عاموس يدلين، أودي أفينتال
نشر مؤخراً أن شعبة الاستخبارات ورئيس الأركان حذرا القيادة السياسية من حدوث تآكل في “الردع الأساس” لإسرائيل تجاه أعدائها وعلى رأسهم “حزب الله”. وكان التقدير حتى وقت أخير مضى بأن “حزب الله” يشخص فرصة لتحدي إسرائيل، لكن دون حافة الحرب التي تفضل المنظمة الامتناع عنها. يبدو أن التقدير يتغير على خلفية الثورة النظامية والدمار الذي أحدثته بالوحدة الداخلية.
تشكل تحذيرات الجيش ذروة في مسيرة تعود لعدة سنوات من تآكل في الردع تجاه “حزب الله”. الحدث الذي جسد التآكل وقع في آذار، حين بادر نصر الله إلى عملية شاذة للغاية في مفترق مجدو بإرسال مخرب مسلح بعبوات وبحزام ناسف اجتاز حدود لبنان بهدف تنفيذ عملية تفجر (أحبطت). في نيسان، لم يمنع “حزب الله” حماس إطلاق صواريخ من جنوب لبنان، والآن يهدد نصر الله بأن يرد ضد إسرائيل إذا ما أخلت الخيمة التي أقامها في منطقة “هار دوف”.
إن خطوات التحدي من جانب نصر الله والارتفاع في ثقته بالنفس في الأشهر الأخيرة هي نتيجة مباشرة للازمة الداخلية في إسرائيل والتي يرى فيها “بوليصة تأمين” من الحرب. على حد نهجه، وبتقدير أسياده في طهران الذين يشجعونه على العمل، لن تتجرأ إسرائيل على المخاطرة بحرب في ظل أزمة غير مسبوقة في منظومة الاحتياط، وفي ضوء الضرر الذي لحق بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، والتي يرى فيها نصر الله، وعن حق، عنصراً حيوياً في قوة إسرائيل.
لقد تضرر الردع تجاه “حزب الله” وستكون إسرائيل مطالبة بترميمه كي توقف سلسلة استفزازات المنظمة، قبل أن تحدث تصعيداً لدرجة الحرب. كل البدائل تبدو سيئة: استمرار التجلد وتآكل الردع إلى مستوى خطير بالتوازي مع محاولات جس النبض للدخول في مفاوضات مع لبنان على الحدود البرية؛ وعمل مركز لإزالة الخيمة والذي من المتوقع أن يجر رداً؛ وانتظار خطأ من “حزب الله” ورد حاد على عناصر قوته الأساسية مما يؤدي إلى أيام قتالية حتى درجة الحرب. ولا يزال، الخطوة الأكثر نجاعة لترميم الردع والامتناع عن التدهور ليست خطوة عسكرية بل التوقف، والتراجع إلى الوراء وسحب الانقلاب النظامي، الزائد والهدام.
بالتوازي، من الصواب أن يتوقف رئيس الوزراء عن إلقاء المسؤولية على الجيش الإسرائيلي، مثلما فعل بعد مداولات الكابينت الأخيرة، وتركيز رسالة لنصر الله أن عليه الحذر من خطأ مشابه لذاك الذي ارتكبه في 2006. على نصر الله أن يفهم بأن الاحتجاج يقاتل في سبيل الديمقراطية والحصانة القومية تجاه تهديد داخلي، لكن المجتمع الإسرائيلي سيقاتل بتصميم ضد كل تهديد خارجي. كما أن على مواطني لبنان أن يفهموا بأن “حزب الله”، بأمر من إيران، قد يجر دولتهم إلى دمار غير مسبوق.
إسرائيل ملزمة بتصميم استراتيجية وطرق عمل تقوض “غرور” نصر الله في ظل إدارة مخاطر محسوبة غايتها الامتناع عن تصعيد واسع على أن نكون جاهزين له إذا ما فرض علينا. إن نصر الله الذي يقدر أن بوسعه أن “يتحكم بالتصعيد” ويسمح لنفسه بالسير على الحافة، عليه أن يفهم بأنه قد يقع في الهوة وهو يقف على الحافة.
معاريف 20/8/2023