لندن- “القدس العربي”: خيب المنتخب القطري آمال الجميع من المحيط إلى الخليج، بعد ظهوره بمستوى لا يتماشى مع سقف طموحات المشجعين، في المباراة الافتتاحية لنهائيات كأس العالم 2022، التي جمعته بخصمه اللاتيني الإكوادوري على ملعب “البيت” مساء اليوم الأحد، وانتهت بفوز سهل ومريح للضيوف كان من الممكن أن يكتمل بأكثر من ثنائية نظيفة.
منعرج المباراة
حين أطلق الحكم الإيطالي دانيلي أورساتو صافرة البداية، بدا وكأن منتخب العنابي، سيظهر بالصورة التي رسمها لنفسه في السنوات القليلة الماضية، والحديث عن بطل آسيا، الذي قهر جبارة القارة الصفراء بنتائج عريضة في نسخة الإمارات 2019، لكن بمجرد أن وقع الحارس سعد الشيب في المحظور، في الدقيقة الثالثة، بهفوة مزدوجة غير مبررة، بدأت بقرار الخروج من مرماه في الوقت الخاطئ، بجانب التحامه الضعيف مع عمالقة الإكوادور، مانحا المنافس ما يمكن وصفه بالهدف المجاني، ومن حُسن الحظ أن الحكم ألغى الهدف، بداعي التسلل قبل وصول الكرة إلى إينير فالنسيا.
الغريب في الأمر، أنه بدلا من الاستفادة من هدية تقنية الفيديو، باستعادة التركيز والحماس بأثر فوري، حدث العكس، بحالة من التفكك بين ثلاثي الوسط كريم بوضياف والهيدروس وعبد العزيز حاتم وثلاثي الدفاع، لم يستيقظ منها المدرب الإسباني فيليكس سانشيز، حتى بعد ضرب الدفاع في التمريرة التي أسفرت عن ركلة الجزاء، التي سجل منها فالنسيا أول هدف في المونديال عند الدقيقة 16، بمشاركة في المسؤولية مع الحارس، الذي أسقط المهاجم الإكوادوري في لقطة الانفراد، بجانب مسؤوليته في الهدف الثاني، بعدم قراءة أو توقع الكرة العرضية، قبل أن يحولها نفس اللاعب برأسه في المرمى.
الفوارق الفردية
بلغة كرة القدم، تحولت إلى مباراة من طرف واحد، بعد استقبال الهدف الثاني، وتجلى ذلك في حالة الارتباك والتوتر التي سيطرت على أصدقاء المعز علي، ربما نتيجة لتأثير هفوات الحارس، وربما لانهيارهم ذهنيا بسبب حجم الضغوط والتوقعات، وربما لأسباب أخرى، لكن على أرض الملعب، بدا المنتخب القطري مستسلما أمام المنتخب، الذي يملك ثاني أكبر عدد من اللاعبين أصحاب الخبرة في البطولة، والدليل على ذلك، أن حامي عرين الضيوف هيرنان جالينديز، لم يتعرض ولو لاختبار وحيد بين القائمين والعارضة على مدار الـ90 دقيقة.
لا شك أبدا، أن عامل الخبرة، لعب دورا محوريا في قتل المباراة إكلينيكيا قبل ذهاب اللاعبين إلى غرفة خلع الملابس بين الشوطين، ولعلنا لاحظنا الفوارق الفردية بين جيجسون مينديز و مويسيس كايسيدو وبين نظرائهم في وسط الملعب، سواء في القدرة والتحكم بالكرة –بالسحر اللاتيني-، أو في تنوع عملية الضغط، كما بدأ الفريق الإكوادوري بضغط متقدم من الأمام، بهدف استخلاص الكرة وإجبار الدفاع القطري على التخلص من الكرة، ثم بالاكتفاء بالضغط على حامل الكرة بأسلوب القفص، بحصاره بثلاثة لاعبين، لإجباره على إعادة الكرة إلى منتصف ملعبه، بالطريقة البائسة التي كان عليها المنتخب المنظم في الشوط الثاني.
ومضات خجولة
صحيح الأداء القطري تحسن نوعا ما في الشوط الثاني، لكن ما أشرنا أعلاه، كانت محاولات خجولة، إما بالحل الكلاسيكي من كرة طولية ساقطة على حدود منطقة الجزاء، أو بالتسديد بدون تركيز فوق العارضة وبجوار القائمين، في ما كانت أشبه بالومضات الخجولة، بعد تدخل المدرب الإسباني في الشوط الثاني، بسحب الهيدروس غير الموفق، وإشراك النشيط وعد البياتي، وبالمثل أخرج المعز علي، الذي عانى الأمرين مع مدافعين الإكوادور، خاصة في حوارات الفضائية، ودفع بمحمد مونتاري في آخر 20 دقيقة، بيد أن الأوان قد فات، بعد إحكام رجال المدرب جوستافو ألفارو، على المباراة، بفرض سيطرة شبه مطلقة، كانت من الممكن، أن تسفر عن ضعف نتيجة المباراة، لولا استرخاء المنافس وقناعته بتوفير طاقته للمباريات القادمة، ليصبح المنتخب القطري أول منظم لكأس العالم يخسر في المباراة الافتتاحية، على أمل أن تكون مجرد كبوة، أو عقدة البدايات المخيبة للمنتخبات العربية في المونديال، ويبدأ التصحيح واستعادة الثقة بالنفس من مواجهة السنغال في موقعة يوم الجمعة.
نوع من الإحباط لسوء الحظ، من بين أسباب فشل المنتخب القطري في أول مبارة:
غياب العنصر الذهني و النفسي : بسبب الضغط أو عدم التركيز على الاستعداد الذهني قبل الكأس أو هما معا..
غياب “العدوانية” في الالتحامات البدنية خصوصا في وسط الملعب من أجل الاستحواذ على الكرة
خطوط غير متواصلة على أرضية الملعب….
أتمنى استدراك هذا التعثر في المقابلة القادمة…كل التوقعات ممكنة في كرة القدم!
مباراة شيقة , الكرة الأمريكية اللاثينية لاتزال جميلة وخفيفة الظل, لايهم اسم المنتخب – تقريبا – الجميل في الرياضة عموما هو حين يعترف المنهزم بأنه فعل مايمكن فعله والحقيقة أن الخصم أقوى أو أفضل أو احسن استغلال الهفوات. النتيجة كانت مستحقة وعادلة وهو الأهم. المشكل غالبا عند الجمهور الذي يجعل الأمنية غاية ـ شيء طبيعي- فيخيب ظنه عند الخسارة, علينا النظر للمعطيات فلايمكن طلب مايفوق طاقة الرياضي فقط من أجل العاطفة. أمر صعب أليس كذلك ؟