ثمة ما يوحي بأن الأردن يحتفظ أو يكتم غضبه من تصرفات الإسرائيليين في القدس وأنه يتوقع حدوث تطور ما في الأسابيع او الأيام القليلة المقبلة.
عمان ـ «القدس العربي»: صباحية أول يوم لعيد الأضحى المبارك اقتحمت القوات الإسرائيلية مجددا باب الرحمة والذي يعتبر من أهم أبواب ومصليات المسجد الأقصى في إطار المعركة المفتوحة والمستمرة مع الوصاية الأردنية بهدف أصبح حادا وواضح الملامح عنوانه الأعرض تفكيك وتقويض تلك الوصاية وإعادة إنتاجها عبر اتفاق جديد تفرضه حكومة اليمين الإسرائيلي باسم التقاسم المكاني.
لافت جدا للنظر أن الانتهاك الجديد لا يقف عند إصدار تصريح جديد باسم الخارجية الأردنية يعيد تكرار عبارات الشجب والاستنكار والتحذير في الوقت الذي لاحظ فيه جميع المراقبين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وهو يحذر إسرائيل في المجال الحيوي المرتبط بالانتهاكات الاستيطانية حصرا ودون أدنى ذكر للدور الأردني في القدس أو لملف القدس نفسه. وهو أمر أثار حيرة الدبلوماسيين الخبراء في عمان لان الإدارة الأمريكية عندما تقرر إصدار تحذير من أي وزن للجانب الإسرائيلي تشير إلى مخاطر ليس فقط التوتر كما يسميه الوزير بلينكن في الضفة الغربية ولكن العبث بالملف الأكثر سخونة وهو القدس وبالتالي التأكيد على الدور الأردني الذي غاب عن المشهد الدبلوماسي الأمريكي.
تحدث الوزير الأمريكي عن ملف الضفة الغربية والانتهاكات الإسرائيلية. ولاحظ الجميع عدم وجود ذكر لدور الأردن في تصريحاته الأخيرة قبل ساعات من عطلة عيد الأضحى.
لكن الأهم هو ان الإشارة الوحيدة في حديث بلينكن كانت تلك التي تحذر الإسرائيليين من انتهاكات المستوطنين وهجمتهم على البلدات الفلسطينية باعتبارها مسألة تجعل تطبيع العلاقات مع بلد مثل السعودية أمرا بعيد المنال أو شبه مستحيل طبعا على حد التعبير الذي استخدمه بلينكن.
سياسيون أردنيون بالجملة وقفوا عند تلك الإشارات وسط تزايد الاتصالات والمشاورات والتكهنات حول ماهية الأوراق التي لا تزال في جعبة الأردني ووصايته في حال استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للدور الأردني في القدس، وتحديدا في مصليات المسجد الأقصى فقد تكررت هذه الانتهاكات وبدا لجميع الأطراف وسط قناعة حتى بعض المسؤولين الأردنيين الكبار بان الجانب الإسرائيلي يتحرش قصدا بالوصاية الأردنية، ويسعى إلى تقويضها فيما الأردن دبلوماسيا يكتفي بالتواصل مع الأمريكيين والأوروبيين لا بل توقفت الخارجية الأردنية بوضوح عن إصدار بيانات التحذير والشجب والاستنكار.
ثمة ما يوحي بأن الأردن يحتفظ أو يكتم غضبه من تصرفات الإسرائيليين في القدس وأنه يتوقع حدوث تطور ما في الأسابيع او الأيام القليلة المقبلة.
لكن المساحة التي يمكن ان يذهب إليها هذا التطور لا تزال غامضة والمؤسسات الأردنية البيروقراطية المرتبطة بالوصاية مثل وزارة الأوقاف لا تعلق على مسارات الأحداث بالرغم من الانتهاك الجديد خلال أول أيام العيد في باب الرحمة وهو الانتهاك الثالث المسجل منذ 4 أشهر على الأقل علما بان بيانات ما سمي بقمتي العقبة وشرم الشيخ نصت بالضرورة على احترام الدور الأردني في القدس.
قد يؤشر ذلك على شعور بالعجز عن الاشتباك والمواجهة من جانب الأردن وقد يؤشر على وجود أوراق قوة يمكن ان تستخدم في لحظات مواتية ومناسبة ومن بينها ورقة مغادرة السفير الإسرائيلي أو حتى طرده وسحب السفير الأردني من تل أبيب وكان قد أشار لها باعتبارها ورقة يمكن استخدمها وزير الخارجية الأسبق والمخضرم ناصر جودة في إطار مجالسات سبقت عطلة العيد علما بان رئيس مجلس الأعيان كان قد صرح علنا بلاده لا تستطيع تحرير فلسطين أو مواجهة الإسرائيليين وحدها.
وبالرغم من ان هذا التصريح تم تحميله ما لا يحتمل إلا ان مسألة مستقبل الوصاية الأردنية باتت مطروحة على الطاولة. وصحيح انها مطروحة بالمستوى الشعبي وعلى مستوى أحزاب المعارضة الأردنية، ولكنها ليست مطروحة بعد على المستوى الرسمي الأردني ويطرحها الإسرائيليون في وضع مربك يخلط كل الأوراق.
والأهم ان ماكينة التصريح الأردني توقفت فيما يبدو لأسباب مكتومة وتكتيكية دون ان يعني ذلك بكل حال ان الأردن لا يخوض المعركة لكن خلف الستائر والكواليس.
انتهاك مصلى باب الرحمة مجددا لم يتم التعليق عليه.
وما ذكرته الأنباء حول قرار السلطات الأمنية الإسرائيلية منع الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية الفلسطينية في القدس من مغادرة البلاد لمدة أسبوع أيضا لم تعلق عليه المؤسسات الأردنية. وهذا يعني ان الاعتداء يتخذ من جانب حكومة اليمين الإسرائيلي على القدس وأوقافها وحتى على رموزها أكثر من شكل ونمط، وهو أمر يختبر الوصاية بالتأكيد ويستهدف تقويضها وهو ما عبر عنه علنا للدلالة على حجب الشعور بالمشكلة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي وأن كانت حكومة إسرائيل في المحصلة ليست وحدها الطرف الذي يقرر كل الأشياء.
الصورة: العاهل الأردني يستقبل الجنرال مايكل كوريلا