لغو على سلم الطائرة وزوجة متذمرة و”ستون دقيقة” يعري إسرائيل أمام العالم.. و”أتباعه”: نشروا غسيلنا يا نتنياهو

حجم الخط
0

نجح نتنياهو خلال أشهر كثيرة في الحفاظ على ضبط النفس تجاه المتظاهرين ضد مؤامرة الانقلاب النظامي. في البداية سماهم “فوضويين”، وحاول إلصاق “دعم م.ت.ف” بهم، بسبب علمين فلسطينيين تم رفعهما السبت في كابلان. ولكن سرعان ما نزل عن هذه الشجرة إزاء تنوع المشاركين في المظاهرات.
مساء أمس، تدفق في مطار بن غوريون سم كتدفق مياه عادمة من مضخة سيارة خاصة. التصريح الذي أسمعه على سلم الطائرة الضخمة في “ال عال” أعدّ مسبقاً. كل كلمة فيه: أكاذيب وتشويه وتحريض هستيري متطرف، حتى بمعايير خاصة بالمتحدث.
المقارنة بين محاربي النخبة في إسرائيل وأولئك الذين ينضمون إلى “م.ت.ف وإيران”، لم تكن زلة لسان. ولا حتى أقواله الأخرى عن “رفض الخدمة، الذي أصبح أمراً عادياً، و”الإزعاج الذي يشجع على العنف ضد المنتخبين”.
كان يمكن رؤية ذلك بنظرة زوجته؛ بعين معجبة وبأخرى محتقرة، كي لا ينسى أي عنصر مما أسمعوه في السيارة. أكثرت السيدة من هز الرأس بغضب مثل كلاب “دشبورد”. لقد خربوا عليها استجمامها الفاسد والمنحط في أمريكا. لقد انتظرا الدعوة إلى البيت الأبيض تسعة أشهر، واضطرا في النهاية إلى الاكتفاء بفندق في نيويورك، وفي كل مكان سيرافقهما آلاف المتظاهرين والعروض والاعتصامات التي ستذكر الأمريكيين بما يتم النضال من أجله هنا في البيت.
مثل أي دكتاتور يشغل منصبه أو في طور التشكل، لم يعد رئيس الحكومة يميز بين الدولة ونفسه. “يتظاهرون ضد إسرائيل”، قال بحزن. أي شخص أو أي زعيم من الذين يتوقع أن يلتقي معهم نتنياهو (باستثناء الدكتاتور التركي أردوغان) سيصدر نغمة استخفاف عندما يسمع هذه الأقوال، وبالتأكيد أيضاً الرئيس الأمريكي جو بايدن.
أقوال نتنياهو هدفت إلى إشعال “القاعدة” ودفعها نحو العمل، بشكل ناجع، ضد “الإرهابيين” في الداخل، والمتعاونين مع إيران وم.ت.ف. الزعيم العقلاني كان سيفضل تجاهل الاحتجاج الذي انتقل معه غرباً، بل كان سيقزمه بتهذيب. عدم الصبر وخيبة الأمل والانفصال عن الواقع التي يبثها نتنياهو، كل ذلك جعله يسجل هدفاً ذاتياً. هل سيصدقه أحد عندما ستغرق أعلام إسرائيل منهاتن ومن وقبلها سان فرانسيسكو، وعندما يقف أحد الحاخامات في أمريكا إلى جانب من يطالبون بالديمقراطية في إسرائيل وبروحية الدولة التي تسحق على يد حكومة سيئة وعنصرية وقومية متطرفة ومسيحانية، وعندما ينضم آلاف يهود أمريكا إلى الإسرائيليين في المظاهرات؟ بالتأكيد ليس الرئيس الأمريكي الذي سيلتقي مع الرئيس الأوكراني في الغرفة البيضاوية، والذي يتوقع أن يغدق عليه الشرف الثمين؟ سيتم القيام بذلك لزعيم يحارب الطغاة. وهكذا سيتم التعامل مع زعيم يحارب ضد الديمقراطية.
“ألقيت خطابات في الأمم المتحدة 12 مرة، لم يكن شيء كهذا يوماً ما”، هذا ما قاله القوزاقي المسلوب. صحيح، ربما شيء ما قد تغير في السنة الأخيرة؟، “كرئيس للمعارضة، لم أتصرف هكذا يوماً ما”، كذب. وخلال دقائق، غرقت الشبكات الاجتماعية بأفلامه وهو يتهم بإنكليزيته حكومة بينيت بتدمير الديمقراطية عندما خشي من أن “قانون المتهم” سيتم دفعه قدماً. لقد ازدرى الحقيقة والوقائع والتوثيق الذي يعرف أنه موجود. كل ذلك لا يهمه. المهم هو ما يخرج من فمه.
انضم إلى دعايته المسممة السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة جلعاد اردان. حافظ خلال ثلاث سنوات على الرسمية وعلى صورة رجل الدولة كما يقتضي منصبه. أجرى صباح أمس، مقابلة مع قنوات الراديو، هاجم فيها المتظاهرين وعبر عن الأسف لأنهم يحرفون الانتباه عن “القتلة المقيتين” مثل الرئيس الإيراني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، (قبل ذلك، أجرى مقابلة في نهاية الأسبوع مع “معاريف”، تطاول فيها على الإدارة الأمريكية).
يعرف أردان ما الذي أمامه: خمسة أيام برفقة الزوجين نتنياهو. وهذا بالضبط ما يتوقعانه منه. لم يخطر ببال أحد أن السفير في واشنطن، مايك هرتسوغ، كان سيقدم لرئيس الحكومة خدمة مشابهة، حتى لو أنه وصل إلى البيت الأبيض. في سنته الأخيرة في المنصب يبدأ أردان السباق للانتخابات التمهيدية، في طريقه إلى الشاطئ الغربي ليلتقي هناك مع إيلون ماسك، من حملة راية اللاسامية الحديثة، تم بث البرنامج الرئيسي “ستون دقيقة” الذي تناول أيضاً الاحتجاج في إسرائيل. المراسلة ليزلي ستوهل، بدأت مقدمتها بتسمية الأمور باسمها عندما قالت إن التشريع القانوني استهدف “القضاء على التوازن والكوابح في نظام الحكم في إسرائيل”، هكذا حرفياً.
هذا التقرير في برنامج التحقيقات الأكثر مشاهدة وتقديراً في الولايات المتحدة منذ سنوات، جاء بتوقيت كارثي لنتنياهو. في وقت نفسه، نشر البث في “صاندي تايمز” البريطانية مقالاً متعاطفاً مع النساء اللواتي يقفن في مقدمة النضال. وقيلت هناك أقوال: “حكومة إسرائيل تخطط للقضاء على الديمقراطية في البلاد”.
وسائل الإعلام الدولية، كما يبدو، بدأت تستيقظ في الوقت المناسب. “ستون دقيقة” سيحرك قنوات تلفزيونية أخرى في أمريكا كي تتناول إسرائيل بتوسع. الادعاء المطلوب من جانب المتحدثين بلسان الحكومة كان: لماذا يتم نشر الغسيل الوسخ في الخارج؟ وبالتالي، يمكن تقديم ملاحظات على هذا السؤال: الأولى أن نتنياهو أجرى 23 مقابلة مع وسائل الإعلام الأجنبية في محاولة لطمس وتبييض الانقلاب، ولم يجر أي مقابلة مع وسائل الإعلام الإسرائيلية. الثانية، هل يتم استخدام مفهوم “الغسيل الوسخ” قبل يوم من وصول سارة إلى فندق “ريجنسي” في نيويورك؟ أنتم قمتم بالتوسيخ.
تضخيم الضرر
بعد عشر ساعات على الطيران، نشر مكتب رئيس الحكومة “التوضيح” التالي: “عندما قال “ينضمون”، قصد رئيس الحكومة أن المواطنين في إسرائيل سيتظاهرون في الوقت الذي سيتظاهر فيه مؤيدو م.ت.ف وحركة “بي.دي.اس”، “الأمر الذي لم يحدث يوماً ما”. تقريباً هذا صحيح، لكن ما يحدث الآن في إسرائيل لم يحدث في أي يوم. بالمناسبة، الفلسطينيون ومؤيدو “بي.دي.اس” يجب أن يتظاهروا من أجله. بالنسبة لهم، هو هدية من السماء، وهم كما يبدو الصدّيقون الذين يتم تنفيذ مهمتهم على يد آخرين هم نتنياهو وسموتريتش وبن غفير وكل الباقين.
عن غابت البيان الرسمي كل الدفائن التي اقتبست في السابق. لم يتم ذكر إيران. وقد استغرق طبقة رجال الأعمال وقتاً طويلاً إلى أن يفهموا أبعاد الضرر الذي تسبب به رئيس الحكومة لنفسه ولزيارته. وعندما أدركوا، تم إرسال بيان مستعجل مثير للشفقة يضخم ما أصبح الجميع يعرفونه: نتنياهو لم يعرف ذلك، أصبحت أعصابه مشدودة، وهو في حالة دوار ويشعر بفشل كبير.
يوسي فيرتر
هآرتس 19/9/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية