الناصرة- “القدس العربي”: دعت لجنة المتابعة العليا داخل أراضي 48، في اجتماعها الأخير، فلسطينيي الداخل إلى رص الصفوف ورفع الجاهزية الشعبية لمواجهة التحديات المقبلة، وقالت إن “شعبنا أقوى من كل أشكال التهديد الصادرة عن أطراف الحكومة المقبلة، لكن لا نستخف بها”. كما أعلنت نيتها التوجه للعالم لفضح الانتهاكات الإسرائيلية وحذّرت من خطورة تشكيل حكومة بمشاركة قوى فاشية.
تمّ هذا الاجتماع في الناصرة، على خلفية انتخابات الكنيست الخامسة والعشرين، وصعود قوى صهيونية فاشية سبق أن توعدت بقمع فلسطينيي الداخل بوحدات الجيش، خاصة في المدن الفلسطينية الساحلية التاريخية، مثلما وعدت اليهود بفتح الحرم القدسي الشريف أمام اليهود للصلاة فيه، وتغيير تعليمات الفتح بالنار، مما يعني زيادة الضغط السريع على زناد السلاح ضد المتظاهرين الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر.
لجنة المتابعة العليا، التي تشكلت داخل أراضي 48 لتكون الخيمة السياسية الجامعة لفلسطينيي الداخل، في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، عقب حرب لبنان الأولى ونتائجها الدامية المدمّرة، بحثت في اجتماعها عدة قضايا على الصعيد السياسي، وعمل لجانها.
افتتح الاجتماع رئيس المتابعة محمد بركة بالدعوة للوقوف دقيقة صمت وقراءة الفاتحة على أرواح ضحايا فاجعة الحريق في جباليا، الذي أودى بحياة 21 شخصاً، مؤكداً أن هذه الفاجعة هي نتاج الأوضاع المأساوية التي يعيشها القطاع بفعل حصار الاحتلال وتقنين الوقود والكهرباء. واستعرض، في كلمته، الأوضاع السياسية الناشئة، خاصة بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، التي تعاظمت فيها قوة أحزاب تصل إلى أقرب نقطة للنازية، عدا ما هو قائم لدى أحزاب اليمين الإسرائيلية أصلا. وشدد بركة على أن نتائج الانتخابات، بالنسبة لتعاظم القوى الأشد تطرفاً، نتاج انزياح الشارع الإسرائيلي نحو التطرف، وتابع: “نرفض كلياً اتهامات جماهيرنا العربية في هذا الشأن، من حيث نسبة مشاركتها في الانتخابات”. وجاء قول بركة على خلفية اتهامات أطلقتها بعض الأوساط الصهيونية اليسارية لفلسطينيي الداخل بأنهم لم يشاركوا بنسبة كافية لمنع صعود اليمين المتطرف لسدة الحكم، وبأن أحزابهم تفرقت مما أدى لضياع 150 ألف صوت حاز عليها حزب “التجمع الوطني الديموقراطي”، فبلغ حافة نسبة الحسم ولم يعبرها، مما أدى لسقوطه. وأضاف بركة: “إننا لا نتبع نهج التخويف والترهيب الصادر عن بعض الجهات العربية المحلية، لكن في ذات الوقت لا نستخف بالتهديدات الصادرة عن أطراف يمينية متشددة ستشارك في الحكومة المقبلة، وعلى جماهيرنا أن ترص الصفوف وترفع جاهزيتها، لتكون قادرة على مواجهة التحديات”. كما قال بركة إن على المتابعة العليا أن تنشط على الصعيد الشعبي الميداني، وهو الأساس في نضالنا، لكن أيضا على الصعيد الدولي، بتكليف الطاقم القانوني الذي ينشط إلى جانب المتابعة، بإعداد ورقة للعالم، تتضمن سياسات وتهديدات الحكومة المتبلورة، إلى جانب ما يجري على الأرض”.
وحذر محمد بركة من تصعيد استهداف القدس في المرحلة المقبلة، مع تصعيد المخاطر على المسجد الأقصى المبارك، ما يستوجب زيادة وتكثيف التنسيق مع الهيئات الوطنية والدينية في المدينة. واستعرض بركة أوضاع “المتابعة العليا” من حيث عمل اللجان، وضرورة أن تأخذ المركّبات والأحزاب العربية دورها في استنهاض اللجان، خاصة أنه قبل عدة شهر اختار كل واحد من الأحزاب ما يرغب به من لجان، إلا أن هناك لجاناً ما زالت غير قائمة، في حين أن بعض الأحزاب لم تعيّن أعضاءها في اللجان الفاعلة.
وجرى نقاش واسع بين المشاركين، واتخذت القرارات التالية:
توجه لجنة المتابعة العليا تعازيها الحارة لشعبنا عموما، وقطاع غزة وأهالي ضحايا الحريق في مخيم جباليا خصوصا، بفاجعة الحريق الذي أودى بحياة 21 ضحية، توجه إصبع الاتهام للمسبب الأساسي لهذه الفاجعة، وهو الاحتلال الذي يفرض حصاراً إرهابياً على القطاع، ما يضطر الأهالي هناك لاتخاذ احتياطات بشأن الطاقة، رغم ما تسبب من مخاطر على البيوت ومحيطها.
تؤكد لجنة المتابعة أنها الجسم الجامع لكل مركّبات شعبنا من أحزاب ورؤساء سلطات المحلية، كسقف سياسي أعلى لجماهيرنا، لذا يجب أن تواصل اللجنة عملها خارج المنافسات والمشاحنات، وهذه قاعدة عامة ودائمة. لكنها الآن أكثر إلحاحاً أمام التحديات التي تواجه شعبنا. ترفض لجنة المتابعة أسلوب الترهيب، لكن في نفس الوقت، تدعو جماهيرنا لرفع الجاهزية الشعبية ورص صفوفها لمواجهة التحديات التي ستتعاظم في المرحلة المقبلة، على صعيد جماهيرنا وشعبنا الفلسطيني ككل، على كافة المستويات المتعلقة بوجوده وعيشه وحريته. تقرر لجنة المتابعة استئناف التنسيق مع الهيئات الوطنية والدينية في القدس المحتلة، بشأن تحديات المرحلة.
تدعو لجنة المتابعة الأحزاب والمركّبات إلى أخذ دورها الفاعل والجدي لتفعيل لجان المتابعة، وتعيين مندوبين عن كل المركّبات في جميع اللجان لتنطلق في عملها، ويأتي هذا البند التنظيمي على خلفية ترهل لجنة المتابعة العليا وتعرضها لتقادم لغتها وخطابها ووسائل عملها وتراجع قوتها الشعبية، وسط دعوات متتالية لإصلاحها وإعادة بنائها.
أخيراً أقرّت لجنة المتابعة عقد مؤتمرها العام للّجنة خلال الأشهر المقبلة.