جدعون ليفي
قولوا “تشيز” لعرض صورة بابتسامة مصطنعة، قولوا انتصرنا لعرض صورة نصر موهوم. المهم أن تخرجوا من غزة. حسب التقارير، ستعلن إسرائيل في الأيام القريبة القادمة عن تصفية الذراع العسكري لحماس في غزة وعن تحقيق انتصار في الحرب. انتصار؟ فليكن. الأساس أن تخرجوا من غزة.
خطة إعلان تدمير جيش حماس استهدفت تمكين إخراج معظم القوات من غزة ونقلها إلى الشمال، للبدء بحملة انتصار فاخر في لبنان كما في القطاع. سيكون هذا الانتصار أفظع من سابقة. لهذا، نأمل في أن تعلن إسرائيل عن كل ما سيملأ قلب حكومتها وجيشها وصحافييها ومواطنيها فخراً، وسيذهبون إلى الينابيع فرحاً بالنصر، الشيء الرئيسي هو أن تغادروا قطاع غزة، كل يوم إضافي هناك سيعمق غرقها. قولوا إنكم سحقتم كل كتائب رفح والتي فصلت خطوة بيننا وبين النصر المطلق، أخفوا كل ما حدث لإسرائيل في الداخل والخارج، وأعلنوا أنكم انتصرتم، المهم أن تخرجوا من غزة.
بالطبع، لن يتحقق أي نصر في غزة، ولن يتحقق. ولكن إذا كانت إسرائيل بحاجة إلى مشهد كاذب للنزول عن شجرة الدماء التي صعدت إليها، ولم يكن واجباً أن تصعد إليها منذ البداية، فمن المسموح أن تزين انتصاراً. حماس ضربت من ناحية عسكرية، لكنها انتصرت في كل الأبعاد الأخرى: إسرائيل تعرضت لضربة قاصمة اجتماعياً وسياسياً وأخلاقياً واقتصادياً، ولكن دعوا وسائل الإعلام تمجد بطولات إسرائيل، كما تحب أن تخدع، وتتحدث عن “العمل الممتاز” الذي قام به الجيش الإسرائيلي في غزة، حيث أصبح وضع إسرائيل في غزة كما لا يقاس عما كان عليه في بداية أكثر حروبها الخاسرة. ليس لأنه لم يكن لها مبرر، بل إن الحرب تختبر بنتائجها، وهذه نتائج معروفة مسبقاً: تمرغ عديم الجدوى، سفك الدم الفلسطيني كالماء، وسفك دماء جنود عديدين، وتحويل إسرائيل إلى دولة منبوذة، وكل هذا من أجل لا شيء.
وقفت خلف هذه الحرب سردية ثابتة لإسرائيل: لا خيار. لم يكن هنالك خيار بعد السابع من أكتوبر، وليس هنالك خيار الآن. والآن يتجه هذا الكذب شمالاً: مجبرون على العمل في لبنان لإعادة الأمن وإعادة سكان الجليل إلى بيوتهم. من الواضح أننا مضطرون لفعل كل شيء. ولكن جبهة أخرى، أكثر فظاعة من سابقتها، لم تحقق هذا. وهذه ليست الاحتمالية الوحيدة.
هناك 3 احتمالات في غزة: استمرار حكم حماس (حتى وإن كان ضعيفاً ومراقباً)، صومال في غزة، أو احتلال إسرائيلي أبدي. ليس هنالك احتمال رابع. الأول أقلها سوءاً، وهو خيار مثير للغضب، سيئ لإسرائيل ولغزة، ولكن بدائله أسوأ منه. إذا كان هو الوضع، فمن الواضح أن الوقت حان للخروج من غزة بالاتفاق مع حماس، يضع نهاية للحرب ويدفع قدماً بتحرير المخطوفين وتحرير آلاف الأسرى المخطوفين، اتفاق كهذا يمكن التوصل له غداً. ويفضل غداً على بعد الغد. أن نبتلع لعابنا، ونمتص الإهانة في بقاء حماس في السلطة وتحمل هذه المخاطرة مع معرفتنا أن الأمر يتعلق بأقل الأمور سوءاً والإسراع في تطبيقه.
هذا هو السبيل الوحيد لمنع حدوث حرب شاملة في الشمال. وعلينا فعل كل شيء مقابل هذا. إسرائيل لا تتعرض الآن إلى كارثة أفظع من حرب في الشمال. والاتفاق مع حماس سيمنع ذلك. ليس هنالك وقف للحرب بدون خروج آخر الجنود الإسرائيليين من غزة، وليس غير الاتفاق مع حماس ما يمنع حرباً شاملة. ليس هذا هو ما وعدنا به الجنرالات والمتحمسون الرائعون في الأستوديوهات، وليس هذا ما اعتقد معظم الإسرائيليين وجوب حدوثه، ولكنه الوضع المؤكد.
عندما يحذر المسؤول عن إدارة شبكة الكهرباء في البلاد أنه لن يكون بالإمكان السكن في إسرائيل بعد انقطاع للكهرباء مدة 72 ساعة، وأن وزير الأديان يقول إن وزارته أصبحت مستعدة لعملية دفن جماعية، حينئذ يُفضل وقف دق طبول الحرب، ونسأل: أهذا ما نريده؟ هل سنصمد أمام هذا؟ الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر والجيش الإسرائيلي في غزة، هو الذي سيحقق لنا “نصراً” آخر؟ لا تقولوا لا خيار، بل يوجد، وهو الاتفاق مع حماس، وانسحاب تام رغم كل شيء.
هآرتس 23/6/2024