لبنان 2021.. الليرة تهوي بالاقتصاد لمستويات قياسية

حجم الخط
0

بيروت- نعيم برجاوي: كان 2021 أحد أسوأ الأعوام التي عرفها اللبنانيون اقتصاديا ومعيشيا، بالتزامن مع استمرار هبوط قيمة عملتهم المحلية مقابل الدولار الأمريكي، فيما بلغ التضخم مستويات قياسية، وشهدت الأسواق فقدان سلع أساسية.

وبما أن الفراغ الحكومي خيّم على ثلاثة أرباع مدة هذا العام، غابت الحلول وتعمقت الأزمة، واصطف اللبنانيون في طوابير انتظار أمام محطات الوقود، وغرق السكان في العتمة، وباتت أسعار السلع تحلق عالياً.

وكان البنك المركزي يدعم استيراد السلع الأساسية كالمحروقات والأدوية وغيرها، لكن منتصف العام بدأ الدعم يتراجع بعدما هبطت العملات الأجنبية لدى المركزي إلى حد الاحتياطي الإلزامي، 15 مليار دولار.

طوابير الذل

عدم وفرة النقد الأجنبي، أدى إلى تراجع استيراد المحروقات وشحّها في الأسواق اللبنانية، وأصبح اصطفاف المواطنين أمام محطات الوقود للحصول على البنزين والغاز، جزءا من حياة المواطنين اليومية.

شكّل هذا المشهد، الانعكاسَ الأبرز للأزمة المالية عام 2021، وأطلق عليه اللبنانيون مصطلح “طوابير الذل”، حيث تسبب التزاحم بمواجهات وأعمال عنف بين المواطنين ما أدى أحياناً إلى سقوط قتلى وجرحى.

في أغسطس/ آب 2021، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفضه المس بالاحتياطي الإلزامي للعملات الأجنبية، وقرر التوقف عن دعم استيراد المحروقات، وعلى إثر ذلك ارتفعت أسعارها بنحو 8 أضعاف.

فقدان الأدوية

كما المحروقات كذلك الأدوية، أدت الأزمة المالية إلى فقدان 70 في المئة من الأدوية في لبنان، نظراً إلى عدم وفرة النقد الأجنبي المخصص لاستيراد الكميات الكافية.

فضلاً عن ذلك، عمد بعض التجار الى إخفاء الأدوية في مستودعات بغية احتكارها وبيعها لاحقاً في أسعار مرتفعة، وهو ما كشفه وزير الصحة اللبناني السابق حمد حسن، بعد مداهمة القوى الأمنية عدة مستودعات في البلاد.

كان المصرف المركزي يوفر دعماً مالياً قدره 100 مليون دولار شهرياً لاستيراد الأدوية من الخارج، إلا أن هذا الدعم بدأ يتقلص تدريجياً منذ يوليو/ تموز، ما انعكس ارتفاعاً كبيراً بأسعار الأدوية بنحو 12 ضعفاً.

هبوط للعملة المحلية

منذ مطلع 2021 واصلت الليرة اللبنانية هبوطها مقابل الدولار الأمريكي، ففي بداية العام بلغ سعر الصرف في السوق الموازية نحو 8 آلاف ليرة، واستمر هبوطها إلى أن وصل في مارس/ آذار نحو 13 ألف ليرة.

على إثر ذلك، خطى البنك المركزي أولى خطواته نحو تعويم سعر الصرف من خلال إنشاء منصة إلكترونية في مايو/ أيار تهدف إلى بيع الدولار للمصارف والصرافين بسعر 12 ألف ليرة، ويستفيد منها التجار والمستوردين.

سعر صرف الدولار وفق تلك المنصة كان متحركا يومياً بحسب حجم التداول اليومي الذي تراوح ما بين 15 و20 مليون دولار يومياً، وقد وصل سعر صرف الدولار الواحد على تلك المنصة نحو 22 ألف ليرة مؤخراً.

محاولات البنك المركزي للجم تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية لم تضع حداً لاستمرار هبوطها في السوق الموازية، حيث وصل سعر صرف الدولار الواحد في تلك السوق مؤخراً نحو 27 ألف ليرة.

ارتفاع التضخم

شكّل 2021 العام الأسوأ لناحية الغلاء وانهيار القدر الشرائية للبنانيين، فبحسب البنك الدولي، بلغت نسبة التضخم في لبنان هذا العام 130 في المئة، بينما في 2020 كانت نسبته تبلغ 84 في المئة.

أما بالنسبة إلى النمو، فمن المتوقع أن ينخفض 10 في المئة إضافية عام 2021، بعدما سجل في عام 2020 انخفاضاً بنسبة 21.5 في المئة.

أما الناتج المحلي الذي كان يبلغ 55 مليار دولار عام 2018، فقد انخفض عام 2020 إلى 33 مليار دولار، ومتوقع في عام 2021 أن ينخفض الناتج المحلي إلى 20 مليار دولار.

تآكل رواتب الموظفين

على وقع مستويات التضخم العالية، وارتفاع أسعار الوقود والسلع الغذائية، تراجعت القدرة الشرائية للمواطنين إثر انهيار قيمة رواتبهم تأثراً بتراجع قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، أعلن موظفو الإدارات العامة في لبنان إضراباً مفتوحاً احتجاجاً على انهيار قدرتهم الشرائية، وقالت رابطة الموظفين (نقابية) إن الرواتب فقدت 97 في المئة من قيمتها.

من بين أشد 3 أزمات في العالم

في يونيو/ حزيران، صنف البنك الدولي الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان المستمرة منذ أواخر 2019، واحدة من بين أشد 3 أزمات شهدها العالم منذ منتصف القرن 19.

في سبتمبر/ أيلول 2021، أعلنت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “إسكوا” أن نسبة الفقر تبلغ 74 في المئة من سكان لبنان، بعدما كانت في عام 2020 تبلغ 55 في المئة، وبعد أن كانت في 2019 تبلغ 28 في المئة.

العام الأكثر ظلمة

في عام 2021، أعلنت مؤسسات كهرباء لبنان عدة مرات، انهيار التغذية الكهربائية في البلاد بسبب تراجع الإنتاج إلى مستويات متدنية غير مسبوقة؛ نتيجة عدم توافر الوقود المخصص لتشغيل معامل الطاقة.

وكان حجم إنتاج الطاقة في لبنان يبلغ بين 1600 و2000 ميغاواط قبيل الأزمة، إلا أنه تراجع إلى ما بين 300 و500 ميغاواط، ما انعكس انقطاعاً للكهرباء عن معظم المنازل والمؤسسات لأكثر من 20 ساعة في اليوم.

مباحثات مع صندوق النقد الدولي

في سبتمبر/ أيلول، وبعد أيام قليلة على تشكيل حكومة نجيب ميقاتي عقب 13 شهراً من الفراغ الحكومي، أعلن ميقاتي أن حكومته باشرت بإعداد خطة التعافي المالي والاقتصادي آملاً بإنجاز برنامج تعاون مع صندوق النقد.

في 19 ديسمبر/ كانون الأول، أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي أن اللجنة الوزارية المكلفة بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي، اتفقت مع حاكم مصرف لبنان على أن حجم الخسائر المالية في لبنان بلغ 69 مليار دولار.

وتوقع الشامي الوصول إلى اتفاق مبدئي مع الصندوق بين شهري يناير/ كانون الثاني، وفبراير/ شباط المقبلين حول خطة للنهوض الاقتصادي تتضمن إعادة هيكلة القطاع المصرفي وسياسة الموازنة العامة.

(الأناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية