لماذا يريد بوش تقليص اعتماد امريكا علي النفط العربي؟

حجم الخط
0

لماذا يريد بوش تقليص اعتماد امريكا علي النفط العربي؟

د. يوسف شبللماذا يريد بوش تقليص اعتماد امريكا علي النفط العربي؟ في خطاب ألقاه الرئيس بوش حول استيراد النفط للولايات المتحدة من دول الشرق الأوسط ركز علي أربع نقاط:أولا: أنّ الشرق الأوسط منطقة غير مستقرّة سياسيّا ويجب تخفيف الإعتماد عليها كمصدر للنفط الذي تحتاجه الولايات المتحدة بحيث يتم استيراد 5% فقط بحلول عام 2025 ولاحظ ان الولايات المتحدة أصبحت مدمنة علي النفط.ثانيا: أن مجمل استيراد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط وتحديدا المملكة العربية السعودية يبلغ 17% من احتياجاتها الإستهلاكية يومياً والبالغة 20 مليون برميل أي في حدود 3,4 مليون برميل يومياً ثم خفضها الي 5% عام 2025.ثالثا: انّ الولايات المتحدة تستورد 67% من حاجاتها النفطية 17% من السعودية و83% من المكسيك وفنزويلا وكندا وهي البلدان المجاورة جغرافيا للولايات المتحدة. رابعاً: انه تم تخصيص مبلغ 10 مليارات دولار لتطوير مصادر طاقة بديلة للنفط وأنه بحلول عام 2025 سيتم الإستغناء عن 75% من الإستيراد الحالي للنفط من الشرق الأوسط مع الملاحظة ان الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية لم تسجّل أي تقدم يذكر. والسؤال المطروح هو ما هي دوافع خطاب الرئيس بوش وهل صحيح أنه بعد 20 عاماً سيتم الإستغناء عن النفط العربي وأن مصادر طاقة نفطية بديلة ستجعل النفط في مرتبة ثانوية كأحد مصادر الطاقة؟ لا شك ان خطاب بوش أملته اعتبارات سياسية أكثر منها اعتبارات إقتصادية ويأتي في طليعتها الوضع المتردي في العراق حيث لا يزال حرجاً علي المستوي العسكري والسياسي، لذلك فهدف الرئيس بوش هو ايصال رسالة للشعب الأمريكي مفادها اننا سنخرج من هذه المنطقة التي جلبت لنا المتاعب بعد ان تحقق أهداف وجودنا حالياً.وبقطع النظر عن دوافع بوش السياسية فانه غالط في الأمور الإقتصــــادية لإيصال رسالة سياسية، ومصدر هذه المغالطة الحقائق الإقتصادية التالية:أولا: لا يزال النفط أهم مصادر الطاقة وأكثرها كفاءة بالنسبة لسعرها. ومن غير المحتمل ان تتغير هذه الحقيقة قبل عدّة عقود مـــــن الزمن وقــــــبل أن يصل سعر برميل النفط الي 100 دولار بالأسعار الحقيقية.ثانيا: ان تخفيف اعتماد الولايات المتحدة علي نفط الشرق الأوسط ممكن خصوصا إذا زاد انتاج النفط في كندا كما هو متوقع غير ان الإستغناء شبه الكامل عنه تمليه اعتبارات اقتصادية وسوقية في الإقتصاد الأمريكي لا يستطيع الرئيس الأمريكي ان يتحكم فيها أو ان يقررها. مع الملاحظة ان كلفة انتاج النفط في كندا والولايات المتحدة مرتفعة للغاية.ثالثا: إذا كان الهدف من موقف الرئيس بوش معاقبة دول الشرق الأوسط لاسباب سياسية فإن البلدان المنتجة للنفط وفي طليعتها السعودية قادرة علي تصريف انتاجها في بلدان الشرق الأقصي وأوروبا الغربية وبلدان العالم الثالث وإذا ما اتضح لها ان انتاجها يفوق الطلب في هذه البلدان فإنها ستعمد إلي الحفاظ علي ثروتها النفطية.رابعا: إذا كان الهدف خفض استهلاك النفط في الولايات المتحدة فالطريقة المثلي هي زيادة اسعار البنزين عن طريق فرض ضريبة حكومية في الولايات المتحدة التي لا تزال أسعار البنزين منخفضة جداً نسبيا بالمقارنة لمستوي الدخل الفردي في الولايات المتحدة أو بالنسبة للحد الأدني من الأجور. فمثلا يبلغ سعر صفيحة البنزين 12 دولارا في الولايات المتحدة في حين يبلغ في لبنان 14 دولارا في وقت لا يزيد دخل الفرد في لبنان عن 4500 دولار سنويا في حين يصل دخل الفرد الي 40 الف دولار سنويا في الولايات المتحدة.علي ضوء ما تقدّم يجب ان يفهم خطاب بوش النفطي علي أنه أملته اعتبارات سياسية آنية غير ان ذلك يجب ان لا يحجب حقيقة اقتصادية أخري يجب علي الدول المنتجة للنفط مراعاتها وهي ان النفط سلعة قابلة للنفاد وبالتالي يجب الموازنة بين تسريع الإنتاج او خفضه بحيث تحقق أعلي مدخول عبر الزمن بعد أخذ الأسعار المستقبلية وامكانية ظهور مصادر بديلة بعين الإعتبار.8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية