف المزعوم مع ايران؟ اذا كانت حماس نفسها بدأت بقبول الدعم الايراني فمن بقى من (العرب السنة) لتخلف منه يا عزيزي.
      كل ما اتمناه يا عزيزي هو ان تترك تعصبك وتنظر للحقيقة كما هي… كلنا مسلمون، سنة وشيعة (ولعلمك انا سني شافعي)، وحتى مسلمون ومسيحيون ويهود شرفاء، ولكن فرقنا العدو الاستعماري الصهيوني ولهذا تمكن منا..

  6. يقول محمد سراح:

    حزب الله وامل وباقي العصابة الحاكمة ستبقى في الحكم ولو بعد رحيل إسرائيل عن الشرق الأوسط وحجة البقاء في السلطة حل مشكلة ثقب الاوزون.

  7. يقول أبو العبد الحلبي:

    نحتاج إلى قراءة المشهد السياسي بصورة متعمقة مختلفة عن ما ألفناه وسيتبين لنا من القراءة أن علاقة إيران الفارسية مع العدو سمن على عسل ، و أن أدوات إيران في المنطقة (و منها لبنان) قادتهم أيضاً كذلك بغض النظر عن كل التمثيليات و المسرحيات و الدجل عبر السنوات . كانت مليشياتهم “و منها اللبنانية” تبحث عن طريق القدس بالقرب من داريا و حلب و دير الزور و إدلب …فلم يعثروا عليها ،و بالتالي كان لا بد من ترسيم للحدود بعد فقدان الأمل و هذا يعني الاعتراف . يستطيع أحدهم بجواز سفره الأمريكي أن يزور العدو الآن الآن و ليس غداً “كما قالت السيدة فيروز في أغنيتها الشهيرة أجراس العودة فلتقرع ” .

  8. يقول لبناني حر:

    عجباً … أمريكي ترسم للبنان الحدود وفرنسا تشكل الحكومة .. وللبنانيين بيعملوا إيه !! قاعدين ياكلوا مناقيش وتبولة !!

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية