بيروت-“القدس العربي”:
يستمر لبنان برصد تداعيات ما بعد قرار مجلس الامن الدولي حول وقف اطلاق النار في غزة ومدى انسحابه على الجبهة الجنوبية، كما يرصد موقف اسرائيل من هذا التطور ولا سيما ما أعلنه وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت الذي يزور واشنطن من أن “وقف الحرب في غزة قد يقرّب حرباً على الجبهة الشمالية مع حزب الله“.
واذا كان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي رحّب بقرار مجلس الأمن، ورأى فيه “خطوة أولى في مسار وقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة”، مجدداً “دعوة الدول المعنية إلى الضغط على العدو الاسرائيلي لوقف عدوانه المستمر على جنوب لبنان”، فإن وزير الخارجية اللبنانية عبدالله بو حبيب شعر بخطورة ما أدلى به قبل ايام لجهة أن “لبنان مستعد للحرب”، ووصلته اشارات داخلية وخارجية أن تصريحه يحمّل الحكومة اللبنانية ولبنان مسؤولية في مواجهة تل أبيب ويدفعها لعدم التفريق بين لبنان الرسمي وحزب الله. لذلك تراجع بوحبيب موضحاً أن ما قاله عن استعداد لبنان للدخول في الحرب مع اسرائيل “كان هفوة او غلطة بسبب الظروف التي أحاطت مقابلته في انطاليا”. واستطرد: “لا أعتقد أن اسرائيل ستدخل بحرب مع لبنان”، مشيراً إلى أنه “سابقاً كان كل موفدٍ دولي يأتي من اسرائيل يطالب بتطبيق القرار 1701، وبتراجع حزب الله 7 أو 10 كيلومترات شمال الليطاني، أما الآن فطلبُ اسرائيل على لسان الموفدين الدوليين هو فقط تراجع حزب الله، وعودة المستوطنين إلى شمال إسرائيل”.
حلّقت مسيرات عدة في أجواء قرى العرقوب وحاصبيا واقليم الخروب وحلّق طيران حربي بشكل مكثف فوق بيروت
في الوقائع الميدانية، أطلق جيش الاحتلال الاسرائيلي رشقات نارية في اتجاه المزارعين في بلدة الماري – قضاء حاصبيا، دون ان يبلغ عن اصابات، في حين حلّقت مسيرات عدة في أجواء قرى العرقوب وحاصبيا واقليم الخروب وحلّق طيران حربي بشكل مكثف فوق بيروت وأجواء كسروان والمتن.
وأغار الطيران الحربي على بلدة طيرحرفا مستهدفاً منزلاً غير مأهول، ما أدى إلى وقوع ثلاث اصابات طفيفة في صفوف مسعفي جمعية “كشافة الرسالة الاسلامية” و”الهيئة الصحية الاسلامية”، كما لحقت بالمنازل أضرار جسيمة. وأفاد المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي “أن طائرات حربية أغارت على مبنى عسكري لحزب الله في منطقة ميس الجبل”.
وتعرضت اطراف بلدة مارون الراس في قضاء بنت جبيل لقصف مدفعي طال الجبين وطيرحرفا والضهيرة، وما لبث الطيران أن أغار على أطراف حديقة مارون الراس.
في المقابل، اعلن حزب الله استهداف مبنيين في مستعمرة أفيفيم يستخدمهما جنود العدو بالأسلحة المناسبة وأصابهما إصابة مباشرة. كما استهدف على دفعتين تجمعاً للجنود في محيط ثكنة برانيت بعدما كان استهدف فجراً مبنى يستخدمه جيش الاحتلال في مستعمرة “شوميرا” ومبنى آخر في مستعمرة “شلومي”. وأعلن الحزب عن قصف قاعدة ميرون الجوية بالصواريخ الموجهة وعن قصف مستوطنة “أفيفيم” ما تسبب باندلاع النيران في أحد المباني. وتحدث الاعلام الاسرائيلي عن سماع أصوات انفجارات في الجولان و”كريات شمونة” و”كتسرين” و”حتسور” حتى طبريا.
وردت اسرائيل على استهداف قاعدة ميرون الجوية بغارة على وادي النيرة في الهرمل وسهل رأس بعلبك.
وأفيد من بلدة رميش أن مجموعة من حزب الله حاولت تركيب منصة لاطلاق الصواريخ على اطرافها بالقرب من ثانوية البلدة الرسمية، فتصدى لها أحد المواطنين حرصاً على سلامة الاهالي، فأطلقوا النار في اتجاهه ما دفعه للتوجه نحو الكنيسة وقرع الجرس، فنقلت مجموعة الحزب المنصة إلى صنوبر رميش وأطلقوا الصواريخ في ظل اعتراض الاهالي وتخوفهم من قصف البلدة من قبل اسرائيل خصوصاً أنها مكتظة بالسكان حالياً لمناسبة الشعانين واسبوع الآلام. وعلّق رئيس الكتائب النائب سامي الجميل على الاشكال قائلاً: “كل التضامن مع أهلنا في رميش”. فيما دانت كتلة “تجدد” تعريض المدنيين في رميش غصباً عنهم لخطر الهجمات الاسرائيلية.
إلى ذلك، نعت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الشهيد أحمد محمود “أبو يزن” والذي ارتقى عند حدود فلسطين المحتلة في جنوب لبنان.
في المواقف، أكد مسؤول ملف الموارد والحدود في حزب الله نواف الموسوي “أن ليس لدى إسرائيل القدرة اللوجستية على قصف لبنان، لا بل ليس لديها القدرة على قصف غزة، لولا الجسر الذي يعمل بصورة يومية لإمداد القوات الإسرائيلية بالأسلحة والذخائر”. وأشار الى “أن المقاومة الإسلامية في لبنان لن تقبل تحت أي ظرف من الظروف ترك الأخوة الفلسطينيين في غزة، ولن يكون فقط عبر إمدادها بالسلاح، بل الذهاب للقتال إلى جانبهم”.
وحول قدرات حزب الله القتالية، قال “ما كان يخزنه الحزب في نصف سنة، أصبح اليوم يخزنه خلال شهر”، مؤكداً “ان الحزب يفتح مخازن جديدة، ولديه صواريخ جديدة أكثر دقة ونوعية براً وبحراً وجواً”. ولفت الموسوي في حديث إلى “الميادين” إلى “أن حزب الله لديه خطوط اتصال مباشرة مع القوى الدولية الكبرى، التي طلب بعضها من مسؤولي الحزب إقناع كتائب القسام بقبول الصفقة المطروحة عليهم”، موضحاً “أن رد حزب الله كان أن الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية هي الجهة الوحيدة القادرة على اتخاذ مثل هذه القرارات”. واضاف “كل الجهات الكبرى، ومنها الولايات المتحدة، كانت تطلب من حزب الله إجراء حوار مباشر، لكن الحزب رفض مطالبهم”.
اما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع فأكد “أننا شعب لا يموت، كما رأينا بالأمس في رميش وعين إبل وغيرهما من بلدات الجنوب”، وقال في كلمة خلال ريسيتال في معراب لمناسبة أسبوع الآلام “نعيش مع غزة في طريق جلجلة وآلام وعذابات لا تنتهي، حيث الأولاد والنساء يموتون يومياً بطرق مختلفة، إن قتلاً أم جوعاً ام مرضاً ام تشريداً، ام تيهاً في أرض غزة الضيقة المساحة والواسعة كثيراً لجهة استيعابها آلام وعذابات وجلجلة أكثر من مليوني إنسان يعيشون فيها”.
واعتبر “أن مسيرة الجلجلة والآلام في لبنان تبقى الأكبر، حيث دفع أجدادنا وآباؤنا الغالي من دم وعرق وسهر وجد وكد بهدف توريثنا دولة، ولكننا نجد أنفسنا بشكل متواصل في صراع مع مجموعة لا تهمها الدولة وتسعى يومياً إلى هدم مداميكها”. وأسف لأننا “بتنا نعيش في أرض من دون نظام، دولتنا مخطوفة، قرارنا بيد غيرنا، ومع فريق يسمح لنفسه بزجنا في أخطر حرب غصباً عن إرادة شعب بكامله فهو قادر على ايقاف العدالة حين يشاء، كما حصل في قضية المرفأ، وتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية في حال لم نتجاوب مع مطالبه، وهو ايضاً قادر على التحالف مع الفساد “شمال ويمين” لتغطية مشروعه غير اللبناني وللسيطرة على الدولة”.