لندن: ضلل رئيس البريطاني الأسبق، بوريس جونسون، نواب مجلس العموم فيما يتعلق بحفلات أقيمت خلال فترة الإغلاق المرتبطة بكوفيد في مقره بداونينغ ستريت عندما كان رئيسا للوزراء، في انتهاك للقيود الصحية المتصلة بالوباء والتي وضعتها حكومته، هذا ما توصلت إليه لجنة برلمانية بريطانية اليوم الخميس.
وقالت اللجنة إن عضوية جونسون في البرلمان كانت ستُعلق لمدة 90 يوما بسبب ازدرائه “المتكرر” للبرلمان لو لم يقدم استقالته الأسبوع الماضي.
وأكدت اللجنة في تقريرها أن جونسون يجب أن يستبعد من دخول البرلمان بسبب تضليله للنواب بكامل إرادته بشأن مخالفة قواعد الإغلاق وقت جائحة كوفيد-19 بإقامة حفلات في مكتبه وهو تقرير وصفه جونسون بأنه “هراء”.
وفي التقرير المؤلف من 106 صفحات، قالت اللجنة الأساسية المعنية بالانضباط في البرلمان إن جونسون ضلل البرلمان عمدا في عدة مناسبات عند سؤاله عن تجمعات في مقر الحكومة البريطانية في داوننغ ستريت خلال إغلاق كوفيد-19.
كما اتهمت اللجنة جونسون “بالتواطؤ في حملة إساءة معاملة وترهيب”.
وكرر جونسون، وهو من أشهر السياسيين المثيرين للجدل في بريطانيا، ردا على ذلك القول إنه بريء ووصف التقرير بأنه “هراء” و”كذبة” و”خدعة” واتهم أعضاء اللجنة بشن حملة انتقامية عليه.
في رسالة استقالته الجمعة الماضي، استبق جونسون نشر تقرير اللجنة الذي وصفه بأنه مؤامرة سياسية علما بأن الهيئة تضم أغلبية من حزبه.
وأبدى الخميس مجددا عدم ندم متهما اللجنة بأنها “معادية للديموقراطية … لتحقيق ما يُراد به أن تكون الطعنة الأخيرة في اغتيال سياسي مطول”.
وقالت اللجنة في التقرير الذي فصل وقائع ست فعاليات أقيمت في داوننج ستريت “خلصنا إلى أن السيد جونسون ارتكب ازدراء بالغا من خلال تضليل البرلمان عمدا”. وتضم اللجنة أعضاء من حزب المحافظين الحاكم ومن حزب العمال المعارض.
وأضاف التقرير “نوصي بأنه لا يجب أن يكون مستحقا لإذن دخول الأعضاء السابقين”، في إشارة لإذن يسمح لرؤساء الوزراء السابقين بالدخول للبرلمان.
ووجدت اللجنة أن جونسون سعى إلى التقليل من شأن العملية البرلمانية من خلال تضليل مجلس العموم واللجنة عمدا ومن خلال انتهاك الثقة والطعن في اللجنة والتواطؤ في حملة لإساءة المعاملة ومحاولة الترهيب.
وأشارت اللجنة إلى أن جونسون لو كان لا يزال عضوا في البرلمان لأوصت بتعليق مشاركته لتسعين يوما.
واستقال جونسون من البرلمان الأسبوع الماضي بعد أن اطلع على نسخة مسبقة من التقرير.
وأكد جونسون (58 عاما) أن قراره يدخل حيز التنفيذ فورا، ما يعني إجراء انتخابات فرعية ستشكل مزيدا من الضغط السياسي على رئيس الوزراء الحالي ريشي سوناك.
احتفظ جونسون بمقعده عن أوكسبريدج وساوث رايسليب في شمال غرب لندن في الانتخابات العامة الأخيرة التي أجريت في كانون الأول/ديسمبر 2019 وحقق فيها المحافظون فوزا كاسحا.
لكن مع تراجع حزب المحافظين أمام حزب العمال في استطلاعات الرأي، لم يكن فوزه مؤكدًا.
وكان جونسون أن تحقيق اللجنة البرلمانية بحقه بأنه “اغتيال سياسي مطوّل”، وقال في بيان “اعتقدت وجاء اعتقادي في محله أن تلك الفعاليات كانت مطلوبة بشكل معقول لأغراض العمل. كنا ندير (أزمة) الجائحة”.
وتابع قائلا “لكن لا تستمعوا لي فقط. استمعوا لشرطة العاصمة. الشرطة حققت في دوري في كل تلك الفعاليات. ولم يخلصوا في أي حالة منها إلى أن ما فعلت خالف القانون”.
وعقب فضيحة الحفلات غرّمت الشرطة جونسون وعشرات المسؤولين الحكوميين لخرقهم قوانين التباعد الاجتماعي التي أعلنتها الحكومة للحد من انتشار كوفيد-19.
وأثارت الفضيحة غضب الرأي العام لا سيما بين أهالي الذين قضوا بسبب الفيروس. كما كانت إحدى الأسباب العديدة التي ساهمت في سقوط جونسون كرئيس للوزراء، فقد أدت إلى تمرد وزاري أجبره على الاستقالة في تموز/يوليو الماضي.
ويأتي هذا مع بدء لجنة التحقيق البرلمانية البريطانية في إدارة الحكومة للوباء جلسات الاستماع، أول أمس الثلاثاء في أجواء متوترة، بعد أكثر من ثلاث سنوات على ظهور كوفيد-19.
أودت الجائحة بحياة أكثر من 227 ألف شخص في المملكة المتحدة، وهي واحدة من أكثر الدول تضرراً في أوروبا.
اتُهم بوريس جونسون، رئيس حكومة المحافظين آنذاك، بالتأخر جدا في الاستجابة وعدم فرض حجر صحي على الفور. لكن منذ ذلك الحين، انهالت الانتقادات من معارضي الاغلاق المتكرر الذي فُرض خلال الوباء، وكانت هذه الانتقادات حادة في الصحافة المحافظة.
من المفترض أن يحدد الجزء الأول من التحقيق الذي تجريه هذه اللجنة برئاسة القاضية السابقة هيذر هاليت، ما إذا “كان التخطيط للاستجابة للجائحة صحيحًا وما إذا كانت المملكة المتحدة مستعدة بشكل كافٍ لهذا الاحتمال”.
وسيتم الاستماع إلى عشرات الشهود، من الشخصيات السياسية والخبراء، على مدى ستة أسابيع. وستكون جلسات الاستماع مفتوحة أمام الجمهور كما سيتم بثها مباشرة على موقع يوتيوب.
(وكالات)