لماذا استقبل قادة الإمارات رئيس النظام السوري؟

حجم الخط
19

شاركت الإمارات باقي دول الخليج العربي، ومعظم الدول العربية، في قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، بالتزامن مع تعليق عضويته في الجامعة العربية عام 2011، وذلك بعد قمعه الوحشي للمظاهرات السلمية ضده التي انطلقت في مثل هذه الأيام عام 2011.
سمح هذا القرار للإمارات بلعب دور ملتبس على الساحة السورية، ففي حين أعطى انطباعا بأن أبو ظبي هي إحدى الجهات المناهضة للنظام السوري، مما مكّنها من الوصول إلى مفاتيح مؤثرة ضمن مؤسسات وشخصيات المعارضة، فقد استمرت في فتح الأبواب لشخصيات من النظام، بمن فيهم أفراد من العائلة الحاكمة، واستخدام أراضيها لتأمين تسهيلات مالية وعسكرية للنظام.
فتحت أبو ظبي، بهذه السياسة الباطنية، بابا يتلطّى بفكرة دعمها للثورة السورية، وبابا آخر يقوم بالتآمر على هذه الثورة ودعم النظام فعلا. ضمن سياسة «الباب الدوّار» هذه، كانت الإمارات تستقبل المعارضين وتحاول استقطابهم أو إرهابهم بأجهزة أمنها وأموالها، كما تستقبل أقطاب النظام، وترتب شؤونهم المالية، وتتبادل معهم المعلومات الأمنية ضد المعارضين.
كان مثيرا للدهشة أن البلد الذي قطع العلاقات مع النظام السوري قد أصدر، في الوقت نفسه تقريبا، قرارا يمنع السوريين على أراضيه من القيام بفعاليات معارضة وصلت إلى حد منعهم من استخدام علم الثورة السورية، وتداولت أوساط السوريين بعدها عمليات اعتقال لأفراد بدعوى انتمائهم لمنظمات معارضة للنظام، وأدى التضييق على الشخصيات والمؤسسات المعارضة إلى هجرة الكثير منها إلى بلاد الله الواسعة.
تتمثل هذه «المنزلة بين المنزلتين» أيضا في الأسلوب الشهير الذي تتبعه أبو ظبي للموازنة بين تأثير أدوات «القوة الناعمة» للدبلوماسية واللوبيات السياسية والمالية والإعلام والمعارض والجوائز الثقافية والرياضة والأحزاب، من جهة، وتأثير القوة العنيفة للجيوش والطائرات المقاتلة على الأرض والسماء، كما هو حالها في دعم الميليشيات في اليمن ومواقع السجون والاعتقال والتعذيب وعصابات المرتزقة العسكريين، والجنرال خليفة حفتر في ليبيا، و»حزب العمال الكردستاني» في سوريا، وتنظيم «غولن» وشبكات التجسس في تركيا، والقواعد العسكرية في الصومال وجيبوتي الخ، من جهة أخرى.
تتمثل هذه السياسة المزدوجة لأبو ظبي أيضا في السياسات المعلنة المناهضة لإيران، التي تترافق مع نفوذ كبير لطهران في اقتصاد الإمارات، وفي الحماس الهائل الذي أبدته في مجالات التطبيع مع إسرائيل، وتبرير ذلك بالصراع مع إيران، وكذلك العمل الحثيث على إعادة الحياة للنظام السوري، المحسوب أحد أكبر مراكز التأثير الإيراني في المنطقة.
يمثّل استقبال الأسد أيضا تطبيقا آخر لهذه السياسة، ففي حين تعتبر الإمارات أحد حلفاء أمريكا في الخليج العربي، فإن الاحتفاء بالأسد يعتبر دعما لروسيا، التي تخوض الآن نزاعا مع واشنطن وأوروبا على خلفية غزوها لأوكرانيا، فإضافة إلى معاني هذه الزيارة ضمن السياقين العربي والإقليمي (والتي لا ننسى بينها الغضب الإماراتي من إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن قطر حليفا رئيسيا من خارج حلف الأطلسي)، فهي دعم واضح من الإمارات لأحد حلفاء موسكو الأساسيين في الصراع الحالي مع أمريكا والمنظومة الديمقراطية العالمية.
باستقبال ولي العهد الإماراتي، وحاكم دبي، لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وكذلك في الانفتاح الكبير على إسرائيل، يحرر قادة أبو ظبي أنفسهم من حالة «الالتباس»، ويحددون بوضوح المكان الذي يريدون التواجد فيه ضمن المعادلة العربية والإقليمية والعالمية: موقع المدافع الأول عن الاحتلال والدكتاتوريات والعدو الأول للديمقراطية ولشعوب المنطقة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جحا السادس عشر:

    يوم ترى الحليم حيرانا.وهذا هو زماننا التعيس.

  2. يقول إبسا الشيخ:

    تحياتي لقدسنا العزيزة علينا
    الإمارات تستقبل الرئيس النظام الديكتاتور في سوريا، لأنهم حلفاء ،ولكن قبل مدة كانت استقبلت الرئيس التركي سياسة الإمارات ظاهره يبدوا ان الإمارات تلعب دورا مشبوهة ،

  3. يقول سامي صوفي:

    نظام محمد بن زايد كان الرائد و المموّل لكل الثورات المضادة للربيع العربي، و لكل مجرميها بدءاً من الأسد، و مروراً بالسيسي و حفتر، و انتهاءً بالبرهان و سعيّد. و نظام بن زايد لم يدعم الثورة السورية يوماً، و ضيّق على الناشطين المقيمين في الإمارات «بعدم تجديد إقاماتهم»، و امتنع عن اعطاء فيَز عمل للسوريين في الخليج الذي حصلوا على عقود عمل في الامارات، و طبعاً لم يستقبل لاجئ سوري واحد.

  4. يقول فرحات:

    لا غرابة في ذلك من دويلة لا ترى بالعين المجردة على الكرة الأرضية ولكن تعمل جاهدة ان يكون لها تاثير ما على مجريات العالم بجعل الإمارة ملاذا لكل طغاة ولصوص واشرار العالم الفارين من غضب شعوبهم بالإضافة الى سياسة البذخ وشراء وإنفاق المليارات في شراء المواقف السياسية وممارسة هواية إشعال الحروب هنا وهناك في دول فاشلة أصلا كالعراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان ومعاندة الامير السعودي ين سالمان في شراء الفرق الرياضية والقصور والياختات المرصعة بالذهب ليجعلوا من العرب وكل الشرق الأوسط ودول الخليج أضحوكة العالم ومثال لدول جمعت بين الثراء والغباء.

  5. يقول الإمارات علي المحك:

    إذا أردنا أن نحكم علي أي نظام في العالم عن توجهاته وإستراتيجياته وقرارته العليا من خلال رئيسها أو حاكمها فمن الضروري تفحص مستشاريه الكبار

    أما عن الإمارات فالفارق الكبير بين سياسته وإتجهاته بعد وفاة زايد وتولي أبناءه السلطة فقد تغير كل المستشارين السابقين وتم إستبدالهم بعناصر مختلفة أثرت تأثيراً متضاربا عن سياساتها السابقة خصوصاً بعد الثورات العربية

    والس مستبعداً أن تحدث تغيرات في السلطة خلال المرحلة القادمة ولن تكون في صالحهم

    موقف أمريكا والغرب من الإمارات في المرحلة الحالية سيكون علي المحك وعلي الأخص بعد الإنتهاء من الأتفاقية النووية الخاصة بإيران

  6. يقول سامح //الأردن:

    *من الآخر :-
    دائما (حكام العرب) يقفون ضد شعوبهم
    إلا من رحم ربي.
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد وظالم وقاتل.

  7. يقول مراقب حر:

    هذه هي الخلاصة :استقبال ولي العهد الإماراتي، وحاكم دبي، لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وكذلك في الانفتاح الكبير على إسرائيل، يحرر قادة أبو ظبي أنفسهم من حالة «الالتباس»، ويحددون بوضوح المكان الذي يريدون التواجد فيه ضمن المعادلة العربية والإقليمية والعالمية: موقع المدافع الأول عن الاحتلال والدكتاتوريات والعدو الأول للديمقراطية ولشعوب المنطقة.

  8. يقول الكروي داود النرويج:

    ما هو الفرق بين النظام السوري والنظام الإماراتي ؟
    كلاهما مجرمين بحق معارضيهم !! ولا حول ولا قوة الا بالله

  9. يقول محمد:

    الإمارات تسعى إلى تدوير هذا المجرم الذي هجر وقتل أكثر من نصف السوريين، اعتقد لو كانت هناك عدالة دنيوية لكان هذا المجرم وأمثاله من بوتين وبوش الابن في السجن لكونه ارتكبوا جراىم ضد الإنسانية، جراىم سيظل لتاريخ يسجلها عليهم.

  10. يقول سامي فلسطين:

    وكأن عيال زايد افضل من بشار …. وكأن السيسي قمة في الديمقراطية والحكم الرشيد

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية