تتجاهل الأنظمة التي يحكمها طغاة أو جنرالات تمكنوا من صعود سدّة الحكم بالانقلاب العسكري وقوة السلاح القوانين الإنسانية المتعارف عليها، وحقوق الإنسان التي اشتغل عليها مفكرون وساسة في الأمم المتحدة وغيرها، وتعلن تفاصيل إجراءات سلطاتها وتصرفات قادة أجهزتها الأمنية والقمعية عن احتقارها للشعوب، ولا تتردد، في تعاملها مع النخب السياسية والفكرية، ومع خصومها المعارضين بطرق سافرة في ازدرائها لآراء الناس وحقوقهم وتئد بشراسة أي إرادة لدى هذه الشعوب أو ممثليها السياسيين بالتغيير.
يثير الدهشة، للأسباب الآنف ذكرها، أن الجنرالات الذين يعلنون باستيلائهم على السلطة استخفافهم بأي شكل من أشكال الديمقراطية وبحق البشر الشرعي باختيار من يمثلهم سياسيا، والطغاة الذين يرثون «جمهوريات» كما يرث الإقطاعي أرض أبيه وعبيده، ينشغلون، أول ما ينشغلون، بإعلان تمسكهم بـ«الديمقراطية» وبأنهم سيقومون بإجراء «انتخابات» حين يحين «الوقت المناسب» وحين يقررون إجراء تلك الانتخابات، يفعلون كل ما يستطيعون لإفراغها من مضمونها عبر الزج بالمعارضين الفعليين، أو المحتملين، أو حتى أي ممثلين سياسيين لا يتبعونهم مباشرة، في السجون، وأحيانا بتصفيتهم جسديا إذا كانوا ضمن حيّز سلطاتهم الجغرافية، أو يرسلون فرق الاغتيال لتصفيتهم إذا كانوا في الخارج!
آخر الأمثلة على هذا جاء من مالي التي قام فيها انقلاب عسكري الثلاثاء الماضي، وكان التصريح الرئيسي الذي صدر عن المجموعة العسكرية التي لا يعرفها أحد وأطاحت بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا أن العساكر «يعتزمون إنشاء حكومة مدنية انتقالية وإجراء انتخابات جديدة» وهو تصريح يتحدى المنطق والعقل، فهل يعقل أن يستولي العسكر على السلطة وينقلبون على حكومة مدنية بهدف إنشاء حكومة مدنية؟
المثال الآخر جاء من بيلاروسيا التي يحكمها الدكتاتور ألكسندر لوكاشينكو الذي يحتل منصب الرئاسة لمدة 26 عاما، وقد فاز بالطبع «فوزا ساحقا» دشّنه باعتقال آلاف المحتجين وبهروب قائدة المعارضة سفيتلانا تيخنوفسكيا، التي خاضت الانتخابات بدلا من زوجها المدون المعتقل والتي اعتقلت قبل الانتخابات ثم هربت من البلاد لتنجو بحياتها.
كان لافتا، في هذا الصدد، أن أول المهنئين للوكاشينكو على فوزه نظيره السوري بشار الأسد، الذي كان قد أشرف بدوره مؤخرا على انتخابات «مجلس الشعب» التي «فاز» فيها أيضا حزب البعث الحاكم وحلفاؤه بغالبية المقاعد، وأعلنت السلطات أن نسبة المشاركة زادت عن 33٪، ونحن نتحدث عن بلد محاصر وجائع مئات الألوف من مواطنيه قتلوا وسجنوا، وملايين نزحوا أو لجأوا إلى بلدان العالم الواسع.
شهدت مصر أيضا انتخابات لما يسمى بمجلس الشيوخ، وهو بمثابة الغرفة الثانية للبرلمان، وفازت فيه أيضا قائمة «مستقبل وطن» المؤيدة للرئيس عبد الفتاح السيسي، وكان لافتا في تلك الانتخابات التي أعلنت السلطات مشاركة 14٪ من الناخبين فيها، أن الأغلبية الساحقة من المصريين (وغير المصريين) لا يعرفون ما هي وظيفة هذا المجلس، الذي هو هيئة استشارية بلا سلطات تشريعية، ولكنه يضم 300 عضو يعيّن ثلثهم الرئيس شخصيا، ويذهب ثلث آخر للقائمة الموالية المغلقة، وتترك 100 مقعد للأفراد.
التبرير الشائع لقضية تمسك الدكتاتور بالانتخابات هي القول إنه يستخدمها لإضفاء شرعيّة على حكم القوة العارية، وهو تبرير لا يكفي وحده، والأغلب أن الطاغية يستخدم الانتخابات كشكل آخر من إظهار القوة الفائضة التي يمتلكها، وكذلك للسخرية من الفكرة نفسها، ففي كل انتخابات عربيّة تعمل أجهزة الأمن على إطلاق مرشحين كاريكاتوريين للرئاسة يصبحون موضوعا لتندر الجمهور، وهي طريقة أخرى لتأكيد أهميّة بقاء الدكتاتور.
يتعامل الدكتاتور مع «لعبة الديمقراطية» كلعبة فعلا، كمهرجان لإعلان البيعة للحاكم والتبرؤ من خصومه ومعارضيه، وكمسرحيّة يقوم فيها المواطنون المدفوعون للانتخاب بدور العمال المسخرين الذين يموت عشرات الآلاف منهم في سبيل بناء هرم يخلد الحاكم ويؤمن بقاءه القسريّ على حساب بؤسهم وفقرهم وانحطاط البلاد بأسرها.
“والطغاة الذين يرثون «جمهوريات» كما يرث الإقطاعي أرض أبيه وعبيده، ينشغلون، أول ما ينشغلون، بإعلان تمسكهم بـ«الديمقراطية» ” .. تماما كما نرى الآن في كل مكان عبيد النظام الأسدي الإجرامي القدامى والجدد ينشغلون كالذباب الالكتروني بإعلان تمسكهم بالأخلاق المصطنعة والكلام المعسول والمهادنة في كل فرصة تسنح لهم بالكلام أو التعليق لكي يحاولوا التمكن في الأخير من الانتقام كالذئاب الشرسة التي تلقت الضربات القاضية المرة بعد المرة في ماضيها القبيح ,,!؟
بالضبط، ولن يتم تطهير سوريا الحبيبة إلا بالتخلص من هؤلاء العبيد والذباب الرقمي (بعد التخلص من نظام الطاغية) لأنهم هم أنجاس البلاد الفعليين في الداخل (بمن فيهم أولئك الذين حصلوا على “اللجوء” في ألمانيا منهم لأسباب بينة بذاتها) ؛ تماما كما دعا منصف المرزوقي في كتابه الهام «الاستقلال الثاني» ، ويعني بذلك الاستقلال الوطني، أي تحرير البلاد من الأعداء الحقيقيين الداخليين كمثل أولئك العبيد خانقي الحرية ومغتصبي الحقوق الإنسانية كلما سنحت لهم الانتهازات الوضيعة !!؟
عندما تبلى عزائم الشعوب تبتلى بمستبد وهي كذلك حتى تصطدم تلك الشعوب بالحياة.
تحياتي لقدسنا العزيزة علينا ، وشكرا على المقال أكثر من رائع ،نعم هناك ديمقراطية من نوع آخر تمارسها الأنظمة المستبدة والإنقلابية، ديمقراطية هؤلاء هي بإختصار لا إنسانية، وشكرا
— السيسي المعين من قبل الدوائر الاستخباريه المعاديه رهن قرار مصر لمشيئة اسرائيل والغرب وبعض من دول الخليج وناهض كل ثورات الربيع العربي بعد ان افسد الحكم في مصر واذل اهلها وافقرهم —
بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه (لماذا يتمسك الدكتاتور بـ«اللعبة الديمقراطية»؟)
يتمسك الديكتاتور بلعبة الديموقراطية حتى يخدع العامة ويسحج له الغوغاء. والغالبية العظمى من هؤلاء الطغم الديكتاتورية هم عملاء يدعمهم أعداء الوطن والدين في محيطنا العربي الإسلامي ليكونوا حراسا على التخلف والوهن والانحطاط القيمي والانسلاخ عن التراث.
ابرز طغاة وانقلابيي القرن الماضي كان جمال عبد الناصر الذي جعل من مصر قوة عظمى في إذاعة احمد سعيد وفي مخابراته المخترقة وفي شعبيته الفوق 99.99 % وفي جبروت وقوة جيشه الذي صمد أمام الجيش الإسرائيلي لأكثر من 6 ساعات في حرب 1967 !!!
وعندما تنفس الشعب المصري الصعداء واطاح بوريث عبدالناصر (حسني مبارك) وأجرى انتخابات حرة ونزيهة حصل فيها حزب عبدالناصر على نتيجة شبه صفرية ،مما دفع حراس التخلف والانهيار العربي الصهيوماسونيين الصليبيين بقيادة اسرائيل للانقلاب على الشرعية وتنصيب السيسي واليا على مصر ونائبا لنتنياهو في حكمها.
والصحيح أن السيسي أكثر تواضعا من عبدالناصر اذ انه يتقبل نتيجة انتخاب أو استفتاء تقل فيها شعبيته 99.99%.
الطغاة ملة واحدة في تزييف إرادة الشعب وادعاء انجازات بهلوانية لا تسمن ولا تغني من جوع!!
التلاعب بالنتائج هي لعبة الطغاة!
وهناك التلاعب بمصير البلاد والعباد والتي يتقنها العسكر!! ولا حول ولا قوة الا بالله
*(الطاغية) والدكتاتور ينطبق عليه المثل
(فاقد الشيء لا يعطيه)..
*كان الله في عون الشعوب (المنكوبة)
أينما كانت.
حسبنا الله ونعم الوكيل.
اظن ان الوضع في جمهورية مالي يحتاج الى التاني للحكم عليه لان الانقلاب جاء بعد حراك شعبي استمر شهرين يطالب باستقالة الرئيس والحكومة ويتهمهما بالفساد وهذا واقع وان الاخبار والمعلومات الواردة عن طريق فرنسا واعلامها ليست محايدة لان فرنسا تدخلت عسكريا ولها قوات دعمت مؤخرا لاجهاض الحراك الذي لا يختلف عن حراك الجزائر والسودان ما نتمناه ان تنتهي السيطرة الفرنسية عن الشعوب الافريقية لينتهي معها البؤس والتخلف والفقر
ما الفرق بين هذا الإنقلاب, وإنقلاب السيسي؟ ولا حول ولا قوة الا بالله
كما تكونوا يولى عليكم قاعدة معروفة وهي بالتالي تنطبق على كل الشعوب الخانعة والمستسلمة لارادة الحاكم رغم كل مساوئه ومفاسده وهدا ما نراه خاصة في عاليمنا العربي والاسلامي فقصة الانتخابات تبقى وسيلة فقط يعتمدها الديكتاتوريون والطغاة لاضفاء الشرعية على حكمهم وعلى تسلطهم ولكن من هدا الدي لا زال يثق في هده المسرحيات الرديئة المسماة انتخابات؟ ومن هدا الدي لا زال يحسن ظنا في مؤسسات البلاد التي يحكمها الطغاة؟ ومن هدا الدي لا زال يثق في خطب الديكتاتوريين ووعودهم بالاصلاح والتغيير؟ حقيقة لا احد فهو نفسه يعرف انه يخادع ويضلل ويزور ويزيف وما يقوله ما هو سراب يحسبه الظمان ماء.
يبدوا ان مفهوم الديموقراطية عند الأنظمة الاستبدادية والرجعية هو محصور في كيفية إبقاء الحاكم المستبد في السلطة وتوريثها من بعده الى أفراد العائلة الحاكمة.
فكما هو معلوم للصغار قبل الكبار فالديموقراطية هو حكم الاغلبية بإرادة الشعب لخدمة الشعب في تداول سلمي للسلطة. وفي عالمنا العربي فانه ينظر الى الشعب على انه العدو الداخلي للأنظمة العربية القمعية وتهديد دائم للنظام الحاكم وحاشيته.
الحل الوحيد لترسيخ مفهوم الحقيقي للديموقراطية هو تربية الاجيال على مفهوم المواطنة الصحيحة وان الاختلاف مقبول والابتعاد عن النزاعات القبلية والطائفية وعدم تمجيد الحاكم أو التصفيق له في المناسبات مهما علا شأنه. نحن ما زلنا نعيش في مجتمعات عربية اسلامية تنخر فيها من الهرم الى الاسفل عقلية القبيلة والطائفة والمحسوبية بالاظافة الى الجهل والامية والتي تسعى الانظمةًالقمعية ترسيخها في المجتمعات لتكون أداة من ادوات القمع والسيطرة على اي تهديد من قبل النخب المتعلمة.