من المفهوم تماماً أن يشعر الناس بالخوف والإحباط والاكتئاب في أوقاتٍ كالتي نمر بها، فبعد حراكٍ ثوريٍ لعله الأضخم في التاريخ أطاح بمبارك وفرقته، ثم أعقبته وعودٌ وردية متسرعة بالرخاء الأكيد القادم، لم يحصد الناس سوى الانفلات الأمني والانهيار الاقتصادي الوشيك ومعارك الشوارع التي لا تنتهي بين النظام وفرقائه السياسيين وكل الناقمين عليه وما أكثرهم. ويسمع الناس كلاماً كثيراً عن انهيار الدولة والحرب الأهلية، ومن الطبيعي أن تتبادر وتتسابق إلى أذهان الجمهور نماذج قريبة عن ذلك، لعل أكثرها حضورا إلى الذاكرة الحرب الأهلية في لبنان، والصومال مثلاً، ومع مشاركتي للناس في تخوفهم المشروع ذاك، إلا أنني لن أذهب بعيداً إلى الاقتباس من تلك النماذج. مصر، ذلك الكيان القومي العريق، لم يُستحدث البارحة سلخاً من سورية كلبنان، كما أنها الدولة ذات المركزية ربما الأقدم في التاريخ، دولة الوادي المنبسط التي لا ولم تعرف المراكز الجغرافية ذات الطبيعة الوعرة المنغلقة المستعصية، التي تلوذ بها قطاعات أوطوائف بأكملها، وهي بلدٌ منسجمٌ على الأجمال من حيث تكوينه العضوي الطائفي والعرقي، إن تطور مصر التاريخي وطبيعتها الجيوسياسية سيفرضان عليها نمطاً مختلفاً من الانهيار والتناحر، وللحق إذا أردنا أن نعرف ونتصور كيف ستنهار مصر فلسنا في حاجة إلى النظر بعيداً فأمام أعيننا كل عوامل الانهيار ماثلةً متجسدةً بارزةً تسد عين الشمس وتتحرك في حريةٍ تامة، لذا يكفي أن نراقب تحركات حكومة د. مرسي الضعيفة وردود أفعال الشارع عليها لتغنينا عن إرهاق أنفسنا بمحاولات التصور لكيفية وسيناريوهات الانهيار. لقد جاء د. مرسي وجماعته بعد ظمأٍ تاريخي طويل للسلطة، أكثر من ثمانين عاماً تخللتها اصطدامات واعتقالات على يد النظامين الملكي والجمهوري قضوها في مناوراتٍ وحساب توازناتٍ وفي بناء تنظيم لعله الأحكم والأكفأ والأكبر في مصر والعالم العربي، وفي زمن مبارك وجدوا بشكلٍ كثيف وأخطبوطي، حيث تراوح دورهم شداً وجذباً ما بين العداء والتعاون والتنسيق، فكانوا فزاعة الخارج ووسيلة الضغط على كل الأطراف والداعمين الايديولوجيين للنظام، والمسكن لآلام الناس، والمنفس لغضبهم بعيداً عن آفاق الواقع والنظام والبديل الحاضر أبداً كحكومة ظل، وقد تتزامن مواقف نظام مبارك المتناقضة معهم، جاءوا وقد تربوا وورثوا شكاً وعداءً عميقين ومقيمين ضد مؤسسات الدولة كافةً، بل ضد هذه الدولة أو ‘نموذج الدولة’، لنكن أدق الذي يشعرون بغربةٍ ونفورٍ عنه، وفي سعيهم لمشروع ‘التمكين’ فهم آخذون في خلخلة وتقويض كل المؤسسات التي تستطيع الوقوف أمام مشروع الاستحواذ ذاك، فهم يتظاهرون ويعتصمون أمام المحكمة الدستورية العليا ويهاجمون القضاة ويهينونهم ويضربون معارضيهم ويفصلون القوانين وفقاً لأهوائهم ويقصون كل الأطراف من العملية السياسية ولا يثقون في أحد، وإزاء ما يفعله رب البيت فإذا بنا أمام جمهورٍ أصبحت قطاعاتٍ متزايدة منه تستخف بالقانون وتكسره في نشوة وتلجأ إلى فرض تصوراتها لما يجب أن يكون قانوناً على من يثبت عليه الإجرام، وفقاً لفهمهم في شتى أنحاء مصر، ويقصي البعض من يختلف معه في الرأي ويتعدى البعض الآخر على الأقباط ويستهين بحرماتهم وأرواحهم. والحقيقة أن المشكلة تنبع من كون تلك المؤسسات التي يعاديها ولا يثق فيها د. مرسي وجماعته هي في واقع الأمر ركائز الحداثة التي بنيت عليها الدولة المصرية المركزية العصرية منذ عهد محمد علي، ونتاج عقودٍ طويلة من التطور، في حين أننا لا ننكر أنها ليست منزلة وأنها لم يعتورها بعض الضعف خلال الأربعين سنة الماضية، فإن حل ذلك يكمن في إصلاحها لا في هدمها. إن مصر تنهار حين يضعف قلبها ودولتها المركزية فتفقد هيبتها في الداخل والخارج وتتساقط مؤسساتها السيادية التي ترعى القانون وحقوق الناس، وحينذاك تتآكل اطرافها فتكثر الاختراقات والتعديات لحدودها، إن مصر لن تنهار على شاكلة الصومال، حيث يصول فيها أمراء الحرب، وإنما يكفي أن تصبح دولة عاجزة عن احتلال المكانة وفرض النفوذ الذي يمليه عليها تاريخها وموقعها وحجمها. إن مصر تنهار حين تضحي مجرد جسدٍ ضخمٍ مترهلٍ تعجز الحكومة فيه عن حل أية مشكلة وتصبح كلمة ‘اقتصاد’ فيها مرادفاً للتسول والاستجداء وتستشري فيها الجريمة بلا رقيبٍ أو رادع. سهلٌ على د. مرسي أن يتهم الأصابع الخارجية، فقد اعتدنا دائماً في بلداننا الميمونة على تصدير مشاكلنا إلى الخارج، إلا أن القاصي والداني يدرك أن المجتمع المصري الآخذ في التمزق إنما يتساقط نتيجة عهودٍ من التجريف على كل الأصعدة، والإفقار والقمع السياسي والاجتماعي، وعلى الرغم من تسليمنا بأن تلك التركة الثقيلة ليست مسؤوليته وحده، إلا أننا نقر ذلك متحفظين، فجماعته أسهمت في ذلك التجريف فكرياً وسياسياً هذا من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى فقد تصدى لهذه المهمة وبات جلياً الآن أنه لا رؤية لديه وليست عنده أية حلول أو تصورات عن كيفية الخروج من مأزق التاريخ ذاك. إن مصر تنهار أمامنا، فكل يوم أسوأ من سابقه، أمن مفقود واقتصاد خرب ومجتمع آخذ في التحلل منزلق إلى مستنقع العنف والقسوة، والأسوأ من كل ذلك فريق رئاسةٍ وحكومة فاقدة الرؤية والخيال، آن لهذا الوضع أن يتغير، ففي يقيني أن مصر التي أنجزت ذلك الحراك الثوري المذهل، التي مازال أبناؤها المنهكون ينزلون إلى الشوارع والميادين ليستردوا ثورتهم وحقوقهم، مصر تلك تستحق افضل من ذلك بكثير.
‘ كاتب مصري زميل الكلية الملكية لأطباء التخدير في بريطانيا
سيدي الكريم، الحل هو الملكية الدستورية، ولنا من التاريخ ألف درس وألف. مصر العملاقة، والتي كانت زمن ملوكها ضعف حجهما الجغرافي اليوم، فغدت اليوم بعضً من مصر، وصار سودانها الجميل، سودانين. كان القبارصة واليونان والإطاليون عمالاً في مصر، وكان للعملة قيمة، وكانت الناس تفهم، وتقدر، وتستحي. ذهب الملوك، وراحت معهم البركة.
يرى الكاتب ما تراه جبهة المعارضه وهو ينطلق دوما من عداء وكره للأخوان المسلمين واعتبارهم فاشلين في كل شيئ وغير قادرين على ادارة الدوله ، وهذا دأبهم الذي نعرفه حق المعرفه. نتساءل هل كان قادة ثورة 23 يوليو بأحسن حالا من قادة الاخوان المسلمين؟ ومع ذلك تمكنت تلك القيادة من فرض الامن وتنفيذ برنامجها الثوري والسبب في ذلك هو اقتلاعهم لكل جذور الفساد والضرب بيد من حديد على اتباع النظام الملكي البائد. ان تهاون القيادة الثورية الجديدة في هذا الأمر هو السبب الرئيسي في انتشار الفوضى المعرقلة لكل خطوة نحو الاصلاح.
من لحظة بدئي لقرأة المقال كنت أتوقع أن أرى الكاتب وهو ينادي بإحترام العملية الديمقرطية وهي كفيلة بإيصال كل سياسي إلى سدة الحكم، لكنه خيب ظني فهل من الممكن أن نحترم الديمقراطية فقط على أساس أنها وسيلة ينادي بها كل سياسي ويكون الفيصل صناديق الإقتراع، لم نسمع بلدا غربيا أجرى إنتخابات حرة ونزيهة ثم لجأ السياسيون الخاسرون فيه إلى العنف والمظاهرات حتى تصاب بلادهم بالشلل في كل النواحي مثل ما نرى في مصر.
هذا افتراء على مرسي. من الذي حرق مكتب الجزيرة وحاصر الاتحادية وحرق مقرات الاخوان وملأ الشوارع بالتحرش الجنسي ودافع عن قضاة فاسدون هم الآن يجهزون لتبرئة المجرم مبارك. اين الاستحواذ اذا كان هناك فقط ٧ حقائب وزارية للاخوان من بين ٢٧ وهل اوباما عمل على دمقرطة البلد عندما يعين وزراء من حزبه. كفاية تجريف وعي وقلب المفاهيم. المشكلة في مصر وجود معارضة لا تتقن سوى التخريب والدجل.
سيدي الكريم، الحل هو الملكية الدستورية، ولنا من التاريخ ألف درس وألف. مصر العملاقة، والتي كانت زمن ملوكها ضعف حجهما الجغرافي اليوم، فغدت اليوم بعضً من مصر، وصار سودانها الجميل، سودانين. كان القبارصة واليونان والإطاليون عمالاً في مصر، وكان للعملة قيمة، وكانت الناس تفهم، وتقدر، وتستحي. ذهب الملوك، وراحت معهم البركة.
يرى الكاتب ما تراه جبهة المعارضه وهو ينطلق دوما من عداء وكره للأخوان المسلمين واعتبارهم فاشلين في كل شيئ وغير قادرين على ادارة الدوله ، وهذا دأبهم الذي نعرفه حق المعرفه. نتساءل هل كان قادة ثورة 23 يوليو بأحسن حالا من قادة الاخوان المسلمين؟ ومع ذلك تمكنت تلك القيادة من فرض الامن وتنفيذ برنامجها الثوري والسبب في ذلك هو اقتلاعهم لكل جذور الفساد والضرب بيد من حديد على اتباع النظام الملكي البائد. ان تهاون القيادة الثورية الجديدة في هذا الأمر هو السبب الرئيسي في انتشار الفوضى المعرقلة لكل خطوة نحو الاصلاح.
من لحظة بدئي لقرأة المقال كنت أتوقع أن أرى الكاتب وهو ينادي بإحترام العملية الديمقرطية وهي كفيلة بإيصال كل سياسي إلى سدة الحكم، لكنه خيب ظني فهل من الممكن أن نحترم الديمقراطية فقط على أساس أنها وسيلة ينادي بها كل سياسي ويكون الفيصل صناديق الإقتراع، لم نسمع بلدا غربيا أجرى إنتخابات حرة ونزيهة ثم لجأ السياسيون الخاسرون فيه إلى العنف والمظاهرات حتى تصاب بلادهم بالشلل في كل النواحي مثل ما نرى في مصر.
هذا افتراء على مرسي. من الذي حرق مكتب الجزيرة وحاصر الاتحادية وحرق مقرات الاخوان وملأ الشوارع بالتحرش الجنسي ودافع عن قضاة فاسدون هم الآن يجهزون لتبرئة المجرم مبارك. اين الاستحواذ اذا كان هناك فقط ٧ حقائب وزارية للاخوان من بين ٢٧ وهل اوباما عمل على دمقرطة البلد عندما يعين وزراء من حزبه. كفاية تجريف وعي وقلب المفاهيم. المشكلة في مصر وجود معارضة لا تتقن سوى التخريب والدجل.