كثيرون يتساءلون أحياناً: من يضع سياسات السعودية؟ ما نوعية أولئك الذين يخططون للمملكة؟ كيف يفكرون؟ هل هم سياسيون فعلاً؟ أم إنهم عبد مأمور ينفذ سياسات يضعها له الآخرون سواء من حلفائه العرب، أو السيد الأمريكي بما يخدم مصالح الخارج أولاً. هذه الأسئلة تتبادر إلى الأذهان عندما ينظر المرء إلى هذا التخبط والضياع الحاصل في السياسة السعودية.
منذ عقود والإعلام السعودي يحذر من الخطر الإيراني وترفع المملكة شعار التصدي للمد الشيعي، لكن على الأرض، فإن إيران هي المستفيد الأكبر من السياسات السعودية الخرقاء أو المقصودة. لا أنسى ما سمعته من دبلوماسي إيراني مخضرم قبل أعوام عندما قال لي: «إن السعودية أكبر نعمة أرسلها الله للجمهورية الإسلامية الإيرانية». ظننت وقتها أن الرجل يهذي أو يبالغ، لكن عندما بدأ يشرح لي الفوائد الجمة التي حصلت عليها إيران من وراء السياسات السعودية، وجدت في كلامه الكثير من المنطق. قال الدبلوماسي وقتها: «السعودية تزرع لنا ونحن نحصد». لقد دفعت نفقات الغزو الأمريكي للعراق، ووفرت كل ما يحتاجه الغزو، وحشدت كل حلفائها العرب للقضاء على النظام العراقي أقوى خصم للفرس في تاريخ المنطقة. وقد نجح الأمريكان بدعم هائل من السعودية باحتلال العراق وإسقاط نظام صدام. لكن بعد أن أدت السعودية مهمتها على أكمل وجه في العراق، خرجت منه خالية الوفاض، وتركت الساحة للإيرانيين ليتقاسموها مع الأمريكان. أضف إلى ذلك أن الجمهورية الإسلامية لم تخسر جندياً ولا دولاراً واحداً في العراق، بل حصدت الثمار على البارد المستريح، فسيطرت على الأرض والثروات، وراحت تتحكم بالقيادات العراقية الجديدة بالتعاون مع الأمريكان المفترض أنهم حلفاء المملكة السعودية، بينما فقدت السعودية تأثيرها في بلاد الرافدين تماماً، لا بل إنها خذلت سُنة العراق وتركتهم فريسة للنفوذ الإيراني ليصبحوا كالأيتام على مائدة اللئام.
وقبل العراق تظاهرت السعودية بمنافسة إيران في لبنان، وأنفقت هناك المليارات على أمل أن تكون الآمر الناهي في جمهورية الأرز. ولا ننسى أنها كانت وراء الاتفاق التاريخي الذي أنهى الحرب الأهلية التي استمرت ستة عشر عاماً في لبنان. وأعني اتفاق الطائف. لكن ماذا بقي للسعودية في لبنان الآن منذ الطائف؟ لقد تلاشى نفوذها إلى حد كبير، لا بل إنها فقدت سيطرتها على سُنة لبنان، وفي الآونة الأخيرة راحت تدق الأسافين بين القادة السنة هناك، وتضربهم بعضهم ببعض، فألبت أشرف ريفي على سعد الحريري، وبدل أن تعمل على رص صفوف السنة وجعلهم جبهة واحدة ضد النفوذ الإيراني في لبنان، فرقتهم وجعلتهم يخسرون الكثير من المقاعد في مجلس النواب الجديد، بينما راحت غالبية المقاعد لأنصار إيران وسوريا. وقد تحول سعد الحريري حليف السعودية الأول في لبنان إلى زعيم سُني بلا حول ولا قوة، لا بل صار تحت رحمة حزب الله ومؤيدي الجمهورية الإسلامية في لبنان.
إن السعودية بعد أن تعرضت منشآتها النفطية ومطاراتها لضربات وحشية من قبل إيران وأذرعها الإرهابية هرعت للتفاوض مع إيران والتقرب منها، بدل معاداتها والتحشيد ضدها
وحدث ولا حرج عن سوريا. لقد باتت إيران مع روسيا الآمر الناهي. ورغم أن السعودية كانت تدير العديد من الفصائل والجيوش في سوريا، إلا أنها تخلت عنها لصالح الإيرانيين، وكان آخرها جيش الإسلام الذي كان يحاصر العاصمة دمشق لسنوات. وبينما تلاشى النفوذ العسكري السعودي في سوريا، باتت الفصائل الإيرانية تصول وتجول في كل أنحاء البلاد، حتى أن بعضها مازال قريباً من الحدود الإسرائيلية. وبدل أن تعثر المملكة على مربط فرس في دمشق، صارت عاصمة الأمويين كعاصمة العباسيين مجال نفوذ حيوي إيرانياً، وخرجت السعودية كالعادة من عاصمة عربية أخرى من المولد بلا حمص، بعد أن سلمتها لإيران.
ولا ندري كيف سيكون حال السعودية في اليمن على حدودها، بعد أن صارت صواريخ الحوثيين المدعومين إيرانياً تطال القرى والمدن السعودية بسهولة. لم تستطع المملكة حتى الآن أن تكسب المعركة في محيطها الاستراتيجي حيث بات الحوثيون أعوان الإيرانيين يسيطرون على العاصمة صنعاء، ولا ندري أين يصلون. أليس من حقنا أن نسأل أيضاً: من دعم الحوثيين ومولهم على مدى السنين ثم سلمهم لإيران في اليمن؟
وفي الأمس القريب من الذي حاصر دولة قطر وأجبرها على إيجاد منافذ جديدة لكسر الحصار الرهيب الذي فرضه محمد بن سلمان عليها؟ هل كانت قطر لتلجأ إلى إيران لولا أن السعودية دفعتها دفعاً لتبحث عن مخارج من الحصار الوحشي؟ لماذا تجمع إيران تحت جناحيها كل شراذم الشيعة في المنطقة، بينما تحارب السعودية كل الفصائل الإسلامية التي تعادي إيران وتحاصرها، وتقضي عليها بحجة محاربة الإرهاب؟
واليوم لاحظوا أن السعودية بعد أن تعرضت منشآتها النفطية ومطاراتها لضربات وحشية من قبل إيران وأذرعها الإرهابية هرعت للتفاوض مع إيران والتقرب منها، بدل معاداتها والتحشيد ضدها، مع أنه عدوتها المذهبية الأولى في المنطقة، بينما نرى النظام السعودي لا يترك فرصة إلا ويحاول ضرب تركيا السنية. لاحظوا كيف دعت الرياض إلى اجتماع عاجل للجامعة العربية لمواجهة التدخل التركي في سوريا، بينما تحتل إيران وميليشياتها الطائفية سوريا منذ سنوات. هل سمعتم يوماً المملكة تدعو إلى اجتماع عاجل لمواجهة الخطر الإيراني في سوريا؟ من العجيب جداً أن السعودي يكشر عن أنيابه في وجه أي قوة سنية بينما يصبح كالقط أمام إيران الشيعية التي تعاديه مذهبياً.
هل سنكتشف في يوم من الأيام أن الصراع السعودي الإيراني المزعوم عبر التاريخ الحديث كان كذبة كبيرة، بدليل أن السعودية دعمت القضاء على كل خصوم إيران الحقيقيين في المنطقة كنظام صدام حسين، بينما راحت الآن تدعم النظام السوري وتمد معه الجسور رغم أنه الحليف الأول لإيران في المنطقة؟ هل سنكتشف يوماً أن السعودية وإيران يشكلان جناحي الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وأن الرياض ذراع إيران من وراء الستار؟
كاتب واعلامي سوري
[email protected]
Perfect
طرح واقعي .أحسنت استاذ فيصل
*ملخص سياسة(السعودية) في كلمة
واحدة ( تخبط) ..
*ملخص سياسة (تركيا) بكلمة
واحدة ( كبرياء ) ..
*ملخص سياسة (ايران ) بكلمة
واحدة ( دهاء ) ..
أكتب تعليقك هنا
اكيد حكامنا لاينتمون لنا زارعهم الاستعمار
العداء السعودي لإيران حقيقي. ولكن غباء السياسة السعودية وتخبطها وحداثة الأمراء القائمين على الأمر في السعودية يظهر للمتابع انه لا يوجد عاء بين الدولتين… مثال الطفل الذي تعطية لعبة لياعب ويلهو بها فيحطمها ويدمرها بدل ان يستفيد منها لا جاهل ولا يعرف أين المصلحة عديم الخبرة
الكل يعرف أن الدول لا تراعي الدين أو العرق مقابل مصالحها فلا فرق بين سني و شيعي و لا حتي اي دين آخر. إلا أن في هذه الحاله ما وقع ما هو إلا مناكفة بين السعودية و تركيا لا أكثر و لا أقل و قبل ثلاثة أو أربعة سنوات كانت تركيا و السعودية سمن علي عسل ضد إيران و هم من المجموعة التي تامر علي سوريا أو بالأحرى من اجج ماهو حاصل في سوريا .
اخي الكريم الغرب والماسونية الصهيونية والامريكان ارادو ايران وتغربو من ايران وشيعتها في المنطقة وتركو لهم الحبل على الجرار ليفعلو ويتمددو كيف يريدون من اليمن مرورا بالعراق وسوريا حتى البحر الابيض المتوسط ارادوها امبراطورية شيعية على شكل خارطة هلال شيعي .ليخططو ما يخططون له في المستقبل لبدء حرب دينية بين اتباع الدين الشيعي واتباع الدين الاسلامي وهم اهل السنة .لاحظ معي اخي الكريم كل المتضررين في الشرق الاوسط هم اهل السنة الحروب في محفظاتهم التشريد فيهم التهجير فيهم القتل فيهم السجون ممتلئة من اهل السنة المقابر الجماعية لاهل السنة المفقودين لاهل السنة السجناء في امريكا وغونتانامو كلهم من اهل السنة الاعدامات في ايران كلها او معظمها لاهل سنة الاحواز وبعض الارذبجانيين من الذين تتهمهم ايران بالعمالة للخارج والقوي في لبنان هو حزب الشيطان الشيعي ولم يصنف ارهابي على قرار الجماعات المسلحة السنية في العالم التي يقتل قادتها بطائرات مسيرة في العالم هناك الكثير يجب ان تطل عليه بكتباتك .
دائما عندما نشخص أمراضنا العربية أرجع إلى أنها نابعة من لعنة العراق في حرب الخليج الثانية في يناير 1991 ومن تبعه من حصار صارم إنتهى بغزو العراق والإطاحة بنظام صدام حسين سنة 2003. وهكذا انهار السد المنيع الذي قهر النظام الصفوي الذي وجد أمامه المجال المفتوح بتواطؤ مع أمريكا ليفعل ما يشاء بالعراق ويصفي حساباته.فالمملكة العربية السعودية لا تريد للعراق أن يرجع لعافيته وتفضل أن يظل ضعيفا مهلهلا حتى لا يهدد مصالحها لا يهمها لا إسلام ولا عروبة ولا الطائفة السنية التي قتل وشرد منهم عشرات الآلاف بمؤامرة خبيثة تمس العقيدة الإسلامية وهو تطهير عرقي قد لا يقف بالعراق وسوريا إذا استمرت الأمور على حالها وكل ما يهم السعودية سوى مصالحها الذاتية وإلا ما هو التفسير في عدم مجابهة المد الصفوي الذي لم يتبقى له سوى دخول العاصمة الرياض رغم امتلاكها لإمكانيات ومقومات هائلة مالية ودينية واقتصادية بل الأنكى من ذلك ومما يستعصي على الفهم أن تسعى السعودية في تعميق الشرخ العربي والإسلامي تحاصر قطر وتحارب كل تحرر عربي ضد الطغيان والفساد وتحابي كل أعداء المسلمين من أجل بلوغ هدف سياسي كدعم الصين في محاربتها لمسلمي الإغور والهرولة اتجاه إسرائيل.
السعودية تتقرب من إيران الشيعية لأنها خسرت كل حروبها في العراق وفي كردستانه ، في لبنان وفي احتجاز رئيس وزرائه ، في سوريا ، في اليمن شماله وجنوبه ، في مضيق هرمز والخليج … ، بل ولم تستطع حتى الدفاع عن وحدودها أو نجران ، ولا حتى عن منشئات أرامكو البترولية رغم المبالغ الضخمة من البيترودولار التي قدمت لأمريكا وللرئيس الأمريكي الذي لم يكف عن إهانتها علنا عبر الزقزقات والفضائيات .
السعودية تتقرب من إيران الشيعية لأنها اكتشفت أخيرا سراب اعتمادها على الحماية الغربية والأمريكية منها خاصة ، وبأن تحذيرات ولي العهد السعودي :”إذا لم يتحرك العالم بشكل قوي وحازم لردع طهران، فسنرى مزيدا من عمليات التصعيد كفيلة بتهديد مصالح عالمية ” ، وأن”إمدادات النفط ستتعطل، وستقفز أسعاره إلى أرقام لا يمكن تخيلها .. ” .
السعودية ، التي تحالفت مع تركيا السنية على فريسة ليبيا وسوريا .. ، تعاديها الآن لأن تركيا السنية استغلت ومازالت الاغتيال الفظيع للصحفي المقرب من العائلة الحاكمة في الرياض لابتزاز آل سعود الحكام كما فعل ويفعل أسيادهم في واشنطون ؟ .
إيران موجودة في سوريا بطلب من حكومة دمشق العضو في الأمم المتحدة.