لماذا يريد نصر الله أن يكره الشيعة أمريكا؟

حجم الخط
10

خصص أمين عام التنظيم المسلح في لبنان حسن نصر الله، خطابه الأخير بكامله تقريباً لأمريكا، سارداً عددا من الوقائع المجتزأة، لإقناع جمهوره وعموم الشيعة العرب، بأن واشنطن عدوهم، ووجب عليهم كراهيتها وقتالها. وإن كان وراء الخطاب كالعادة، بعد تعبوي، أشار له الكاتب حسن منيمنة، مفنداً في مقال، الوقائع التي تحدث عنها نصر الله حول سيئات واشنطن في المنطقة، من «تأسيس» «داعش» إلى الحرب في سوريا مروراً بـ»حصار» لبنان، وصولاً للعقوبات على إيران، فإن ما هو تعبوي، متعلق بجعل الشيعة العرب مستنفرين عبر خطاب حربي يخلق الأعداء، استناداً لهوى المصالح الإيرانية، يؤدي عملياً إلى فصل الشيعة عن واقعهم السياسي، ودفعهم نحو آخر مختلق.
فالعلاقة بين الشيعة وأمريكا، ليست كما يريدها نصر الله، خدمة لخطابه التعبوي. إسقاط نظام صدام حسين في العراق، أوصل الشيعة إلى حكم أول بلد عربي، بوصفهم أكثرية، بمعنى أن تدخل واشنطن العسكري، بصرف النظر عن اختلاف النظرة نحوه، وتداعيات ما حصل بعده والهيمنة الإيرانية، جعل الشيعة حكاما بعد أن كانوا طوال عقود معارضة، يجري استئصالها من حين لآخر، من قبل البعث.

محاولات لفصل الشيعة عبر حلفاء إيران عن أوضاعهم، بدل تركهم يطورون سياسات تتعلق بالحكم وبالمعارضة، تنعكس على أوضاعهم إيجابيا

كذلك الحال، بالنسبة للحرب على تنظيم «الدولة» حيث إن التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة، ساعد الشيعة في العراق ولبنان، على التخلص من خطر التنظيم وتمدده، صحيح أن الميليشيات قاتلت هنا وهناك، ضد المتطرفين، لكن العامل الحاسم في تلك المعارك كان أمريكيا، تحديداً في العراق. السعودية نفسها التي استهدفها أيضاً، أمين عام التنظيم المسلح، في خطابه، تعرضت لضغوط أمريكية عقب أحداث 11 أيلول/سبتمبر، لتغيير مناهج، بعضها يتعلق بالنظرة للشيعة، حسب ما ذكر المعارض السعودي الشيعي فؤاد إبراهيم، في مقال نشرته جريدة «الأخبار» المقربة من التنظيم المسلح، قبل أيام. وأيضاً، حين دخلت قوات «درع الجزيرة» إلى البحرين، رفضت الولايات المتحدة الخطوة، ولو عبر موقف، داعية لإصلاح سياسي، وليس لحل عسكري. لا يعني كل ذلك، الخروج باستنتاج سطحي، مفاده أن سلوك واشنطن في المنطقة يخدم الشيعة، ثمة تعقيدات كثيرة، واستراتيجيات أمريكية متغيرة، تبعاً للتطورات وتحديد الأخطار، يمكن أن يستفيد منها هذا الطرف أو ذاك، لكن أيضاً، الوقائع السابقة تدحض، اعتبار أمريكا عدوا للشيعة، كما يحاول نصرالله، موضعتها. وفي وقت لا تملك فيه نظرية «الصداقة» السطحية مع أمريكا أي حوامل لها في البيئات الشيعية، فإن العداوة التعبوية، هي التي تنشط، وتؤثر، في الرأي العام الشيعي، لاسيما عبر خطابات نصر الله، وسواه من قادة الميليشيات الموالية لإيران. وإذا كانت الوقائع السياسية التي ذُكر بعضها أعلاه، لا تتماشى مع سردية العداوة المطلوب صوغها، تستحضر الشعبوية تارة عبر الاجتزاءات، ووضع روايات ناقضة، ويستحضر الدين تارة أخرى، بكل حمولته المظلوماتية، لإقناع المتلقين بعدو ما، على ما فعل أمين عام التنظيم المسلح في خطابه الأخير مستخدما ثنائية «شهيد» و»قاتل» لتسويق ما يريد.
هكذا، يتبدى، انفصال الشيعة العرب عن أحوالهم السياسية، المتعلقة بأوضاع البلدان التي يوجدون فيها، وتطوير سياسات لتحسين أحوالهم المعيشية والاقتصادية، واستبدالها بأخرى مختلقة، تسعى لتعبئة الطائفة ضد «أعداء» تماشياً مع الاستراتيجية الإيرانية التوسعية.
خطاب، مجموعات واسعة من الشيعة في العراق والبحرين، هو واحد تقريبا، رغم أنهم في البلد الأول يحكمون، وفي الثاني يعارضون، هذه ليست مفارقة، بقدر ما هي نتيجة، لفصل الشيعة عبر حلفاء إيران عن أوضاعهم، بدل، تركهم يطورون، سياسات تتعلق بالحكم وبالمعارضة، تنعكس على أوضاعهم بشكل إيجابي.
كاتب سوري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Ian P. Mclelan:

    Having it both ways , distorting the facts Why Iraqi Shia are not majorly
    Why? cause
    Pro- Shia sect they try to confuse purposely the public by dividing Iraq into Shia Sunni Kurds( but they intentionally ignore that majority of Kurds are Sunni since time of Salah- El-Din
    So you can’t fake it having it both ways: you either classify Iraqi ethnically Arab( includes both Shia & Sunni who make ethnic majority or on religion basis Sunni( includes arab sunni and Kurds sunni= majority)
    After all you cant mix sun with moon
    and bottom line the only important fsctor is citizenship patriotism loyalty under democracy but not medieval ignorant-hateful sect

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    حكموا العراق عن طريق عمالتهم مع الأمريكان كما هي الغاية التي تبرر الوسيلة!
    لكنها بشرعهم يقلبوها للتقية (إتمسكن لغاية ما تتمكن)!! ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول نعمان:

      والله يا سيدي الكروي داود لا احد دفع وسوف يدفع العراق للخضوع الكامل لامريكا وللتطبيع مع اسرائيل اكثر من الافكار التي يحملها الاخوة العرب تجاه العراق وبالاخص شيعة العراق، وتعليقاتك (مع كل الاحترام لك) افضل مثال على ذلك.
      العراقيون الشيعة بطبيعتهم معادين للكيان العنصري الصهيوني الذي شرد شعب فلسطين واخرجه من ارضه، ولكنه (اي العراق) لم يلقى من اخوته العرب الا الرفض والتخوين منذ ان تخلص من جلاده، صفقت النخب العربية لمقتل قائد ميداني حارب ضد داعش، استهزأت النخب العربية بدعم ايران والتيارات المقاومة للكيان في العراق لاية منظمة معادية للكيان الاسرائيلي شيعية كانت ام سنية، وها هي النخب العربية تهلل فرحا لصعود التيار المعادي للحشد والمدعوم اماراتيا لتشكيل حكومة جديدة في العراق مدعومة من الولايات المتحدة والامارات وخلفها اسرائيل لا حبا بها ولكن لكونها (اي هذه الحكومة المقبلة) ستوافق على التطبيع مع اسرائيل.
      وكالعادة، سيبكي العرب على ضياع ارض اخرى، ولكن بعد فوات الاوان.

  3. يقول محمد:

    تصحيح الشيعه ليسوا اغلبيه في العراق ولم يظلمهم البعث ابدا بل هم كانوا من المؤسسين والفاعلين فيه هاتين الكذبتين روج لها الامريكان وصدقها الكثيرون بما فيها العرب بمثقفيهم للاسف الشديد..

  4. يقول جميل:

    هل يستطيع إلغاء فتوى السيستاني بعدم مقاومة المحتل الأمريكي في العراق … إنها التقيه التي يبرعون فيها.

  5. يقول حسين الجبوري:

    يبدو انك تتنسى جرائم امريكا التاريخية وفي كل مكان خذ كوريا وفيتنام وجرائمهم البشعة ، و في دعم الصهاينة ، ومحاربة كل قوى التغيير في العالم العربي من اجل مصالحها ومصالح أسرائيل
    ومساعدة ودعم العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني وذبحه ، و على مصر وسورياولبنان وتدمير العراق وشعبه وما تزال تقف مع كل تخريب ثقافي وحضاري في العراق والشعوب الأخرى ، فالنظام الغربي والامريكي هو الذي جاء باسطوانة التقسيمات الطائفية في الوطن العربي كله ومنه العراق والطوائف المظلومة ..وشجعه ومايزال …أما إذا كنت أنت تحب أمريكا فهي لك …حبها كما شأت ….أما نصر الله وكره امريكا فان العرب والمسلمين جميعا يكرهون الصهيونية الامريكية العدوانية ضد العرب والمسلمين …….

  6. يقول احمد:

    العرب في طبعهم عشائرين وطائفيين منذ الجاهلية ولن يتغير فكرهم الطائفي ابدا

  7. يقول هوامش مختصره:

    ! المنطقه لم تكن تعرف الطائفيه آية الله الخميني هو الذي جاء بها.
    ! المعمم الحكيم كان يركض خلف أمريكا يقول نحن مَن يعرف أماكن اسلحة الدمار الشامل ويسلم كولن باول ملفاً عن المواقع الحساسه لقصفها.
    ! معمم آخر يقول ل بريمر: يجب وضع العراق نجمه 52 على العلم الامريكي و بريمر يشكك في قدرة المعمم على الرياضيات.
    ! سلوك ايران باحتلالها مجموعه من الدول وتهديدها الداهم لغيرها دفعها للتطبيع.

  8. يقول سامي فلسطين:

    أميركا عدوة الشعوب كافة عربا وعجما، سنة وشيعة، لاتينيين واسيويين شيوعيين واسلاميين …. الاخطبوط الأمريكي عدو الجميع

    1. يقول علي:

      أمريكا أرحم و اطهر واعطف منكم

إشترك في قائمتنا البريدية