نواكشوط- «القدس العربي» جاء الزحف المتسارع للدولة الإسلامية نحو الساحل الإفريقي وتحمس المتشددين والجهاديين لها والسعي للإنضمام لصفوفها واستيقاظ خلايا التطرف النائمة وتطورات الأوضاع في ليبيا ومالي، كل هذه العوامل تضافرت في آن واحد لتدفع موريتانيا والمغرب للتنسيق الأمني المستعجل وذلك من خلال زيارة أنهاها أمس للمغرب وزير داخلية موريتانيا محمد ولد أحمد سالم.
فقد زار وزير داخلية موريتانيا الرباط زيارة مطولة ذات طابع استعجالي مصحوبا بكبار مساعديه في الأمن والإستخبارات، وذلك قبل أن يزال، على المستويات العليا، التوتر الملاحظ منذ فترة على مستوى علاقات البلدين.
وحسب مصادر مقربة من هذه الزيارة فإن اللقاءات تميزت باجتماع رفيع المستوى ترأسه وزيرا الداخلية المغربي محمد حصاد والموريتاني محمد ولد أحمد سالم، وحضره عدد من كبار المسؤولين الإداريين والأمنيين في البلدين.
واتفقت المغرب وموريتانيا على تعزيز وتوحيد جهودهما لمواجهة التحديات الأمنية التي تعصف بالمنطقة، وقررا رفع مستوى التنسيق إلى الحد الأقصى.
وقال محمد حصاد وزير الداخلية المغربي عقب اللقاء «إن موريتانيا والمغرب من البلدان التي تنعم بالاستقرار في المنطقة»، مبرزا «أن التعاون بينهما سيمكن من زيادة التنسيق بين البلدين للحفاظ على هذا الاستقرار، في ظل التحديات الأمنية في المنطقة».
وأضاف أن «هذا اللقاء يشكل انطلاقة جديدة للتعاون في مجالات اختصاص وزارتي داخلية البلدين، مشددا على أن القضايا الأمنية ينبغي أن تكون موضوع «تنسيق كبير جدًّا بين البلدين، لاسيما أن هذا التعاون له تاريخ وسنجدده»، حسب تعبيره.
وأكد حصاد أن «اللقاء يأتي في إطار تعليمات العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز من أجل الارتقاء بالعلاقات التي تجمع بين البلدين إلى «علاقات استراتيجية للتعاون»، مشيرا إلى «أن الجانبين سيكون لديهما الوقت الكافي لتدارس كل هذه النقاط التي ستمكن من إعطاء هذه الانطلاقة الجديدة».
ويأتي التنسيق بين المغرب وموريتانيا، في ظل المخاطر التي تواجهها المنطقة، خصوصا مع التطورات الأمنية في كل من ليبيا ومالي، حيث تنشط جماعات متشددة عابرة للحدود وحاصلة على تسليح كامل، إضافة للخطر المتصاعد الذي بات يمثله تنظيم «داعش»، والذي يتخذ البلدان احتياطاتهما للحيلولة دون وصوله إليهما.
يذكر أن الحركات الجهادية المسلحة تضم عددا كبيرا من الموريتانيين والمغاربة يتولى عدد منهم مهام قيادية في هذه التنظيمات.
وكشف وزير الداخلية المغربي محمد حصاد مؤخرا عن قلق مغربي إزاء وجود نحو 1200 مغربي يقاتلون في سوريا والعراق في صفوف الدولة الإسلامية وجبهة النصرة المتناحرتان، يضاف اليهم ما بين 1500 و2000 مقاتل مغربي من أوروبا، ويحتل المغاربة مواقع قيادية في هذين التنظيمين».
وجاء اعتقال الأمن الموريتاني أمس لأربعة متشددين موريتانيين بمدينة الزويرات شمال موريتانيا والتحقيق معهم بعد ضبط مكالمات ومراسلات لهم مع الهيئات القيادية ل»داعش»، ليشير بوضوح للمقاربة الإستباقية التي تنهجها موريتانيا في تعاملها مع ملف «الدعوشة».
ويكثف الأمن الموريتاني منذ فترة دوريات الحراسة في المناطق المحيطة بالسفارات الغربية في نواكشوط وذلك بعد تسريب أنباء «حول عمليات بحث تقوم بها الإستخبارات الموريتانية عن متشددين دخلوا أراضي موريتانيا للقيام بعمليات تخريبية».
وكانت الولايات المتحدة والدنمارك قد حذرتا في بيانين أخيرين مواطنيهما من السفر إلى موريتانيا.
وحذرت الخارجية الأمريكية «الأمريكيين من الخطر المترتب على زيارة موريتانيا»، وحثت الوزارة «المسافرين إلى موريتانيا على اتخاذ أقصى تدابير الاحتياط».
وعزت الوزارة «تحذيرها الجديد لوجود نشاطات لجماعات إرهابية من بينها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي أظهر عزمه وقدرته على تنفيذ هجمات ضد رعايا دول أجنبية».
ونصحت السفارة الأمريكية في نواكشوط «الرعايا الأمريكيين المقيمين في موريتانيا بإلغاء جميع الأسفار غير الضرورية وبخاصة باتجاه المناطق الحدودية في ولاية غيدي ماغه، وولايتي الحوض الشرقي والحوض الغربي إضافة إلى الأجزاء الشرقية من ولايات العصابة وتكانت وآدرار».
وشمل التحذير كذلك السفر إلى ولاية تيرس الزمور في الشمال الموريتاني بسبب «مخاوف من تعرض الأمريكيين للإختطاف في هذه المناطق». ونصح قطاع خدمات المواطنِين لدى الخارجية الدانماركية مؤخرا «الدانماركيين بتجنب التردد على أماكن عمومية، في دول إفريقية بينها موريتانيا»، كما حثهم «على تجنب مواقع لا يتردد عليها الغربيون في العادة، وأن لا يطيلوا المقام في أي مكان يزورونه».
عبد الله مولود