غزة- “القدس العربي”: عادت لغة التهديد والتوتر تعلو المشهد القائم حاليا، بعد أكثر من أسبوعين على انتهاء الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل ضد قطاع غزة، بسبب حالة التسويف التي ينتهجها الاحتلال، في تطبيق شروط الهدوء، ومن أبرزها رفع الإغلاق المفروض على القطاع، والتي ترافقت مع دعوات جماعات استيطانية لتنظيم “مسيرة الأعلام” في القدس المحتلة، وهي التي كانت من مسببات انفجار التصعيد الأخير.
وفي إسرائيل التي تفيد المعلومات بأنها قررت إرجاء بحث ملف صفقة تبادل الأسرى، التي وضعتها الحكومة التي تشارف على الرحيل بقيادة بنيامين نتنياهو شرطا لرفع الحصار عن غزة، وإنجاز عملية الإعمار، علت لغة التهديد من جديد خطاب ساسة الحكومة المرتقبة، وذلك مع استمرار تأخير فتح المعابر وإدخال المنحة القطرية المخصصة للعوائل الفقيرة.
وقد ذكرت مصادر متعددة أن إسرائيل لا تزال تمنع دخول المنحة القطرية، في الوقت الذي كشف فيه النقاب عن وجود خوف من قبل الأطراف المعنية بالمفاوضات، من احتمال تغيير الحكومة الإسرائيلية، الأمر الذي يؤخّر مفاوضات صفقة تبادل الأسرى التي تتوسط فيها مصر حاليا.
وقد دفع ذلك إلى تسريب معلومات من مصادر أمنية تعتقد أن احتمال التصعيد في قطاع غزة حاليا، أكبر من احتمال التوصل إلى تهدئة وصفقة تبادل أسرى.
وجاء ذلك في وقت أكد فيه رئيس الحكومة الإسرائيليّة المحتملة ورئيس قائمة “يمينا”، نفتالي بينيت، أن حكومته لن تجمّد الاستيطان في الضفة الغربية، وقال إن حكومته ستشن عملية عسكرية على غزة أو لبنان إذا اقتضت الحاجة، مستبعدًا أن يؤدي استناد حكومته المحتملة إلى القائمة الموحدة (الإسلامية الجنوبية) إلى تقييدات من هذا النوع.
وقال في تصريحات للقناة التلفزيونية 12 “في نهاية هذه الحرب، إن كان هناك ائتلاف فليكن. وإن لم يكن، فسنذهب لانتخابات، كل شيء على ما يرام”، لافتا إلى أن حكومته ستتعرض لضغوط أمريكية حول الاستيطان في الضفة الغربية. لكنه قال إنه مع ذلك، لن يوقف البناء الاستيطاني.
وجاء ذلك في الوقت الذي تستمر فيه الجماعات الاستيطانية المتطرفة، بالدعوة لتنظيم “مسيرة الأعلام” الجديدة في أرجاء البلدة القديمة من القدس وذلك بعد شهر من إحباط إجراء المسيرة بعد استهداف القدس من المقاومة برشقة صاروخية من القطاع، كانت بداية شن العدوان الأخير على غزة.
ويسعى منظمو المسيرة التي تنظم في ذكرى احتلال الشطر الشرقي من القدس، لأن يتم إجراء المسيرة الخميس القادم على أن تمر من باب العامود وتسير في أزقة البلدة القديمة، ويتردد أن شرطة الاحتلال لم تعط موافقتها حتى الآن على إجراء المسيرة، وسط توقعات أن يعطي بنيامين نتنياهو الموافقة على تنظيمها، من أجل توتير المنطقة مجددًا لمنع تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، وإخراجه من المشهد السياسي، وذلك من خلال إعادة التوتر والاشتباك في ساحة القدس، وباقي الساحات الفلسطينية.
وقد كانت تلك المسيرة وما سبقها من هجمات استيطانية ضد القدس، وأبرزها مخطط إخلاء حي الشيخ جراح، أحد أسباب انفجار العدوان الأخير، حين رفضت المقاومة في غزة، تلك الهجمة الإسرائيلية ضد المدينة المحتلة.
وبسبب تهرب قادة إسرائيل من التزامات التهدئة، التي جاءت في نهاية العدوان الأخير، الذي توقف بوساطة مصرية قبل أكثر من أسبوعين، كشف النقاب عن قيام حركة حماس بإرسال رسالة تحذير للوسطاء، بسبب المماطلة الإسرائيلية في التنفيذ، حملت تلويحا بعودة تسخين الحدود من جديد.
وبما يدلل على ذلك، قال رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، خلال لقاء جمعه مع الكتاب وأساتذة الجامعات في غزة، إن حركته مدركة لكل الجهود التي تبذل من أجل تقزيم الإنجاز السياسي لغزة، “بعد انتصار مقاومتنا في الميدان العسكري”، وقال “ما قبل أيار 2021 ليس كما بعده، ستكون هناك انفراجة في الوضع الإنساني والحياتي والاقتصادي لكل أهلنا في قطاع غزة”، مشددا على أنه لا يمكن أن نقبل بأقل من ذلك.
رئيس وزراء الاحتلال القادم هدد بالحرب والسنوار توعد بتغيير الشرق الأوسط في المعركة القادمة
وتوعد السنوار في رسالة وجهها لقادة إسرائيل بـ”تغيير شكل الشرق الأوسط إذا ما اندلعت معركة أخرى”، لافتا إلى أن معظم الصواريخ التي أطلقت خلال المواجهة السابقة “كانت من الطراز القديم أو من تلك المنتهية الصلاحية”، وقال وهو يشير إلى امتلاك المقاومة ذخيرة أكبر “إن ما خفي أعظم”.
وبيّن أن الجولة السابقة، كانت “مجرد مناورة لاختبار قدراتنا الصاروخية”، وقال “أطلقنا سابقا الكثير من الصواريخ إلى البحر، وقد تمكنا من اختبار هذه الصواريخ في الميدان الحقيقي”، وأشار إلى أن الدقة الكبيرة في صواريخ المقاومة والقدرات المتطورة في السلاح “كانت بفضل العلماء وأساتذة الجامعات المنضوين تحت لواء المقاومة”.
وأكد أن المقاومة تتعرض لحصار من القريب والبعيد، لمنع تملكها سلاحا متطورا يحقق منظومة الردع مع العدو، وأضاف “لكن عقول شعبنا استطاعت أن تصنع المستحيل لتحدي هذا الحصار، وقد رأى العالم كيف استطاع شعبنا المحاصر أن يؤدي هذا الأداء الرائع من المقاومة”.
وأضاف السنوار: “من كان يتخيل أن المقاومة تستطيع أن تدك تل أبيب بـ130 صاروخا في رشقة واحدة، وما خفي أعظم، وحققنا في هذه الجولة من الصراع مع الاحتلال أهدافا استراتيجية بالجملة، أولها أننا أثبتنا أن للأقصى من يحميه، ويدافع عنه، ومن يستطيع أن يدفع كل ثمن من أجل نصرته”.
وتابع السنوار “أحبطنا مشروعا صهيونيا تلموديا، يهدف إلى تقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا، على خطى هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم”، وأكد أن الاحتلال فشل في تنفيذ خطة رياح الجنوب، في هدم بنية المقاومة، أو إنهاء فاعلية القتال لدى قيادة المقاومة، حيث لم يستطع تدمير إلا ما نسبته 3% من مترو حماس، أو مدينة الأنفاق، وقال “استطاع مقاتلونا ترميم هذه الأضرار”.
وشدد على أن حماس تقبل بإنشاء دولة على حدود 67 كحد أدنى وفي صالح التوافق الوطني، لكنه أضاف “خيارنا الاستراتيجي هو تحرير فلسطين بالكفاح المسلح، وماضون إليه بدون تردد ولن نضيع أي جهد دون بناء قوتنا لتحقيق التحرير والعودة”.
وأوضح السنوار أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، مرت أشهر على توليه المنصب دون أن يتصل بأي قائد في المنطقة، لافتا إلى أنه عندما ضربت المقاومة تل أبيب بالصواريخ توالت الاتصالات والزيارات.
وفي السياق، كان أبو أنس القيادي في الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي سرايا القدس، قال “إن سرايا القدس ومعها فصائل المقاومة جعلت تل أبيب أقرب مكان إلى قطاع غزة عبر صليات صواريخهم التي دكت بقرتهم المقدسة وجعلتها خاوية، إلا من نار ودمار صواريخنا”، وأضاف “ما في جعبتنا سيرى العدو وقادته صنيعه في قادم المعارك إن شاء الله ولن يكون إلا ما يسر شعبنا وجمهور المقاومة ويسوء وجوه الصهاينة الغاصبين”.