لماذا تقاربَ معسكرا التطبيع مع إسرائيل والأسد؟

حجم الخط
17

رحّب وزير خارجية الجزائر، رمطان لعمامرة، الأربعاء، بزيارة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، إلى دمشق، في اليوم الذي سبقه، قائلا إن بلاده «تبارك هذه الخطوة» وتبع ذلك اتصال من وزير خارجية إيران أمير عبد اللهيان بنظيره الإماراتي، رحّب فيه أيضا بزيارة المسؤول الإماراتي الكبير واعتبرها «خطوة إيجابية».
بعد يومين فحسب من الزيارة، باشرت أبو ظبي، بسرعة، خطوات أخرى للتطبيع مع النظام السوري، فأعلنت عن اتفاق مع حكومة دمشق على إنشاء محطة توليد كهرضوئية، وقدّم وزير ومستشار سوري سابق، كمال زهر الدين، أوراق اعتماده قنصلا في دبي والإمارات الشمالية، وهو ما يعني أن الاتفاقات وتسليم أوراق الاعتماد كانا قد نوقشا سابقا، وأن إجراءات أخرى ستتبعها.
تذّكر الخطوات الإماراتية، بالطبع، بالتسارع الهائل في العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية والسياحية بين أبو ظبي وتل أبيب، والذي حصل بعد اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي في 13 آب/أغسطس 2020، حين أصبحت الإمارات ثالث دولة عربية، بعد مصر والأردن، توقّع «اتفاقية سلام» مع إسرائيل، والدولة الخليجية الأولى التي تقوم بذلك.
وزير خارجية الأردن، أيمن الصفدي، الذي كانت بلاده لعبت دورا كبيرا في تحريك ملف التطبيع مع النظام السوري، ورأى أن ما يحدث مع النظام السوري هو «لغياب أي استراتيجية فعالة لحل الصراع السوري» لكنّه أوضح، من جهة أخرى، أسباب عمّان الداخلية التي دفعت بهذا الاتجاه حيث قال إن بلاده «تستضيف 1,3 مليون لاجئ سوري لا يتلقون الدعم الذي قدّمه العالم من قبل».
موقف الجزائر، التي تستعد لاستقبال قمة الجامعة العربية السنة المقبلة، الداعم للنظام السوري، كان واضحا منذ بدايات الأحداث السورية، ويمكن تلمّس أسبابه في طبيعة النظام الجزائري العسكرية والأمنية المشابهة، نسبيا، لطبيعة النظام السوري، والتي تبدت بخوضه حربا هائلة لمنع استلام «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» للسلطة عام 1991 بعد فوزها في الانتخابات البرلمانية، وكذلك في مواقفه من الحراك الشعبي السلمي الذي انطلق عام 2019.
تشير هذه المواقف المتعددة إلى وجود أسباب خاصة بكل دولة عربية للترحيب بالتقارب مع النظام السوري، فالجزائر والعراق ومصر (بعد استلام الرئيس عبد الفتاح السيسي للسلطة عام 2013) كانت من الدول الداعمة، بشكل أو آخر، للنظام السوري، وهو ما ينطبق على فصائل وأحزاب واتجاهات سياسية عربية موالية لإيران، كما هو حال «حزب الله» اللبناني، والميليشيات الشيعية العراقية، وحوثيي اليمن، لكن المستجد كان التحول التدريجي في مواقف الدول الخليجية، التي خفضت بعثاتها الدبلوماسية أو أغلقتها عام 2012 احتجاجا على تعامل النظام مع المتظاهرين.
هل يعتبر الأمر، إذن «اعترافا بانتصار الرئيس بشار الأسد» على ما رأى أمين عام «حزب الله» اللبناني، حسن نصر الله، في كلمة له أمس، أم أنه، عمليا، اقتراب من نظام الأسد المنهار اقتصاديا، والذي سقطت شرعيته السياسية وتدهورت علاقاته مع المنظومة الدولية، من إسرائيل؟
وكيف يمكن فهم سعي الجزائر لإعادة نظام متهالك سياسيا واقتصاديا وتاريخه مبقع بالوحشية، التي ما زالت عجلاتها تدور يوميا ضد شعبه، إلى الجامعة العربية، وتستطيع مباركة مواقف الإمارات، التي تقاربت بشكل مذهل مع إسرائيل، في الوقت الذي ترفع فيه وتيرة التصعيد السياسي وتهدد بلدا شقيقا ومجاورا، هو المغرب، بالعقاب، وتتهمه بالتآمر عليها مع تل أبيب؟
ما يحصل لا يمكن ربطه بإعلاء شؤون السياسة والدبلوماسية في ملفي إسرائيل والنظام السوري، في الوقت الذي تتجبّر فيه إسرائيل ونظام الأسد ضد الفلسطينيين والسوريين، لكن يمكن، بالأحرى، ربطه بالتقاء بوصلتي الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي والاستبداد العربي، مع كل ذيوله وتداعياته.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول إبسا الشيخ:

    تحياتي لقدسنا العزيزة علينا
    معسكر التطبيع ليس فقط معسكر التطبيع، بل أيضا معسكر الثورات المضادة،من هنا لم تكن العلاقة بين نظام بشار الأسد، ومعسكر الثورات المضادة مقطوعة، بل كانت قائمة،

  2. يقول Praetorian states!:

    ضِمْنَ صِفَاتٍ دُنْيَا، يَجْمَعُ نَهَمُ الْفَتْكِ شَرَائِحَ الإسْتِحْوَاذِ؛ مَهْمَا تَبَايَنَتْ الضَحَايَا، أَوْ تَغَايَرَتْ سَاحَاتُ الذَبْح. ودُونَ أَنْ يُدْرِكَ السَوَادُ الطَبيعَةَ الْعُضْوِيَةَ لِشَرَائِحِ الإسْتِحْوَاذِ، وارْتِبَاطِهَا الْوَظِيفِي بِنَظِيرَاتِهَا الدَّوْلِيَّة، لَنْ يَنْفَكَّ يَخُورُ، وسَيَهْلَكُ مُمْتَهَنَاً كما هَلَكَ أَسْلَافُه.

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    الطغاة لبعضهم! فمن يقف مع طاغية الشام سوا الطواغيت!!
    أليس بالإمارات وإيران والجزائر ومصر ومعظم الدول العربية طغاة؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول عمر:

      كيف نسيت العراق!!!!!

  4. يقول بلعربي محمد:

    جرائم الصهيونية في المنطقة العربية تظل ضئيلة مقارنة مع جرائم الأنظمة العربية الاستبدادية والجماعات الارهابية والمليشات الايرانية.
    حجم الدمار والقتل الذي حل بالعراق وسوريا ومازال الى حد الساعة هو التدخل المباشر من قبل إيران والمليشات الطائفية التابعة لها. اما عن اليمن ولبنان فحدث ولا حرج. ولكن يبدوا ان الزعيم الروحي للارهاب الشيعي في المنطقة سماحة السيد حسن نصر الله لا يجد حرجا في زف الدمار الشامل في المنطقة العربية من لبنان الى العراق عبروا من فلسطين وسوريا واليمن على انه انتصار تاريخي لشعوب المنطقة وخاصة للشعب اللبناني الذي أعاده سيد المقاومة الى العصر الحجري.

  5. يقول الكروي داود النرويج:

    طغاة العرب لا يريدون حرية لشعوبهم, ويتآمرون فيما بينهم على قهر الشعوب العربية لإستمرار حكمهم وحكم أبنائهم!
    فبإمكان الحرية أن تعدي الشعوب المضطهدة كما حدث مع الربيع العربي!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  6. يقول د.منصور الزعبي:

    الشيطنة الشخصية تبدو غير صحيحة، النظام السوري مثله مثل جميع الانظمة العربية و أنظمة الدول النامية، اذا أردنا تغيير كل نظام بهذه الطريقة فلن نجني سوى الخراب و الدمار و الضحايا. مشكلة تغيير طبيعة الانظمة الديكتاتورية في العالم تقع على عاتق الحيتان الكبيرة ، عليها الاتفاق فيما بينها اولا بتشخيص طبيعة الانظمة و توافق طريقة حكمها مع الأخلاق و المفاهيم الإنسانية العليا، القصد هو أن تغيير اي نظام اذا لم يحصل بتوافق الدول العظمى مجتمعة فلا حاجة لذلك لان الضحية سيكون المواطن البسيط في النهاية

  7. يقول الجزائري:

    بلدي الجزائر بلد الرجال سياستها الخارجية دائما صائبة ومادامت بوصلتها فلسطين لن تظل الطريق بحول الله.

    1. يقول رستم..مالديف:

      هل انتم في الطريق اصلا لكي تضلوها.؟ وكفى بالمتاجرة بالقضية الفلسطينية. لمدا لم تستقبل الجزاءر الفلسطينيين بعد خروجهم من لبنان ؟.

  8. يقول تيسير خرما:

    آن الأوان لإعادة سوريا لما كانت عليه قبل عام 2000 حين كانت تحظى برعاية عربية ودولية فبلغت الثقة بها إلغاء كل ديونها وإغداق مساعدات عربية لها وتدفق استثمارات بمليارات بتوازي مع تسليمها ملف إدارة لبنان 25 عاماً وصولاً لاتفاق الطائف وانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان. إذن آن الأوان لوضع حد لفوضى سوريا بإخراج كل مقاتل غير سوري وإبعاد ميليشيات تتبع دول إقليمية طامعة بها وإخراج إيران وتركيا منها لعودة رعاية عربية ودولية وإغداق مساعدات عربية لإعادة الإعمار وإعادة تسليمها ملف إدارة لبنان لحصر سلاح بيد الدولة

  9. يقول محمد:

    الطواغيت في البلدان العربية لا فرق بين الطواغيت العسكر و الطواغيت الملوك كلهم نفس الشيء

  10. يقول سامح //الأردن:

    *كان الله في عون الشعوب العربية المنكوبة
    من(المحيط للخليج).
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد
    سواء كان حاكم او محكوم.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية