تونس- “القدس العربي”: قالت لمياء الخميري، الأمينة العامة لحزب حراك تونس الإرادة والقيادة البارزة في جبهة الخلاص الوطني، إن البرلمان الجديد لا يتمتع بشرعية شعبية، على اعتبار أن حوالي 90 في المئة من التونسيين قاطعوا الانتخابات البرلمانية الأخيرة، كما اعتبرت أن مشروع الرئيس قيس سعيد فشل بعدما قاطعه أغلب التونسيين.
وقالت الخميري، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “الانتخابات البرلمانية في دوريها الأول والثاني هي انتخابات غير شرعية، وهي ناتجة عن انقلاب يريد فرض الأمر الواقع بمنطق القوة وليس بقوة القانون، ونسبة المشاركة المتدنية أكبر دليل على انها مسرحية سمجة لم يشارك فيها جمهور شعب المواطنين الذي راهن عليه الرئيس السابق منصف المرزوقي (مؤسس الحزب ورئيسه الفخري)، وهو شعب منخرط في الشأن العام ومهتم به، ويعبر عن موقفه مما يحصل ويأخذ القرار الذي يراه مناسبا في اللحظة الحاسمة، وهذا ما حصل عندما قاطع الاستشارة ومن بعدها الاستفتاء والانتخابات بدوريها، والتي لم ينتج عنها الا مراكمة الخيبات والهزائم للمنقلب (في إشارة للرئيس قيس سعيد)، كما أنها منعت أي غطاء شعبي للنظام الحالي، والذي- بعد أن فقد شرعيته الدستورية- استنفد أيضا مشروعية التفويض الشعبي”.
وأضافت “نحن أمام فشل ذريع للانقلاب ومحاولات إسدال ستار من المشروعية على انقلابه، لكن الشعب قال كلمته، فتسعون في المئة من الناخبين قالوها صريحة لسعيد: نحن نريد ما لا تريد، ونحن غير معنيين بمشروعك ولن نمنحك أي تفويض. والمطلوب من القوى المدنية والسياسية أن تتلقف اللحظة وتعمل على الوحدة الوطنية وتجلس على طاولة واحدة من أجل انقاذ البلاد والاتفاق على حلول مشتركة، حتى يكون تنفيذها ممكنا وحتى نعيد البلاد إلى مرحلة الاستقرار السياسي من أجل توفير مناخ سليم لإعادة البناء”.
كما اعتبرت أن البرلمان الذي نتج عن الانتخابات الأخيرة “فاقد للشرعية القانونية وللمشروعية الشعبية بعد المشاركة الضعيفة للناخبين، فعشرة في المئة من جملة الشعب لا تكفي لمنح تفويض لأي سلطة، ناهيك عن أن هذا البرلمان ليس لديه صلاحيات، وهو خاضع للسلطة التنفيذية لرئيس الجمهورية”.
وأضافت “وبالنسبة للنظام الانتخابي الجديد، نلاحظ أنه غذى النعرات القبلية والعشائرية، ذلك أن المترشحين كثيرا ما كانوا مترشحي عروشات (ينتمون لعشائر أو قبائل معينة) وقد عولوا كثيرا على هذه العصبية من أجل الارتقاء إلى البرلمان، وهذا قد يخلق مشاكل على الأرض ويغذي الخصومة بين الأهالي. والأصل في الانتخابات أنها آلية ديموقراطية من أجل إدارة الشأن العام وهي لا تتحقق الا بأحزاب قوية تتنافس فيما بينها، وهي- إن صح القول- عصبية قانونية، عوضت في العصر الحديث والمعاصر العصبية العرقية والدموية للمترشحين”.
وقالت الخميري إن جبهة الخلاص الوطني “مازالت تدرس أوجه الرد المحتمل على نتائج الانتخابات الضعيفة، والجبهة لا تريد الارتجال، وتحاول أن تكون خطواتها محسوبة بدون تعجل لأن الوضع في تونس لا يحتمل الخطأ”.
كما كشفت عن جهود كبيرة تقوم بها الجبهة لتوحيد المعارضة التونسية، وهي “منفتحة على كل القوى الحية والسياسية في تونس على قاعدة فرز وحيدة هي: مع أو ضد الديموقراطية”.
الخميري: منفتحون على جميع القوى في تونس على قاعدة فرز وحيدة هي “مع أو ضد الديموقراطية”
واعتبرت أن حل الأزمة التونسية يكمن أساسا في “الرجوع للشرعية والعودة إلى المسار الديموقراطي، وهذا لا يعني أبدا عودة إلى ما كنا عليه، بل هو عودة إلى دستور الشرعية (دستور 2014)، والذي يوجد به حلول لحالة شغور الرئاسة وتشكيل الحكومة، والرجوع إلى البرلمان الشرعي في مهام محدودة، لعل أهمها المصادقة على حكومة الانقاذ، والمضي لانتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها”.
“وعلى الصعيد الاجتماعي يكون انخراط القوة المجتمعية والمدنية في حوار الانقاذ اتفاقا على حلول الأزمة من أجل مشاركة الجميع في تنفيذ قرارات الحكومة”.
تصوّروا أن برلماناً شارك في انتخابه 41.7٪ محاصر بالدبابات، يتمّ استبداله ببرلمان لم يشارك في انتخابه سوى 11٪ ومع ذلك، فإنّ قيس سعيّد متشبث بمشروعه الخُلّبي ومتفائل بعبقريته السياسيّة. لم يكن برلمان 2019 ممتازاً، وشايته الكثير من العيوب التي كانت -على الأغلب- مفتعلة تعمّدها منظومة الحرس القديم. ألم يكن بوسع الرئيس استغلال منصبه للحدّ من الفوضى البرلمانية، بدل من أن يستغل اللحظة لإطلاق صواريخه العبثيّة ؟ والنتيجة : اقتصاد جامد، سياسة تثير التساؤلات، فاشلة على جميع المستويات… والحبل على الجرّار.