لماذا تزايد هرب السعوديين والإماراتيين؟

حجم الخط
22

نشرت مجلة «إيكونوميست» البريطانية تقريرا لها حول تخلي آلاف العرب الخليجيين عن أوطانهم كشفت فيه عن زيادة كبيرة في طلبات اللجوء المقدمة من خليجيين لدول أوروبا خلال الأعوام القليلة الماضية، بعضهم من النساء، وشهدت تصاعدا في السنوات الأخيرة مقارنة بالتي سبقتها، بما يشي أن الأمر يتحول إلى ظاهرة.
السعوديون، حسب التقرير، تصدروا قائمة مقدمي طلبات اللجوء الخليجيين، وهو أمر يثير الجدل لأنه يتوازى مع صعود نجم محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة، ومع برنامجه الشهير «رؤية 2030»، الذي وعد بإنجازات تنموية واقتصادية كبيرة، إضافة إلى الدعاية الهائلة التي رافقت الأمير الشاب حول أفق الحداثة الذي يرتئيه لمجتمعه، وتركيزه على دور الشباب، وقد ركّزت الدعايات وحملات «البروباغاندا» السعودية، وخصوصا في الغرب، على كون بن سلمان يسعى لتغييرات اجتماعية جذرية، كان منها السماح للنساء بقيادة السيارات!
كشف التقرير ان معدلات طلبات الهجرة من قبل السعوديين زادت بنسبة 318٪ مقارنة بما كانت عليه في عام 2012، وقد قدّم 815 سعودياً بطلبات رسمية للهجرة لدول أوروبا وأمريكا خلال عام 2017 فقط، وهذا العدد مرشح للزيادة، وفقا لوكالة الأمم المتحدة للاجئين.
المثير للتفكّر أيضاً أن الإماراتيين كانوا الأقرب للسعوديين في هذا الاتجاه حيث زادت معدلات طلبات اللجوء من بلدهم بنسبة 300٪ مقارنة بالعام 2012، وهو أمر لا يمكن تفسيره إلا بالتشابهات التي صارت تجمع بين البلدين، واللذين تحوّلا إلى دولتين أمنيتين طاردتين لمواطنيهما.
كانت حالة الصحافي السعودي جمال خاشقجي واحدة من أبرز الحالات التي كشفت هذه الظاهرة، فخاشقجي اختار المنفى الطوعيّ وابتعد عن بلاده لأسباب تتعلّق بسلامته الشخصية، وإمكانية حفاظه على قدرته على الكتابة والتعبير، ولكن الأمر التراجيدي أن هذا الابتعاد لم يؤد إلى حمايته في النهاية، وأن استخدامه لحقه في الكتابة والتعبير، كان سببا كافياً لمطاردة السلطات له وصولاً إلى قتله بالطريقة الوحشية التي اكتشفها العالم.
ولعلّ المآلات الوخيمة لعملية الاغتيال كانت أحد أسباب نجاة رهف محمد، الفتاة السعودية التي قرّرت الهرب من عائلتها وبلادها أيضاً، وكان وجودها في قلب الحدث الإعلامي العالمي مبعثاً لامتناع تايلاند، كما كانت عادة بعض الدول المماثلة، من مقايضة الفتاة وإعادتها إلى الدولة الثرية صاحبة النفوذ، كما كانت سببا لإعطاء كندا اللجوء لها والاحتفاء بقدومها، وكان مشهداً شديد الدلالة أن نرى السعودية (تحت راية ولي عهدها «محرر المرأة») تفشل في محاولتها القبض على مواطنتها (وهو أمر كان يمكن أن ينتهي بالسجن أو القتل)، فيما كندا، الدولة الغربية، ترسل وزيرة خارجيتها لاستقبالها في المطار!
من المثير للسخرية والوجع (في آن واحد) أن وزير الشؤون الإسلامية والإرشاد السعودي، عبد اللطيف آل الشيخ، هاجم مؤخرا السوريين لأنهم استمعوا لدعاة الفتنة والشر، الذين «فرقوا بين القائد ومواطنيه»، فانتهى بأعداد كبيرة منهم لاجئين ومشردين وفقراء، وفي ذلك ما فيه من لؤم وقسوة وسوء تقدير وانتكاس عن الحقيقة، فقد نسي آل الشيخ مواقف بلاده من القضية السورية، على مدى 7 سنوات، كانت فيها الرياض حليفة لأولئك «الذين بذروا الفتنة»، كما تجاهل أن ملايين اللاجئين والنازحين ما فعلوا غير النجاة بأرواحهم من نظام طاغية كان يهاجمهم بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية والصواريخ ويقصفهم بالطائرات الحربية، فحمّلهم بذلك وزر دمائهم وهجرتهم الإجبارية، وصافحاً عن المجرمين الذين تسببوا بمأساتهم.
تدفع هذه المواقف للخوف والتشاؤم والأسى على السعوديين والإماراتيين، فدعاتهم الدينيّون، يحرّضون بشكل مباشر أو غير مباشر، قادتهم على التوحّش ضد شعوبهم بدل حضّهم على العدالة والعقل ومراعاة مصالح الناس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بلحرمة محمد:

    حقيقة انه لامر يدعو الى الحيرة اد كيف لبلدان عربية يرتفع فيها الادان خمس مرات في اليوم يدعو الناس للصلاح والفلاح ان نجد كل انواع الموبقات والسلبيات وفي مقدمتهما الظلم هده الافة الدميمة والخبيثة التي تسخرها الانظمة لادلال عباد الله واهانتهم وقمعهم واعتبارهم كحشرات لا قيمة لها فارواح العرب اضحت سهلة المنال لا بواكي لها فطبيعي ان نتابع هدا الكم الهائل من هجرة الشباب نظرا لانعدام شروط الحياة الكريمة فالانسان العربي اصبح في سجن كبير اسمه الوطن مجازا.

  2. يقول محمد العمرى المدينه:

    وكأنه ملاين او الاف او مئات يهربون
    من دول الخليج الاف الرحلات اسبوعيا تسافر وبها كل اطياف الخليجيون سياح وتجار وطلاب الى كل اقطار العالم
    والاعلام يهول الامر اتقو الله يا اعلام سوف تسؤلون عما كتبت يداكم
    وتستعملون صورة هذه المراهقه والتى تم استدراجها من قبل سفهاء واستفادو من وضعها النفسى وكندا الصهيونيه
    تتغنى بحقوق الانسان بلسانها وبيدها تقدم ادوات التدمير لقتل شعب اليمن مقابل المال
    لاتنخدعون بما يقولون وانظرو لما يفعلون

  3. يقول سامح //الأردن:

    *مع احترامي لمقال(قدسنا ) العزيزة
    وآراء المعلقين الكرام ..
    *مجرد سؤال؛- أعطوني دولة واحدة
    في عالمنا العربي(المنكوب) شعبها راضي
    ومبسوط ولا يفكر (الشباب ) بالهجرة؟؟؟
    *بدون مبالغة لو الدول(الغربية) فتحت
    أبوابها لشباب العرب لهاجر معظمه؟!
    *الوطن العربي تحول لسجن عملاق
    وبيئة (طاردة ) للبشر للأسف الشديد.
    حسبنا الله ونعم الوكيل.
    سلام

    1. يقول منصور:

      الى سامح الاردن
      كن متفائل الشباب لايهاجرون وانما هناك افراد نسبتها بسيطه و يعودون بعد ذلك الى حضن عوائلهم
      اما من اجبرتهم الحرب انظر ماذا حدث لهم بعد هجر وطنهم
      دفعو اموال طائله للمهربين ولو هاجرو داخل وطنهم كان افضل وامن حتى تستقر الاوضاع
      ان هناك سلبيات فى بلاد العرب لابد فى المقابل ايجابيات

  4. يقول جيلالي من الجزائر:

    سيتوقف الهروب و يعود الهاربون اذا سقطت الانظمة الخليجية الفاسدة و حلت محلها الحرية و الاكرامة

  5. يقول محمد نور الدين الزنكي:

    يبدو ان الأمر اصبح سيئا في منتطقتنا وايضا بلاد الحرمين الشريفين ،تغير مفاجئ في غضون بضعة سنين، نرجو من الله الستر والسلامة لامتنا العربية والاسلامية وان يصلح احوالنا يارب العالمين

  6. يقول الاردن الهاشمي:

    يهربون من شدة الحروكثرة الغبار وسياط الجلاد.

  7. يقول قاهر لعلوج:

    من حق أي إنسان في العالم ذكرا كان أو أنثى أن يغادر أرض الظلم والاضطهاد حتى ولو كانت أرض بلاد مسلمة إلى سعة العدل ورحابة الأوطان، لكن هل باستطاعة الدول الغربية المنافقة أن تستقبل كل مضطهد ومضطهدة بتلك الحفاوة التي يتقدمها رئيس الوزراء كما فعلت كندا؟

  8. يقول فهد الخرج:

    كل الفتن فى بلاد العرب والعجم المسلمين مصدرها بريطانيا وفرنسا وايطاليا وروسيا وامريكا

  9. يقول S.S.Abdullah:

    لإجابة عنوان (لماذا تزايد هرب السعوديين والإماراتيين؟) نحتاج إلى مراجعة دليل التعريف دليل القمة العالمية للحكومات في دبي لعام 2019، فما تستشفه منه، أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية، لفهم تفاصيل ما يدور في المؤتمر بلا ضبابية لغوية، وليست اللغة العربية، كما يحصل في برامج قناة الحرة الأمريكية، وأي باللغة الأجنبية في دولنا، تلاحظ ما فيه، يختلف عن الإعلام بلغة القرآن؟!

    وهنا مأساة جودة الترجمة اللغوية، في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبقية دول مجلس التعاون في الخليج العربي بشكل عام.

    والتي توضح خلل بنيوي، في إدارة الدولة (الملكية والجمهورية بعد سقوط الدولة العثمانية، مع اللغات الأوربية (خاصة الإنجليزية والفرنسية)) بشكل عام، ولكن في دول الخليج نشأ بعد 2/8/1990 عندما قررت النخب الحاكمة، إبدال الإنسان العربي، في الوظيفة، إلى الأقل تكلفة بشكل عام، ممن يُجيد اللغات الأوربية، بحجة مواكبة التطور والعولمة والإقتصاد الإلكتروني، ولغتها الإقتصادية.

  10. يقول S.S.Abdullah:

    ما فاتهم هو أن العولمة لها مفاهيم عديدة، ولكن الأهم من وجهة نظري مفهومان:

    مفهوم له علاقة بالأقل تكلفة، في كل شيء، وهذا يؤدي إلى إفلاس الجميع.

    ومفهوم له علاقة بالأكثر ربحاً، في كل شيء، وهذا يؤدي إلى سعادة ورفاهية الجميع.

    ناهيك في الترجمة، في علم الترجمة المستورد هناك ( Translation and Transliteration)، أما التعريب في لغة القرآن، التي تتجاوز حدود دولة الحداثة، يعتمد على إيجاد جذر، وصيغة بنائية ملائمة لتوطين أي معنى من معاني قواميس اللغات الإنسانية الأخرى،

    وهذا ما يجهله، من لا يعرف لغة القرآن، من متخصصي اللغات والترجمة في دولة الحداثة ملكية كانت أم جمهورية أو خليجية،

    فعملت على هرب الإنسان والأسرة والشركة المنتجة لأي منتج لغوي هجين، ليس له علاقة بلغة القرآن، والتي لم تطردها النخب الحاكمة، في الجانب الآخر بحجة العلمانية.??
    ??????

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية