برلين ـ “القدس العربي”:
في خطوة مفاجئة، قامت وزيرة التعليم والبحث العلمي الألمانية، بيتينا شتارك-فاتسينغر، بإقالة وكيلتها الوزارية سابين دورينغ. يبدو أن هذه الخطوة ليست سوى محاولة واضحة لتحويل الأنظار عن الأزمات الحقيقية داخل الوزارة. فلماذا يجب على الوزيرة الآن تحمل المسؤولية الكاملة؟
مساء الأحد، قامت سابين دورينغ بنشر تغريدة على تويتر أعلنت فيها انتهاء مسيرتها المهنية بشكل مفاجئ، قائلة: “سوف ينتهي هذا الفصل من مسيرتي المهنية فجأة. تابعوا المزيد”. بعد 13 دقيقة، حذفت دورينغ التغريدة موضحة: “تلقيت للتو مكالمة، يجب أن أحذف التغريدة”.
تصرف دورينغ قد يبدو غير حكيم، وغير مهني. لكن من السهل فهم غضب شخص يتم استخدامه ككبش فداء. يبدو أن دورينغ كانت تسعى لتوثيق ما يحدث بشكل سريع عبر لقطات الشاشة، لتوضح حجم المشكلة. هل قامت وزيرة التعليم والبحث العلمي، بيتينا شتارك-فاتسينغر، بإقالة وكيلتها لتهدئة الانتقادات وحماية نفسها؟
بحسب مجلة شبيغل الألمانية فإنه من الصعب تصديق أن وكيلة الوزارة قامت بمفردها بمراجعة مئات العلماء والعالمات دون علم رئيستها. كذلك، من غير المعقول أن تكون شتارك-فاتسينغر قد علمت بالأمر فقط مؤخرا، على الرغم من أن التقارير الإعلامية كانت موجودة قبل ذلك.
أن تتم إقالة دورينغ مساء الأحد بعد الساعة 10 مساءً، رغم أن الأحداث كانت معروفة منذ أيام، يكشف الكثير عن إدارة الأزمات في الوزارة. العلاقة بين شتارك-فاتسينغر ووكيلتها كانت متوترة منذ فترة. وادعت الوزيرة في بيانها أن الإقالة جاءت من أجل “بداية جديدة”، وهو ما قد يكون ملائمًا لها.
من غير المرجح أن تنتهي الأزمة المتعلقة بتقليص التمويل للباحثين غير المرغوب فيهم بإقالة دورينغ. الاتهام الموجه للوزيرة كبير للغاية: لقد سمحت بتدخل كبير في الحق الأساسي للحرية الأكاديمية عبر صمتها.
في بيانها مساء الأحد، شددت شتارك-فاتسينغر على أنه “لا يمكن قبول شعور الطلاب اليهود بالتهديد في جامعاتنا”. وأكدت أنه “لا مكان لكراهية اليهود والعنف والتحريض في ألمانيا”.
هذا الموقف الواضح ضد معاداة السامية مهم وضروري بحسب شبيغل إلا أن الوزيرة عبّرت عنه بوضوح مرارًا في السابق. لكن الأزمة الحالية وتعاملها مع الحقوق الدستورية لا يمكن تبريرهما بهذا الالتزام المهم.
وبخلاف الوزيرة شتارك-فاتسينغر، فإن دورينغ ليست مسؤولة منتخبة ولكنها موظفة عامة.
يشار إلى أنه في أوائل أيار/مايو حاول نحو 150 ناشطا مؤيدا للفلسطينيين احتلال ساحة وإقامة خيام في جامعة برلين الحرة، وذلك احتجاجا على الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة. واستدعت الجامعة الشرطة بسرعة وأخلت المكان.
وبعد ذلك أصدر نحو 100 من المحاضرين بعدة جامعات في برلين رسالة لدعم حق الطلاب في الاحتجاج.
وقالوا: “بغض النظر عما إذا كنا نوافق على المطالب المحددة لمخيم الاحتجاج أم لا، فإننا نقف مع طلابنا وندافع عن حقهم في الاحتجاج السلمي”.
وأفادت هيئة الإذاعة والتلفزيون الألمانية مؤخرا برسائل إلكترونية داخلية مسربة تظهر أنه تم طلب إجراء مراجعة قانونية داخل وزارة التعليم لمعرفة ما إذا كان ممكنا إلغاء تمويل الجامعات ردا على الرسالة.
وأكدت شتارك-فاتسينغر، التي انتقدت المحاضرين في ذلك الوقت علنا بسبب دعمهم لمخيم الاحتجاج، أن دورينغ، المسؤولة عن الجامعات في الوزارة، هي التي بدأت التحقيق.
وقالت الوزيرة الألمانية: “لقد رتبت للتحقيق في وقائع المسألة بشكل شامل وشفاف”، مؤكدة أنه “تم بالفعل الطلب من الإدارات المعنية دراسة العواقب المحتملة بموجب قانون التمويل”.
وإعلان شتارك-فاتسينغر عن تحقيق شامل وشفاف لن يكون كافيًا كما يرى مراقبون بل قد يكون بداية لكرة ثلج تكبر في الوزارة ستنال من الوزيرة الألمانية والوزارة. ونادت صحف ألمانية بتطبيق دعوة الوزيرة ببداية جديدة لكن أن تشمل هذه البداية قمة الوزارة أيضا، ما فهم منه أنه دعوة لاستقالة الوزيرة كما نشرت المجلة الألمانية.
لقد دعت إلى “بداية جديدة” مع إقالة وكيلتها، وحان الوقت لتطبيق هذا التغيير على قمة الوزارة أيضًا.