لكن السوريين لن يصمتوا!

حجم الخط
45

بعد التراجيديا الفلسطينية المستمرة منذ 65 عاماً جاء دور الأم الأكبر، سورية، لتتفجّع من نكبتها المستمرة ومذابحها المعروضة في الهواء الطلق وعلى الشاشات وفي التصريحات الناريّة منها او المخزية المملوءة باللؤم والخبث واحتقار الانسان بما هو انسان.
الفارق الأكبر ان تراجيديا السوريين المفجعة تجري على يد الشعب نفسه، وليست بيد غزاة يتحدثون لغة أخرى.
دماء السوريين تجري بأسلحة جيشهم الذي خصصوا له نشيدهم الوطني ‘حماة الديار’ فكافأهم بقصف اطفالهم ونسائهم وشيوخهم وتهديم بيوتهم على رؤوسهم، واستباحة مدنهم واعراضهم وحرماتهم، وصولاً الى مطاردتهم في أماكن نزوحهم، داخل سورية نفسها، او وراء الحدود.
كان السوريون، منذ أول يوم من أيام النكبة السورية المتعاظمة جنوناً، يتساءلون: كيف يقصف الجيش ‘العقائدي’، وأبطاله من ‘حماة الديار’ الشعب الذي أقسموا على حمايته من ‘الأعداء’؟ ومن أين جاءت كل هذه الوحشية الرهيبة؟ أين العقل في تهديم سورية وطحن أهلها، وجعلها لقمة سائغة للاجرام والفقر والذل؟ ثم ما هي شرعية أية سلطة تقوم على خراب بلادها، ولماذا لا يتحرّك أحد في العالم لايقاف آلة الهدم والذبح والاغتصاب؟
استنفد السوريّون كل الوسائل السلمية: من المظاهرات ذات الشعارات المدنية والديمقراطية، الى الاعتصامات في الساحات (التي قمعها النظام بوحشية فائقة)، وحتى الرسم والفن والأغنية والغرافيتي والمسرح والسينما والصوم والصلاة وصولاً الى الاستسلام المطلق لأمر الله وحكمه، لعلّ روح الانسانية المختفية في قلب الجلاد تنطلق في لحظة ما وتقول له إنك قاتل نفسك حين تقتل أخوتك وأهلك وتفني وجودك حين تسعى لاهلاك حرثهم ونسلهم.
خاطب السوريون الثائرون عواطف وعقول ومصالح إخوانهم من المؤيدين للنظام وقالوا لهم ان هذه الأرض أرضنا كلّنا وهي تسع الجميع.
غير أن المؤيدين ردوا: الأسد أو نخرب البلد!
… ثم وزّعوا الحلوى والورود وغنّوا الأغاني الوطنية بعد مذبحة إخوتهم السوريين!
ناشد السوريون أخوانهم في الدين او القومية او الانسانية من العرب والكرد والفرس والروس والصينيين والاوروبيين والأمريكيين أن ساعدونا: أوقفوا القتل!
أطلق الكثيرون من إخوان السوريين في الدين او القومية او الانسانية التصريحات الخطيرة المهددة. كثيرون منهم كتبوا بيانات. كثيرون منهم تبرعوا وأرسلوا مساعدات. كثيرون منهم أرسلوا أسلحة للدفاع عن الثورة.
ثم جاء كثيرون فقاتلوا واستشهدوا دفاعا عن الثورة فتنبّه العالم الى خطر جديد أكبر من خطر النظام!
أرسل أخوان السوريين في الدين او القومية او الانسانية للنظام الكثير، والكثير من المساعدات الانسانية العالمية التي تبرعت بها شعوب الأرض او بلدانها للشعب السوري سلّمت للنظام نفسه الذي يقتل شعبه. قرارات الأمم المتحدة التي كانت ملزمة في جغرافيات سياسية أخرى عربية وعالمية، لم تعد ملزمة فيما يخص النظام السوري، فالأسلحة الروسية والايرانية استمرّت بالوصول براً وجوّاً وبحراً، فيما زجّت ايران بمحرومي وفقراء الأحزاب العراقية التابعة لها وبحزب الله اللبناني لتحويل معركة الشعب ضد الاستبداد الى حرب طوائف ومذاهب، وقمعت الصين مظاهرات ضدّها معتبرة إياها من تنظيم المعارضة السورية، أما باراك حسين اوباما الفائز بنوبل للسلام فابتلع حبة خطّه الأحمر الكيماوي كي ينام جيداً ويعود لخطاباته البليغة من اجازة مبقّعة بدماء السوريين والعالم بأسره!
رسالة ‘المجتمع الدولي’ للسوريين هي ان دماءهم ليست خطّاً أحمر لأحد وما عليهم إلا أن يموتوا بصمت!
لكن السوريين لن يصمتوا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عبد العزيز طه:

    الان ستعود صفحة القدس العربي لقائمة المفضلة

  2. يقول الحاج بونيف:

    المشكل في حكامنا العرب الأنانيين إنا هم وإما الموت لكل الشعب. بشار مجرم بكل المقاييس وعليه أن يقجم للمحاكم الدولية في أقرب فرصة.

  3. يقول ميخائيل راحباني:

    هذا عمل اسرائيلي و جيشها الجبان المتربص بنا كعرب !!؟؟

  4. يقول محمد الشاويش:

    تحليل دقيق لما يحصل فعلا للشعب السوري الشقيق منذ أكثر من سنتين.
    أضف الى ذالك أنهم كانوا وما زال بعضهم يعيش تحت نظام حكم استبدادي منذ أكثر من أربعين عاما وتحت رحمه حكم الحزب الواحد والعائلة الواحدة والويل لمن يبدي أي معارضه ولو بالإشارة. وللاسف الشديد هذا ينطبق على معظم الحكومات العربية ان لم يكن جميعها وأصبحوا مثل سيدهم السابق بوش يقولون من ليس معنا فهو ضدنا ونحن نحارب الإرهاب.
    القسم الاكبر من المعارضة السوريه هم من الجيش الحر الذي انشق عن الجيش العربي السوري مع هذا يرددون نظريه المؤامرة وان الإرهابيين والتكفيريين الاجانب هم من يقتل وبقصف المدنيين .
    المؤامرات على العرب والمسلمين بدأت قبل قيام هذه الأنظمه وان حكمهم هو في الحقيقه جزء من هذه المؤامرات.
    وعندما ينجح احد الشعوب بنيل حريته تتكالب هذه الأنظمه مع أعداء آلامه على هذا الشعب الذي تمرد على قاهره ليعيدوا أخوهم في الظلم والقهر والاستبداد الى سابق عهده وهم يرددون نحن نحارب الإرهاب والتكفيريين وهم في الحقيقه الذين يرهبون شعوبهم ويكفرون من يعارضهم.

  5. يقول Reem:

    ولمذا العرب يقاتلون اسرايئل لتحرير فلسطين بل نصنع من العرب أعداء للعرب يقتلون ويدمرون بعضهم بعضا  

  6. يقول محمود حميدا:

    نعم الشعب السوري والشرفاء في سوريا لن يسكتوا على قتل اطفالهم واهلهم ما على بشار ونضامه الا ان ينتضر القصاص منه من الشعب السوري وما ينتضره من عقاب من المنتقم الجبار ان من قال الاسد او انحرق البلد سمضون معه الى مزابل التاريخ وستبقا سوريا وسيذهب الاسد ومن معه

  7. يقول سامي من حمص:

    الجيش العربي السوري يحارب الارهاب العالمي العابر للحدود هذا الارهاب الذي شرد في يومين من شهر اب الجاري اكبر موجة نزوح في العالم للاكراد وذلك منذ عام 1994 والهروب في رواندا

    الجيش العربي السوري يحارب الارهاب والمرتزقة القادمة من كل دول العالم

  8. يقول ابومحمد العربي:

    هل احلم ام اصابني الخبل ؟ القدس العرب تتهجم على قائد المقاومة والممانعة القومجي الكبير حامي حمى العروبة والمحرر لفلسطين ؟ اكيد انا انخبلت مافي تفسير ثاني او ان القيامة قامت لآن تغير رأي القدس العربي يعتبر من علامات القيامة

  9. يقول عربي عدو الفرس:

    هذه أول مرة تكتبون بشكل موضوعي عن ما يجري في سوريا أرجو الاستمرار على هذا المنهج فالسير على مبدأ ضربة على الحافر وضربة على النافر لم تعد تقنع أحد الكل يعلم بأن الشعب السوري كله مظلوم مع هذا النظام من أربعين سنة ويحكم بالحديد والنار وعندما قال كلمته قمع بكل هذه الوحشية من كل أمم الأرض خوفاً على أمن اسرائيل المحمي من هذا النظام على مبدأ أمن اسرائيل مقابل أمن اسرائي وهذا ما قاله رامي مخلوف في بداية الثورة وكأنه يذكر العالم بالاتفاق الذي ابرم مع حافظ الأسد منذ أربعين.

  10. يقول محمد:

    السلام عليكم ادارة القدس العربي
    الحمد لله ان البوصلة هدتكم الى الطريق الصحيح !!
    من المرات القليلة التي تعبروا فيها عن الواقع كما هو بدون مساحيق اواصباغ .
    ان ما حدث ويحدث جريمة نكراء ضد الانسانية .. عملية قتل للحياة الانسانية بأبشع صورها..
    ولكن من جانب آخر كشفت زيف وادعاءات الغرب المنافق في الحرية والدفاع عن حقوق الانسان .. المذابح تجري امام سمع وبصر العالم واروبا وامريكا لا تتوفر لديها معلومات بان المجازر المرتكبة تمت بالأسلحة الكيميائية ..
    النظام مطمئن لا عقاب ولا حساب .. بسبب الموقف القوي لحلفائه معه .. فايران لم تكتفي بنفي ان النظام ارتكب المجزرة بل تمادت في اتهام المعارضين بذلك .. .. ان الله يمهل ولا يهمل

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية